توصلت دراستان منشورتان حديثًا إلى نتيجة متشابهة، مفادها أن سوق هونان للمأكولات البحرية في ووهان بالصين كان على الأرجح بؤرة انتشار فيروس كورونا المستجد، وفقا لما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية.
ونشرت الدراستين على الإنترنت كمطبوعات تمهيدية في فبراير، ولكنهما خضعتا الآن لمراجعة الأقران، وذلك قبل نشرها يوم الثلاثاء في مجلة Science.
ومراجعة الأقران هي عملية تقييم دراسة أو نشاط يقوم بها باحثون أصحاب اختصاص وكفاءة من أجل التأكد من جودة ودقة الدراسات التي أجراها باحثون آخرون.
تحليل مكاني وبيئي
وفي إحدى الدراستين، استخدم علماء من جميع أنحاء العالم أدوات رسم الخرائط وتقارير وسائل التواصل الاجتماعي لإجراء تحليل مكاني وبيئي، قائلين إنه على الرغم من أن "الظروف الدقيقة تظل غامضة"، فمن المحتمل أن يكون الفيروس موجودًا في الحيوانات الحية التي جرى بيعها في السوق في أواخر عام 2019.
وقد تم احتجاز الحيوانات الحية والمذبوحة حديثا بالقرب من بعضها البعض وبالتالي كان من الممكن بسهولة بمكان انتقال وتبادل الفيروسات فيما بينها الجراثيم، بيد أن تلك لم تحدد الدراسة إذا كانت تلك الحيوانات مريضة.
وقرر الباحثون أن أولى حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 كانت متمركزة في السوق بين البائعين الذين باعوا هذه الحيوانات الحية أو الأشخاص الذين يتسوقون هناك، موضحين أنهم يعتقدون أن هناك نوعين من الفيروسات المنفصلة المنتشرة في الحيوانات والتي انتقلت إلى البشر.
وأفادت الدراسة: "كانت جميع الحالات الثمانية التي أصيبت بمرض كوفيد-19 قد جرى اكتشافها قبل 20 ديسمبر في الجانب الغربي من السوق، حيث تم أيضًا بيع بعض الحيوانات والذبائح من الثدييات".
وقال الأستاذ في قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة في معهد سكريبس للأبحاث، كريستيان أندرسن، والمشارك في الدراسة، يوم الثلاثاء: "إن أماكن وقوع الإصابات في السوق كانت محددة بدقة للغاية".
وأوضح الباحث المشارك في الدراسة مايكل ووربي، والذي يرأس قسم علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة أريزونا أن النمط "غير العادي" الذي ظهر من رسم خرائط هذه الحالات كان واضحًا للغاية.
وأشار ووربي إلى أن الباحثين وضعوا خرائط للحالات المبكرة التي لا علاقة لها بالسوق، وكان هؤلاء الأشخاص يعيشون أو يعملون بالقرب من السوق.
واعتبر ووروبي أن ذلك "مؤشر على أن الفيروس بدأ ينتشر بين الأشخاص الذين عملوا في السوق، لكنه بدأ بعد ذلك في انتشار في المجتمع المحلي المحيط حيث ذهب الباعة إلى المتاجر المحلية، وأصابوا الأشخاص الذين يعملون في تلك المتاجر".
نتائج مشابهة
أما الدراسة الأخرى فتتخذ نهجًا آخر يهدف إلى تحديد متى انتقلت العدوى الأولى بفيروس كورونا المستجد من الحيوانات إلى البشر.
ويُظهر هذا البحث أن النسخة الأولى من الفيروس التاجي جاءت على الأرجح بأشكال مختلفة يسميها العلماء A و B، إذ كانت السلالات نتيجة حدثين على الأقل ينتقلان عبر الأنواع إلى البشر.
ويعتقد الباحثون أن أول انتقال من حيوان إلى إنسان ربما حدث في 18 نوفمبر 2019 تقريبًا، وقد جاء من النوع B والذي وجد فقط في الأشخاص الذين لديهم صلة مباشرة بسوق هوانان.
ويظن الباحثون أيضا أن السلالة A قد جرى إدخالها إلى البشر من حيوان في غضون أسابيع أو حتى أيام من الإصابة من بالنوع B، إذ تم العثور على A في عينات من البشر الذين عاشوا أو بقوا بالقرب من السوق.
انتشار غير متوقع
وفي هذا الصدد قال الباحث المشارك في الدراسة، جويل ويرثيم، وهو أستاذ مساعد مساعد في الطب بجامعة كاليفورنيا "تشير هذه النتائج إلى أنه من غير المحتمل أن يكون فيروس كورونا المستجد قد انتشر على نطاق واسع في البشر قبل نوفمبر 2019".
وتابع: "وبالتالي فإن ذلك يساعد على تحديد الفجوة الضيقة بين وقت انتقال ذلك الفيروس التاجي لأول مرة إلى البشر والوقت الذي تم فيه الإبلاغ عن الحالات الأولى للإصابة بمرض كوفيد-19".
ولفت إلى أنه "كما هو الحال مع الفيروسات التاجية الأخرى، فمن المحتمل أن يكون ظهور فيروس كورونا المستجد قد نتج عن مستويات حيوانية متعددة"، معترفا بأن احتمالية ظهور مثل هذا الفيروس من حدثين مختلفين منخفضة.