أكدت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، أن التعليم حق أساسي للأطفال في أوقات الاستقرار والأزمات، وأشارت إلى أن التعليم بالنسبة للأطفال في أوقات الطوارئ في جوهره يتعلق بما هو أكثر من الحق في التعليم، كونه يقدم لهم الدعم النفسي والاستقرار لمساعدتهم على تجاوز الصدمات التي يتعرضون لها كل يوم.
وأضافت سعادتها في جلسة "التعليم والتعلّم في أوقات الطوارئ والأزمات الممتدة التي يتضرر فيها الأطفال والشباب"، ضمن فعاليات قمة "تحوّل التعليم"، التي دعا لعقدها في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة خلال أيام 16 و17 و19 سبتمبر الجاري، أن التعليم يوفر إحساسًا بعودة الحياة إلى طبيعتها، ويعزز المرونة، ويدعم عمليات التعافي على المدى الطويل ويعيد بناء مستقبل أفضل.
قمة تحول التعليم
وقد تركّزت فعاليات يوم 16 سبتمبر على التعبئة بقيادة الشباب وشملت المشاركة الكاملة لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، بهدف نقل التوصيات الجماعية للشباب حول تحول التعليم إلى صناع القرار والسياسات، على ضوء إعلان قمة الشباب، فضلا عن التركيز على تعبئة الجمهور العالمي والشباب والمعلمين والمجتمع المدني وغيرهم لدعم تحول التعليم في جميع أنحاء العالم.
أما في يوم 17 سبتمبر (يوم إيجاد الحلول) فقد تضمن مشاركة هامة وفاعلة لسعادة وزير التعليم والتعليم العالي من خلال ثلاث مداخلات في ثلاث جلسات محورية، حول "التعليم والتعلّم في أوقات الطوارئ والأزمات الممتدة التي يتضرر فيها الأطفال والشباب" و"توطين التعليم من أجل مستقبل مستدام " و "تمويل التعليم: الابتكارات في الموارد التمويلية وتوسعة الحيز المالي للتعليم"، وذلك لأهمية هذا اليوم الذي ركز على إيجاد الحلول، وتأكيد التزامات الدول تجاه ما نصت عليه وثائق الالتزامات الوطنية المنبثقة من المشاورات الوطنية والإقليمية التي كانت ضمن التحضيرات للقمة.
الاستثمار في التعليم
وحول مساهمة قطر في المشاريع الإنسانية والتنمية المستدامة، أكدت سعادتها خلال جلسة "التعليم والتعلّم في أوقات الطوارئ والأزمات الممتدة التي يتضرر فيها الأطفال والشباب" أن دولة قطر تعد مساهمًا رئيسيًا في جميع أنحاء العالم، من خلال الاستثمار في التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي.
وزيرة التعليم: "التعليم فوق الجميع" استطاعت الوصول إلى أكثر من 10 ملايين طفل خارج المدارس في 56 دولة ومستمرة في توسيع نطاقها
وأشارت إلى أن صندوق قطر للتنمية خلال العقد الماضي قدم ما يقرب من مليار دولار كمنح لمشاريع تعليمية في 64 دولة، وأن مؤسسة التعليم فوق الجميع استطاعت الوصول إلى أكثر من 10 ملايين طفل خارج المدارس في 56 دولة وتعمل باستمرار على توسيع نطاقها وتأثيرها.
ونوهت سعادة الوزير في كلمتها الافتتاحية بالجلسة بأن مؤسسة التعليم فوق الجميع، واستجابة للفاقد التعليمي أثناء وباء كورونا “كوفيد-19” أنشأت بنكًا مبتكرًا لموارد التعليم مجاني التكلفة ومتعدد التخصصات، ما أدى إلى ضمان استمرارية التعلم لأكثر من 600000 طفل في 170 دولة بالرغم من انخفاض الموارد. وقالت إن المؤسسة أطلقت وشركاؤها مؤخرًا بوابة البيانات “TRACE” لسد الفجوة العالمية للحصول على بيانات موثوقة عالية الجودة، ومتاحة للجميع، تجمع وتصور وتقدم تحليلا منسقا للبيانات المتعلقة بالهجمات على التعليم.
وأوضحت أنه وعلى هذا النحو، تساعد “TRACE” على ضمان توافر بيانات عالية الجودة في شكل سهل الاستخدام لمحاسبة المهاجمين، والدعوة إلى حماية التعليم، والاستجابة للهجمات في الوقت المناسب مما يساهم في دعم المدافعين وصانعي السياسات والمنظمات الإنسانية لفهم تحديات حماية جودة التعليم أثناء ظروف الصراع.
مساعدات لإصلاح التعليم
وفي ختام كلمتها سلّطت سعادتها الضوء على أهمية أن تعمل كافة الأطراف المجتمعة على ضمان تخصيص نسبة أعلى من المساعدات الإنمائية ومن الإنفاق الحكومي لمنظومة التعليم والتعلم، بما يتماشى مع مشروع التزام التعليم في أوقات الأزمات، مبينة أن هذا ليس واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو جوهري من أجل تحقيق التنمية المستدامة وعالم أكثر أماناً للجميع، وأنه يجب أن يعمل الجميع سوياً جنباً إلى جنب لبناء أنظمة تعليمية أقدر على الصمود في مواجهة الأزمات البيئية والصحية والصراعات العنيفة وغيرها من الأزمات الطبيعية والمناخية التي يجب علينا حتماً أن نعد العُدة للتصدي لها.
وفي جلسة "توطين التعليم من أجل مستقبل مستدام"، ألقت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي كلمة افتتاحية أيضا في هذه الجلسة ركزت على أهمية توطين التعليم، وإيلاء اهتمام خاص لقضية ثنائية اللغة والقيم والهوية وتوطين محتوى المناهج الدراسية.
وأعربت عن سعادتها بمشاركة العمل في هذا السياق مع مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع وجمهورية جيبوتي التي تجمعها بقطر قواسم مشتركة، وكذلك المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بدولة قطر.
التركيبة السكانية المتنوعة لدولة قطر تجعل منها بيئة متعددة الثقافات واللغات داعمة للتعايش والتفاهم المتبادل والسالم
وأشارت إلى أن التركيبة السكانية لدولة قطر تتضمن، إلى جانب المواطنين القطريين، عددا هاما من مختلف الجنسيات الأخرى العاملة بالدولة، والمساهمة في تنميتها الوطنية، مما يجعل من دولة قطر بيئة متعددة الثقافات واللغات داعمة للتعايش والتفاهم المتبادل والسالم.
التنمية المستدامة ضرورة
كما أوضحت أن دولة قطر تدرك أهمية التنمية المستدامة كضرورة لازمة لتحقيق الرفاه في المستقبل وإرساء الأمن وتحقيق السلام في العالم، وقالت إن قطر دولة فتية وأغلب سكانها من فئة الشباب، وأن من الأهمية بمكان "أن ننشئ ونربي مواطنين منفتحين على العالم الخارجي، ولكن وبما لا يقل أهمية، أن يكونوا متجذرين في أصولهم الوطنية ويمتلكون حسا بالمسؤولية المدنية، وقيما مثل الاعتزاز بثقافتهم وتراثهم وفهمهم لها، وشعور قوي بالهوية، يرتكز على القيم والمبادئ اللازمة لتحقيق الفائدة لمجتمعهم، والتمكن وإجادة استعمال اللغة العربية، لغتهم الأم، والتواصل مع مجتمعهم والتفاعل مع تحدياته، بما في ذلك التحديات المرتبطة بالاستدامة، على المستوى المحلي، بما يضمن شعورهم بالأمن والانتماء في هذه الأوقات المعقدة والصعبة التي نشهدها".
وبما أن سياق فعاليات يوم "الحلول" قدم فيه أصحاب المصلحة المتعددون من الدول الأعضاء تحالفات للعمل أو مبادرات من شأنها أن تساهم في تحول التعليم، فقد قدمت سعادتها نبذة عن مبادرة دولة قطر "راسخ" منصة التعلم الرقمي الجديدة وهي إحدى مبادرات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والتي تم إطلاقها بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جمهورية جيبوتي والمكتب الإقليمي لليونسكو في دولة قطر.
وتربط هذه المنصة جميع المعلمين والمؤسسات المحلية في دولة قطر، من القطاعين العام والخاص والمؤسسات الرئيسة الأخرى، في آلية مقننة لإرساء المعرفة التي يمكن أن تصل على الفور إلى قاعات الدراسة. وتم تطوير المحتوى على يد فرق من التربويين في مجال التعليم العام (من الروضة إلى الصف الثاني عشر) من ذوي الخبرات المحلية باللغتين العربية والإنجليزية . ويتضمن المحتوى روابط مع أهداف التنمية المستدامة المعنية، واقتران سياق تأثيرها في دولة قطر مع روابط مفصلة بمنهج الدراسة لتسهيل استعمالها في المدارس.
تحديات أمام الطلاب
وأشارت سعادتها إلى التحديات التي يواجهها الطلاب والمتمثلة في عدم توفر المحتويات الحديثة والمحدثة والأكثر فائدة باللغة العربية، وأنه باستعمال منصة التعلم "راسخ" لن يواجه طلابنا الناطقون باللغة العربية هذه المشكلة بعد الآن، وفي الوقت نفسه، سيتمكن الطلاب غير الناطقين باللغة العربية في دولة قطر، في مدارسنا الخاصة، من الحصول على مواد تعليمية باللغة الإنجليزية مصممة محليا ومرتبطة بالسياق الوطني.
واختتمت كلمتها بالقول "بأنه لا تفاضل بين أن نكون مواطنين منفتحين على الخارج في تعليمنا وفي وجهات نظرنا، وبين تعليم طلابنا على ترسيخ المواطنة في بلداننا، وأنه إن أردنا أن يدعم التعليم فعليا تحقيق أهدافنا للتنمية المستدامة، وإن أردنا فعليا أن تكون أنظمتنا التعليمية ذاتها مستدامة، يتوجب علينا توطين محتوى التعليم وطرائقه لكي نضمن توفير تعليم يلبي احتياجات الجميع، ويناسب الثقافة الوطنية".
وفي الجلسة التي عنوانها "تمويل التعليم: الابتكارات في الموارد التمويلية وتوسعة الحيز المالي للتعليم " نوهت سعادة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي في بداية الكلمة التي ألقتها بالأهمية البالغة لمحور الجلسة الذي يهدف للتوصل إلى حلول تتعلق بمسار العمل الخامس وهو تمويل التعليم، إذ إنه إحدى القضايا الرئيسية في قمة تحول التعليم.
وذكرت أنه مع اقتراب الجميع من الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في عام 2030، يجب على الدول أن تفي بالوعود التي قطعتها في إتاحة تعليم جيد لكل طفل. وقالت إن هذا الأمر يتطلب حتما استثمارا أكبر في التعليم، وأنه بما أن لدى العديد من البلدان سعة مالية محدودة لا تسمح لها بزيادة الإنفاق على التعليم، يجب علينا البحث عن طرائق مبتكرة بغية تخفيف حدة الضغوط المالية وزيادة مخصصات تمويل التعليم، من خلال تدبر وطرح حلول مبتكرة في مسعى نحو التعاطي مع التحديات التي تواجه التعليم على الصعيد العالمي، وذلك من خلال التوصل إلى أفضل السبل للاستثمار والإنفاق على التعليم بفعالية وكفاءة سواء كنسبة من الإنفاق الكلي أو كقيمة حقيقية.
إنجازات تعليمية ملموسة
وأشارت سعادتها إلى إنجازات مؤسسة التعليم فوق الجميع الدولية من خلال برنامج علم طفل، حيث استطاعت تمويل ما يقارب 950 مليون دولار أمريكي من مبلغ إجمالي 2.3 مليار دولار تم استثماره مع الشركاء العالميين في توفير التعليم الابتدائي لأكثر من 14 مليون طفل محروم من التعليم حول دول العالم.
وأضافت أن تجربة برنامج علم طفلا مثال حي نستطيع جميعا أن نقتدي به لنعمل سويا مؤكدة أن الاحتمالات لا محدودة في هذا الجانب وستصب في مصلحة أولئك الذين طالهم التهميش تعليميا.
وبينت سعادتها أن دولة قطر تدعم وبشدة الدعوات الموجهة إلى الدول المانحة لتخصيص نسب أعلى من المساعدات الإنمائية الرسمية بشكل مباشر إلى التعليم والتدريب، وأنها تؤيد أيضا الآلية المقترحة لإتاحة الفرصة للبلدان المثقلة بالديون لإعادة هيكلة وجدولة ديونها، وبالتالي توفير جزء من أموال فوائد الدين. ودعت المشاركين من البنك الدولي إلى الإسهام في التوصل إلى فهم أفضل لخيارات زيادة مخصصات التعليم في الموازنات كما دعت "منظمة الشراكة العالمية من أجل التعليم"، إلى المساعدة في وضع استراتيجيات مبتكرة لزيادة السعة المالية للتعليم.
كما أشارت إلى النهج الذي تتبناه دولة قطر تجاه قضية تمويل التعليم على الصعيدين الوطني والعالمي، وأنها تولي ذلك اهتماما بالغا، وأظهرت التزامها اتجاه طلابها وطلاب العالم باتخاذها قرارا واعيا بالاستثمار في التعليم، لإيمانها بأن التعليم هو ركيزة النمو الاجتماعي، وأن دولة قطر جزء من النظام البيئي العالمي.