أكد سعادة السيد جون ويلكس سفير المملكة المتحدة لدى دولة قطر، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لبلاده، تكتسب أهمية خاصة على صعيد التشاور المستمر بين البلدين الصديقين في شتى المجالات، والملفات التي تهمهما على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي.
تطوير وتعزيز العلاقات
وصرح سعادته في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية (قنا) بأنه من هذا المنطلق فإن المملكة المتحدة ترحّب بزيارة العمل التي بدأها أمس حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وتعتبرها امتدادًا للزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، واستمرارًا للتباحث والتشاور حول أفضل السُّبل لتطوير وتعزيز العلاقات والروابط التاريخية الراسخة بين الدوحة ولندن، لا سيما في ضوء انحسار تفشي جائحة كورونا (كوفيد - 19) حول العالم، ما يسمح بتكثيف الزخم والحراك السياسي والدبلوماسي لتوثيق وتعزيز هذه العلاقات المتميزة، والانتقال بها إلى مستويات أعلى.
وأوضح سعادة السفير أن مباحثات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى مع دولة السيد بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني وكبار المسؤولين في الحكومة البريطانية ستُعقَد في أجواء من الصداقة والترحيب بسموه، وستركّز على جملة من الملفات المهمة السياسية، والاقتصادية، والاستثمارية، والتجارية، والثقافية، والرياضية، والتعليمية، والأمنية، والعسكرية، ومستقبل الطاقة والاقتصاد العالمي، فضلًا عن قضايا إقليمية ودولية أخرى محل اهتمام البلدين.
وشدد على أهمية وحيوية الحوار الاستراتيجي المزمع إطلاقه بين البلدين، وأكد أنه يمثل نقلة نوعية في علاقاتهما المتميّزة في شتى المجالات.
كما ثمّن دور الدبلوماسية القطرية في حل العديد من النزاعات والمشكلات، وقال: إن دولة قطر تركّز على الحلول الجذرية لها بالطرق السياسية والسلمية، مشيرًا في هذا الصدد على وجه التحديد، إلى دور قطر السياسي والإيجابي العام الماضي في معالجة تداعيات الأزمة الأفغانية، وعمليات الإجلاء التي قامت بها للمواطنين الأفغان ومواطني المملكة المتحدة وغيرهم من الجنسيات.
تعاون عملي
ولفت إلى أن السنة الماضية شهدت تعاونًا عمليًّا بين دولة قطر والمملكة المتحدة حول الكثير من النزاعات، ومنها الأزمة الأفغانية، التي جاءت في وقت مهم وصعب، إضافة إلى ملفات مهمة أخرى، من بينها ملف مكافحة الإرهاب والتطرف، والذي قال: إن البلدين يحرصان على مراجعته والتعاون بشأنه باستمرار.
ونبه سعادة السفير ويلكس إلى أن الصراعات والأزمات التي تتعاون كل من دولة قطر والمملكة المتحدة في إيجاد حلول سلمية لها ليست هي فقط حروبًا أهلية، لكنها نزاعات لها أبعادها الإنسانية والاقتصادية، مبينًا أن البلدين يتعاونان لاحتواء التداعيات السلبية للحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتي منها -على سبيل المثال- ارتفاع أسعار النفط والغاز وزيادة معدلات التضخم.
وشدد سعادته على أن احتواء مثل هذه المشاكل سيؤدي بدوره إلى احتواء سلبيات قد تنجم عنها مثل التطرف والإرهاب.
استثمارات متبادلة
وقال سعادة السيد جون ويلكس سفير المملكة المتحدة لدى دولة قطر في حديثه لـ(قنا): "إن المملكة المتحدة ترحّب بالاستثمارات القطرية فيها، وتشجع في الوقت ذاته الاستثمارات المتبادلة بينها ودولة قطر، وعمليات التصدير في الاتجاهين، وبالأخص أنها ستبدأ هذه السنة مفاوضات نحو اتفاقية التجارة الحرة مع جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
وتابع سعادته قائلًا: "نحن نرى الكثير من الفرص والإمكانيات لتوثيق شراكاتنا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دولة قطر في غضون السنوات العشر المقبلة، في وقت نجري فيه الآن حوارًا حول الطاقة والتحوّل من النفط والغاز والمحروقات نحو الطاقات المتجددة في سياق التحول الاقتصادي العالمي بهذا الخصوص، وهذا أمر مهم للبلدين"، مشيرًا إلى أن الحوار حول الطاقة منفصل تمامًا عن الحوار الاستراتيجي بين الدوحة ولندن، والذي شدد على أنه مهم وحيوي.
ومضى إلى القول: "دولة قطر مصدر عالمي مهم للغاز الطبيعي الذي تحتاجه المملكة المتحدة خلال هذه الفترة، لكننا نحترم في الوقت نفسه التحول القطري نحو الاستثمار في الطاقات البديلة".
وذكر أن الاستثمارات بين البلدين اقتصرت في السابق على قطاعات النفط والغاز والعقار، غير أن خططهما تركِّز على تحويلها إلى قطاعات أخرى جديدة في الطاقة البديلة والمتجددة والمناخ، باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
ونوه سعادته بأن حجم التجارة الثنائية بين دولة قطر والمملكة المتحدة بلغ 4.1 مليارات جنيه إسترليني خلال العالم الماضي، منه 2.7 مليار جنيه إسترليني لصادرات المملكة المتحدة، و1.4 مليار جنيه إسترليني لصادرات دولة قطر، أكثر من نصفها كان مرتبطًا بمبيعات النفط والغاز.
وأشار إلى وجود توقعات بحدوث طفرة في الفرص الثنائية بين البلدين على مدى الـ 12 شهرًا المقبلة، مدعومة باعتزام المملكة المتحدة التفاوض على اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يخدم مصالح الجانبين على المدى الطويل.
تجارة ثنائية
وشدد سعادة السفير على أن المملكة المتحدة تبقى هي الوجهة الاستثمارية الأولى بالنسبة لقطر، في وجود أكثر من 40 مليار جنيه إسترليني من الاستثمارات حتى اللحظة الراهنة، بما في ذلك الإعلان مؤخرًا عن استثمار جهاز قطر للاستثمار في تكنولوجيا رولز رويس النووية منخفضة الكربون.
وفي سياق متصل، أشاد سعادة السفير برؤية قطر الوطنية 2030، وقال: إن بلاده تدعمها، وأنه على ثقة من أنها ستحقق أهدافها بحلول عام 2030.
وأشار سعادته إلى سرب طائرات تايفون المشترك بين القوات الجوية الأميرية القطرية والقوات الملكية الجوية البريطانية، الذي يأتي في إطار التعاون العسكري بين البلدين، لافتًا إلى أنه تعاون فريد من نوعه في هذا الخصوص، حيث ليس لدى المملكة المتحدة أي سرب من هذا النوع مع أي دولة في العالم سوى قطر، وأوضح أن هذا البرنامج بدأ قبل أربع سنوات، وأصبح الآن مشروعًا واقعًا.
وحول استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، أكد أن قطر اتخذت كل ما يلزم من ترتيبات واستعدادات لإنجاح هذا الحدث الرياضي العالمي، وأنها ستقدم نسخة متميزة من المونديال .
واختتم سعادة السفير جون ويلكس حديثه لوكالة الأنباء القطرية قنا بالتأكيد على عُمق ومتانة العلاقات القائمة بين دولة قطر والمملكة المتحدة، والشراكة الحقيقية والثقة المتبادلة بين البلدين، وشدد على أن هذا العام سيكون متميزًا على صعيد هذه العلاقات، ما يوفر مزيدًا من الأجواء الإيجابية لتحقيق الطموحات المشتركة للدفع بها خطوات متقدمة أكثر إلى الأمام.