دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.5ريال
يورو 3.88ريال

مجلس التعاون لدول الخليج العربية .. مسيرة مباركة وإنجازات متواصلة

25/05/2023 الساعة 15:01 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

تحتفل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اليوم، بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس المجلس في الخامس والعشرين من مايو لعام ألف وتسعمائة وواحد وثمانين.

وتقيم الأمانة العامة للمجلس احتفالا بهذه المناسبة بمقرها الرئيسي بمدينة الرياض اليوم، تعبيرا عن الفخر والاعتزاز بالمسيرة المباركة للمجلس وما حققه من إنجازات على مدار السنوات الاثنتين والأربعين الماضية.

قرار إنشاء المجلس لم يكن وليد اللحظة بل كان تجسيدا مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية والتمازج الأسري بين مواطنيها

ولم يكن قرار إنشاء المجلس في الثمانينيات وليد اللحظة، بل كان تجسيدا مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة، ويسرت الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطا بين سكان هذه المنطقة وتجانسا في الهوية والقيم. كما جاء تأسيس المجلس استجابة لتطلعات أبناء المنطقة في العقود الأخيرة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل.

جاسم البديوي: الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس مجلس التعاون هو احتفال بهذا الكيان ومسيرته المباركة منذ عام 1981م حيث تأسست هذه المنظومة بحكمة الآباء القادة المؤسسين

وفي تصريح بهذه المناسبة، قال السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إن الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس مجلس التعاون هو احتفال بهذا الكيان ومسيرته المباركة منذ عام 1981م، حيث تأسست هذه المنظومة بحكمة الآباء القادة المؤسسين -طيب الله ثراهم- لما أولوه لمسيرة مجلس التعاون من دعم وثقة لامحدودة بشعوبهم، وتقديم المساندة الدائمة، والرعاية الكريمة، وهم من وضعوا لبنة الأساس المتين لهذا الصرح المبارك، مضيفا أنه بفضل من الله، ورؤية أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تمضي مسيرة مجلس التعاون قدما لتحقيق أهداف وطموحات أبنائه، وترجمة واقع يهدف للحفاظ على ما تحقق من المكتسبات، والبناء للمستقبل بكل ثقة وعزيمة واقتدار.

وقد نص النظام الأساسي لمجلس التعاون على أن تأسيسه جاء إدراكا من دوله الأعضاء لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمانا بالمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبة في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين، واقتناعا بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية.

أهداف المجلس

ووفق النظام الأساسي لمجلس التعاون فإن أهدافه الرئيسية تتمثل في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية، والتجارية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية، والإعلامية والسياحية والتشريعية والإدارية، ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها.

وتحل الذكرى الثانية والأربعون لقيام مجلس التعاون فيما يحظى المجلس بسمعة طيبة، ويتمتع بمكانة إقليمية وعالمية مرموقة، كونه أنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وهي تجربة باتت محط إشادة وإعجاب من القاصي والداني، وأضحت ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوتا للحكمة والاتزان، ونموذجا فريدا للحياة الكريمة، وفق رؤى حكيمة وملهمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس.

كما تأتي هذه الذكرى السنوية والمواطن الخليجي ينعم بفضل الله بالأمن والاستقرار، ويسمو بانتمائه ومبادئه، ويشعر بالفخر بمنجزاته ومكتسباته، ويمد يد العون والمساعدة لأشقائه والإنسانية جمعاء.

مشاريع عديدة

ولقد أنجز مجلس التعاون خلال مسيرته التي دخلت عقدها الخامس العديد من المشاريع والخطوات والمحطات لعل من أهمها مشروع بطاقة الهوية الموحدة لدول المجلس (البطاقة الذكية)، والتي أسهمت بتسهيل تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء، وتقليل فترة الانتظار أمام المنافذ عن طريق الدخول بواسطة البوابات الإلكترونية، كما ساعدت في انسيابية حركة العمالة الوطنية بين الدول الأعضاء.

وأدركت دول مجلس التعاون منذ بداية تكوينه، أهمية المواطنة الاقتصادية التي تنطلق من مبدأ المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس دون تفريق أو تمييز في جميع المجالات الاقتصادية، بل جعلتها الركيزة الأساسية والعمود الفقري لأي عمل اقتصادي مشترك، وكان للجنة التعاون المالي والاقتصادي دور فعال ومؤثر إزاء القرارات الاقتصادية الصادرة عن المجلس الأعلى بهذا الشأن، ومنها إطلاق تملك مواطني دول المجلس للعقار بالدول الأعضاء لمختلف الأغراض السكنية والاستثمارية، ووقف العمل بالقيود على ممارسة مواطني دول المجلـس للأنشطة الاقتصادية والمهن الحرة بالدول الأعضاء، ومد مظلة الحماية التأمينية في كل دولة من دول المجلس لمواطنيها العاملين خارجها بدول المجلس الأخرى في القطاعين العام والخاص، والسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها بدول المجلس.

ومن أبرز محطات مسيرة مجلس التعاون، إنشاء السوق الخليجية المشتركة، التي توفر فوائد عديدة منها ضمان انسياب السلع بين دول مجلس التعاون بما يؤدي إلى زيادة التنافس بين المؤسسات الخليجية لصالح المستهلك، كما أنشأت دول مجلس التعاون "منطقة التجارة الحرة، التي تتميز بشكل رئيسي بإعفاء منتجات دول مجلس التعاون الصناعية والزراعية ومنتجات الثروات الطبيعية من الرسوم الجمركية، وقد دخلت منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ في مارس 1983، واستمرت نحو عشرين عاما إلى نهاية عام 2002 حين حل محلها الاتحاد الجمركي لدول المجلس.

