تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، تستضيف الدوحة النسخة الثانية من "منتدى قطر الاقتصادي"، بالتعاون مع "بلومبيرغ" غدًا الإثنين، وعلى مدى ثلاثة أيام، تحت شعار "تحقيق المساواة في معادلة التعافي الاقتصادي العالمي"، وذلك بمشاركة عدد من رؤساء وقادة الدول والشخصيات الرسمية وكبار المسؤولين، وصُناع القرار، وأكثر من 500 من قادة الأعمال حول العالم، ويستقطب المنتدى أكثر من 75 متحدثًا رئيسيًّا.
وتسلط نسخة هذا العام من المنتدى الضوء على عدد من الموضوعات والقضايا العالمية؛ من بينها تحقيق المساواة في معادلة التعافي الاقتصادي العالمي على المدى الطويل، ومستقبل الأسواق العالمية وآفاق العولمة، وسبل دعم سلاسل التوريد العالمية، والتحولات التي يشهدها قطاع الطاقة والاقتصاد الأخضر، وآليات الحد من الانبعاثات الكربونية.
مناقشة الاستراتيجيات الاقتصادية
كما يناقش المنتدى الاستراتيجيات الاقتصادية المعتمدة لتنويع مصادر الدخل، بما يسهم في الحد من التغيرات المناخية والقضاء على الفقر، والحد من التضخم وحماية البيئة، وفرص الاستثمار في قطاع الرياضة، والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وآفاق تكنولوجيا المستقبل، وسبل دعم نهضة القارة الإفريقية في القرن 21.
ويوفر منتدى قطر الاقتصادي منصة مهمة لتسليط الضوء على دولة قطر كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة والعالم، والحوافز والفرص الاستثمارية التي تتيحها الدولة للمستثمرين ورواد الأعمال، وكبرى الشركات العالمية في القطاعات غير النفطية وذات القيمة المضافة، خاصة المجالات التي تخدم رؤية قطر الوطنية 2030، واستراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018 - 2022، والهادفة لإرساء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة.
وسيتم خلال المنتدى استعراض التطورات التي تم إحرازها في تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، الهادفة لتحقيق الرؤية الوطنية، والإنجازات التي تم تحقيقها استعدادًا لاستضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022. ويفسح منتدى قطر الاقتصادي المجال لاستعراض جهود دولة قطر في سبيل تكريس الالتزام بالنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، وتعزيز انفتاحها الاقتصادي، وتوطيد أواصر التعاون مع مختلف الشركاء التجاريين حول العالم.
"بلومبيرغ".. تدير الحوار
وكان السيد سكوت هيفنز، الرئيس التنفيذي لمجموعة بلومبيرغ الإعلامية، قد قال في وقت سابق: إنه في ظل الانكماش الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا "كوفيد-19"، يتعين على قادة العالم تحمل مسؤولية تحقيق تعافٍ اقتصادي شامل ومستدام، وأضاف: "تفخر مجموعة بلومبيرغ الإعلامية بإدارة هذا الحوار المهم في الدوحة، الذي يجمع بين مبتكري السياسات، وقادة الفكر، وخبراء الصناعة، لتحديد مسار العقود المقبلة".
وعلى الرغم من أن دورة المنتدى الأولى جاءت في ظروف معقدة، حيث دفع العالم وما زال، فاتورة كبيرة لآثار جائحة كورونا التي عصفت بكثير من اقتصاديات الدول، فإن دورة هذا العام تأتي في ظروف أكثر تعقيدًا، إذا ما أضفنا إلى تأثيرات كورونا، الحرب الدائرة في أوكرانيا حاليًا، وما نتج عنها من تهديد مباشر لسلاسل الإمدادات في العالم، ونُذر أزمة غذاء عالمية، وارتفاع لأسعار النفط، إضافة إلى ارتفاع التضخم في معظم دول العالم.
فبعد خروج الدول من مرحلة الانكماش الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا، تبدو آمال الانتعاش السريع مضللة الآن، وتكرس عدة عوامل هذه النظرة، على غرار التضخم المتصاعد، والحرب في أوكرانيا، حيث ساهمت جميعها في تراجع توقعات التعافي الاقتصادي العالمي الهش بالفعل.
معالجة التحديات
ويجمع منتدى قطر الاقتصادي السنوي الثاني، قادة الأعمال ورؤساء الدول العالميين لمعالجة التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم، من منظور الشرق الأوسط، وتكمن أهمية انعقاد المنتدى في الدوحة، لموقعها الاستراتيجي الذي يربط آسيا بإفريقيا، فضلًا عن كونها مركزًا دبلوماسيًّا عالميًّا رئيسيًّا، وأكبر دول العالم في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وعُقِدت النسخة الأولى من منتدى قطر الاقتصادي في الفترة من 21 إلى 23 يونيو 2021، بمشاركة أكثر من 2500 من قادة الأعمال ورؤساء الدول وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم و100 متحدث، من بينهم أصوات مؤثرة في مجالات الأعمال والمصارف والسياسات الاقتصادية، والذين أثروا النقاش حول المواضيع المتنوعة التي تطرق إليها المنتدى، بما في ذلك "القيادة في عالم ما بعد الوباء"، و"التكنولوجيا المتقدمة"، و"عالم مستدام"، و"الأسواق والاستثمار"، و"تدفقات الطاقة والتجارة"، و"المستهلك المتغير"، و"قوة الرياضة"، و"عالم أكثر شمولًا".
