أكدت الندوة الأولى من فعاليات "الخيمة الخضراء" التابعة لبرنامج "لكل ربيع زهرة"، أهمية المصارف الوقفية وأبعادها الاجتماعية والثقافية والصحية، ودور الوقف في الحضارة الإسلامية طوال تاريخها، وما حققه من مشروعات ما زالت لها الدور البارز في حياة ملايين المسلمين حول العالم.
مشاركة علماء
وخلال الندوة التي نظمت تحت عنوان "أهمية المصارف الوقفية وأبعادها الاجتماعية والثقافية والصحية"، والتي شهدت مشاركة علماء من قطر والكويت والسعودية وسلطنة عمان والجزائر والعراق عرف الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة"، الوقف بأنه حبس الأصل وتسبيل الثمرة، مبينا أن هناك 12 آية في القرآن الكريم تتضمن كلمتي (قرضا حسنا) معتبرا الوقف خير قرض، وأن للأمة الإسلامية تاريخا جديرا بأن يُتبع، ليعرف الجميع فضلها في إشاعة قيم الحياة، وحرصها على استدامة النماء.
ودعا الدكتور الحجري الجهات التشريعية إلى ضمان وصياغة التشريعات اللازمة لحماية المكاسب المشروعة للأوقاف (في الدول الإسلامية وغير الإسلامية)، مع التأكيد على الاستمرار في تطوير هذا التراث العظيم، وتوسيع مجالاته لضمان النمو الأفقي (بتوسيع مجالاته وتطوير مصارفه)، والنمو الرأسي (بتطوير وإنماء الأداء في كل مصرف)، كما دعا إلى وضع وتطوير برامج مدرسية للنشء (صفية وغير صفية) للتعريف بالأوقاف والوقوف على وجهها المشرق المساهم في تقدم المجتمع.
أهداف الوقف ومشروعيته
من جانبهم لفت المشاركون في الندوة إلى أن للوقف أهدافه التنموية، ومشروعيته المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية سواء كان للمنفعة العامة أو الخاصة، وأن أول وقف في الإسلام كان مسجد قباء ثم المسجد النبوي ثم بئر عثمان، ثم زادت الأوقاف واتسعت مجالاتها باتساع الدولة، وأن الغرب أخذ الوقف عن الحضارة الإسلامية، مشددين على أهمية التشريعات ودورها في حماية الأوقاف في الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
وأضافوا أن الأوقاف يمكن أن تسهم في تحقيق التنمية بمختلف البلدان، وإلى ضرورة أن يعمل المسلمون من أجل المحافظة عليها، وأن يتوسعوا في المصارف الوقفية، فهي صورة من صور نهضة العالم الإسلامي.
وقالوا إن الأوقاف مصدر متجدد للحسنات، وقد ساهم الوقف في الكثير من الأعمال الخيرية، وكان له دور كبير في التنمية العلمية والرعاية الصحية وغيرها من المظاهر في شتى صور حياة المسلمين.
أهمية المصارف الوقفية
وبين المتحدثون في الندوة أن التوسع والانفتاح في العالم يزيد من الحاجة للتوسع في المصارف الوقفية، ليلبي حاجات العصر، وأن الأطر الشرعية في الوقف وما دلت عليه النصوص تشير إلى ضرورة هذا التوسع، كما تدل الشريعة الغراء على هذا الأمر، إضافة إلى أن النصوص النبوية دلت عليه، فجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، فلم يحدد الحديث أوجه صرف الصدقة الجارية، ما يشير إلى اتساع الأوجه خاصة وأن الاتساع في النصوص الشرعية يفتح باب الاجتهاد لتسخير المصارف الوقفية في جميع المجالات.
وقالوا إن الوقف من روائع الحضارة الإسلامية، وقد شمل في تاريخه الكثير من مظاهر الحياة التي تلبي حاجات المجتمع المسلم، كالمكتبات والمستشفيات وغيرها، مشيرين إلى التنوع في الأموال الموقوفة وأبواب الصرف، وأن الكثير من الأدلة الشرعية تؤيد هذا التنوع، وأن المقاصد الشرعية تعطي مجالاً لهذا التوجه، بما يحقق مصالح العباد، وأن سد حاجة المعوزين هو ثمرة من ثمرات الوقف التي تؤدي لتماسك المجتمع.