الاتحاد النقدي

وتطلعت دول المجلس إلى موضوع الاتحاد النقدي كونه يشكل اللبنة الأخيرة في مشروع التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وباكتماله ستصبح الدول الأعضاء فعليا كتلة اقتصادية واحدة على المستوى الدولي. كما أن من شأن العملة الموحدة تجسيد هوية اقتصادية واحدة للدول الأعضاء، كما أنها تمثل رمزا للتكامل وخطوة عملية لتحقيق المواطنة الخليجية، وسيزيد الاتحاد النقدي من الحضور والتأثير العالمي للدول الأعضاء بالمحافل الدولية ومؤسسات صنع القرار الاقتصادي العالمي.

وقد حظي قطاع التعليم باهتمام مجلس التعاون خلال السنوات الماضية ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات منها المساواة في التعليم العام والفني وتعزيز قيم المواطنة الخليجية، وتم إنشاء الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي واعتماد الدليل الاسترشادي للممارسات الجيدة والمساواة بين أبناء دول المجلس المقيمين في المعاملة في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الحكومية.

المجال الصحي

وفي المجال الصحي، أثبتت دول المجلس تعاونها الكبير من خلال تبادل الخبرات والتقنيات الطبية بين الدول الأعضاء والتنسيق بينها لمكافحة الأوبئة والحفاظ على صحة المجتمعات في المنطقة، حيث كانت جائحة  كوفيد-19 تجربة قام خلالها مجلس التعاون بدور مهم في التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء لمكافحة انتشار الفيروس، ومواجهة تحديات الجائحة، وتطبيق الإجراءات الوقائية، وتنظيم حركة السفر والتجارة الدولية.

وفي سياق محطات ومشاريع مسيرة مجلس التعاون إقرار الاستراتيجية الأمنية الشاملة لدوله الأعضاء، وكذلك الاتفاقية الأمنية لدول المجلس، كما حظي العمل العسكري المشترك باهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون منذ نشأته، ومن أبرز ما تحقق على هذا المسار إقرار اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون، والاستراتيجية الدفاعية للمجلس، وتشكيل قوات درع الجزيرة المشتركة، والقيام بالتمارين العسكرية المشتركة.

الربط الكهربائي

ويعتبر الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون من أهم مشروعات البنى الأساسية التي أقرها المجلس، وتشمل فوائد المشروع تخفيض الاحتياطي المطلوب بكل دولة، والتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ، والاستفادة من الفائض، وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية.

كما أقر المجلس الأعلى الاستراتيجية الإعلامية، ومن أبرز أهدافها تعزيز التعاون وفرص الوحدة بين دول المجلس، وترسيخ الهوية الخليجية والعربية والإسلامية لدول مجلس التعاون، وتعميق المواطنة الخليجية، ودعم ترابط المجمع الخليجي وأمنه واستقراره، وتنمية الوعي المجتمعي العام لدى المواطنين والمقيمين، ودعم مسيرة المجلس والتعاون والتكامل بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالدول الأعضاء.

واعتمد المجلس الأعلى في دورته الثالثة والثلاثين، الاستراتيجية البترولية للدول الأعضاء، انطلاقا من أهمية دول المجلس على المستوى العالمي، سياسيا واقتصاديا، ودورها الريادي في الصناعة البترولية، وثقلها البترولي باعتبارها تملك أكبر احتياطي مؤكد من البترول وتشكل أكبر منطقة لإنتاجه وتصديره.

وتتعاون دول المجلس فيما بينها بشكل واسع في كل قطاعات البيئة، كما تتعاون مع المنظمات العاملة بمجال حماية البيئة وصيانة مواردها الطبيعية، كما انضمت لثلاث وثلاثين اتفاقية ومعاهدة إقليمية ودولية في مجال البيئة وحماية الحياة الفطرية والموارد الطبيعية، والتنوع البيولوجي وحماية طبقة الأوزون وتغير المناخ ومكافحة التصحر والتجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض.

السياسة الخارجية

وعلى صعيد السياسة الخارجية عمل مجلس التعاون على صياغة مواقف مشتركة وموحدة تجاه القضايا السياسية التي تهم دوله الست في الأطر العربية والإقليمية والدولية، والتعامل كتجمع واحد مع العالم، في إطار الأسس والمرتكزات القائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية ومراعاة المصالح المشتركة، بما يصون مصالح دول المجلس، ويعزز أمنها واستقرارها ورخاء شعوبها، ونجح مجلس التعاون الخليجي خلال العقود الأربعة الماضية في تعزيز مكانته الإقليمية وتأكيد حضوره على الساحة الدولية، وبات شريكا فاعلا وموثوقا به لترسيخ الأمن والاستقرار حول العالم، كما سعى المجلس منذ انطلاقته إلى توسيع شراكاته وحواراته الاستراتيجية مع العديد من الدول والتجمعات والدخول في مفاوضات التجارة الحرة مع الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية تحقيقا للمصالح المشتركة.

وهكذا تمضي مسيرة مجلس التعاون بعزم وثقة من قادته وأبنائه متطلعة لغد مشرق والمزيد من الإنجازات، وتحل الذكرى الثانية والأربعون لقيام مجلس التعاون فيما تمضي جهود تنفيذ الخطط التنموية الطموحة في كل دولة من دول المجلس قدما لتحقيق مستهدفات التنمية الشاملة والمستدامة، والتي ارتكزت على المواطن الخليجي كمحور للتنمية وهدفها الرئيسي ومحركها الأساسي، والتي عكست مؤشراتها المتقدمة عالميا المكانة الاقتصادية لدول المجلس، والتي أصبحت نموذجا رائدا ليس على المستوى الوطني فحسب، بل وعلى المستوى الإقليمي والعالمي.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo