أشاد سعادة السيد فلاديمير فورونكوف وكيل أمين عام الأمم المتحدة ومدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالجهود التي تبذلها دولة قطر، لدعم عمل المكتب ومساندته في مكافحة الإرهاب، معتبرا أن قطر الدولة الوحيدة التي تدعم جميع الركائز الثلاث لعمل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهي السياسية، والتنسيق، وأنشطة بناء القدرات والمساعدة الفنية للدول الأعضاء.
وأشار سعادته، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا" من نيويورك، إلى أن التعاون مع قطر "استراتيجي ومبتكر"، حيث يتم مناقشة تهديد الإرهاب على النطاق العالمي خلال الحوارات الإستراتيجية، ومن ثم اتخاذ الخطوة الأولى في اختيار الأنشطة البرامجية ماليا وسياسيا، بدعم من قطر، وتنفيذها من قبل المكتب ومختلف الدول الأعضاء.
وأوضح فورونكوف أن المكتبين اللذين تأسسا في الدوحة، جاءا ضمن آليات التنفيذ، فأحدهما حول الرؤى السلوكية، والثاني حول الانخراط البرلماني، مما يعني أن الجزء الأكثر صعوبة من أجندة مكافحة الإرهاب وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج يقوم على نتائج علمية مستنتجة، هذه النتائج يتم تنفيذها في أنشطة برامجية على أرض الواقع في دول عديدة.
قطر شريك فاعل
وتواصل دولة قطر الاضطلاع بمسؤولياتها كشريك فاعل في المجتمع الدولي، بدور نشط في الحفاظ على الأمن ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، واتخاذ الإجراءات اللازمة لدحر الإرهاب والتطرف، من خلال التعاون الثنائي والإقليمي المتعدد الأطراف مع البلدان والمؤسسات المعنية.
وتأتي مكافحة الإرهاب ضمن أولويات سياسة دولة قطر على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وفي واحدة من الخطوات الملموسة التي اتخذتها الدولة لمكافحة الإرهاب، وقعت اتفاق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) في ديسمبر 2018، لإنشاء مكتب تابع للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الدوحة، وفي أعقاب ذلك، عقدت دولة قطر والمكتب في مارس 2019، الحوار الاستراتيجي الأول في مقر الأمم المتحدة.
فلاديمير فورونكوف: مكتب الدوحة قام بعمل ملموس للغاية بتوليه صياغة النصوص التشريعية النموذجية لأجندة مكافحة الإرهاب
وأشار فلاديمير فورونكوف إلى أن مكتب الدوحة قام بعمل ملموس للغاية، حيث يتولى صياغة النصوص التشريعية النموذجية لأجندة مكافحة الإرهاب، وأشار في حديثه عن دور المكتب في قطر، إلى تنظيم المكتب للمنتدى السنوي الأول للمستفيدين من المساعدة التقنية في مجال مكافحة الإرهاب في الدوحة في مارس الماضي، والذي شهد مشاركة واسعة من الدول المستفيدة والمانحة، وتم تبادل الآراء مباشرة حول مدى فعالية الأنشطة، والاستماع إلى الدول الأعضاء حول ما يجب أن يتم تصحيحه من نصوص وتشريعات وما إلى ذلك من أمور فنية أخرى.
أنشطة برامجية جديدة
وأوضح أن مكتب مكافحة الإرهاب يمتلك العديد من الأنشطة البرامجية الجديدة، مثل الأمن الرياضي، مذكرًا أن العالم على مقربة من الحدث الرياضي الأهم والأكثر شعبية، وهو كأس العالم FIFA قطر 2022، وتابع "نعمل عن كثب مع مختلف المؤسسات القطرية على القضايا الرياضية والأمنية، ولدينا برنامج جيد يتم تنفيذه عالميًا بدعم من دولة قطر في مجال الأمن الرياضي".
وأضاف، هناك تعاون آخر بين المكتب وقطر في برنامج "مكافحة الإرهاب للسفر"، وهو نوع من البرامج الرقمية التي تستخدمها الجهات المعنية بالأمن في دول عديدة لمنع السفر المحتمل للإرهابيين، ويعمل على نحو جيد للغاية، وكذلك برنامج آخر يسمى "خلايا الاندماج" وهو تكنولوجيا حديثة حول كيفية تنظيم التعاون بين وكالات إنفاذ القانون والأمن وجهات حماية حدود الدولة، وثبت فعالية هذا البرنامج من خلال التطبيق.
وأشار فورونكوف إلى إنه زار عددا كبيرا من الدول التي تضررت من الإرهاب، مؤكدا أن قضية انخراط الشباب في الأنشطة الارهابية تعتبر واحدة من المشاكل الأكثر صعوبة، ولحل هذه المشكلة يجب أن يكون هناك ارتباط قوي جدا بين السلام والأمن والتنمية.
طاقة شبابية مهدرة
وتابع، التعليم أيضا أمر مهم، ففي كثير من الأحيان وجدنا أن هناك نسبة لا يستهان بها من الشباب تترك التعليم للعمل، وهو ما نعتبره إهدار لطاقات الشباب، ونعمل على تصحيح الوضع بقدر المستطاع ودمج هؤلاء الشباب في العملية التعليمية، أو إحداث تغير حقيقي في حياتهم وإبعادهم عن محاولات انجرافهم في اتجاه تيارات إرهابية.
ولفت سعادة السيد فلاديمير فورونكوف وكيل أمين عام الأمم المتحدة ومدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لـ"قنا" إلى أن الأمم المتحدة تلعب دورا حاسما في مكافحة الإرهاب، الذي يعتبر جزءا من المشهد الأمني في الدول المتقدمة والفقيرة على حد سواء، ومن المهم أن نقضي على الفقر أولا للحد من تهديدات الإرهاب، لكن هذا ليس كافيا، حيث يجب أن يكون هناك نهج شامل لمعالجة المشكلة، فعلى سبيل المثال، نجد أن انعدام الاستقرار السياسي يخلق بيئة مواتية لانتشار الإرهاب، وهو ما تظهره البيانات المعلنة في هذا الخصوص، ففي مناطق الصراعات تجد الإرهاب ينتشر بسرعة كبيرة، أما في المناطق الهادئة والمسالمة يكاد يكون معدوما أو يكون انتشاره بطيئا.
وقال وكيل أمين عام الأمم المتحدة مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب إن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب هو الأحدث في مكاتب الأمم المتحدة، وتأسس في يونيو 2017، وكانت تجربة فريدة للأمم المتحدة خلال الـ25 عاما الماضية، حيث كان هناك تفاهم مشترك بين الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بأن الإرهاب كارثة عالمية يجب التعامل معها على نحو فعال، ولكي يحدث ذلك يجب أن يكون هناك أداة دولية، وعلى هذا الأساس تأسس المكتب، حيث لا توجد دولة واحدة في العالم محصنة ضد الإرهاب، والاستجابة العالمية يجب أن تكون ملائمة لحجم التهديدات الإرهابية، وهذه هي الفلسفة السياسية للمكتب، وقد تم اتخاذ قرار تأسيس المكتب بالإجماع.
مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب يقوم بتنسيق الأنشطة بين الكيانات المختلفة بالأمم المتحدة لمنع التطرف العنيف
وأوضح أن المكتب يضطلع بمهام استراتيجية وسياسية لمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، ويقوم بأقصى ما بوسعه في هذا السياق، كما يقوم بتنسيق الأنشطة بين الكيانات المختلفة بالأمم المتحدة من أجل التصدي للإرهاب ومنع التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب، كما أنه يقدم الكثير من المساعدات الفنية والدعم لبناء القدرات في الدول الأعضاء، لمساعدتهم في صنع سياسات مكافحة الإرهاب وجعلها أقوى، والمكتب لا يفرض على الدول نهج أو آلية خاصة، لكنه يوفر التعاون والتنسيق والتفاهم المشترك للمضي قدما.
وأضاف فورونكوف، "تنفيذ توصيات المكتب يعود للدول الأعضاء في المقام الأول، إلا إذا طلب من مكتب مكافحة الإرهاب تقديم الدعم أو عمل تقييمات"، مشيرا إلى الاستفادة الكبيرة للدول الأعضاء من المساعدات الفنية وبرامج بناء القدرات، ففي عام 2021، تم تنظيم 676 نشاطا لبناء القدرات، بما في ذلك 155 فعالية توعوية مع الدول الأعضاء، و33 اجتماع خبراء، و204 ورش عمل.
أجندة مكافحة الإرهاب
ونوه بأجندة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، حيث يتم تحديث استراتيجية مكافحة الإ رهاب العالمي كل عامين، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن النقاشات الأخيرة كانت مكثفة، وهناك وثيقة شاملة حول كيفية المضي قدما في أجندة مكافحة الإرهاب، لا تتضمن فقط منع أو اجتثاث آفة الإرهاب، بل كذلك حقوق الإنسان وانخراط المجتمع المدني.
وقال "لأن الإرهاب ظاهرة شاملة، ونحن بحاجة للرد على هذه الظاهرة بصورة جدية وشاملة، ويجب أن تشارك المجتمعات المدنية والحكومات والمجتمعات المحلية في هذا الأمر".
كما أوضح أن المكتب يقوم أيضا بعمل تحليلات للوضع فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ويتم تقديمها الى مجلس الأمن مرتين سنويا، كما لدينا هيكل تنسيق فريد في منظومة الأمم المتحدة، والميثاق العالمي لمكافحة الإرهاب، وهي هيئة تجمع حوالي 45 كيانا أمميا وغير أممي للتعامل مع مشكلة الإرهاب، والمكتب يحاول تجنب ازدواجية الجهود، ويحاول توفير التمويل واستغلال قدرات الكيانات بطريقة مناسبة.