أكد بنك قطر الوطني QNB أن العالم يمر حالياً بركود تضخمي حاد، مع بلوغ معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها منذ عقود وتباطؤ النمو الاقتصادي في معظم الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.
واعتبر التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني أن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، يعد عاملاً مهما في ارتفاع معدلات التضخم الكلي في العديد من البلدان، بما في ذلك معظم الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.
تجاهل التغيرات
وشدد التقرير على أن البنوك المركزية عادة ما تتجاهل التغيرات في أسعار المواد الغذائية والطاقة لأنها تتسم بالتقلب وتميل إلى أن تكون مدفوعة بعوامل في جانب الإمداد، وبالتالي لا سيطرة للبنوك المركزية عليها.
لم يعد بإمكان البنوك المركزية تجاهل التغير نظرًا لمدى ضخامة التأثير الحالي لأسعار المواد الغذائية على التضخم
وأضاف التقرير: "لم يعد بإمكان البنوك المركزية تجاهل هذا الأمر نظراً لمدى ضخامة التأثير الحالي لأسعار المواد الغذائية على التضخم، لذلك، تقوم البنوك المركزية الآن بتشديد السياسة النقدية استجابة لارتفاع التضخم الكلي، بما في ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، بدلاً من تركيزها المعتاد على التضخم الأساسي".
وأوضح التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني أن إسبانيا وألمانيا تشهدان حالياً تضخماً في أسعار المواد الغذائية يزيد عن 10% مقارنة بمعدل تضخم يقل بقليل عن 4% في اليابان.
تفاوت في الاستهلاك
وأرجع التقرير التفاوت بين البلدان إلى استهلاكها لأنواع مختلفة من الطعام، فالأرز مثلاً يحتل وزناً كبيراً في سلة الغذاء اليابانية، لكن سعره انخفض العام الماضي، وعلى الرغم من الاختلافات بين البلدان، من الواضح أن تضخم أسعار المواد الغذائية عبر مختلف البلدان كان أعلى بكثير خلال العام الماضي من المتوسط التاريخي منذ عام 1990.
وركز التقرير على العوامل الأربعة الرئيسية التي أدت للارتفاع الحالي في أسعار المواد الغذائية عبر مختلف البلدان، كارتفاع أسعار النفط والغاز، وتأثيرات الطقس، ونقص العمالة ونمو الأجور، بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا مؤخراً.
ولفت إلى أن أسعار النفط والغاز تساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعدة طرق، فإنتاج الأسمدة يستهلك الطاقة بكثافة، ونتيجة لذلك شهدت أسعار الأسمدة ارتفاعاً كبيراً، وتتطلب زراعة الأغذية استعمال الأسمدة لتحل محل المغذيات المستخدمة في التربة، وبالتالي فإن أسعار الأسمدة تؤثر بشكل مباشر على أسعار الغذاء، كما تساهم أسعار الوقود والطاقة أيضاً في تضخم أسعار الغذاء من خلال تأثيرها على تكلفة تجهيز ونقل الغذاء.
إذا ظلت أسعار النفط والغاز مرتفعة فسوف تستمر زيادة الضغوط التصاعدية على أسعار المواد الغذائية
وأضاف التقرير "إذا ظلت أسعار النفط والغاز مرتفعة، حسبما نتوقع، فسوف تستمر في زيادة الضغوط التصاعدية على أسعار المواد الغذائية".
ولدى تناوله لعامل الطقس، أشار التقرير إلى أن سوء الأحوال الجوية، بما في ذلك الجفاف في الولايات المتحدة والبرازيل، أدى إلى انخفاض كمية المحاصيل وارتفاع أسعار القمح وفول الصويا.
وبالمثل، أثرت الأمطار الغزيرة في الصين والطقس الحار بشكل غير اعتيادي في الهند على محصول القمح وأسعاره.
تداعيات المناخ
وبيّن التقرير أنه يصعب التنبؤ بالطقس، ولكن من المسلم به على نطاق واسع أن تغير المناخ يتسبب في سوء الأحوال الجوية بشكل أكثر تواتراً وتطرفاً، وسيستمر هذا في زيادة الضغط التصاعدي على متوسط أسعار المواد الغذائية.
ولدى تناوله للعامل الثالث أوضح التقرير أن تدفقات العمالة المهاجرة لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الجائحة. ويعتمد القطاع الزراعي تحديداً على العمالة المهاجرة بشكل كثيف مما يساهم في نقص العمالة في العديد من الاقتصادات المتقدمة، ويؤدي هذا الأمر بدوره إلى زيادة التكاليف من خلال ارتفاع الأجور وانخفاض الإنتاجية. ومع ذلك، نتوقع أن تتعافى تدفقات المهاجرين مع استمرار انحسار الجائحة، وبالتالي نتوقع تراجع الضغط التصاعدي الناجم عن نقص العمالة.
وبخصوص العامل الأخير، أشار التقرير إلى أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تدهور التوقعات بشأن بعض العوامل السابقة، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار النفط والغاز، علاوة على ذلك، تمثل روسيا وأوكرانيا 28% من صادرات القمح العالمية و55% من صادرات زيت عباد الشمس في العالم.
الحرب في أوكرانيا تسببت في تدمير المحاصيل على نطاق واسع وعطلت الصادرات أو منعتها تمامًا عبر موانئ البحر الأسود
ونوه التقرير إلى أن الحرب تسببت في تدمير المحاصيل على نطاق واسع في أوكرانيا، كما تؤدي أيضاً إلى تعطيل الصادرات أو منعها تماماً عبر موانئ البحر الأسود. وحتى مع وقف إطلاق النار الفوري، فإن الاضطراب الحالي سيؤثر بشكل كبير على حصاد هذا العام وسيظل له تأثير سلبي خلال العام المقبل، لذلك، فإن الحرب تؤدي إلى ضغوط تصاعدية كبيرة ومستمرة على أسعار المواد الغذائية.