الزكاة.. تطهير للنفس ونماء وبركة للمال، وتكافل اجتماعي واقتصادي، وهي واحدة من مقومات المجتمع الإسلامي التي تعلي من شأن الفرد في مجتمعه وتخلق حالة من التآلف والتعاضد بين أبناء المجتمع الواحد.. ومع قرب وداع شهر رمضان المبارك يسارع المسلمون بإخراج زكاتهم تلبية لأوامر الله تعالى وتحقيقا للسنة النبوية المشرفة.
ولا تخرج زكاة الفطر من رمضان، التي تسمى أيضا /صدقة الفطر/، عن جملة هذه المقاصد، فهي ليست واجبا شرعيا فقط، بل من أحب الأعمال إلى الله لأنها تدخل السرور على قلوب المسلمين.. لذلك كان من حكمة هذه الزكاة أن يحسن المسلم للفقراء والمساكين ويمنع عنهم ذل السؤال يوم العيد.. فيفرح الجميع: الصائم بصومه والمتصدق بعطائه والفقير بالكرم الذي غمر به.
للفقراء والمساكين
وتعرّف زكاة الفطر شرعا بأنها: "صدقة تجب للفقراء والمساكين على كل مسلم فضُل قوته عن حاجته وحاجة عياله عند الفطر من رمضان"، ويخرجها عن نفسه وعمن يعوله ممن تلزمه نفقته شرعا بمقدار محدد هو /صاع/ من غالب قوت البلد، قبل خروج الناس إلى صلاة عيد الفطر.
وأما الحكمة من وجوب زكاة الفطر فتتجلى في أمور، من أهمها: أنها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "طـُهرة للصائم من اللغو والرفث"، أي أنها تمحو ما قد يرتكبه المسلم في رمضان من منهيات شرعية في صيامه، وأنها "طـُعمة للمساكين"، تغنيهم يوم العيد عن السؤال وتوسع عليهم في الرزق، كما هي شكر لنعم الله تعالى الكثيرة على الصائمين، ومنها نعمة بلوغ رمضان وإكمال صيامه.
وقد فرضت هذه الزكاة على الأرجح في التاسع والعشرين من شهر رمضان في العام الثاني من الهجرة في المدينة المنورة.. ودليل وجوبها الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين".
الفرق بين زكاة الفطر المال
وهناك فروق جوهرية بين زكاة الفطر وزكاة المال، فالأولى تصرف للفقراء والمساكين فقط وهم من لا يملكون كفايتهم في يوم العيد، على عكس مصارف زكاة المال الثمانية، كما أن زكاة المال تتعلق، بالأموال المدّخرة. أما زكاة الفطر فتتعلق بالأبدان أي الأشخاص الذين ينفق عليهم الإنسان، إضافة إلى أن زكاة المال لا تجب إلا عند بلوغ النصاب وهو المبلغ المحدد شرعا، أما زكاة الفطر فتجب على من يملك قوت يوم العيد وليلته له ولمن تلزمه نفقته، وبذلك لا يُشترط فيها نصاب معيّن.
وكذلك فإن زكاة المال ليس لها وقت معين تخرج فيه بل هي مرتبطة بمضي حول كامل على النصاب، أما زكاة الفطر فلا تكون إلا في شهر رمضان، ومن جهة أخرى فإن مقدار زكاة المال هو ربع العشر (أي 2.5 بالمئة)، أما زكاة الفطر فمقدارها صاع مما يقتاتُه الناس.
عن هذه الشعيرة وأهميتها في شيوع الرحمة والتكافل بين المجتمع المسلم، قال صندوق الزكاة في ردود له على أسئلة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن زكاة الفطر هي الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان، والحكمة من تشريعها هي: تطهير الصائمين من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين تغنيهم في ذلك اليوم (يوم الفطر).
وحول مقدار زكاة الفطر الموصوف في الحديث بأنه /صاع/ من تمر، أو شعير، أو زبيب، أو أقط، قال الصندوق إن الصاع يقدر بـ2.5 كيلو غرام من الأرز في الأوزان الحالية.
وعن الوقت الأمثل شرعا لإخراج زكاة الفطر وهل يجوز تعجيلها عنه، ذكر أن المستحب هو أن يخرجها المسلم يوم العيد قبل الصلاة. "ويجوز تعجيلها عنه طوال شهر رمضان (أوله أو أوسطه أو آخره)".
وفيما يتعلق بإمكانية إخراج زكاة الفطر من غير الأصناف المنصوص عليها شرعا، أوضح أنه يجوز إخراج غير تلك الأصناف من غالب قوت البلد كالأرز والعدس. كما جوّز الأحناف وبعض الفقهاء المعاصرين إخراجها نقودا.
قيمة زكاة الفطر
وحول قيمة زكاة الفطر في العام الجاري /2022/ بالريال وكيف تحدد هذه القيمة، أوضح الصندوق أن قيمتها نقدا خلال العام الجاري هي 15 ريالا، وتحدد بما قيمته 2.5 كيلو غرام من الأرز لأنه غالب قوت البلد.
وعما إذا كانت زكاة الفطر تسقط مع عدم استطاعة الفرد إخراجها، وماذا على المسلم لو أخر إخراجها حتى انتهت صلاة العيد، قال إن هذه الزكاة تسقط مع عدم الاستطاعة.. وإن من أخرها عن صلاة العيد وهو مقتدر يأثم، وعليه إخراجها قضاء.
وفي شأن ما إذا كان الجنين في بطن أمه يستوجب زكاة الفطر، قال الصندوق إنه لا تجب عنه الزكاة، وإنما تستحب لفعل الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وبسؤاله عما إذا كان يجوز للأب أن يعطي زكاة الفطر إلى ابنته المتزوجة، علما أن دخل زوجها لا يكفيهم، قال إنه لا يجوز، وإنما يعطيها لزوجها.
وعمن لم يجد حوله من يستحق زكاة الفطر ليدفعها إليه، والحكم فيما لو تركها حتى يجد من يستحق، قال الصندوق إنه إذا لم يجد يعطيها لصندوق الزكاة، ولا يجوز تركها حتى يجد من يستحق، بل يبادر بدفعها.
وحول ما إذا كان يجزئ دفع زكاة الفطر لفئة العمال، أو بمعنى آخر هل يدخلون في الأصناف المقررة شرعا، أكد أن العبرة ليست بالمسميات، بل بمن يستحقها من أي صنف كان بشرط صفة الفقر أو المسكنة.
وردا على سؤال بشأن من يرسل زكاة فطره إلى أهله في بلد غير الذي يقيم فيه، وما إذا كان هذا العمل معتبرا شرعا، قال صندوق الزكاة: "نعم، معتبر شرعا، بشرط إيصالها إلى مستحقيها، والأصل في زكاة الفطر أن يخرجها المسلم في بلده الذي يسكنه إذا صام شهر رمضان فيه".