دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.58ريال
يورو 3.8ريال

خبراء ومختصون: رمضان فرصة لتعزيز الترابط الأسري

09/04/2022 الساعة 20:22 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

شهر رمضان الكريم له وقع خاص في نفوس القطريين ودلالات مختلفة في حياتهم فهو ليس شهرا كبقية شهور السنة وإنما شهر ملئ بالقيم الإنسانية الصادقة من الجود والكرم وإغاثة المضيوم وزيارة الأقارب وفرصة للتسامح وتقوية الروابط الأسرية.

ويستقبل المجتمع القطري الشهر الفضيل بفرحة كبيرة تعم جميع أفراد العائلة وهو فرصة لتبادل الزيارات وتجدد أجواء الدفء وتنظيم الموائد الرمضانية ما يساهم في تعزيز التواصل بين شرائح المجتمع.

واعتاد القطريون إحياء تقاليد وعادات رمضانية ورثوها عن أجدادهم جيلا عن جيل تظهر في إعداد الموائد الرمضانية بأطباقها الشعبية الشهية والعصائر والتمور، فضلا عن تنظيم "الغبقات" وهي وجبات رئيسية تؤكل بعد صلاة التراويح أو السحور، إضافة إلى الاحتفاء بليلة النصف من رمضان "قرنقعوه".. وللشهر الفضل نكهة خاصة تظهر في الاستعدادات المبكرة له من العائلات التي تبدأ منذ شهر شعبان وتستمر حتى بداية الشهر الفضيل.

34238047453_f9c84ea9e9_o.jpg

وتقول الباحثة الاجتماعية الدكتورة هيا عبدالله الدوسري، إن استعدادات أهل قطر للشهر الفضيل تبدأ من بداية شهر شعبان وقديما يجتمعن نساء الفريج للقيام بـ "دق الحب" أي تجهيز الطحين ومستلزمات رمضان بمصاحبة الأغاني التراثية من الفلكلور الشعبي، حتى تحضير الكميات اللازمة التي تغطي فترة الشهر الكريم.. ورغم المشقة في إعداد الطحين إلا أن هناك نوع من الاستمتاع بفرحة التجمع وتجهيز الزاد.

تجمع "البيت العود"

وأضافت الدكتورة هيا الدوسري أنه بحلول منتصف شعبان تطهى الأطباق "تجربة الأكلات" وتقدم في ليلة النافلة للصائمين ويوزع جزء منها على الجيران، وبعد رؤية الهلال واستقبال رمضان تجتمع العائلة في "البيت العود" أو بيت الجد كبير العائلة لمباركة الشهر الكريم ابتهاجا واحتفاء بقدوم الضيف، وتتكون المائدة الرمضانية من الأكلات الشعبية التي تم تجهيزها سابقا ومن أشهر الأطباق (الثريد والهريس والمرقوق والمضروبة والجريش)، إضافة إلى العصائر "نامليت" الشربت والتمر الهندي وفيمتو والبرتقال والليمون، فضلا عن الحلويات التي تشمل العصيدة والبلاليط والساقو والخبيص.

وأشارت الدوسري إلى أن تجمع العائلة بمثابة برلمان شعبي مصغر تتفقد فيه الأسر أحوالها وأوضاعها والأحداث اليومية بالتركيز على مشاغل الأسرة بما فيها الأمور المعيشية والزواج والعلاقات الاجتماعية، مشيرة إلى أن فرحة الأبناء والأحفاد بتجمع الأسر في رمضان تفوق فرحت الجميع.. حيث يقضي الجميع ليالي رائعة من الأنس والسمر وسط دفء العائلة.

ليالي القرنقعوه

ومن أبرز الطقوس الرمضانية التي يحرص القطريون على إحيائها هي ليالي القرنقعوه، حيث يرتدي فيها الأطفال الأزياء التقليدية ويتجولون بين الأزقة والفرجان وآبائهم في انتظارهم ليقدموا لهم الحلوى والمكسرات وهدايا أخرى جذابة.. وهكذا يبتهج الأطفال مرددين "قرنقعوه قرنقعوه.. عطونا الله يعطيكم"، ويدعون لأهل البيت بزيارة مكة المكرمة.

