تأتي استضافة العاصمة القطرية الدوحة لمنتدى الأمن الغذائي للدول الإسلامية، الذي تنظمه المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي غدًا الإثنين، في وقت حققت فيه دولة قطر تقدمًا كبيرًا في مجال الأمن الغذائي.
ففي نهاية يناير الماضي ذكر تقرير وحدة "إيكونوميست إنتليجنس" للأبحاث التابعة لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن قطر احتلت المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية، والـ24 عالميًا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي للعام 2021، GFSI، لتقفز الدولة 13 مركزًا دفعة واحدة على المستوى العالمي في نسخة 2021 حيث احتلت المرتبة 24 عالميًا في القائمة التي تضم 113 دولة، بعد أن كانت بالمرتبة 37 في نسخة العام 2020.
تعزيز منظومة الأمن الغذائي
ويؤكد حرص الدولة على استضافة مثل هذا المنتدى، على تعزيز منظومة الأمن الغذائي بالدول الإسلامية وبناء قدراتها في هذا القطاع الحيوي المهم، من خلال نقل التجربة القطرية في الأمن الغذائي إلى الدول الإسلامية، فقد استثمرت قطر بشكل كبير في السياسات الغذائية والزراعية والبنية التحتية وتحديثات السوق والموانئ واحتياطيات التخزين، كما رفعت من الاهتمام بمجال بحوث الأمن الغذائي وأنشأت صندوقا لرعاية البحوث الزراعية والغذائية، إضافة إلى وضع الاستراتيجية الوطنية للتغذية بما تضمه من إرشادات ومعايير وعلامات وملصقات للتغذية مع توفير الغذاء الصحي والمغذيات من المعادن والفيتامينات وتكثيف الجهود للتكيف مع تغير المناخ والمحافظة على الموارد البرية والمائية والبحرية.
تطوير الأسواق الغذائية
وقامت دولة قطر وفقًا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على مدى السنوات القليلة الماضية بتطوير الأسواق الغذائية والساحات الزراعية، وتوسيع وتحديث البنى التحتية اللوجستية في الموانئ والمخازن بالدولة، وإنشاء احتياطيات تخزين استراتيجية من سلعتي القمح والأرز، وزيادة المخزونات الاحتياطية لمجموعة واسعة من المواد الغذائية الأساسية في متاجر البيع بالتجزئة بالدولة، مع زيادة النفقات العامة على البحوث الزراعية من خلال برنامج قطر الوطني لتمويل بحوث الأمن الغذائي.
وتعد قطر من أكثر دول العالم والمنطقة تميزًا من ناحية الإنفاق والتمويل للبحوث والتطوير في مجال الزراعة، وكذلك الاستثمار في تخزين المحاصيل، وتحسين الطرق والموانئ، والبنية التحتية للري، وتنويع الشركاء في التجارة الدولية وطرق التجارة، وزيادة القدرة الإنتاجية المحلية لأكثر السلع الأساسية المهمة والقابلة للتلف، ومنها الألبان ومنتجاتها والدواجن والخضراوات الطازجة والأحياء البحرية.
تقليل الفاقد والمهدر
وتحرص وزارة البلدية بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة، على التحسين المستمر لحالة الأمن الغذائي للدولة والتصنيفات المتزايدة في الإصدارات التالية في المؤشر العالمي للأمن الغذائي، من خلال تقليل الفاقد والمهدر من الغذاء في سلسلة التوريد، وتحسين القدرة الإنتاجية وتشجيع الإنتاج على مدار العام للتعامل مع أشهر الصيف واعتماد أساليب إنتاج تتوافق مع البيئة القطرية، وتحقيق أفضل الممارسات العالمية في معايير سلامة وجودة الأغذية وتحسين الوصول إلى الأسواق وتمويل المنتجين المحليين لتحسين الجدوى الاقتصادية وجاذبية إنتاج الغذاء المحلي وتصنيع الأغذية في دولة قطر.
وحققت دولة قطر العديد من الأهداف المدرجة ضمن استراتيجية الأمن الغذائي خلال العام 2021، حيث قفز حجم الإنتاج المحلي للخضراوات من حوالي 66 ألف طن، إلى حوالي 103 آلاف طن، والتي تحقق نسبة اكتفاء ذاتي بما يعادل 41 بالمئة، علمًا بأن نسبة الاكتفاء الذاتي المستهدفة في 2023 هي 70 بالمئة من الخضراوات المحلية، كما ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور المحلية إلى 86 بالمئة حاليًا، ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى 95 بالمئة بحلول العام 2023.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
وحافظ حجم الإنتاج من الألبان ومنتجاتها على ذات المستويات في العام 2020، حيث حققت الدولة كامل الاكتفاء الذاتي، وذلك بنسبة فاقت 106 بالمئة بحجم إنتاج وصل إلى 230 ألف طن، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من استهلاك الدواجن الطازجة، حيث وصل حجم الإنتاج إلى 28 ألف طن ونسبة الاكتفاء الذاتي إلى 124 بالمئة.
أما بالنسبة للحوم الحمراء، فقد ارتفع حجم الإنتاج منها ليصل إلى 12.5 ألف طن، محققا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 24 بالمئة مقارنة بحوالي 8 آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي 16 بالمئة في العام 2018، فيما ارتفع حجم الإنتاج المحلي من بيض المائدة إلى 11 ألف طن، محققا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 35 بالمئة، مقارنة بحوالي 6 آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي 20 بالمئة في العام 2018، ومن المتوقع أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى 70 بالمئة بحلول عام 2023.
وسجلت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في سجل المربين والرعاة وحجم القطيع وذلك بزيادة عدد الحائزين وعدد الرؤوس التي يتم تربيتها، كما تم تدشين البرنامج الوطني لنحل العسل وتدريب المزارع على تربية النحل، وتأهيل 11 روضة، بالإضافة إلى تثبيت العمل بساحات بيع الخضراوات من المنتج المحلي (المزروعة - الخور والذخيرة - الوكرة) لمدة سبعة أشهر من أول نوفمبر حتى آخر مايو من كل عام ، وتبني برامج لتسويق الخضراوات القطرية المميزة منها مهرجان الرطب المحلي والمعرض الزراعي القطري الدولي "أغريتك".
محطة أبحاث الإنتاج الحيواني
كما تم إنشاء وتشغيل محطة أبحاث الإنتاج الحيواني في الشيحانية، وهي متخصصة في إجراء الدراسات والأبحاث الخاصة بتطوير تقنيات الإنتاج الحيواني وتحسين المردودية الاقتصادية للقطاع بالإضافة إلى تحسين المواصفات الوراثية وحفظها، وكذلك تجهيز محطة أبحاث الغشامية كمحطة أبحاث إنتاج النباتات الرعوية، والانتهاء من التصاميم الخاصة بمركز البحوث والارشاد الزراعي بمنطقة المزروعة.
فيما حافظ حجم الإنتاج من الأسماك الطازجة على المستويات ذاتها خلال عامي 2019 و2020 نظرًا لتثبيت حجم المصيد المحلي للمحافظة على المخزون السمكي بالدولة، ومن المتوقع أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك الطازجة المحلية إلى 90 بالمئة بحلول عام 2023 من خلال مساهمة مشاريع الاستزراع السمكي بالدولة في زيادة الإنتاج المحلي من الأسماك الطازجة.
وأولت قطر اهتمامًا بالغًا بتطوير صناعة الاستزراع السمكي محليًا بهدف زيادة الإنتاج، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك من مصادر أخرى دون اللجوء للاستغلال المفرط للمصايد السمكية، فقد تم إنشاء مركز أبحاث الأحياء المائية، الذي تم تجهيزه بأحدث التقنيات في نظم الاستزراع السمكي، ودخل طور الإنتاج الفعلي منذ عام 2020، وتم إنتاج حوالي 1.5 مليون من صغار الأسماك المحلية (الهامور، الشعم، الصافي) وإنتاج حوالي 6 ملايين يرقة روبيان بنهاية العام 2021.
رفع المخزون الاحتياطي من السلع الاستراتيجية
كما استطاعت الدولة وبموجب عقود مع القطاع الخاص، رفع المخزون الاحتياطي من السلع الاستراتيجية ومن أهمها القمح والأرز وزيوت الطعام والسكر واللحوم الحمراء المجمدة والحليب طويل الأجل والحليب المجفف، مما ساهم في التغلب على كافة التحديات التي فرضتها الجائحة وأثرت على سلاسل الإمداد.
ومن المنتظر أن تستعرض الدولة خلال المنتدى الذي يقام تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، بالتنسيق والتعاون مع وزارة البلدية، مساهماتها على المستوى العالمي فيما يتعلق بالأمن الغذائي، فقد ساهمت الدولة وساعدت بشكل مكثف العديد من دول العالم التي تحتاج إلى معونات غذائية بشكل عاجل وسريع، فقد وقعت قطر مؤخرا عبر صندوق قطر للتنمية اتفاقا مع برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساهمة مالية بقيمة 90 مليون دولار للمساعدة في تلبية احتياجات الأمن الغذائي العاجلة في اليمن، المهددة بالمجاعة بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وتأثير جائحة كوفيد-19، كما ساهمت قطر في تقديم العون الإنساني العاجل لأفغانستان من خلال اطلاقها جسرًا جويًا من الدوحة إلى كابول، نقل عبره ما يقارب 70 طنًا من المواد الغذائية العاجلة.
التحالف العالمي للأراضي الجافة
كما أطلقت قطر مبادرة لإنشاء التحالف العالمي للأراضي الجافة، والذي يعد أحد الآليات الدولية الهادفة لمواجهة التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي، وتم إبرام اتفاقية التحالف في الدوحة عام 2017، ودخلت حيز التنفيذ بعد التصديق عليها من قبل الدول الأطراف وفق أحكام الاتفاقية، وتم منح التحالف صفة "مراقب" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إقرارًا بالدور المهم الذي يمكن أن ينهض به على المستوى العالمي.
كما وقع صندوق قطر للتنمية نهاية العام الماضي اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة لمساعدة الصومال على تحسين قدرته على الصمود في وجه ظاهرة تغير المناخ، وتهدف تلك الاتفاقية إلى تعزيز الزراعة والإنتاج الحيواني لأصحاب الحيازات الصغيرة، وذلك من خلال وضع استراتيجيات استباقية قادرة على التكيف مع آثار تغير المناخ والتنبؤ بالأزمات، كما وقع صندوق قطر للتنمية في شهر يونيو 2021 اتفاقية مساهمة مع صندوق التكيف الذي أنشئ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، مبينة أن الاتفاقية تهدف إلى تمويل التكيف مع تغير المناخ في معظم البلدان المعرضة للتغير المناخي، بما في ذلك أقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية.