يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، غدا الثلاثاء زيارة دولة إلى جمهورية كازاخستان الصديقة، وسيبحث سموه "حفظه الله" خلال الزيارة مع فخامة الرئيس قاسم جومارت توكاييف وكبار المسؤولين تنمية وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف مجالات التعاون، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك كما سيشارك سموه في القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا "سيكا"، والمقرر عقدها في جمهورية كازاخستان بمشاركة عدد من أصحاب الفخامة والسعادة قادة الدول الأعضاء، ورؤساء الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية وضيوف القمة.
وتعد هذه الزيارة فرصة لتقوية وتعزيز العلاقات الكازاخستانية - القطرية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، وتبادل وجهات النظر حول قضايا الساعة على جدول الأعمال الدولي والإقليمي.
علاقات متميزة
وتتميز العلاقات بين دولة قطر وجمهورية كازاخستان، والتي تمتد على مدى ثلاثة عقود، بالثبات والنماء والاستقرار، مع حرص البلدين على تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات، وترتبط الدولتان بعلاقات متينة مبنية على الاحترام المتبادل بما ينعكس إيجابا على أشكال التعاون كافة بينهما.
وتعود العلاقات بين قطر وكازاخستان إلى نحو ثلاثين عاما تقريبا، حيث بدأت العلاقات بين البلدين عام 1993 على مستوى عال وما زالت تنمو بشكل جيد في العديد من المجالات، ومع انتقال عاصمة جمهورية كازاخستان من ألماتا إلى أستانا عام 1997، خصصت قطر أول استثماراتها للمساهمة في بناء العاصمة الجديدة، حيث مولت مشروع بناء مسجد أستانا الذي يعد من أهم المعالم في العاصمة الجديدة، ويقصده مواطنو الدولة، وتدعم أستانا والدوحة بعضهما البعض على الساحة الدولية، وتعملان على تطوير المشاريع ذات الاهتمام المشترك.
الشرق الأوسط
وتحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة خاصة في أولويات السياسة الخارجية لكازاخستان، حيث حرصت على توطيد علاقات مثمرة ومفيدة مع جميع بلدان المنطقة، واحتلت دولة قطر المركز الأهم في السياسة الخارجية لكازاخستان، وكانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال كازاخستان، وأقامت معها علاقات دبلوماسية، وطوال هذه السنوات، تقدم الدوحة دعما واسعا لجميع المبادرات والمقترحات في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإنسانية.
وترتبط كازاخستان بعلاقات دبلوماسية قوية مع قطر، وقد حرصت قطر على توسيع الزيارات المتبادلة بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، كما شاركت مؤخرا في مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا "سيكا"،الذي عقد في العاصمة الكازاخستانية، وأعربت الدوحة خلال المؤتمر على تقديرها للدور الريادي لجمهورية كازاخستان في منطقة آسيا الوسطى وأنشطتها الموجهة لضمان السلام والاستقرار في آسيا والعالم بأسره.
كما أعربت قطر عن تقديرها لاتخاذ جمهورية كازاخستان في السنوات الأولى من استقلالها قرارا بشأن التنازل عن ترسانتها النووية الرابعة في العالم، مما أدى إلى اعتراف عالمي بدورها في النظام النووي العالمي، وخلق منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى، وكذلك إنشاء بنك اليورانيوم منخفض التخصيب الفريد من نوعه تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الأراضي الكازاخستانية، ولمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا مساهمة إيجابية في تعزيز السلام والتنمية المستدامة في آسيا.
مساعدات طبية
وكانت قطر من أوائل الدول التي قدمت مساعدات طبية لكازاخستان إبان الموجة الأولى من انتشار جائحة كورونا "كوفيد - 19"، وتعاملت قطر بكل جدية مع هذه الأزمة التي لم تستثن أي دولة في العالم، كما كانت قطر من أوائل الدول التي وفرت اللقاح.
كما ساهمت قطر وتساهم في إحياء الثقافة الإسلامية للشعب الكازاخي، وذلك من خلال إنشاء المركز الثقافي الإسلامي (نور-أستانا) في 2005، بتوجيه من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وتأتي زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى كازاخستان في إطار خلق منصة للتفاهم المتبادل حول كيفية تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، وتطوير وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وخلق شراكات استثمارية ثنائية، تدعم زيادة الاستثمارات القطرية في كازاخستان.
وهناك حرص مشترك من قيادات البلدين على دفع العلاقات الثنائية قدما، الأمر الذي أدى إلى تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والنفط والغاز والجيولوجيا والنقل والبنوك بشكل فعال، وإقامة علاقات وثيقة بين الشركات الوطنية بين البلدين، ولوحظ أن حجم التجارة بين البلدين آخذ في الازدياد، ففي عام 2020 تضاعف حجم التبادل التجاري أربع مرات مقارنة بعام 2019.
علاقات وطيدة
وعلى مر قرابة ثلاثة عقود من العلاقات الوطيدة بين قطر وكازاخستان، شهد البلدان تطورات متلاحقة من التعاون، كان أبرزها تأسيس اللجنة العليا القطرية الكازاخستانية المشتركة، التي عقدت خمس دورات متعاقبة من الاجتماعات، نتج عنها توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين.
وخلال ما يزيد على عقدين من الزمان تمكنت كازاخستان من أن تصبح قصة نجاح اقتصادية وجيوسياسية، وعلى مر السنين أثبتت كازاخستان التزامها بالتعددية، وأصبحت مدينة أستانا رائدة عالميا في مجال نزع الأسلحة النووية، ووسيطا نشطا في حوار الثقافات والأديان والحضارات.
وتشجع غرفة قطر رجال الأعمال القطريين على استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في كازاخستان، وقد شاركت الغرفة مؤخرا في منتدى ألماتي للاستثمار الدولي في كازاخستان، الذي حظي أيضا بمشاركة دولية واسعة، ويهتم المستثمرون القطريون بتأسيس استثمارات جديدة خارج قطر بما يتماشى مع استراتيجية الدولة للتنويع الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار أن كازاخستان وجهة واعدة للاستثمارات الأجنبية؛ لما يتوافر فيها من فرص واسعة للاستثمار.
تعزيز التعاون
ومن قبلها استضافت غرفة قطر عام 2017 وفدا كبيرا ضم 50 من رجال الأعمال الكازاخيين الذين التقوا نظراءهم القطريين في معرض "صنع في قطر"، وناقشوا سبل تعزيز علاقات التعاون، كما تم خلال تلك الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين غرفتي قطر وكازاخستان؛ بهدف تعزيز التعاون بين القطاع الخاص وتبادل المعلومات حول الاقتصاد والاستثمار.
ووقعت غرفة قطر وغرفة تجارة وصناعة كازاخستان مذكرة تفاهم لتعزيز علاقات التعاون بين القطاع الخاص القطري والكازاخستاني، وتبادل الزيارات بين مجتمع الأعمال في البلدين؛ سعيا لإنشاء مشاريع مشتركة وتبادل الخبرات بين الشركات القطرية ونظيرتها في كازاخستان.
وتسعى جمهورية كازاخستان إلى خلق شراكات متنوعة على كافة الأصعدة الاقتصادية المختلفة مع دولة قطر، والنهوض بمستوى التبادل التجاري بين البلدين لمستويات قياسية.
وتتميز العلاقات القطرية - الكازاخية بالرقي والمتانة، متوجة بالزيارات المتبادلة على أعلى تمثيل قيادي، بما يفتح المجال أمام تعزيز التعاون الثنائي وتبادل الخبرات والمعرفة في العديد من المجالات التي تخدم النهوض بالاقتصادين الكازاخي والقطري.
الاستثمار القطري
وتسعى جمهورية كازاخستان جاهدة إلى فتح المجال أمام المستثمرين القطريين للاستفادة من الفرص التي تذخر بها، وقد تم إنشاء مركز أستانا المالي؛ ليكون منصة تخدم حماية حقوق المستثمرين الأجانب في القطاع المالي، وأن يكون مركزا للتحكيم أيضا، ويؤسس لتعزيز السلطات التنظيمية المالية.
ويعمل المركز المالي لأستانا وفق إطار قانوني مشابه للذي يعمل به مركز قطر للمال، وهذا يدعم البيئة الاستثمارية المشتركة، الأمر الذي يمكن المستثمر القطري من الدخول في شراكات استثمارية بكازاخستان وتحقيق مكاسب جيدة، ويسعى المركز إلى تطوير العديد من القواعد الأساسية التي تدعم النهوض بقطاع الأعمال المالي واستقطابه للقدوم إلى كازاخستان، وتشمل هذه القواعد إدارة الأصول والممتلكات والتأمين وإعادة التأمين والتمويل الإسلامي والأسواق المالية، وستكون هذه الإجراءات بمثابة فرصة يمكن للبنوك القطرية استغلالها، للدخول في شراكات مع البنوك الاستثمارية في كازاخستان.
حجم التبادل التجاري
وتتوفر قدرات وإمكانيات عديدة بين البلدين تدفعهما لتحقيق معدلات أكبر من حيث زيادة حجم التبادل التجاري، وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة بينهما، من خلال تنشيط العلاقات بين القطاع الخاص ورجال الأعمال على الجانبين، للعب دور أكبر والدخول في شراكات استراتيجية واستثماريه ناجحة، تدفع علاقات البلدين في هذا الجانب إلى الأمام وبخطوات واسعة، ولعل وجود رحلات منتظمة للطيران لنقل الركاب والبضائع تعد إحدى الآليات المهمة في رفع حجم ومعدل التبادل التجاري، وتنشيط علاقات القطاع الخاص في البلدين.
وتقدر الاستثمارات القطرية بكازاخستان بنحو 113 مليون دولار، منها 100 مليون دولار لجهاز قطر للاستثمار في مجال البنية التحتية، و13 مليون دولار لصندوق قطر للتنمية، وقد بدأ جهاز قطر للاستثمار التمويل لصندوق البنية التحتية لجمهورية كازاخستان بحوالي 100 مليون دولار، كما أن هناك علاقات قوية جدا مع صندوق قطر للتنمية الذي قام بتمويل مشروع مدرسة باسم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في العاصمة أستانا بقيمة 13 مليون دولار.
كما أن الشركات القطرية تدرس المشاركة في برنامج الخصخصة في كازاخستان للدخول في قطاع الطاقة، فقد طرحت وفود من كازاخستان في أكثر من لقاء على القطاع الخاص والشركات الحكومية والخاصة، حوالي 40 مشروعا استثماريا، قيمتها نحو 4.6 مليار دولار في قطاعات الزراعة وصناعة التعدين والبتروكيماويات، وتطوير البنية التحتية السياحية، وتربية الماشية وإنتاج الألبان، وتطوير البنية التحتية وغيرها من المشاريع.
فرص الاستثمار
وتبذل كازاخستان جهودا كبيرة ومهمة على أعلى مستوى في مجال الاستثمارات مع دولة قطر، وتطرح أمامها الفرص كافة، للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والاستثمارية إلى مستوى العلاقات السياسية الممتازة بين البلدين وعلاقات الصداقة الأخوية بين قيادة البلدين، وهو ما بات واضحا من خلال الجهود المبذولة لتجاوز عقبات مضاعفة حجم التبادل التجاري وتطوير العلاقات التجارية، حيث يدرس رجال الأعمال في قطر حاليا استيراد اللحوم والمواد الغذائية من كازاخستان، وتكمن العقبة في ضرورة إيجاد فرص للنقل نتيجة عدم وجود خط مباشر بين البلدين.
والاقتصاد القطري منفتح على العالم، ويرحب بجميع المستثمرين، وهو ما ظهر بوضوح خلال السنوات القليلة الماضية، حيث سعت الدولة إلى تعزيز الاستثمارات الخارجية بما يتماشى مع استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي، حيث تمتلك قطر حاليا استثمارات في العديد من بلدان العالم.
ويهتم المستثمرون القطريون بالاستثمار في كازاخستان، باعتبارها وجهة واعدة للاستثمارات الأجنبية؛ لما يتوافر فيها من فرص واسعة للاستثمار، كما أن غرفة قطر تشجع رجال الأعمال القطريين على استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في كازاخستان وخصوصا في مدينة ألماتي.
وتتطلع كازاخستان للاستفادة من ما تمتلكه دولة قطر من خبرات كبيرة، لا سيما في مجالي إنتاج الغاز الطبيعي المسال والبتروكيماويات، فقد احتفظت قطر بلقب أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تستحوذ على 27.6 في المائة من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، وخلال شهر يونيو الماضي أعلنت /قطر للطاقة/ قائمة الشركات الدولية التي اختارتها لمشروع توسعة حقل الشمال الشرقي الذي تقدر تكلفته بنحو 28.75 مليار دولار، والهادف إلى تعزيز صادرات الدولة من الغاز الطبيعي المسال.
حدود استراتيجية
وتتمتع كازاخستان بحدود استراتيجية كبيرة مع العديد من الدول كالصين وروسيا، بما يجعل لها أهمية استراتيجية، ويساعدها على لعب دور مهم في ربط هذه الدول مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقوم كازاخستان باتخاذ العديد من الإجراءات التي تخدم تعزيز التنوع الاقتصادي وحماية الاستثمار الأجنبي، حيث تعمل على أن تكون مركزا تجاريا وماليا وتعليميا وصحيا وسياحيا، بجانب التميز في مجال الإنتاج الغذائي.
كما أن كازاخستان غنية بالمصادر الطبيعية، وتتمتع بموقع جغرافي متميز ومساحة كبيرة تدعم العمل بمجالات التعدين والزراعة، حيث تحتل المرتبة الخامسة في تصدير القمح عالميا، كما أنها من ضمن العشرين دولة المنتجة للنفط، حيث تنتج 1.5 مليون برميل يوميا، وتسعى خلال الـ 15 عاما المقبلة لمضاعفة إنتاجها لتكون ضمن الدول السبع الأولى المنتجة للنفط، كما تحتل المركز الأول على مستوى العالم في إنتاج اليورانيوم، وهناك العديد من المجالات المفتوحة أمام المستثمرين القطريين والأجانب للاستفادة من الاستثمار في هذا القطاع.
وتتمتع كازاخستان بأراض شاسعة وطبيعة جميلة ومناطق اقتصادية حرة وبيئة أعمال جاذبة للمستثمرين، وهناك مباحثات للاستثمار في الزراعة لمساعدة الدوحة على تحقيق الأمن الغذائي، إلى جانب تميز كازاخستان بالموارد المعدنية، وهناك خطط للاستثمار القطري في صناعة التعدين في كازاخستان.