دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.54ريال
يورو 3.93ريال

بمناسبة الذكرى الخمسين لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين

قطر والولايات المتحدة تجاوزتا الشراكة نحو تحالف دائم

18/03/2022 الساعة 16:28 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

لم يكن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف دولة قطر حليفًا رئيسيًا لها من خارج حلف "الناتو" وليد الصدفة بل جاء تتويجا لخمسين عامًا من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بدأت رسميًا في عام 1972، علمًا بأن الجذور التاريخية للعلاقات غير الرسمية بينهما، تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي مع بدايات ظهور النفط بمنطقة الخليج العربي.

وتحتفل دولة قطر والولايات المتحدة غدًا السبت بالذكرى الخمسين لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، في ظل شراكة استراتيجية وطيدة ومتنامية في كافة المجالات.

تطور مستمر

ومنذ ذلك التاريخ ظلت العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في تطور مستمر بالاستناد على الثقة العميقة والاحترام المتبادل والمنافع المشتركة، خدمة لمصالح البلدين والمنطقة والسلام والاستقرار العالمي والإقليمي، حتى ارتقت إلى شراكة استراتيجية، وباتت أقوى من أي وقت مضى بفضل الحرص المتبادل على دعم وتطوير هذه العلاقات ودفعها وتفعيلها في كافة المجالات والقطاعات ذات الاهتمام المشترك.

وقد تعززت العلاقات بين البلدين الصديقين بشكل أكبر مع تواصل الزيارات المتبادلة بينهما وعلى أعلى المستويات، وفي هذا السياق كانت البداية مع الزيارة الأولى لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للولايات المتحدة، عام 1997، وبعد ذلك تلتها زيارات رسمية أخرى على مختلف المستويات، لتنطلق بالعلاقات بين البلدين الصديقين إلى آفاق أكبر.

وقد نجحت الدولتان بإرساء قاعدة متينة لعلاقات سياسية إقليمية ودولية متميزة، وتفاهمات واتفاقيات وشراكة اقتصادية واستثمارية وأمنية ومجتمعية عميقة، وباتت الدوحة مركزًا لا غنى عنه بالاستراتيجية الأمريكية للشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية والمحيط الهندي.

زيارات متبادلة

وفي إطار الحرص على تعزيز العلاقات بين الدوحة وواشنطن تعددت زيارات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للعاصمة الأمريكية، وغدت دائمة ومتواصلة وتحظى بقدر كبير من الأهمية والترحيب من مختلف الأوساط الأمريكية، كما يتبادل الزيارات كبار المسؤولين والشخصيات من الطرفين بشكل منتظم، لمتابعة آفاق التعاون الثنائي على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصحية والثقافية وغيرها.

وكانت زيارة العمل التي قام بها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى لواشنطن خلال فبراير الماضي، والمباحثات التي جرت بإطارها مع فخامة الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من كبار المسؤولين بالإدارة الأمريكية، محطة متميزة بمسار العلاقات بين البلدين، حيث انتقلت بالشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مرحلة جديدة، وفتحت آفاقا واسعة لتطوير التعاون الثنائي لمصلحة البلدين وشعبيهما الصديقين، وتوطيد الأمن والاستقرار الإقليمي، وحفظ السلام العالمي والمساهمة بحل قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

دور قطري بارز

وقد أشاد فخامة الرئيس الأمريكي خلالها بالدور القطري البارز والإيجابي في المنطقة، كما أعلن عن تصنيف دولة قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف "الناتو"، وهو تقدير أمريكي مهم للدور المتميز الذي تلعبه دولة قطر، كما جاء تتويجًا لخمسين عاما من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وما حققته هذه العلاقات من إنجازات متتالية من أجل الأمن والسلام والاستقرار الدوليين، والارتقاء بالشراكة الاستراتيجية بين الدولتين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وفي تصريح لفخامته بداية اللقاء مع حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بالبيت الأبيض رحب فخامته بسمو الأمير المفدى، قائلا: "يسرني أن يكون بيننا اليوم صديق حقيقي تجمعنا به علاقة رائعة منذ توليت الرئاسة ومن قبلها.. سمو الشيخ أرحب بك في البيت الأبيض" ونوه فخامة الرئيس بايدن بشراكة البلدين التي تمتد لخمسين عامًا، والتي تصدرت العام المنصرم واجهة الكثير من المصالح الأمريكية من ضمنها إجلاء عشرات الآلاف من الأفغان، وحفظ الاستقرار في غزة عبر تقديم المساعدات لإنقاذ حياة الفلسطينيين والتعامل مع التهديدات على مستوى الشرق الأوسط، وغيرها الكثير.

كما رحب الرئيس بايدن بالصفقة التي أبرمتها مجموعة الخطوط الجوية القطرية مع شركة بوينغ، معتبرًا أنها واحدة من أكبر الصفقات التي أبرمتها بوينغ على الإطلاق وستخلق عشرات الآلاف من فرص العمل المجزية بالولايات المتحدة.

دفعة جديدة من الترابط

وقد شهد عامًا 2020 و2021 دفعة جديدة من الترابط الأمريكي القطري خاصة مع نجاح الدبلوماسية القطرية بالوصول إلى اتفاق أمريكي مع طالبان عام 2020، الذي أفضى إلى انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، فضلًا عن التوقيع على اتفاق رعاية قطر للمصالح الأمريكية بأفغانستان ما يعكس ثقة واشنطن بكفاءة دبلوماسية الدوحة.

