أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن دولة قطر بنت سجلاً حافلاً في الحوار والدبلوماسية في عدة مناطق للنزاع منها السودان ولبنان وبين جيبوتي واريتريا، مشددًا على أن الحوار هو السبيل الوحيد للمضي قدما والطريق الوحيد لإنهاء أي أزمة أو صراع محتمل.
ونبه سعادته خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة، الذي بدأ أعماله اليوم، إلى التزام دولة قطر بالمبادئ الدولية والقانون الدولي، حيث إن ذلك هو الأساس في كل مواقفها مع كل الأزمات السياسية، مشددًا على أن دولة قطر ضد الاعتداء على سيادة أي دولة أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو استخدام القوة ضدها، "فقطر ضد أي استخدام للقوة ضد المدنيين".
ونوه سعادة وزير الخارجية إلى أنه من المهم التعامل مع كافة القضايا الدولية بقدم المساواة، خصوصًا في كل ما يتعلق بالأزمات الإنسانية.
وأضاف سعادته: "في أوكرانيا نعرف أن هناك مخاوف بين الطرفين ولا بد من معالجة هذه المخاوف بشكل دبلوماسي، وذلك ينطبق على القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، ونريد أن نرى نفس هذه النتائج. لطالما كانت معاييرنا موحدة ومتسقة إلى حد كبير رغم كل الضغوطات، ولا بد أن نلتزم بهذه المبادئ، كما نحض كل الدول في الأسرة الدولية للعمل على حماية هذه المبادئ وتطبيقها بشكل متساوٍ".
وزير الخارجية: الحوار هو الطريق الصحيح لإنهاء أي أزمة.. ولا بد أن نوفر الحلول على المدى القصير والمتوسط والطويل من أجل الحفاظ على النظام العالمي
وقال: إن الحوار هو الطريق الصحيح لإنهاء أي أزمة "فلم نر أبدًا حربًا انتهت في أرض المعركة، فدائمًا ما يكون الحل لأي أزمة حول طاولة الحوار من خلال المحادثات الدبلوماسية والاتفاق بين الطرفين وهذا هو الطريق الوحيد. وبالتالي، نحن نؤمن أنه في ظل الأزمة الحالية في أوكرانيا، لابد أن نوفر الحلول على المدى القصير والمتوسط والطويل من أجل الحفاظ على النظام العالمي".
وأضاف سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن "المعاناة التي شاهدناها في أوكرانيا كانت هي نفس المعاناة التي عانتها الكثير من دول منطقتنا لسنوات، لا شيء حدث، لم نر استجابة عالمية لهذه المعاناة. كنا ندعو لكي تكون هناك سابقة في المنطقة من خلال ما رأيناه من وحشية ضد الشعب الفلسطيني أو السوري أو العراقي أو الليبي أو الأفغاني".
نأمل أن تكون حرب أوكرانيا جرس إنذار للمجتمع الدولي لينظر إلى "منطقتنا" وأن يتعامل مع القضايا التي تتجلى فيها على نفس مستوى الالتزام الذي شهدناه
كما شدد على أن عدم وجود استجابة عالمية لهذه الأعمال ودون مساءلة الأشخاص المسؤولين عن العنف، فإننا سنشهد المزيد والمزيد من هذه السلوكيات، معربًا في الوقت نفسه عن أمله أن تكون حرب أوكرانيا جرس إنذار للمجتمع الدولي لينظر إلى "منطقتنا" وأن يتعامل مع القضايا التي تتجلى فيها على نفس مستوى الالتزام الذي شهدناه" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، وأن يتم التعامل مع هذه الأزمة بطريقة دبلوماسية تؤدي إلى نهاية النزاع والمعاناة الإنسانية.
وتابع سعادته أنه من المهم جداً الحفاظ على النظام العالمي والشرعية الدولية والحفاظ على ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، لأننا بالفعل دولة صغيرة تحميها هذه الإجراءات متعددة الأطراف، وكذلك كل الدول الأخرى. ورغم ما يدعيه البعض بأننا دولة صغيرة تطمح في أكثر مما يمكنها أن تحقق، فإن هذه ليست المسألة، بل الأمر متعلق باستقرار المنطقة وضمان السلم فيها إذا ما تمكنا من لعب دور من أجل المزيد من الاستقرار والسلام في المنطقة، ولأجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ولتحقيق الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي يصب في مصلحتنا الوطنية المباشرة. وبالتالي، فإنه من المهم أن نكون منصة للدبلوماسية والحوار، ولنساهم بخطوات هامة لزيادة الأمن والاستقرار في المنطقة، فنحن لا يمكننا أن نكون في عزلة عما يحصل في بقية العالم بل لا بد أن نضطلع بدور ناشط لكي نحقق مساهمة إيجابية لتحقيق الاستقرار الدولي".
وعن الوضع حاليًا مع إيران وهل هناك اتفاق سلام وشيك معها، أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أهمية الاستقرار في المنطقة، وأن يكون هناك اتفاق بشأن القضية النووية في إيران، مشددًا على ضرورة أن تتبع هذه الخطوة خطوات إقليمية أخرى من أجل التعامل مع التبعات الأمنية.
وعبر سعادته عن اعتقاده بأن الطريق الوحيد إلى ضمان الأمن الدولي هو نفس الطريقة التي تنظر بها دولة قطر لكل النزاعات، وهي أن يتم التعامل معها بدبلوماسية، لأنها الوسيلة الأفضل للتعامل مع عناصر القلق لكل طرف على حدة.
وأضاف "نحن نعتقد أن خطة العمل الشاملة المشتركة هي اتفاق مهم على الأقل للتأكد من أنه ليس هناك سباق تسلح نووي يجري في المنطقة مع ضرورة تكملة هذا الاتفاق بتفاعل ومشاركة في منطقة الخليج مع إيران حتى يكون لدينا مقاربة شاملة".
التغير المناخي مشكلة عالمية ستؤثر علينا جميعا سواء كنا دولا كبيرة أو صغير
وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن العالم يستند إلى التواصل والتشابك بين الدول وبالتالي لا يمكن أن نكون معزولين أو لا نتأثر بالأزمات الدولية. فالتغير المناخي مشكلة عالمية ستؤثر علينا جميعا سواء كنا دولا كبيرة أو صغيرة، لافتاً إلى أن ما تقوم به الأسرة الدولية اليوم من أجل توقع عواقب هذه الأزمة هو "جواب متأخر"، إلا أنه يجب العمل بشكل جماعي لمواجهة هذه الظاهرة.
وضرب سعادته مثالًا آخر بجائحة كورونا وكيف أضرت بالعالم أجمع ولا يزال الجميع يعيش عواقب وتداعيات هذه الجائحة، منبها إلى أن انعدام المساواة في تناول اللقاح ومعالجة المرضى يعني أن أمد الجائحة سوف يطول.
وتابع سعادته أن الأزمات الجيوسياسية في العالم لا بد أن يكون لها تأثير على الدول المجاورة للمكان الذي تحصل فيه وعلى العالم بأسره، مشيرًا إلى أن أي نزاع سيزيد من أزمات اللجوء، الأمر الذي قد يخلق الأزمات في دول أخرى، وإلى أن أي كارثة بشرية سيكون لها تأثيراتها المتتالية على سلسلة التوريد، كما يحصل حالياً بين أوكرانيا وروسيا، وهما اللتان تمثلان سلة الغذاء العالمية في القمح والذرة وغيرها من المواد الغذائية وكذلك، ناهيك عن تأثيرها الواضح على سوق الطاقة.