منذ انضمامها إلى عضوية الأمم المتحدة في عام 1971، حرصت دولة قطر على دعم مبادرات الأمم المتحدة في مختلف المجالات، عبر التعاون الوثيق مع مختلف الهيئات الأممية المعنية بما في ذلك دعم جهود التنمية الدولية، والحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتعزيز حقوق الإنسان، وتوفير الإغاثات الإنسانية، وغيرها من المبادرات الجماعية التي يتم اتخاذها لمعالجة تحديات حالية أو أخرى مستقبلية تواجه العالم.
وتفخر قطر بما بلغته من مكانة متميزة في الأمم المتحدة، ودور فاعل يشار له من قبل المنظمة الدولية والدول الأعضاء إزاء القضايا المطروحة على الساحة الدولية، حيث تعرف دولة قطر بشراكاتها الجادة والمثمرة مع أجهزة الأمم المتحدة، علاوة على إنجازاتها واحترامها للالتزامات الدولية ومبادراتها في مختلف المجالات، لدعم العمل الدولي المتعدد الأطراف لمواجهة التحديات المشتركة.
شريك موثوق
وترجمة للشراكة القائمة بين دولة قطر والأمم المتحدة، أصبحت الدوحة -التي تنظر الأمم المتحدة لها كمنصة عالمية مرموقة للحوار- مركزا أمميا للعديد من المنظمات الرئيسية للأمم المتحدة، وهو ما يمثل رسالة بالغة الأهمية والدلالة بأن دولة قطر في صدارة دول المنطقة التي يعول عليها كشريك موثوق به للأمم المتحدة.
وتتويجا لتلك الشراكة وللدعم القطري لمبادرات الأمم المتحدة فقد أعلنت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة أنه من المؤمل أن يتم افتتاح (بيت الأمم المتحدة في الدوحة) خلال انعقاد المؤتمر الخامس للبلدان الأقل نموا الذي تستضيفه دولة قطر في الربع الأول من العام المقبل.
وسيضم بيت الأمم المتحدة مكاتب للمنظمات الأممية تشمل: صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، والمركز الإقليمي للتدريب وبناء القدرات في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية، ومركز التحليل والتواصل التابع لمكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومكتب الأمم المتحدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمركز الدولي بالدوحة المعني بتطبيق الرؤى السلوكية على التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب.
بيت الأمم المتحدة
ويأتي تدشين بيت الأمم المتحدة كإحدى ثمرات دعم دولة قطر الذي تم الإعلان عنه عام 2018 على هامش منتدى الدوحة لتمويل منظمات الأمم المتحدة بنصف مليار دولار بهدف تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين وينطلق من عمق العلاقة الصلبة والراسخة بين دولة قطر ومؤسسات الأمم المتحدة المختلفة، واتساقاً مع سياسة دولة قطر الخارجية ومسؤوليتها المشتركة كشريك فاعل في المجتمع الدولي نحو تحقيق السلم والأمن الدوليين وتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب والتحديات المشتركة الأخرى.
ولم يكن ذلك يأتي من فراغ فقد حصدت دولة قطر المرتبة السادسة عالمياً والأولى عربيا كأحد أكبر المساهمين في الصناديق متعددة الشركاء لعام 2017، انطلاقا من إيمانها الراسخ بأهمية تعزيز التعاون الدولي للوصول إلى الغايات المنشودة في إطار شراكة دولية فاعلة لتعزيز المقاصد السامية لميثاق الأمم المتحدة وتحقيق الرفاه البشري.
وخلال منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي المعني بمتابعة تمويل التنمية لعام 2022، والذي انعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في إبريل الماضي؛ قال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، إن إجمالي التمويل الذي التزم به صندوق قطر للتنمية خلال عام 2020، تجاوز مبلغ 533 مليون دولار أمريكي، وذلك عبر تخصيص التمويل للعديد من الشركاء في مجال التنمية والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة.
وأوضح أن صندوق قطر للتنمية وقع اتفاقية شراكة مع التحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI)، للفترة من 2021 ـ 2025، من خلال تقديم مساهمة بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي لدعم جهود التحالف من أجل وصول اللقاحات بشكل عادل ومستدام إلى البلدان منخفضة الدخل، وذلك انسجاما مع الأهمية التي توليها دولة قطر لتعزيز الدعم الدولي لضمان تيسير الوصول إلى اللقاحات.
كما كانت دولة قطر مستثمرا مؤسسا في شبكة مختبرات تسريع الأثر الإنمائي التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وخصصت مساهمة متعددة السنوات بإجمالي 20 مليون دولار أمريكي لدعم شبكة المختبرات التي تقدم حلولا وتدابير مبتكرة للتحديات الحالية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا ، والتي أظهر عملها تأثيرا حيويا على حياة الكثيرين حول العالم.
شراكات ومشاريع
وتعددت شراكات واتفاقيات صندوق قطر للتنمية باعتباره الجهة المكلفة بتنسيق وتنفيذ مشاريع مساعدات التنمية الخارجية بالإنابة عن دولة قطر في مجالات عدة؛ وفي يوليو من العام الجاري وقع صندوق قطر للتنمية اتفاقية مع برنامج الغذاء العالمي (WFP) لدعم الموارد الأساسية بقيمة 10 ملايين دولار لتلبية احتياجات الأمن الغذائي الأساسية ، وقبلها في نوفمبر 2021 وقع اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساهمة مالية بقيمة 90 مليون دولار لتأمين المساعدات الغذائية إلى ما يربو على 7 ملايين شخص، هم بحاجة ماسة إلى الغذاء في اليمن.
ويأتي الدعم القطري لمبادرات الأمم المتحدة عبر التعاون الوثيق مع مختلف الهيئات الأممية المعنية، بما فيها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، إضافة إلى مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
ففي مجال تحالف الحضارات، دعمت قطر بقوة مبادرة إنشاء تحالف الحضارات الذي يضطلع اليوم بدور فاعل في الترويج لثقافة السلام، وواصلت دعمها لهذا التحالف، من أجل زيادة قدرته على الاضطلاع برسالته، واستضافت المنتدى العالمي الرابع لتحالف الحضارات في الدوحة في شهر ديسمبر من العام 2011.
وقد قدمت قطر عملا استثنائيا في قيادة المبادرات الدولية، ووقعت على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بالإضافة إلى مبادراتها الفردية، وخلال الفترة من 2000 إلى 2014 وحدها، تبرعت قطر إلى أكثر من 41 هيئة أو كيانا تابعا للأمم المتحدة.
حقوق الإنسان
وفي مجال حقوق الإنسان، تستضيف الدوحة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية بالدوحة، الذي تم افتتاحه رسميا في مايو 2009، حيث ينهض المركز بدور كبير في المنطقة لرفع الوعي بموضوع حقوق الإنسان.
كما دعمت قطر خطة العمل العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر منذ اعتمادها، وبالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وجامعة الدول العربية، قامت قطر برعاية المبادرة العربية لبناء القدرات الوطنية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر في الدول العربية.
وكجزء من التزامها طويل الأمد تجاه الأمم المتحدة والدول الأقل نموا، وقعت دولة قطر اتفاقية مع الأمم المتحدة في أكتوبر 2021 لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة الخامس لأقل البلدان نموا. وتوج المؤتمر باعتماد برنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نموا للعقد 2022 -2031 والذي من شأنه أن يساعد هذه الدول على مواجهة التحديات الناجمة عن وباء كوفيد-19، فضلا عن الأزمات الاقتصادية والتغير المناخي.
وفي أكتوبر 2021، تعهدت دولة قطر بمبلغ إضافي قدره 16 مليون دولار أمريكي لدعم الجهود الدولية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمكافحة الفقر والتغير المناخي وعدم المساواة في جميع أنحاء العالم.
دعم قطري
كما تضمنت الاتفاقيات تعهدا من دولة قطر بتقديم دعم سنوي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا”، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي شهر مارس من عام 2021، وقعت دولة قطر والأمم المتحدة اتفاقيتين لافتتاح مكتبين جديدين تابعين للمنظمة في الدوحة. وبموجب الاتفاق، سيتم إنشاء مكتب تابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم جهود وسبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة عالميا، فيما سيدعم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مهمة الأمم المتحدة المتمثلة في تنسيق العمليات الإنسانية العالمية من خلال الشراكات مع الجهات الوطنية والدولية.
كما طرحت قطر عدة مبادرات إنسانية وإنمائية على الصعيد الدولي، منها مبادرة “هوبفور” لتعزيز فعالية وتنسيق استخدام أصول الدفاع العسكري والمدني لمواجهة الكوارث الطبيعية.
وفي 9 سبتمبر من العام 2020، أحيت مؤسسة التعليم فوق الجميع إلى جانب شريكيها العالميين “اليونيسف” و”اليونسكو” اليوم الدولي الأول لحماية التعليم من الاعتداءات، وذلك عقب إجماع قادة ونشطاء العالم على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية وملموسة لحماية التعليم من الاعتداءات.
وفي إبريل 2022، واصلت دولة قطر شراكتها مع مختلف هيئات الأمم المتحدة. وتوجت أحدث هذه الشراكات بتوقيع وزارة الرياضة والشباب في الدولة مذكرة تفاهم مع اليونيسف لتحسين التعاون في القضايا المتعلقة بالتمكين الاجتماعي والاقتصادي وإدماج الشباب القطري.
ويعكس الحضور القطري القوي في المبادرات الأممية، التزام الدوحة وإيمانها بأهمية الشراكة الإستراتيجية مع الأمم المتحدة، لتعزيز الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لحفظ الأمن والسلم الدوليين ومنع النزاعات، ودعم عملية التنمية وتعزيز حقوق الإنسان، والمشاركة في العمل الجماعي ككل بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم.