ما زالت أصداء زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى إسبانيا تستحوذ على اهتمامات الصحف الإسبانية، التي أفردت، طوال الأيام الماضية، صفحاتها للحديث عن الزيارة الهامة ونتائجها على العلاقات بين البلدين.
ولم تركز اهتمامات الصحف الإسبانية فقط على العلاقات السياسية بين البلدين، بل أبرزت مختلف الملفات التي تم طرحها خلال الزيارة، سواء العلاقات الاقتصادية أو الاستثمارية أو الثقافية أو ملف الطاقة، فضلا عن الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين خلال الزيارة.
أعلى درجات التكريم
وفي هذا السياق، نشر الكاتب فرانثيسكو كاريون مقالًا مطولًا في صحيفة "إل إندبنديينت" تحت عنوان: "من عقد إيزابيلا الكاثوليكية إلى المفتاح الذهبي لمدريد"، أكد فيه أن حضرة صاحب السمو الأمير المفدى حظي في زيارته لإسبانيا، بأعلى درجات التكريم، حيث قدم له جلالة الملك فيليبي السادس "قلادة إيزابيلا الكاثوليكية"، وقدم له السيد خوسيه لويس مارتينيز ألميدا رئيس بلدية مدريد، المفتاح الذهبي للمدينة، كما زُين وسط العاصمة مدريد بالأعلام القطرية "احتفاء" بأول زيارة دولة لسمو الأمير المفدى إلى إسبانيا.
وتناول كاريون في مقاله العديد من الموضوعات التي تم طرحها للنقاش خلال زيارة سمو الأمير إلى مدريد، لافتًا إلى أن الزيارة ستعزز العلاقات بين البلدين من أجل تحقيق المصالح المشتركة، خاصة في ظل الثقة في الوصول بالعلاقات الثنائية إلى مستوى استراتيجي وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف مجالات التعاون، مثل الاقتصاد والاستثمار والتعليم والعدالة، والصحة، من بين أمور أخرى.
خطوة مهمة
ومن جانبها، قالت صحيفة "إكسبانسيون" في نسختها الورقية، إن زيارة حضرة صاحب السمو الأمير المفدى إلى إسبانيا هي "خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية على جميع المستويات"، مشيرة إلى أن هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وإسبانيا، وأن التطور الذي شهدته علاقات الدولتين خلال هذه السنوات كان "غير عادي"، حيث تم بناء "علاقة صداقة ووئام، على أساس الاحترام المتبادل والتعاون"، واستمتع كلا البلدين بالتقدم المحرز في كل من إقليميهما، مؤكدة أن التعاون بين البلدين نما "بشكل ملحوظ" في العقد الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن إسبانيا واحدة من أكبر الاقتصادات في أوروبا، وأن دولة قطر تعد "أحد أهم المستثمرين الأجانب الرئيسيين في البورصة الإسبانية"، حيث تبلغ قيمة أسهمها مليارين و600 مليون يورو، كما أنها تتمتع "بأعلى استثمار في القطاعات الاستراتيجية مثل الطيران والبناء والاتصالات والخدمات".. معتبرة أن استثمار دولة قطر، من خلال جهاز قطر للاستثمار، في قطاعات استراتيجية في إسبانيا، سيعود بالنفع على البلدين، حيث تساعد هذه الاستثمارات على خلق فرص عمل في الدولة، وتسهم في تنمية الاقتصاد، خاصة وأن هدف دولة قطر هو "إقامة وتعزيز علاقات الثقة في القطاعات القوية، حيث تثق قطر في إسبانيا وفي طريقة إدارتها".
شريك استراتيجي لتطوير الأعمال
وأكدت أن دولة قطر، تريد أن تظل شريكًا استراتيجيا لتطوير الأعمال في كلا البلدين، حيث إن الاستثمار القطري في شركة "ابيردرولا"، يبرز أيضًا هذه العلاقة "المميزة" بين البلدين، مضيفة أنه لدى دولة قطر حاليًا أكثر من 200 شركة إسبانية تعمل في قطاعات التجارة والبنية التحتية والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات.
وشددت صحيفة "اكسبانسيون" على أن زيارة الدولة الأولى لسمو الأمير إلى إسبانيا أعطت دفعة قوية للتعاون بين البلدين ورفعت العلاقات إلى فئة "الارتباط الاستراتيجي"، معتبرة أن الزيارة جاءت في لحظة حاسمة، وذلك بسبب حالة "عدم اليقين" التي فرضها ارتفاع التضخم، والحرب في أوكرانيا، على أسواق الطاقة العالمية.
واعتبرت الصحيفة أنه توجد نقطة إيجابية إضافية في ملف الغاز بين البلدين، وهي إمكانية إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز، وذلك بفضل المصانع الستة المنتشرة في جميع أنحاء إسبانيا، التي تمتلك طاقة فائضة في هذا المجال، الأمر الذي يمكن أن يجعلها مصدرا للغاز إلى أوروبا.
حضور كبير
كما أشارت إلى أن دولة قطر تتمتع بالفعل بحضور كبير لبعض أبرز الشركات الإسبانية، مثل El Corte Inglés و Banco Santander و IAG وIberdrola ، موضحة أن زيارة سمو الأمير المفدى أتاحت توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات مختلفة.
وبدورها، ذكرت صحيفة "لابنغوارديا" أن أجندة زيارة سمو الأمير لمدريد، كشفت عن أن الزيارة ذات طبيعة اقتصادية ملحوظة على خلفية أزمة الطاقة في أوروبا، لافتة إلى منح سمو الأمير "قلادة إيزابيلا".
وشرحت الصحيفة في تقريرها أهمية هذه القلادة في إسبانيا، موضحة أنه تم إنشاء "قلادة إيزابيلا" الكاثوليكية من قبل فرديناند السابع في عام 1815، والغرض منها هو "مكافأة تلك السلوكيات غير العادية ذات الطبيعة المدنية، التي يقوم بها الأشخاص الإسبان والأجانب، والتي تفيد الأمة أو تساهم، بطريقة مناسبة، في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الأمة الإسبانية وبقية المجتمع الدولي".
التعاون في مجال الابتكار
ومن ناحيتها، قالت صحيفة "أ بي سي" إن شركة "ابيردرولا" ووكالة ترويج الاستثمار في قطر، وقعتا اتفاقية "لتعزيز تحالفهما الاستراتيجي في مجال الابتكار"، حيث سيتم توسيع أنشطة البحث والتطوير والابتكار للشركة الإسبانية من خلال مركز "ابيردرولا" للابتكار في الشرق الأوسط، ومقره الدوحة.
وأشارت إلى أن شركة الطاقة الإسبانية صرحت، في بيان لها، بأن التعاون الجديد مع قطر سيساهم "في تعزيز الحلول والمنتجات المبتكرة في القطاعين العام والخاص"، حيث سيتعمق المركز، الموجود حاليًا في واحة العلوم والتكنولوجيا في دولة قطر، في التحديات التكنولوجية المتعلقة بالابتكار والرقمنة من حيث الشبكات الذكية وتكامل الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة.
كما نقلت الصحيفة تصريحات رئيس الشركة إغناثيو سانشيز غالان، الذي أعاد التأكيد في اجتماع عمل نظمه الاتحاد الإسباني لمنظمات الأعمال، على أن "ابيردرولا" كانت وستظل عاملا لتسريع توسع الشركات الصغيرة في العالم، وعلى أن خبرتها في قطر لما يقرب من 20 عامًا هي "أفضل دليل" على مدى الفرص المتاحة في الدولة، مضيفًا أنه تم توقيع اتفاقية توسعة لتعزيز مركز يعد بالفعل مرجعًا عالميًا في الشبكات الذكية، وتكامل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وهو بلا شك الأكثر تقدما في الشرق الأوسط في مجاله.