قدّر بنك قطر الوطني QNB، أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسة "التشديد" خلال الفترة القادمة، حيث سيقوم برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في سبتمبر الجاري و50 نقطة أساس في كل من نوفمبر وديسمبر القادمين، قبل إجراء زيادة أخرى بواقع 25 نقطة أساس في أوائل عام 2023.
وتوقع بنك قطر الوطني، في تقريره الأسبوعي، أن يتوقف الفيدرالي الأمريكي بعد ذلك مؤقتاً عن رفع أسعار الفائدة ليبلغ سعر الفائدة النهائي مستوى يتراوح بين 4.25 و4.5%، مستندا في تقريره إلى ثلاثة أسباب رئيسية تدعم وجهة نظره هذه بشأن أسعار الفائدة.
استمرار التضخم الأمريكي
وأوضح البنك أن أول هذه الأسباب أنه حتى لو انخفض التضخم في الولايات المتحدة بشكل كبير، فإنه سيظل أعلى بكثير من معدل 2% المستهدف، مشيرا إلى أنه في الماضي، في كل مرة اخترق فيها التضخم في الولايات المتحدة حاجز الـ 5%، لم يتم احتواء دوامة ارتفاع الأسعار قبل أن يتم رفع أسعار الفائدة بقوة إلى مستوى كان على الأقل مساوياً في الارتفاع لذروة التضخم.
ولا يتوقع البنك أن تتجاوز أسعار الفائدة "ذروة التضخم" التي من المحتمل أن تكون قد بلغت 9.1% في شهر يونيو من العام الحالي، لكن المعدل النهائي البالغ 3.8% الذي تتوقعه السوق حالياً يبدو مفرطاً في التفاؤل.
ولفت التقرير في سياق استعراض السبب الثاني إلى أنه بالرغم من التباطؤ الأخير، لا يزال الاقتصاد الأمريكي قوياً، مما يسمح بتشديد السياسة النقدية بشكل أكبر.
ويتمتع المستهلك الأمريكي تحديداً بوضع جيد، حيث لدى الأسر ميزانية عمومية قوية مع مستويات عالية من النقد المتاح (15.8 تريليون دولار أمريكي)، ويدعم هذا الأمر الإنفاق الأسري القوي على الخدمات، ويؤدي إلى مستويات عالية من الاستثمارات المحلية الخاصة وضيق في سوق العمل، ومن المرجح أن تجعل مثل هذه الظروف بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر حذراً إزاء التوقف عن رفع أسعار الفائدة في نهاية المطاف.
السبب الثالث والأخير الذي أورده التقرير، تمثل في تشجيع التوازن الحالي للحوافز المؤسسية بنك الاحتياطي الفيدرالي على أن يكون أكثر جرأة، حتى لو كان ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يسبب تباطؤاً اقتصادياً أو اضطرابات مالية أكثر حدة.
تضرر مصداقية الفيدرالي
واعتبر التقرير أن مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تضررت بسبب عدم قدرته على إدراك حجم الصدمة الحالية في التضخم في وقت سابق من العام الماضي. "ومن ثم، لا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي في مرحلة اللحاق بالتضخم وفي رحلة لاستعادة سيطرته على استقرار الأسعار. بعبارة أخرى، فإن الحاجز الذي يستوجب إجراء تحوّل في السياسة النقدية هو أعلى بكثير الآن مما كان عليه في أي من دورات السياسة النقدية على مدار الأربعين عاماً الماضية.
ومن غير المرجح أن يتوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة قبل أن تنخفض معدلات التضخم بشكل كبير لبعض الوقت".
وأوضح تقرير بنك قطر الوطني أنه بشكل عام، قام مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي في ندوة "جاكسون هول" بإعادة ضبط توقعات السوق بشأن رفع أسعار الفائدة. ومن المرجح أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقفه "المتشدد" في المدى القريب، حيث سيكافح من أجل استعادة مصداقيته في سياق يُتوقع أن يظل فيه التضخم فوق المعدل المستهدف بشكل كبير لفترة من الوقت بينما ستظل أسس الاقتصاد الأمريكي قوية نسبياً.
وذكّر التقرير في بداية تحليله الأسبوعي بالندوة الهامة التي ينظمها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول السياسيات الاقتصادية في جاكسون هول بولاية وايومنغ. ويعد هذا الحدث أحد أقدم مؤتمرات البنوك المركزية في العالم، حيث يجمع كبار الاقتصاديين والمصرفيين والمشاركين في السوق والأكاديميين وصانعي السياسات لمناقشة قضايا الاقتصاد الكلي طويلة الأجل.
وعلى الرغم من أن ندوة جاكسون هول تحتل دائماً مكانة هامة في الأجندة الاقتصادية للمستثمرين وصانعي السياسات على حد سواء، إلا أن ندوة العام الحالي اكتسبت أهمية خاصة، فلأول مرة منذ عقود، عُقدت الندوة خلال عملية تطبيع تاريخي للسياسة النقدية وسط معدلات تضخم أعلى بكثير من النسب المستهدفة.