جاء تبني الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع مبادرة دولة قطر بتخصيص يوم عالمي للقاضيات، واعتماد العاشر من مارس يوما عالميا لهن، تتويجا للجهود القطرية الرائدة في تعزيز دور المرأة في كافة المحافل والمجالات لاسيما في السلك القضائي، واعترافا بما تقدمه المرأة في كافة المجالات ودورها المهم في بناء مستقبل الأمم.
ففي شهر فبراير من العام 2020، تقدمت دولة قطر خلال الاجتماع الثاني رفيع المستوى للشبكة العالمية للنزاهة القضائية التابعة لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي استضافته دولة قطر بمبادرة مشروع تبني يوم عالمي للقاضيات، والذي تضمنه البيان الختامي للاجتماع، وبعد جهود مقدرة للدبلوماسية القطرية، ممثلة بالوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وبدعم ومساندة قدمتها أكثر من 70 دولة حول العالم، تبنت الدورة الخامسة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروع القرار القطري بالإجماع، وتم اعتماد العاشر من مارس يوما عالميا للقاضيات.
تمكين النساء والفتيات
وأشار قرار الجمعية العامة إلى خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وأن المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات سيسهمان مساهمة حيوية في إحراز تقدم في تحقيق جميع أهداف وغايات التنمية المستدامة، مؤكدا على مراعاة "المنظور الجنساني" في تنفيذ خطة عام 2030.
وأكد القرار على المشاركة النشطة للمرأة على قدم المساواة مع الرجل في صنع القرار على جميع المستويات كأمر أساسي لتحقيق المساواة والتنمية المستدامة والسلام والديمقراطية، كما أكد على الالتزام بصوغ وتنفيذ استراتيجيات وخطط وطنية ملائمة وفعالة من أجل الارتقاء بمركز المرأة في نظم ومؤسسات العدالة القضائية على صعيد المراتب القيادية والإدارية وغيرها.
ودعا القرار جميع الدول الأعضاء وكيانات منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى والمجتمع المدني، وسائر أصحاب المصلحة المعنيين إلى الاحتفال باليوم الدولي للقاضيات كل عام بأنسب طريقة، بما في ذلك من خلال أنشطة التثقيف والتوعية العامة، من أجل تعزيز المشاركة الكاملة للمرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع مستويات السلك القضائي.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) September 21, 2022
الدكتورة منى المرزوقي القاضية في محكمة قطر الدولية:
عمل المرأة في السلك القضائي هو ترجمة واقعية لالتزام دولة #قطر بدعم المرأة في أحد أهم المسارات المهنية عالميا#قنا pic.twitter.com/uEw4WJtWhR
وتعتبر هذه المبادرة مناسبة سنوية لإعادة التأكيد على أهمية مشاركة المرأة في المؤسسات العامة، ومنها القضاء، والتزام المجتمع الدولي بأن اتخاذ القرار التشاركي والتمثيلي على جميع المستويات يتطلب التوازن بين الجنسين.
وقد جاء الدستور الدائم لدولة قطر ليؤكد على الدور الفاعل للمرأة، ويعزز حقوقها، فكرس مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ونص على منع التمييز بسبب الجنس، وعلى تكافؤ الفرص في التمتع بالخدمات والمشاركة في جميع المجالات على قدم المساواة. كما تم اعتماد التشريعات والسياسات والاستراتيجيات الوطنية، وأنشئت الآليات المعنية بتمكين المرأة وتعزيز قدراتها وإتاحة الفرص لها للإسهام بفاعلية في تنمية المجتمع والدولة.
تعزيز دور المرأة
وعكست رؤية قطر الوطنية 2030 تلك المبادئ الدستورية، والتشريعات القانونية، فأكدت على دعم دور المرأة في المجتمع، وتعزيز قدراتها وتمكينها من المشاركة في مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية والسياسية، وخاصة تلك المتعلقة بصناعة القرار. وشددت على أن التطور الاجتماعي المنشود في إطار الرؤية يعني إتاحة فرص علم وعمل متساوية لجميع المواطنين، بصرف النظر عن خلفيتهم وجنسهم.
وقد عملت دولة قطر على تعزيز دور المرأة في مهنة القضاء، حيث بلغت نسبة تواجد المرأة القطرية في السلك القضائي، 13 بالمئة من نسبة القضاة القطريين، ونسبة إشغال المناصب القيادية المتقدمة والمتوسطة في الكادر الإداري للمجلس الأعلى للقضاء 30 بالمئة في حين أن نسبة أشغال النساء لوظائف القضاء الإدارية ككل، تقارب 42 بالمئة وهي انعكاسات ملموسة لدور المرأة القطرية في السلك القضائي.
وأكدت دولة قطر في بيان أدلت به سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، قبل اعتماد مشروع القرار، أن "هذا اليوم الدولي للقاضيات مناسبة سنوية لإعادة التأكيد على أهمية مشاركة المرأة في المؤسسات العامة ومنها القضاء، والتزام المجتمع الدولي بأن اتخاذ القرار التشاركي والتمثيلي على جميع المستويات يتطلب التوازن بين الجنسين".
د. حسن المهندي: الهدف من المبادرة هو تعزيز وجود المرأة في القضاء وأن يكون تقلدها لمهمة القضاء أمرا بديهيًا مسلمًا به
من جانبه، أوضح سعادة الدكتور حسن بن لحدان الحسن المهندي رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز: أن الهدف من إطلاق هذه المبادرة، هو تعزيز وجود المرأة في القضاء، وأن يكون تقلدها لمهمة القضاء أمرا بديهيا ومسلما به، كباقي المجالات المهنية.
وتطرق سعادته إلى المساعي لتعزيز تواجد المرأة في السلك القضائي ومنها وجود خطة للأعلى للقضاء لاستقطاب طالبات كليات القانون للقطاع القضائي بالمجلس.
وأكد على الالتزام الثابت لدولة قطر ولسلطتها القضائية بتعزيز ودعم الدور الذي تؤديه المرأة على المستوى المهني وتعزيز أدوارها في السلك القضائي، وذلك انطلاقا من محوريتها الدائمة في كل الجهود الدولية نحو بلوغ أهداف التنمية المستدامة والتي تقع في جوهرها ملفات تعزيز دور المرأة في مهنة القضاء.
ونوه سعادة الدكتور المهندي بتوجه دولة قطر وسلطتها القضائية لدعم دور المرأة مهنيا وإنسانيا وتعزيز جهودها في السلك القضائي والنابع من محوريتها الدائمة في كل الجهود الدولية الماضية نحو إدراك أهداف التنمية المستدامة والتي تقع في جوهرها ملفات تمكين المرأة في كل مجالات الحياة.
د. منى المرزوقي: عمل المرأة في السلك القضائي هو ترجمة واقعية لالتزام دولة قطر بدعمها في أحد أهم وأدق المسارات المهنية عالميًا
من جهتها، أكدت الدكتورة منى المرزوقي القاضية في محكمة قطر الدولية، أن عمل المرأة في السلك القضائي هو ترجمة واقعية لالتزام دولة قطر بدعم المرأة في أحد أهم وأدق المسارات المهنية عالميا، ما يرسخ حرص قطر على تنفيذ التزاماتها الدولية واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية.
المرأة في القضاء
وشددت المرزوقي، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، على أن اهتمام دولة قطر بتعيين المرأة في المناصب القضائية ينسجم مع تحقيق خطط التنمية بالدولة في ضوء أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بتحقيق العدالة واحترام سيادة القانون التي وضعتها الأمم المتحدة للدول الأعضاء.
وقالت: إن تمكين المرأة وحصولها على الفرص المتكافئة في العمل من أبرز ما قامت وما تقوم به دولة قطر للنهوض بدور المرأة في المجتمع، لاسيما في السلك القضائي، وهو ما يعزز نهج دولة قطر منذ عقود في منح المرأة مناصب قيادية محلية ودولية، مشيرة إلى أن دولة قطر تعي أن حضور المرأة في هذه المهنة الدقيقة يرسخ لنظام قضائي يتميز بالنزاهة والشمول والتنوع.
وأوضحت أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت في أبريل عام 2021، على قرار بتوافق الآراء ليكون العاشر من مارس كل عام يوما دوليا للاحتفال بالمرأة القاضية، وذلك عقب مبادرة من دولة قطر لاقت ترحيبا عربيا ودوليا، ما يؤكد مكانة دولة قطر ومبادراتها البناءة التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، مشددة على أن تجسيد المبادرة القطرية على أرض الواقع يعني التأكيد على حرص دولة قطر منح المرأة فرصة المشاركة في جميع مرافق الدولة بشتى أنواعها، وتقدير لجهود المرأة واحتفاء بما أنجزته في السلك القضائي، وإلهام قاضيات الغد وتشجيعهن على الانخراط في السلك القضائي، ومشاركة المجتمع في تحقيق العدالة.
وثمنت الدكتورة منى المرزوقي، في ختام تصريحاتها لـ "قنا"، جهود دولة قطر في تشجيع المرأة للعمل في السلطة القضائية، وذلك بتقديم التوعية والتثقيف اللازمين من خلال الفعاليات المختلفة لتحفيز طالبات وخريجات القانون للانخراط في السلك القضائي، علاوة على تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالمرأة القاضي ليكون بمثابة حافز إيجابي للقاضيات لمواصلة جهودهن في هذا المجال على الرغم من تحدياته، ووضع الخطط الاستراتيجية للنهوض بدور المرأة في المرفق القضائي وتوسيع مشاركتها فيه.