ولفتت إلى أن هذه الطقوس الرمضانية الجميلة رغم تواجدها وتمسك المجتمع بها إلا أنها بدأت تضمحل.. وأن منظومة العادات والتقاليد التي تمثل هوية وكينونة المجتمع تأثرت بالتكنولوجيا والثقافات الأخرى، حيث باتت بعض أجيال الشباب غير مكترثة بها وهو ما يستدعي المراجعة.. واستطردت قائلة "التمسك بالعادات والتقاليد لا يعني الانغلاق على أنفسنا، بل المحافظة على وجودنا وبصمتنا وخصوصيتنا كمجتمع.. ولذلك لابد من ترسيخ الصفات الحميدة وتعزيز الترابط الأسري بما يعكس أصالتنا".

وشددت على ضرورة التمسك بالموائد الرمضانية لدورها في تحقيق الترابط الأسري بين شرائح المجتمع والحرص على استمرارها، مؤكدة أن أهميتها تنبع من جمع شمل الأسرة ومعرفة جميع أوضاع أفراد العائلة وهي تقليد عربي وإسلامي قديم.

تعزيز صلة الرحم

وفي نفس السياق، قال المهتم بالتراث القطري محمد سالم الدرويش، إن العائلات القطرية تحرص على الاجتماع في بيت كبير العائلة تعزيزًا لصلة الرحم التي وصي بها ديننا الحنيف وكسبا للثواب في الشهر الفضيل وهو فرصة لتعزيز الروابط والعلائق والأواصر بين أفراد الأسرة، مشيرًا إلى أن من أهم العادات الرمضانية الزيارات العائلية والتواصل مع الجيران بعد صلاة العشاء إضافة إلى تعمير المجالس بالتجمعات اليومية والنقاش حول القضايا التي تمس حياتهم اليومية وآمالهم ومستقبلهم.

ولفت إلى أن ضغوط الحياة اليومية ظلت تعيق التواصل والالتقاء بين الأسر الممتدة وأن رمضان يمثل سانحة طيبة للتواصل والتراحم وتقوية الكيان الأسري بجمع شمل العائلة وصلة الرحم وزيارة الأقارب وعيادة المرضي وتفقد المحتاجين ومساعدتهم، مضيفا "رمضان هو الشهر الوحيد من شهور السنة الذي تلتقي فيه جميع أفراد العائلة ويتناولون وجبة الإفطار أو السحور مع بعضهم البعض مما يؤدي إلى تقوية الروابط الأسرية ويبعث بشعور من الألفة والمحبة والمودة والتكافل الاجتماعي.

روح رمضان

وأوضح أن رمضان ضيفًا كريمًا خفيف الظل ولذا يجب أن نعيش روح رمضان.. وعلى أرباب الأسر أن يحرصوا على اصطحاب أبنائهم إلى المساجد لتأدية الصلاة وإحضارهم إلى التجمعات العائلية الخاصة بالأسرة مما يقوى الروابط الاجتماعية، منوها بإن رمضان تتوافر فيه أجواء مناسبة لمعالجة الخلافات الأسرية وإزالة الجفوة بين المتخاصمين ومشاركة أعمال الخير مما يحقق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يدعو له ديننا ويتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا.

وأشار إلى أهمية الابتعاد عن التبذير والإسراف والمبالغة في إعداد الطعام والشراب، حيث أن ذلك يخالف حكمة مشروعية الصيام، لافتا إلى أن الغبقة الرمضانية كانت في الأصل تتكون من السمك المقلي والأرز المطبوخ بالسكر "المحمر" وليس كالوضع الحالي الذي يبالغ فيه البعض بإعداد طاولات من الطعام تحتوي على الوجبات الجاهزة والعصائر وأنواع مختلفة من الأطعمة ليست لها أهمية.

جدير بالذكر أن انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19" خلال عامي 2020 و2021 قيد قيام الموائد الرمضانية التي كانت تنظمها العائلات القطرية والتي تتبادل فيها الأسر المشاعر الإيمانية الفياضة والمودة ويتناولون الإفطار الرمضاني ويحيون الليالي التعبدية بالتراويح والتهجد وقيام الليل، لتعود تلك الموائد العامرة مجددا خلال شهر رمضان الحالي.

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo