في خطوة جديدة تعزز مسار العلاقات الأخوية بين دولة قطر والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وعلى هامش أعمال القمة العربية الحادية والثلاثين، شهدت الجزائر العاصمة مساء اليوم، إطلاق مشروع المستشفى الجزائري القطري الألماني، المزمع تشييده في الجزائر، في تجسيد حي للرؤية المشتركة والعزيمة الصادقة نحو تعميق الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، وفق توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة.
ويقام المستشفى الجزائري القطري الألماني في مدينة "سيدي عبدالله" بولاية الجزائر العاصمة، على مساحة قدرها مائة ألف متر مربع، وسيتكفل هذا الصرح الطبي الكبير بمعظم الحالات المرضية والعمليات الجراحة المستعصية التي تتطلب تحويل المرضى للخارج، كما سيستقطب الكوادر الطبية الجزائرية التي تعمل خارج بلادها؛ وذلك للمساهمة في رفع مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى وعائلاتهم ضمن بيئة طبية نموذجية بمواصفات عالمية.
مواصفات المستشفى
وتبلغ قدرة المستشفى الاستيعابية 400 سرير و20 غرفة عمليات حديثة، إضافة إلى خدمات الإسعاف والطوارئ، كما سيقدم خدمات جراحية متنوعة مثل عمليات الجراحة العامة، والقلب المفتوح، وأورام العظام والجراحات التجميلية، فضلا عن الجراحة الإشعاعية التجسيمية للأعصاب والدماغ، إلى جانب احتوائه على قسم متخصص في طب الأطفال وبرامج زراعة الكبد ونخاع العظام والخلايا الجذعية والقلب والغدد الصماء، والجهاز الهضمي، ورعاية الأطفال حديثي الولادة.
ويعد المستشفى مشروعًا واعدًا في قطاع الرعاية الصحية في الجزائر، حيث يدعم الاستراتيجية التنموية والصحية للبلاد، ويعزز التوجه نحو تطوير المنظومة الصحية، وسيتم تجهيزه بأحدث التقنيات الطبية بواسطة فريق من الخبراء العالميين للارتقاء بالخدمات التشخيصية والخدمات والإكلينيكية والجراحية، وتقديم الرعاية الدائمة بأعلى جودة.
كما تتسم الخدمات الطبية بشموليتها لتغطي مختلف احتياجات المرضى وطب الأسرة والطب النفسي وإعادة التأهيل، وستشكل وحدات المستشفى المتخصصة ومختبراتها أساسا لنجاح أدائها في تشخيص ومعالجة الأمراض، وإجراء العمليات، وتقديم الرعاية على مدار 24 ساعة.
تقنيات الذكاء الاصطناعي
ويعتمد المستشفى الجزائري القطري الألماني على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد على الكشف المبكر عن السرطان، والدقة في التشخيص، والحد من الأخطاء الطبية، كما ستتنوع غرف عمليات ونظم التصوير لتشتمل على الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية والسينية.
ولن يقتصر دور المستشفى على تقديم خدمات طبية مميزة فحسب، بل سيتخطاها إلى تحقيق أهداف اقتصادية قيمة من خلال التعاون والتعاقد مع الشركات والموردين المحليين بمختلف القطاعات والخدمات، كما سيشكل حاضنة للكوادر والكفاءات الطبية المحلية.
ويعد المستشفى مشروعا حضاريا واعدا لتنمية قطاع الرعاية الصحية في الجزائر، حيث يقدم خدمات طبية وجراحية متخصصة، وسيكون مجهزا بأحدث التقنيات وفريق عمل متجانس يتمتع بخبرات عالية.
وأكد السيد عبدالحق سايحي وزير الصحة الجزائري، في تصريحات، أن المستشفى الجزائري القطري الألماني يجسد عمق العلاقات بين البلدين والشعبين الجزائري والقطري، وحرصهما المتواصل على تطوير التعاون بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين.
وقال سعادة الوزير، في كلمته خلال حفل إطلاق مشروع المستشفى اليوم: "لقد أثمرت هذه العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين التجهيز لبناء أول مستشفى مشترك بيننا لتعزيز صرح المنظومة الصحية الجزائرية لتقديم خدمات طبية عالية، وبأداء عصري بسعة 400 سرير"، معتبرا أن هذا الصرح يهدف إلى اعتماد معايير ستمنحه التميز والتفوق على ضوء المخططات والأساليب التي قدمت في خطة إنجازه، والتي ترتكز في مجملها على محاور ثلاثة هي: الجودة العالية في الرعاية الصحية، وإبراز النماذج الصحية الجديدة، وتحسين نتائج الرعاية الصحية للأنشطة ذات الأولوية.
كما شدد وزير الصحة الجزائري على أن "هذا الحدث المهم في تاريخ البلدين سيسجل بالذهب، ويعبر بصدق عن مكانة روابط الأخوة والتعاون بين الشعبين الشقيقين الجزائري والقطري، لا سيما أن إطلاقه يتزامن مع احتفال الجزائر بذكرى اندلاع ثورة التحرير المجيدة.. وهي الذكرى الخالدة التي ستبقى راسخة في تاريخ الجزائر والأمة، وفي ذاكرة الأشقاء في البلدين".
وزير الصحة الجزائري: مشروع المستشفى الجزائري القطري الألماني سيشكل بادرة لمشاريع استثمارية أخرى
وختم وزير الصحة الجزائري كلمته بالقول: "سيشكل هذا المشروع بادرة لمشاريع استثمارية أخرى، وأفقا مستقبليا واعدًا، تعبيرًا عن أواصر المحبة والمشاعر النبيلة وسخاء وكرم الشعبين الجزائري والقطري".
يذكر أنه تم الاتفاق على بناء مستشفى عصري، بشراكة جزائرية قطرية ألمانية، خلال الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة إلى الدوحة في فبراير الماضي، وفي نهاية الشهر نفسه، كلف الرئيس الجزائري الحكومة بإنشاء لجنة متابعة لتنفيذ المشروع، وباقي المشاريع الاستثمارية القطرية الأخرى، وتوفير مناخ لتنفيذ المشاريع الاستثمارية التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة.
وأكد فخامة الرئيس الجزائري، في اجتماع لمجلس الوزراء في أواخر أكتوبر الماضي، أن "الهدف من إنشاء هذا الصرح الطبي هو التكفل بمعظم الحالات المرضية والعمليات الجراحية، خاصة المستعصية منها، والتي كانت تتطلب التحويل إلى الخارج".
ووقعت شركة "استثمار القابضة" القطرية في أكتوبر الماضي مذكرة تفاهم مع مديرية الصحة والسكان لولاية الجزائر لإنشاء المستشفى القطري الجزائري الألماني من خلال شركتها المتخصصة بالرعاية الصحية "الغانسيا هيلث كير"، ومن المنتظر أن يخفف المستشفى الجزائري القطري الألماني الضغط عن باقي المستشفيات في العاصمة الجزائرية.