في إطار سياسة دولة قطر ونهجها المتمثل بالانفتاح والتعاون والمشاركة مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة في الاجتماعات والملتقيات الكبرى، وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مساء اليوم، إلى مدينة كيغالي، تلبية لدعوة من فخامة الرئيس بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا الصديقة، للمشاركة في الاجتماع السادس والعشرين لرؤساء حكومات الكومنولث، المقام بمركز المؤتمرات في مدينة كيغالي خلال الفترة 23 - 24 يونيو 2022.
وسيشارك حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، خلال هذه الزيارة، في أعمال الاجتماع الهام الذي يجمع أربعا وخمسين دولة تحت عنوان "تحقيق مستقبل مشترك: التواصل والابتكار والتحول" وينظم كل عامين، وستشمل فعاليات نسخة هذا العام أربعة منتديات خاصة، يشارك فيها الشباب والناشطون الاجتماعيون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة الأعمال.
وتهدف رابطة "الكومنولث"، التي تأسست في عام 1931 عقب إعلان "وستمينستر"، وتجمع المملكة المتحدة مع مستعمراتها السابقة، إلى تقوية الروابط الاقتصادية والثقافية والسياسية بين الدول الأعضاء، إلى جانب دعم مسارات الديمقراطية والشفافية داخل كل بلد عضو. وانضمت رواندا إلى هذه الرابطة في عام 2009، وأصبحت الدولة الثانية التي تنضم إلى هذا التكتل من دون أن تكون مستعمرة بريطانية، بعد موزمبيق.
علاقات متميزة
وترتبط دولة قطر مع جمهورية رواندا بعلاقات قوية متميزة، عززتها وزادتها رسوخًا في السنوات الأخيرة، العديد من الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين من الجانبين، ولقاءاتهم الخارجية على هامش مشاركاتهم في المؤتمرات والفعاليات الدولية، ودورات الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق الثنائي تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقد زار سمو أمير البلاد المفدى، رواندا مرتين في شهري أبريل وديسمبر من عام 2019، بينما قام فخامة الرئيس الرواندي بزيارات متعددة للدوحة خلال فبراير 2022، وأكتوبر 2021، وأكتوبر 2019، وديسمبر 2019، ونوفمبر 2018.
وعلى الرغم من حداثة العلاقات بين دولة قطر وجمهورية رواندا، إلا أنها وصفت بالعلاقات الطموحة والواعدة، وتعكس عزم الجانبين على تعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين، حيث تعمل الدولتان بشكل متواصل على بناء شراكة نموذجية بينهما، وتتعاونان بشأن الكثير من القضايا لخدمة مصالحهما ومصالح الآخرين.
استثمارات متبادلة
وتنظم العلاقات بين الدوحة وكيغالي اتفاقيات ومذكرات تفاهم تغطي مجالات الخدمات الجوية، وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، والتعاون الاقتصادي والتجاري والفني والرياضي والسياحي والثقافي وفعاليات الأعمال.
كما وقعت الدولتان اتفاقية استحواذ على 60 بالمئة من أسهم مطار "بوجيسيرا" الرواندي، كما وقعت الخطوط الجوية القطرية اتفاقيتين مع شركة النقل الجوي للسياحة الرواندية، واتفاقية مع هيئة الطيران والخدمات اللوجستية بجمهورية رواندا.
وهناك مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين، ووقعت شركة حصاد القطرية، التي تستثمر بالقطاع الغذائي، مذكرة تفاهم مع الحكومة الرواندية، تهدف لفتح فرص التعاون بين الجانبين، ودراسة الفرص الاستثمارية في المجال الزراعي والغذائي، كما وقع مركز قطر للمال مذكرة تفاهم مع وكالة "رواندا فاينانس ليمتد" لإطلاق مبادرات مشتركة تساهم في تعزيز نمو أعمال مركز قطر للمال، ومركز "كيغالي المالي الدولي" وتوسعها دوليًّا.
وتقع رواندا وسط القارة الإفريقية إلى الجنوب من الدائرة الاستوائية ضمن نطاق هضبة البحيرات، وهي دولة داخلية لا سواحل لها، وتتصل بالعالم الخارجي عن طريق جاراتها، وخاصة عبر ميناءي دار السلام بتنزانيا ومومباسا في كينيا، وتزيد مساحتها عن ستة وعشرين ألف كيلو متر مربع، ويقدر عدد سكانها باثني عشر مليوناً، يعيش 83 بالمائة منهم بالمناطق الريفية.
ماضي مؤلم
وقد شهدت البلاد أوائل تسعينيات القرن الماضي واحدة من أكثر الاشتباكات العرقية دموية في التاريخ، لكنها استطاعت النهوض والوقوف على قدميها من جديد لبناء دولة موحدة مزدهرة، مفعمة بالأمل والنجاح والتنافسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وعن هذا المسار يقول فخامة الرئيس الرواندي بول كاغامي، لقد وحدنا صفوفنا وعالجنا اختلافاتنا واستثمرنا في العنصر البشري من خلال التعليم، ووفرنا بيئة مواتية للاستثمار الخارجي، ووضعنا رؤية 2000 - 2021، وأخرى على مدى الـ30 عاما القادمة، وحققنا تكاملا في مجال الطاقة، وعالجنا قضايا إقليمية مع بناء شراكات وعلاقات بإفريقيا والعالم الخارجي، وبذلنا جهودا لاستخلاص أكبر قدر من الدروس، ولم نختلق المشاكل التي تؤرقنا، وبنينا على المكتسبات والمنجزات، لذا نشاهد بلدنا ينمو ونطمح لأن تصبح رواندا دولة متوسطة الدخل خلال الـ30 عاما القادمة.
التجربة الرواندية
وتضاهي شوارع العاصمة كيغالي، بنظافتها وتنظيمها وتطورها، معظم شوارع العواصم الأوروبية، ولا تخفى عن عين الزائر معالم الطفرة الاقتصادية التي تشهدها تلك البلاد التي يعني اسمها "أرض الألف تل".
ونجحت الحكومة الرواندية في محاربة الفساد والحد من الفقر المدقع، وتغطي الرعاية الصحية فيها تسعين بالمئة من السكان، أما اقتصادها فهو واحد من أسرع الاقتصادات نموا بالقارة الإفريقية، وأبرز قطاعاته، المنسوجات والملابس وصناعة الجلود والمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية وصناعة الأخشاب والمعادن وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
واستطاعت رواندا خلال فترة وجيزة، أن تصبح مصدر إلهام للعديد من الدول والشعوب في إفريقيا والعالم، وتعمل حكومتها على تحويلها من اقتصاد قائم على الزراعة ذات الدخل المنخفض إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتشجع الاستثمارات الخارجية، وتخفف القيود أمام الاستثمار الأجنبي وتخصص حوافز للمستثمرين الأجانب وتفتح أمامهم جميع القطاعات، كما تستقطب رواندا السياح من مختلف أنحاء العالم لما تتمتع به من حياة طبيعية وبرية نادرة وخلابة.