قال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن دولة قطر ستواصل دفع وتشجيع الأطراف الأفغانية على الحوار، لكنها تود أن ترى شيئا ما يتحقق على الأرض في أقرب وقت ممكن.
جاء ذلك لدى مشاركة سعادته في جلسة نقاشية بعنوان "الوساطة المبتكرة" مع سعادة الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح، وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، في النسخة الأولى لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي انطلق اليوم في الجمهورية التركية.
وفي حديثه، اعتبر سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، منتدى أنطاليا منصة متميزة للتواصل بين جميع الأطراف المعنية من أجل تطوير العمل الدبلوماسي، مضيفا أن التأثير الإقليمي للعديد من الأزمات يمكن أن يتطور وينعكس دوليا، وهو ما يجبر الدول التي تؤمن بالدبلوماسية على التعامل مع تلك الأزمات، وبذل المزيد من الجهود لتفادي تفاقمها.
وتابع سعادته "إن طبيعة الأزمات تتغير، فنحن الآن نتحدث عن النزاعات المسلحة التي تحدث حول الحدود، كما أننا نشهد المزيد من الأزمات المتعلقة بالحرب السيبرانية التي من الصعب أن يكون فيها وساطات، بالإضافة إلى النزاعات المرتبطة بتغير المناخ، ولذلك أعتقد أننا لو عدنا إلى أساسيات الوساطة نجد أنها تتعلق أساسا بالتواصل الإنساني".
الوساطة أساسها الثقة
واعتبر أن الشرط الأول للوساطة هي الثقة ثم تشجيع الطرفين المعنيين على الحوار، ومشددا على أهمية أن يتصرف الوسيط دون تحيز لأحد الطرفين، مع التركيز على اقتراح الحلول التي تساهم بدورها في بناء الثقة اللازمة في عملية الوساطة.
وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن "هناك جانبا مهما آخر وهو الاستباقية والتصرف السريع، واللذان يلعبان دورا محوريا في منع حدوث أو تفاقم الأزمات"، مردفا "نحن ننظر الآن في الطريقة التي يمكن بها أن نربط بين الوساطة وبين التطورات الحالية، ولو أخذنا على سبيل المثال وساطة دولة قطر في دارفور، نجد أنها التزمت بتنمية الإقليم وتطوير عدد من القرى هناك، إلى جانب تنمية قطاعي الصحة والسكن.. ومن المهم أيضا أن نستمر في تشجيع وتمكين التعددية والعمل في إطار تعددي سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وهو ما يمكن أن يكون عنصرا مساعدا في إنجاح الوساطات".
وبشأن تطورات الملف الأفغاني، قال سعادته "إن قطر ستواصل دفع وتشجيع الأطراف الأفغانية على الحوار، لكنها تود أن ترى شيئا ما يتحقق على الأرض في أقرب وقت ممكن".
وأكد أن قطر ستبذل، إلى جانب البلدان التي تعمل معها، الجهود لعقد مؤتمر إسطنبول حول أفغانستان الذي سيتم تنظيمه بين تركيا والأمم المتحدة، لكنها تأمل أن ترى تقدما في هذا الملف، ومشددا سعادته على أن وقف الأعمال العدائية والإيمان بالعملية السياسية والدبلوماسية من شأنه أن يساعد على نجاح الحوار، وهو ما يحتاج أيضا إلى ضمان مشاركة جميع الفئات الأفغانية، بما في ذلك النساء والشباب.
كما بين سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن الأزمة الأفغانية متشعبة ومعقدة جدا، وأن التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة /طالبان/ كان الخطوة الأولى في جهود إحلال السلام في أفغانستان".
وأضاف سعادته "رغم أن الحوار الذي تخوضه دولة قطر منذ فبراير 2020 بين الأفغانيين يشهد بعض الخطوات إلى الأمام وأخرى إلى الخلف، إلا أنه لم يحقق تقدما ملموسا بعد"، مؤكدا أن التوقيت أصبح صعبا خاصة بعد إعلان سحب القوات الأمريكية والأجنبية بحلول شهر سبتمبر المقبل في ظل غياب توافق أفغاني-أفغاني، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل أفغانستان.
ومضى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قائلا "إن هدفنا هو التوصل لوقف لإطلاق النار بين الحكومة و/طالبان/، بشكل خاص، وأيضا التوافق بين جميع الأطراف الأفغانية حول مستقبل أفغانستان وعلى تقاسم السلطة هناك، ولكن من سوء الحظ أننا لم نر تقدما كبيرا في هذا الاتجاه نظرا لعدة عوامل أبرزها عدم التأكد مما إذا كانت الأطراف المشاركة تفهم الطابع الطارئ في هذه المفاوضات، إلى جانب جائحة كورونا التي أبطأت سير وتقدم عملية التفاوض".
مخاطر الوساطة
وإجابة على سؤال حول المخاطر المرتبطة بالوساطة، اعتبر سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية "أن الجانب السلبي في عملية التفاوض هو أن يتم اتهام الوسيط من قبل جميع الأطراف بأنه متحيز لطرف على حساب آخر، وهذا الأمر طبيعي، لكن ما يشجع الوسيط على السعي والاستمرار هو أنه يبحث عن المصلحة الأكبر، وهي تفادي النزاع والحد منه وإنقاذ الأرواح، وأن دفع ثمن اتهامك من أجل انقاذ حياة واحدة هو أمر يستحق العناء".
وعن إمكانية أن تضفي بعض الوساطات نوعا من الشرعية على بعض المنظمات الإرهابية، أجاب سعادته قائلا "عندما نتحدث عن أطراف متنازعة، فذلك لا يعني أننا نتبنى موقف أي منها، والاعتراف بالأطراف غير الحكومية كما لا يعني أننا نؤمن بفكرها أو أننا ندعمها، فالوسيط دائما في حاجة للتحدث لجميع الأطراف، وذلك لإنهاء أو الحد من أي نزاع، وهنا ينبغي أن نميز أنه مادامت المنظمات الإرهابية لا تؤمن بالحلول السلمية، فإنها لن تضيع وقتها بالحديث إلى أي وسيط من أجل حل الأزمة، فالأمر دقيق جدا ونحتاج أن نقوم به بحذر شديد".
وذكر سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في الجلسة النقاشية، أنه "إذا كان التعامل يتم مع منظمة متطرفة على أساس أنها طرف في النزاع، فنصيحتنا هي وقف هذه الوساطة إلى حين أن تتخلى تلك المنظمة الإرهابية عن موقفها، وإلا فإن الأمر سينتهي بنا إلى الاعتراف بمشروعيتها، ولذلك أعتقد أنه من المهم وضع تعريف جديد لما يمكن أن يسمى منظمة إرهابية".