كما توطدت العلاقات الثنائية بين الدوحة وواشنطن وازدادت قوة وعمقا خلال العام الماضي، نتيجة جهود الإجلاء التي قامت بها دولة قطر من أفغانستان، فقد عملت عن كثب مع الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين على مدار الساعة لإجلاء عشرات الآلاف من أفغانستان، بمن في ذلك مواطنون أمريكيون وطالبات وموظفون أفغان وعائلاتهم وصحفيون من جميع أنحاء العالم.

قفزات نوعية

وقد شهدت العلاقات القطرية الأمريكية قفزات نوعية خلال السنوات القليلة الماضية، بمجالات التجارة والتعليم والمساعدات الإنسانية والأمن والدفاع، وقد توجت الجهود التي بذلتها دولة قطر بالتوقيع على الحوار الاستراتيجي القطري- الأمريكي، والذي دشن لحقبة جديدة من العلاقات بين البلدين.

ويعتبر هذا الحوار، من أقوى المؤشرات على متانة وخصوصية العلاقات القطرية الأمريكية والحرص والرغبة القوية بدعمها وتعزيزها في كافة المجالات، وقد تناول بنسخته الرابعة القضايا الإقليمية والعالمية وتعزيز التعاون الثنائي بمجالات الصحة والمساعدات الإنسانية والتنمية الدولية وكذلك حقوق الإنسان والتعاون الإقليمي وتغير المناخ، فضلا عن التجارة والاستثمار والثقافة والتعليم. كما وقعت كل من دولة قطر والولايات المتحدة في إطار هذا الحوار عدة اتفاقيات، شملت الترتيبات بشأن حماية المصالح الأمريكية في أفغانستان ومذكرة تفاهم بشأن التعاون لاستضافة الأفراد المعرضين للخطر بسبب الوضع هناك.

زيادة التبادل التجاري

ويزداد حجم التبادل التجاري بين قطر وأمريكا بشكل سنوي وبصورة مطردة، إذ ترتبطان بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، حيث تعد الولايات المتحدة من أبرز الشركاء التجاريين لقطر، وهو ما ظهر جليا بتأسيس البلدين خلال السنوات الأخيرة مجلس الأعمال المشترك، والذي يهدف إلى تسهيل التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين، وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي بدولة قطر، وواحدة من موردي المعدات الرئيسية لصناعة النفط والغاز القطري، وتلعب الشركات الأمريكية دورا هاما بتطوير قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات بالدولة خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث تربعت دولة قطر (بفضل الله) على عرش صناعة الغاز الطبيعي المسال بالعالم.

ويتجاوز حجم الشراكة الاقتصادية بين البلدين مائتي مليار دولار، وقد استثمرت دولة قطر مئات المليارات من الدولارات بالاقتصاد الأمريكي والتي توفر عشرات الآلاف من الوظائف في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتعمل بالسوق القطرية أكثر من مائة وعشرين شركة مملوكة بالكامل للجانب الأمريكي، إلى جانب ستمائة وأربعين شركة أقيمت بالشراكة بين الجانبين القطري والأمريكي، حيث تعتبر الولايات المتحدة خامس شريك تجاري لدولة قطر.

أثر العام الثقافي

كما كان العام الثقافي القطري الأمريكي 2021، محطة مثمرة ساهمت بتقوية العلاقات بين البلدين عبر مزيج واسع من المعارض والمهرجانات والتبادلات الفنية الثنائية والفعاليات، كما كان نقطة التقاء للروابط التي تجمع الشعبين في العديد من مجالات الابتكار، والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتعليم، الأمر الذي سيظل إرثا سيستمر لسنوات عديدة، ويمتد أثره إلى ما هو أبعد من التبادل الثقافي، فهو يوطد أواصر العلاقات الثنائية، ويؤكد على التعاون المتبادل والرؤى المشتركة حاضرًا ومستقبلا.

وتستقبل الجامعات الأمريكية المئات من الطلاب القطريين كل عام، وقد افتتحت ست منها فروعا لها بالمدينة التعليمية بالدوحة، ومنها جامعة وايل كورنيل، وجورج تاون، وكارنيجي ميلون، ونورثويسترن.

كما عبر البلدان خلال جولة الحوار الاستراتيجي الرابعة، باعتبارهما منتجين للطاقة، عن التزامهما المشترك بتعزيز العمل المناخي العالمي. واتفقا على العمل لتعزيز الحصول على الطاقة ودعم انتقال الطاقة النظيفة، كما أكدا مجددا على جهودهما المشتركة للحصول على الطاقة النظيفة التي يمكن الاعتماد عليها وبأسعار معقولة، كما سلطا الضوء على قراراتهما الأخيرة للانضمام إلى منتجي النفط والغاز العالميين الآخرين لإنشاء منتدى صافي الانبعاث الصفري

وتقف دولة قطر والولايات المتحدة معا لدعم أمن الصحة العالمي وقد ناقشتا خلال حوارهما الاستراتيجي فرص التبادل التقني والتعاون في مجال الصحة بين الجهات المعنية بالبلدين، وقدمت الولايات المتحدة شكرها إلى دولة قطر مرة أخرى على مساهمتها السخية لمكافحة "كوفيد-19" داخل الولايات المتحدة.

وبينما تستعد دولة قطر لاستضافة كأس العالم FIFA قطر 2022، تظهر كل من الدوحة وواشنطن التزامهما بتوسيع التعاون الوثيق بين الوكالات لضمان بطولة آمنة وناجحة، خالية من الكربون، وقد رحبت الولايات المتحدة بفرصة التشاور مع قطر قبل انطلاق كأس العالم لكرة القدم 2026 في أمريكا الشمالية.

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo