كشف سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، عن نتائج دراسة طبية أجراها مع مؤسسات دولية أخرى، أظهرت فوائد الصوم كعلاج مناعي جديد للسرطان، وأهمية اتباع نظام غذائي يحاكي الصوم كطريقة آمنة لتعزيز جهاز المناعة.
ونشر فريق من باحثي سدرة للطب وباحثي مؤسسة (اي ار سي سي اس) والمعهد الوطني للسرطان في ميلانو الإيطالية، هذه الدراسة في مجلة "كانسر ديسكفري" المجلة الرئيسية للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان، تحت عنوان "نظام محاكاة الصيام آمن ويعيد تشكيل المناعة المضادة للأورام لدى مرضى السرطان".
وتلقي الدراسة الضوء على فوائد اتباع نظام غذائي يحاكي الصوم، في تعزيز جهاز المناعة لدى مرضى السرطان، ولتوفير فرصة للأطباء لتطبيق مناهج علاجية جديدة للمرضى.
تحليل عميق
تم في هذه الدراسة إجراء تحليل معمق للدم المحيطي والعينات السرطانية، لتقييم الآثار البيولوجية الناتجة عن اتباع نظام غذائي يحاكي الصيام لدى المرضى المسجلين في التجارب السريرية.
وشمل التحليل إجراء التجربة على إنسان لأول مرة حيث يعد النظام الغذائي المحاكي للصوم طريقة في التغذية "توهم" الجسم أنه صائم، وتسمح بتناول أقل قدر ممكن من الطعام.
نتائج مبهرة
وأظهرت النتائج أن اتباع هذا الصوم بشكل دوري ومتكرر "لم يكن آمنا فحسب"، بل كان ممكن التطبيق، ويمكن أن يسبب تغيرات استقلابية ومناعية ملحوظة لدى المرضى الذين يعانون من أورام مختلفة، حيث خضع المرضى في هذه الدراسة إما للنظام الغذائي المحاكي للصوم فقط، أو أضيفت إليه بعض العلاجات المضادة للأورام.
والتزم المشاركون في الدراسة بنظام غذائي نباتي منخفض الكربوهيدرات ومنخفض البروتين، يصل إلى 1800 سعرة حرارية على مدار خمسة أيام، وأدى المسار القصير لهذا النظام الغذائي المحاكي للصيام إلى انخفاض ثابت في نسبة الجلوكوز في الدم وتركيز عامل النمو، مما عكس التغيرات الأيضية التي لوحظت في التجارب قبل السريرية.
د. دافيد بيدوجنيتي: لاحظنا تغييرات جذرية في ملف تعريف التعبير الجيني للورم بعد 5 أيام فقط من تطبيق نظام يحاكي الصوم
وقال الدكتور دافيد بيدوجنيتي، مدير برنامج المناعة البشرية والسرطان في سدرة للطب، والمؤلف المشارك الرئيسي للدراسة، الذي أجرى وأشرف على التحليلات المناعية للعينات، إن الأمر اللافت هو أنه بعد خمسة أيام فقط من اتباع النظام الغذائي المحاكي للصيام، ودون أي علاج كيميائي أو مناعي، تمت ملاحظة تغييرات جذرية في ملف تعريف التعبير الجيني للورم حيث التهبت الأورام وتم اختراقها من قبل خلايا مناعية معينة (الخلايا الليمفاوية التائية) التي تظهر قدرات قتل الورم.
علاج محتمل
وتوقع بيدوجنيتي أن يصبح النظام الغذائي المحاكي للصيام جزءًا من نظام علاج مرضى السرطان، بمجرد أن تؤكد التجارب السريرية العشوائية فعاليتها بموازاة العلاج القياسي، مشيرًا إلى أن هذه المنهجية ستكون مقبولة على نطاق واسع في هذا الجزء من العالم، مع الأخذ في الاعتبار أهمية صيام المسلمين لشهر رمضان المبارك.
د. خالد فخرو: ثبت أن النظام الغذائي المحاكي للصيام يؤثر فعلاً على جهاز المناعة ويعزز بشكل فعال استجابة الجسم الطبيعية للقضاء على الأورام
من جهته، أشار الدكتور خالد فخرو، مدير الأبحاث في سدرة للطب، إلى فوائد الصيام التي لا تعد ولا تحصى على صحة الإنسان، حيث توضح هذه الدراسة ذات المستوى العالمي جانبًا رائعًا آخر من حيث تأثير الصوم على حالة مرضى السرطان.
وأضاف: ثبت أن النظام الغذائي المحاكي للصيام يؤثر فعلاً على جهاز المناعة على المستوى الجزيئي، ويعزز بشكل فعال استجابة الجسم الطبيعية للقضاء على الأورام، منوهًا بالاكتشافات التي توصل إليها العلماء في سدرة للطب، ودورها في دعم الجهود التعاونية العالمية الساعية إلى تطوير استراتيجيات للوقاية من السرطان وعلاجه، خاصة أن مرض السرطان يقتل أكثر من 10 ملايين شخص سنويًا.
ويبحث سدرة للطب أيضًا في إمكانية إجراء تقييم جدوى لدراسات النظام الغذائي المحاكي للصوم على الأطفال المرضى في المستشفى، وستضع النتائج أسس المرحلتين الثانية والثالثة من التجارب السريرية أيضًا للتحقيق في فعالية النظام الغذائي في محاربة الورم، إلى جانب العلاجات القياسية المضادة للأورام (المضادة للسرطان).