افتتحت متاحف قطر، اليوم الثلاثاء، متحف الفن الإسلامي في حلته الجديدة، بعد مشروع إعادة تأهيل استمر لمدة عام لتحسين المرافق، وإعادة تصور وتركيب صالات عرض مجموعته الدائمة، بالإضافة إلى تدشين ساحة الأعلام.
حضر حفل التدشين سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الرياضة والشباب، وسعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، وسعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزير التنمية الاجتماعية والأسرة.
كما حضر الحفل سفراء ودبلوماسيون ومبعوثون ثقافيون يمثلون جميع الدول التي يتم الاحتفال بها في إطار العام الثقافي "قطر - الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا 2022".
الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني: تعد ساحة الأعلام رمزًا شاملا للمجتمع المتنوع الذي نرحب به في قطر وللروابط العميقة التي تنبثق من التفاعل بين الثقافات
وقالت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر في تصريح بهذه المناسبة: "تعد ساحة الأعلام رمزًا شاملا للمجتمع المتنوع الذي نرحب به في قطر، وللروابط العميقة التي تنبثق من التفاعل بين الثقافات. تتجلى دلالتها بشكل جميل في عمل نجلاء الزين الفني، والذي سيكون تذكرة دائمة بترابطنا العالمي. وأدعو شعب قطر وكل من يزور هذا البلد إلى الاستفادة من هذا الفضاء الجديد، ولنجتمع هنا للاحتفال بإنسانيتنا المشتركة".
وأضافت سعادتها: "إنه لمن دواعي الفخر والسرور أن نعيد افتتاح متحف الفن الإسلامي، الذي يدعو أفراد المجتمع لاستكشاف المتحف بحلته الجديدة، وأيضا الزوار الجدد، ومنهم هذا العدد الكبير من الزوار الذين سيأتون لحضور مباريات كأس العالم، لتجربة استكشاف المتحف لأول مرة".
وأكدت سعادتها أن افتتاح متحف الفن الإسلامي، الذي ما زال يمثل إحدى أهم التجارب التي تعبر عن تراثنا وثقافتنا، عام 2008، يمثل نقطة تحول بالنسبة لدولة قطر، حيث كان إيذانا بظهور الدولة كوجهة ثقافية جديدة على مستوى العالم، ومهد الطريق لإنشاء متاحف ومؤسسات ثقافية أخرى في المنطقة.
وتابعت: "نحن نتطلع إلى المحطة التالية لمؤسستنا، والتي تأتي في أعقاب انطلاق مبادرة "قطر تبدع"، وهي سلسلة واسعة النطاق من البرامج الثقافية، تعرض وتشجع أفضل التجارب الثقافية التي تقدمها قطر للمساعدة في تحسين حياة جميع مقيميها وزوارها. لقد اجتمع الكثير من الأشخاص معا لجعل اليوم حقيقة واقعة، وإنني أشكرهم على دعمهم والتزامهم الدائم بتقديم ثقافتنا وتاريخنا إلى أفراد مجتمعنا".
وتعتبر ساحة الأعلام التي جرى تدشينها وجهة مجتمعية جديدة أطلقها برنامج الأعوام الثقافية، التبادل الثقافي الدولي، الذي يعمق التفاهم بين الأمم والشعوب، والذي بدأ عقب فوز قطر باستضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وتقع ساحة الأعلام بالقرب من حديقة متحف الفن الإسلامي وهي بمثابة مساحة جديدة للتجمعات، وموقعًا للمهرجانات والاحتفالات وغيرها من الفعاليات.
عائشة غانم العطية: مبادرة الأعوام الثقافية تسعى إلى اغتنام أي فرصة لتعزيز الروابط بين الشعوب
من جهتها، قالت السيدة عائشة غانم العطية مدير إدارة الدبلوماسية الثقافية في متاحف قطر: إن مبادرة الأعوام الثقافية تسعى إلى اغتنام أي فرصة لتعزيز الروابط بين الشعوب، وأضافت: "إننا نؤمن بأن الثقافة هي إحدى أكثر الأدوات فاعلية للتقريب بين الشعوب، وتشجيع الحوار، وتعميق التفاهم بين الأمم. ستكون ساحة الأعلام أحد هذه المواقع الفعلية للاحتفاء بالثقافات المختلفة، وجمع الناس معا لإنشاء روابط جديدة".
بدورها، قالت السيدة شيخة النصر، نائب المدير للشؤون المتحفية، بمتحف الفن الإسلامي أثناء الجولة التعريفية بصالات العرض التي شملها التجديد: "إن المتحف بحلته الجديدة يسهل تدفق الزوار، وخدمة أكبر عدد ممكن منهم، وتقديم تجربة مميزة".
وذكرت النصر أنه تم تخصيص قاعة لعرض مرئي ثلاثي الأبعاد تروي رحلة إنشاء متحف الفن الإسلامي في قطر، وتقدم تأريخا وتوثيقا يتيح للزوار تصور مبنى المتحف ضمن سياق التطور العمراني الذي شهدته الدوحة الحديثة.
ولفتت إلى أنه تم تطوير صالات العرض الدائمة بشكل يتيح تقديم مسار جديد وشامل للزوار، من خلال توفير محتوى تفسيري موسع يضع الأعمال الفنية ضمن سياق مفهوم وهادف لاستكشاف التراث الإسلامي، مع الحرص على استخدام وسائط متعددة لعرض المحتوى، وخلق بيئة ثقافية ملائمة للعائلات وجاذبة للأطفال والأهل على حد سواء.
وأوضحت النصر أن سمات التجديد والتطوير شملت إنشاء أقسام جديدة كليا في متحف الفن الإسلامي، مشيرة إلى أنه تم تخصيص قاعة لسرد تاريخ القرآن الكريم وتأثيره على الحضارة الإسلامية، مصحوبا بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم لأحد القراء القطريين، بالإضافة إلى استخدام وسائط متعددة، وقاعة الممارسات الدينية في المجتمع الإسلامي، وبيان أثر هذه العبادات، كالصلاة، والحج، والعمرة، على الثقافة والفنون التي تنتجها الشعوب المسلمة.
كما نوهت بأهمية العلم والتعلم والتعليم في العالم الإسلامي، وربط هذه المواضيع بالمناهج الدراسية، وكذلك التعريف ببعض مناطق العالم الإسلامي، التي عادة ما تكون قليلة التمثيل في قاعات عرض الفن الإسلامي في العالم، مثل الفن الإسلامي في جنوب شرق آسيا.
متجر المتحف سيعرض مقتنيات لم يتم عرضها من قبل تصل نسبتها إلى 70 بالمئة
وأشارت إلى أن إعادة افتتاح متحف الفن الإسلامي في هذا التوقيت بالذات، هو من أجل استقطاب زوار ومشجعي كرة القدم أثناء استضافة نهائيات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، حيث إن متجر المتحف سيعرض مقتنيات لم يتم عرضها من قبل تصل نسبتها إلى 70 بالمئة، ومن أهمها صفحة من "المصحف الأزرق" من إسبانيا أو شمال إفريقيا، والتي تعود للحقبة الأموية الأندلسية، في القرن الثالث الهجري "التاسع الميلادي" ومكتوبة بالحبر المذهب، بالإضافة إلى بيع هدايا وتذكارات تتعلق بهذه المناسبة المونديالية.
من جانبها، قالت الدكتورة جوليا غونيلا، مدير متحف الفن الإسلامي أثناء الجولة المخصصة للإعلاميين: "سيقدم هذا المشروع الضخم لتحسين المرافق قصة جديدة تأخذ الزوار في رحلة شاملة عبر العالم الإسلامي، كما سيوفر لهم تجربة أكثر عمقا، يتعرفون من خلالها على التاريخ الحافل للعالم الإسلامي، كما تحكيه مجموعتنا الفريدة".
من جانبها، قالت الفنانة نجلاء الزين حول عملها الفني: "نحن، هي، وهو" عمل تركيبي يركز على التفاعل والتواصل البشري، وهي تتألف من سلسلة من المنحوتات على شكل مقاعد، التي تمتد على أكثر من 313 مترًا من الحجر الجيري المنحوت يدويا، متفرقة في جميع أنحاء ساحة الأعلام".
وأضافت: إن هذا المكان يعبر عن الوحدة، كما أن العمل فيه -باعتباره مكانًا عامًا- أضاف معنى إضافيًا لممارستي الفنية. والمنحوتات، التي من المفترض أن تستخدم بالفعل كمقاعد توضح أنماطا مختلفة من التفاعل كالمعارف والصداقات والحب والألفة والانطوائية والثقة والانسيابية والمعوقات، ورغم أن لكل قطعة طابعها الفردي الخاص، فإنها تنسجم معا كمجموعة"، معربة عن أملها في أن يكون عملها جزءا مهما من هذا الفضاء العام الجديد، وأن يحتفي بالقواسم المشتركة والصلات الموجودة بين الأفراد من جميع الأعمار والخلفيات.
وكانت قد قدمت كتيبة موسيقى القوات المسلحة فقرة موسيقية، خلال حفل الافتتاح، تلتها مراسم رفع 120 علما تمثل دولا في بعثات دبلوماسية معتمدة لدى دولة قطر، بالإضافة إلى علم الاتحاد الأوروبي، وعلم الأمم المتحدة، وعلم مجلس التعاون الخليجي.
إنجاز معماري استثنائي
يشار إلى أن متحف الفن الإسلامي هو إنجاز معماري استثنائي، صممه المهندس الصيني الأمريكي العالمي الشهير "آي إم باي" الحائز على جائزة بريتزكر، وافتتح عام 2008.
يقع المتحف في مكان بارز على جزيرة صناعية بالكورنيش، اختارها باي على وجه التحديد، والمتحف عبارة عن منارة للفنون الإسلامية، ومنصة للحوار الدولي ومد الجسور بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب.
وتقدم صالات عرض متحف الفن الإسلامي في حلتها الجديدة مسارًا شاملا للزوار، مع تطوير محتوى تفسيري موسع يضع الأعمال ضمن سياقها، وتوفير موارد جديدة منوعة وملائمة للأطفال، ما يجعل المتحف أكثر قربا من العائلات والزائرين الصغار.
كما ستنظم صالات العرض وفقا للمواضيع التاريخية والثقافية، والفترات الزمنية، والنطاقات الجغرافية، وستكشف عن تقاليد عظيمة لمهارة الصنعة الإسلامية.
ويقدم متحف الفن الإسلامي أيضا قسما جديدا عن الإسلام في جنوب شرق آسيا، مركزا على العلاقة بين الثقافات المختلفة من خلال المعارض التي تتناول تجارة السلع، وتبادل الأفكار عبر العالم الإسلامي وخارجه.
تسهم التجربة الواسعة التي طالها التحسين في تسهيل توافد الزوار لخدمة أكبر عدد من الجمهور، من خلال مدخل معاد تشكيله، ومقاه، ومواقع بيع بالتجزئة في شكل جديد، توافق جميع التحسينات التي أجريت على المبنى رؤية المصمم "آي إم باي".
وتعاون المتحف مع شركة "ويلموت وشركاؤه" الفرنسية للتصميم الداخلي والهندسة المعمارية، والتي سبق واستعان بها آي إم باي، طوال عملية إعادة التركيب.
ويعرض المتحف مجموعة قطر العالمية للفن الإسلامي، والتي تضم محتويات يمتد تاريخ بعضها إلى نحو 1400 عام.
وتتنوع هذه المحتويات بين المخطوطات والأعمال الخزفية والمعدنية والزجاجية والعاجية والخشبية والأحجار الكريمة، وهي مقتنيات تنتمي لثلاث قارات، وتشمل دولا مختلفة من الهند لإسبانيا لدول الشرق الأوسط، ويعود تاريخ هذه المقتنيات للفترة الممتدة من القرن السابع الميلادي وحتى القرن العشرين.
ويتسم برنامج متحف الفن الإسلامي للمعارض بتنوعه وتجدده المستمر، كما ينظم المتحف أنشطة تعليمية موسعة للأطفال والعائلات، مما يجعل المتحف جزءا حيويا من المجتمع، واكتسب متحف الفن الإسلامي شعبية واسعة في المنطقة والعالم، ويجذب آلاف الزوار كل عام.