خلصت دراسة نُشرت مؤخرا إلى أن عدد حالات احتشاء عضلة القلب في المستشفيات الألمانية زادت بشكل ملحوظ خلال نهائيات كأس العالم 2014. فهل تشكّل كرة القدم خطرا على سلامة القلب؟
وذكر تقرير نشرته صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية، أن الحديث عن تأثير كرة القدم على صحة القلب عاد للواجهة بعد الحادثة التي شهدتها مباراة الدانمارك وفنلندا في 12 يونيو/حزيران الجاري في الدور الأول من بطولة أمم أوروبا، حين تابع الجميع سقوط اللاعب كريستيان إريكسن (29 عاما) على أرضية الملعب بسبب أزمة قلبية.
واعتبر التقرير أن الشيء الإيجابي، الذي أظهرته حادثة إريكسن -حتى إن اضطر اللاعب إلى إنهاء مشواره في البطولة بعد زرع جهاز إزالة الرجفان-، هو أن إجراءات التدخل الفوري وتدليك القلب والصدمات الكهربائية أثبتت فعاليتها البالغة في تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة في مثل هذه الحالات، وهو ما يفرض تعميم الإسعافات الأولية، وتجهيز جميع الأماكن العامة والمرافق الرياضية بأجهزة تنظيم ضربات القلب.
وأوضح أن حالات الوفيات المفاجئة للرياضيين تعدّ نادرة بشكل عام، وغالبا ما تكون لها علاقة -لدى الرياضيين الشباب- بأمراض وراثية.
دراسة ألمانية
أما على صعيد الجماهير، فقد أظهرت دراسة ألمانية نُشرت في 17 يونيو/حزيران بمجلة "ساينتيفيك ريبورتس" (Scientific Reports)، أن عدد المرضى، الذين تم إدخالهم إلى المستشفى في ألمانيا بسبب احتشاء عضلة القلب خلال 31 يوما من منافسات كأس العالم 2014، (18 ألفا و479 حالة) أعلى بكثير من عدد المرضى خلال الفترة ذاتها من عام 2013 (أكثر بـ2.1%) وعام 2015 (أكثر بـ3.7%).
ويشير كارستن كيلر، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن معدل الوفيات في المستشفيات جراء هذه الأزمات القلبية (8.3%) لم يكن أعلى في 2014 مقارنة ببقية الأعوام، باستثناء يوم المباراة النهائية، حين فازت ألمانيا على الأرجنتين.
في يوم المباراة النهائية، ارتفع معدل الوفيات 12%، وقد ربط الباحثون بين هذه الارتفاع وشعبية كرة القدم في ألمانيا، حيث إن نصف سكان البلاد شاهدوا مباراة ألمانيا والأرجنتين على شاشة التلفزيون.
التوتر والعادات الغذائية
ووفقا للصحيفة الفرنسية، فإن العديد من الدراسات اهتمت على مدى العقود الماضية بتأثير متابعة مباريات كرة القدم على صحة القلب، وكانت النتائج متباينة للغاية، ومتعارضة أحيانا.
في هذا السياق، يقول المتخصص في طب القلب الرياضي، فرانسوا كاري، "مثلما كتب مؤلفو الدراسة، قد لا تصب كل النتائج في الاتجاه ذاته، وقد يعني التضارب أن هناك تفسيرات خاطئة". على سبيل المثال، تظهر نتائج دراسة سابقة أن الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الفرنسي في نهائي كأس العالم 1998 رافقه انخفاض في معدل وفيات القلب والأوعية الدموية".
ووفقا للباحثين الألمان، فإن التوتر الذي يشعر به المشجعون أثناء المباريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية عبر تعزيز نشاط الجهاز العصبي الودي، وزيادة احتمالات تجلط الدم؛ مما يؤدي إلى تصلب الشرايين وانقباض الأوعية، خاصة الشرايين التاجية.
لكن هل تساهم الوجبات السريعة وتناول الكحوليات أثناء الجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة مباريات كرة القدم في زيادة الإصابات بالنوبات القلبية التاجية، لدى من يعانون بالفعل من مشاكل في القلب؟ في هذا الشأن، يقول الدكتور كاري إنه لم يتم إلى الآن إثبات تأثيرات هذه العادات الغذائية على سلامة القلب خلال متابعة المباريات.