توقع بنك قطر الوطني QNB، أن يرفع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماعات التالية في سبتمبر وأكتوبر المقبلين، قبل العودة إلى وتيرة زيادة طبيعية قدرها 25 نقطة أساس في ديسمبر المقبل، واعتبر البنك أن الرفع المتتالي قد يكون مجرد بداية لعملية تاريخية لتطبيع السياسة النقدية.
وتوقع التقرير الأسبوعي لـQNB أن يُكثف البنك المركزي الأوروبي بشكل عام جهوده في النصف الثاني من العام، وسوف يطرح حلا محتملا لمشكلة "تباين أوضاع الاقتصاد الكلي" في منطقة اليورو، من خلال إجراء مزيد من الزيادات الكبيرة لأسعار الفائدة، والحيلولة في نفس الوقت دون حدوث مزيد من الصدمات الشديدة وأزمة ديون سيادية محتملة في منطقة اليورو.
صدمة الركود
ولفت التقرير إلى أن أسواق السندات الأوروبية ظلت متقلبة بشكل خاص في الأسابيع الأخيرة، حيث زادت عمليات البيع للتصفية التي بدأت في أواخر العام الماضي، بينما كانت صدمة الركود التضخمي التي أحدثها الصراع الروسي الأوكراني عاملاً رئيسياً وراء هذا التدهور، وهو ما زاد من حدة قيود سلسلة التوريد المرتبطة بالجائحة.
وأضاف "وفقاً لإجماع توقعات بلومبيرج، تراجعت توقعات النمو لمنطقة اليورو عام 2022 إلى 2.7% من 4.4% في سبتمبر 2021، وفي الوقت نفسه، تسارع التضخم في منطقة اليورو من 3.5% إلى 8.6%، وهذا يمثل تدهوراً غير مسبوق في توقعات الاقتصاد الكلي".
وبيّن التقرير في ذات السياق أنه نتيجة لذلك، وعلى الرغم من تباطؤ توقعات النمو، تعرض البنك المركزي الأوروبي لضغوط لتشديد السياسة النقدية والالتزام بالنسبة المستهدفة للتضخم التي تبلغ 2%.
زيادة أسعار الفائدة
وأضاف: قرر البنك المركزي الأوروبي، في اجتماعه الأخير بشأن السياسة النقدية، اتباع نهج "متشدد" وذلك من خلال زيادة أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بدلاً من 25 نقطة أساس، وهذه هي أول زيادة لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي منذ أكثر من عقد.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء وضع سعر الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي خارج المنطقة السلبية لأول مرة منذ 7 سنوات.
واعتبر التقرير أن تشديد السياسة النقدية في منطقة اليورو قد يكون أمراً صعباً، فأوضاع الاقتصاد الكلي لبلدان هذا الاتحاد النقدي متباينة، لا سيما فيما يتعلق بالاحتياجات المالية ومستويات الديون، حيث تعاني بلدان جنوب منطقة اليورو المطلة على البحر الأبيض المتوسط أو البلدان "الطرفية"، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، من عجز مالي أوسع ومستويات مديونية أعلى من اقتصادات الشمال الأكثر تحفظاً من الناحية المالية (ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا).
تدابير تشددية
وأشار بنك قطر الوطني إلى أن اقتصادات جنوب أوروبا أكثر عرضة للتأثر بتطبيق تدابير تشديد نقدي أكثر قوة من قبل البنك المركزي الأوروبي، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة عبء الديون، مما قد يؤدي إلى ظهور ديناميكيات غير مستدامة فيما يتعلق بالائتمان السيادي. في الواقع، مع تضمين الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة في الأسواق، بدأت العوائد في الارتفاع بشكل عام.
وأفاد التقرير بأن السندات الألمانية لأجل 10 سنوات ارتفعت بأكثر من 130 نقطة أساس منذ أواخر العام الماضي، مما يعني أن الهوامش بين السندات الألمانية وسندات بلدان الجنوب الأوروبي اتسعت بشكل كبير خلال نفس الفترة، حيث اقتربت من مستويات الإجهاد التي شوهدت آخر مرة خلال أسوأ مراحل الجائحة.
وأضاف التقرير "تعتبر إيطاليا واليونان في أصعب وضع حاليا، مع اتساع هوامشهما بمقدار 130 و100 نقطة أساس على التوالي، ووفقاً لأدوات قياس القدرة على تحمل عبء الديون، قد تكون العوائد الحالية على السندات الإيطالية واليونانية كافية لبدء جولة أخرى من المناقشات بشأن أزمة الديون في منطقة اليورو".