وتفضل بافتتاح النسخة الأولى من منتدى قطر الاقتصادي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي ألقى كلمة استعرض خلالها واقع الاقتصاد العالمي، والآفاق والفرص المستقبلية.
طرح اسئلة كبرى
وأكد سموه في كلمته أن الجائحة أعادت طرح اسئلة كبرى متعلقة بعلاقة المجتمعات الحديثة بالطبيعة، وتوقعات المجتمع من الدولة في شأن سياسات الصحة العامة، وعلاقة الدولة بالاقتصاد، والتعاون العالمي في مواجهة التحديات العابرة لحدود الدول والقوميات والثقافات، مثل الأوبئة والتغير المناخي والفقر وقضايا اللاجئين.
كما تناول سموه، في كلمته، الجهود التي بذلتها الدولة لمواجهة التداعيات الخطيرة للجائحة، حيث قال: "وجهنا باعتماد استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في حماية كافة أفراد المجتمع عبر تعزيز القطاع الطبي، ولا سيما قطاع الصحة العامة، وتقديم الدعم اللازم للاقتصاد للحد من التأثيرات السلبية للجائحة، والمساهمة في الجهود الدولية للتصدي للفيروس من خلال تقديم المساعدات للدول والمنظمات الدولية المعنية".
وأكد سموه أن المرحلة المقبلة لن تكون سهلةً اقتصاديًّا وماليًّا على أي دولة من الدول، ويتوجب على الجميع التعاون لتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، خاصة في الحصول على اللقاح ومواجهة تداعيات الوباء.. ودعا قادة دول العالم، خصوصًا الدول الصناعية الكبرى، إلى مزيد من التعاون في إطار النظام الدولي، وتقاسم المسؤوليات بما يؤسس لبناء نظام اجتماعي واقتصادي عالمي متكامل، وبما يتماشى مع أهداف التنمية العالمية المستدامة، ويحقق الخير والاستقرار للشعوب.
وتحدث في المنتدى أيضًا السيد مايكل آر بلومبيرغ، مؤسس بلومبيرغ، إلى جانب رؤساء كل من جنوب إفريقيا ورواندا وأرمينيا وتركيا والسنغال، ورؤساء وزراء كل من المملكة المتحدة وكوت ديفوار وبنغلاديش وجورجيا، بالإضافة إلى رئيسة منظمة التجارة العالمية ورئيس منظمة الصحة العالمية.
تفاصيل الدورة الأولى
ومن بين الجلسات المهمة في دورة المنتدى الأولى، جلسة ناقشت التطورات التي تحدث حاليًا في الاقتصاد الأمريكي جراء أزمة كورونا، شارك فيها لورانس سامرز وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، وراي داليو رجل الأعمال الأمريكي ومؤسس شركة "بريدج ووتر أسوشيتس"، واتفق المشاركان على أن ارتفاع نسبة التضخم، ونقص العمالة في السوق الأمريكية، ومحاولة عرض سندات بشكل متسارع، والتذبذب في سعر الدولار، تُنذر بأزمة كبيرة لن تضر الولايات المتحدة وحدها، بل العالم أجمع.
ودعا وزير الخزانة الأسبق، في مداخلته، إلى ضرورة إحداث تغييرات كبيرة في سوق العمل؛ من أجل استيعاب معدلات عمالة كبيرة، مع رفع الحد الأدنى للأجور، وتحسين ظروف العمل، كخطوة أولى للقضاء على نسبة التضخم المرتفعة في الاقتصاد، مشيرًا إلى أن السيولة تُشكّل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد الأمريكي، ولا بد من عمل برنامج ممنهج للعرض والطلب، وزيادة معدلات الضريبة، وتقليل معدلات تحويل النقد.
ويهدف المنتدى إلى إعداد الخطط الداعمة لنمو الاقتصاد العالمي خلال مرحلة ما بعد الجائحة، وإعادة التفكير في آفاق الاقتصاد العالمي من خلال منظور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والاستفادة من الوضع الراهن لخلق منصة جديدة للابتكار والحوار بين الدول لرسم مسار جديد، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
كما يستهدف تحديد الفرص، وتقديم الحلول، وإعادة التفكير في المشهد الاقتصادي العالمي من منظور الشرق الأوسط، ويأتي انعقاد المنتدى بالتزامن مع بدء خروج دول العالم من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن وباء "كوفيد-19"، وفي وقت تشتد فيه الحاجة إلى توفير فرص للأصوات المستنيرة للاجتماع، ورسم ملامح المرحلة المقبلة، وإفساح المجال للتفكير المبتكر، وتأسيس علاقات جديدة، وتبني نُهج جديدة. وقد تُوِّج المنتدى بنجاح كبير مع توفيره منصة حيوية لهذه النقاشات المهمة.
إعداد الخطط الداعمة
ويسعى منتدى قطر الاقتصادي إلى إعداد الخطط الداعمة لنمو الاقتصاد العالمي، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لدولة قطر، فضلا عن بحث سبل تعزيز أواصر التعاون والتواصل الدولي لتطوير ودعم الفرص الاقتصادية. كما يسعى إلى تسليط الضوء على جهود دولة قطر لقيادة النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية الشاملة، وترسيخ مكانتها الرائدة بوصفها واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية إقليميًّا وعالميًّا.
وسيعقد المنتدى، الذي سيعيد التفكير في المشهد الاقتصادي العالمي من منظور الشرق الأوسط، عددًا من الجلسات على مدى ثلاثة أيام، تتضمن عددًا من الموائد المستديرة، وتتناول كلمات المشاركين ومناقشاتهم أبرز المستجدات والتطورات والمحاور الاقتصادية لعالم اليوم.