تحمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على عاتقها إعداد كوادر من العلماء والدعاة إلى الله تعالى. وللدعاة دور عظيم في المجتمع، خاصة فيما يتعلق بنشر تعاليم الدين الصحيح، والنصح والإرشاد، وهم دائما حملة مشاعل الهداية، وصمام الأمان للخلق من الضلال والهلاك، بما يقومون به من جهود البيان والبلاغ، والنصح والإرشاد، والأخذ بأيدي الناس إلى صراط الله المستقيم.
وفي المجتمع القطري، لوحظ توجه تدريجي من المواطنين للانضمام إلى حقل الدعاة تحت مظلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليكونوا أئمة للمساجد، وهو توجه حميد من كافة أركانه، فالداعية أو الإمام القطري، هو الأدرى والأعلم بمجتمعه وقضاياه، وهو أيضًا الأجدر بتقديم النصح والإرشاد لأبناء وطنه، لمعرفته الجيدة بتقاليد وعادات أهله ومجتمعه، ومن ثم ستكون النتيجة من الدعوة جيدة ووفق الهدف المحدد لها من قبل وزارة الأوقاف.
وخلال السنوات القليلة الماضية، رصد علماء الدين والمختصين تزايد إقبال القطريين الراغبين في العمل بحقل الدعوة والإرشاد الديني خاصة، فئتي "الأئمة والدعاة" لتولي مهمة الإمامة بالمساجد ودور العبادة على مستوى الدولة.
ثابت القحطاني: هناك تزايدًا ملحوظًا من بعض الشباب الراغبين في العمل بالمجال الديني والدعوي
وفي هذا الصدد يقول الداعية ثابت سعد القحطاني، إن هناك تزايدًا ملحوظًا من بعض الشباب الراغبين في العمل بالمجال الديني والدعوي، مشيرًا إلى توافر حزمة من العوامل عززت حضور القطريين، أبرزها المحفزات المادية والمعنوية، واستراتيجية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وخطط التدريب والتأهيل الخاصة بالكوادر، فضلا عن تزايد خريجي الكليات والمعاهد الدينية الذين رفدوا المجال بكوكبة من الدعاة المميزين.
وأضاف القحطاني، أن ما يميز الخطيب القطري بحكم التنشئة الاجتماعية استيعابه لقضايا المجتمع وإلمامه بأبعاد المشاكل والقضايا – فهو يعرف نقاط القوة والضعف، ولذلك فإن تأثيره ودوره في التغيير المجتمعي كبير.
وأشار إلى ان الخطباء القطريين أثبتوا جدارتهم بقوة في معظم مساجد الدولة، بما فيها جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، مشيرًا إلى استيفائهم لعناصر الخطابة الجيدة من حيث الإعداد الجيد للموضوعات وحسن الإلقاء والإقناع، وهو ما يسهم إيجابا في ترسيخ القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية السامية والمثل العليا في المجتمع، فضلا عن مساهمتهم الفعالة في إبلاغ ونشر الدعوة والثقافة الإسلامية عبر خطب المساجد أو الدروس الدينية.
وتواصل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية جهودها لاستقطاب وتأهيل الأئمة والخطباء القطريين بتقديم مجموعة من المحفزات المالية والمعنوية لتشجيعهم على الانخراط في ركب الدعاة وعلماء الدين.
185 إمامًا قطريًا
وتشير البيانات المتوفرة إلى أن عدد القطريين من الأئمة والخطباء بلغ نحو 185 إمامًا قطريًا، و158 خطيبا قطريا، وقد نجح برنامج تأهيل وإعداد الإمام والخطيب القطري، الذي وضعت لبنته الأولى في العام 2005 ويتواصل سنويًا في رفد دور العبادة بعدد 300 إمام وخطيب وجميعهم اليوم في مساجد قطر وعلى منابرها وذلك على مدار 14 فوجًا.
وفي ذات السياق أكد السيد محمد بن حمد الكواري مدير إدارة المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن الوزارة قامت بتجهيز مجموعة من القراء القطريين من الأئمة المميزين للمشاركة في صلوات التراويح والقيام لرمضان هذا العام، وسيكون هناك "ختمة" بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، وكذلك في جامع المدينة التعليمية، وجامع الشيوخ، لافتًا إلى أن إدارة المساجد تتبع استراتيجية بالتعاون مع إدارة الدعوة والإرشاد الديني لتطوير وإعداد برامج للأئمة والخطباء القطريين، تسعى من خلاله إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين، بحيث لا يقل العدد عن 50 مشاركًا سنويًا.
وتشير بيانات حديثة إلى أن عدد المساجد في دولة قطر تجاوز 2276 مسجدًا، بنهاية عام 2020، وتستحوذ بلدية الريان على النسبة الأكبر من المساجد في الدولة، فيما بلغ عدد الائمة والمؤذنين في الدولة حوالي 2711 إمامًا ومؤذنًا، بينما بلغ دور تحفيظ القرآن الكريم 181 دارًا للتحفيظ منها 43 دارًا لتحفيظ القرآن الكريم للإناث، و138 دارًا للذكور، وفقًا لبيانات جهاز التخطيط والاحصاء للعام 2018.
عبدالله السادة: الدعاة القطريون تأثيرهم أشمل وأكبر لمعرفتهم بعادات وتقاليد المجتمع
بدوره، قال الداعية عبدالله بن إبراهيم السادة، عضو الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين، إن الدعاة القطريين تأثيرهم أشمل وأكبر لمعرفتهم بعادات وتقاليد المجتمع القطري، منوها إلى أن الأئمة والدعاة والمعلمين وجميع العاملين في حقول التربية والتعليم ودور العبادة تأثيرهم ينبع من مدى إدراكهم للبيئة التي يعيشون فيها وملامستهم لقضايا المجتمع، ولهذا فإن الخطيب القطري يمكنه تشخيص القضايا واقتراح الحلول ليشكل رأس الرمح في الدعوة للقيم الفاضلة في المجتمع وتقديم نموذج يحتذى به في المعاملات.
وأشاد السادة، بالجهد الكبير الذي تقوم به إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تأهيل عدد من الشباب القطريين في مجال الدعوة، مما شكلوا إضافة نوعية للبرامج الدعوية المرئية والمسموعة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للوزارة وغيرها.
وشدد على أهمية أن تقوم الوزارة بدور أكبر في استقطاب القطريين للعمل كأئمة ودعاة، عبر تقديم مزيد من المحفزات المادية والمعنوية بالإضافة إلى تقديم جداول عمل مرنة.
ودرجت إدارة الدعوة والإرشاد الديني على إعداد ورش متخصصة لتأهيل وإعداد الإمام والخطيب القطري، وتهدف هذه الدورات إلى تنمية وتطوير معارف ومهارات الأئمة في العلوم الشرعية، كما أنها تندرج ضمن برامج وأنشطة وفعاليات الوزارة والتي تسعى من خلالها إلى التأكيد على مكانة العلم الشرعي وسعيها الحثيث للاهتمام به عبر تيسير طرقه للقائمين على المساجد من الخطباء والأئمة والمؤذنين.
محمد المريخي: حقل الدعوة يعد أحد أهم الحقول التي وجدت اهتمامًا كبيرًا من الدولة
وفي ذات السياق، أكد الداعية محمد المريخي أن حقل الدعوة يعد أحد أهم الحقول التي وجدت اهتمامًا كبيرًا من الدولة، بالتركيز على تأهيل وتطوير أفضل القيادات للمنابر لحمل رسالة الأنبياء وتبليغ صحيح الدين لشرائح المجتمع عبر منهج الوسطية والاعتدال وتقديم القدوة الحسنة والحكمة والعلم.
وأوضح المريخي، أن ما يميز فرسان المنابر من الجيل الحالي هو قدرتهم على التواصل مع مختلف شرائح المجتمع خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإسلامية بالإدراك الصحيح للدين، وتقديم خطاب ديني موزون مستمد من الأصل ومواكب للعصر.
ونوه إلى أهمية أن يتسلح فرسان البيان بالعلم والمعرفة حتى يتسنى لهم القدرة على مخاطبة كافة أفراد المجتمع، مشيرًا إلى أن الإمام يتعامل مع شرائح مجتمعية مختلفة من حيث عاداتها وتقاليدها، وفئاتها العمرية، ومستواها التعليمي، وغيرها، ولذلك لا بد أن يستطيع التأقلم مع كل هذه المتغيرات حتى يؤدي رسالته على الوجه الأكمل وتقديم النصح وتوجيه المجتمع.
يذكر أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خففت منذ 12 مارس الماضي قيود الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا، مثل إلغاء التباعد في صلوات الفروض والجمعة، وفتح دورات المياه والمتوضأ في المساجد المحددة، والسماح بدخول الأطفال، وفتح مصليات النساء، وعدم اشتراط إبراز تطبيق احتراز في صلوات الفروض، وعدم اشتراط إحضار السجادة.