يظل موقع الزبارة، أكبر موقع أثري بدولة قطر، شاهدا على تاريخ وعراقة القطريين، حيث إنه معلم قطري أصيل، ونموذج فريد للتحول الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، فمنه ازدهرت تجارة اللؤلؤ، كما كان مركزا ثقافيا احتضن الكثير من الشخصيات الأدبية التي برزت في مدينة الزبارة، وعبرت عن الوجدان القطري الأصيل والتفاعل الإنساني بين البحر والصحراء.
ولأهمية هذا المعلم الأثري واستحضاره في وجدان الشعب القطري، تكللت مساعي انضمامه إلى قائمة منظمة “اليونسكو” الدولية لمواقع التراث العالمية، بالنجاح في 22 يونيو من عام 2013، حيث كان القرار الدولي مدعوما بالقيمة العالمية لموقع الزبارة، وارتباطها بتنمية الإنسان ونمو المجتمع في جانب من التاريخ القطري.
تاريخ الزبارة
كما كان المعلم الأثري في ذروة ازدهاره، جسرا تجاريا بين المحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية وغرب آسيا، حيث ازدهرت مدينة الزبارة الساحلية والمحاطة بأسوار في شمال غرب دولة قطر، كمركز تجاري مهم ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتضم الزبارة سور المدينة المذهل، وقصورها السكنية، وبيوتها، وأسواقها، ومناطقها الصناعية، ومساجدها.
وصنف فريق من علماء الآثار الدنماركيين مدينة الزبارة كموقع أثري للمرة الأولى في الخمسينيات من القرن الماضي، ليقوم بعدها فريق من علماء الآثار القطريين والدنماركيين بأعمال التنقيب في الموقع، وعقب إجراء دراسات وأبحاث على الموقع، تم العثور على مجموعة كبيرة من المكتشفات الأثرية التي تعود إلى الفترة الممتدة ما بين القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، ويتم عرضها في صالات عرض متحف مدينة الزبارة.
شواهد بارزة
وتتميز الزبارة بتقديم شواهد بارزة على التجارة النشطة والغوص بحثا عن اللؤلؤ الذي حافظ على الساحل الرئيسي للمنطقة من الفترة الإسلامية المبكرة وفي وقت سابق للقرن العشرين، كما أنها تجسيد لسلسلة المؤسسات الحضارية والمعمارية في هذه المنطقة.
ويظل هذا الموقع الأثري شاهدا على التفاعل البشري مع البحر والبيئة الصحراوية في شمال قطر وفي المنطقة، حيث يظهر هناك أوزان غواصي اللؤلؤ، والخزف، والمراكب الشراعية، ومصائد الأسماك، والآبار، والنشاط الزراعي، وكيف كانت مدينة الزبارة مركزا رئيسيا مدفوعة بالتجارة، ما جعلها موقعا تاريخيا يدل على اشتغال أهل المدينة منذ القدم بالأعمال التجارية المختلفة، ومدى ارتباطهم الوثيق بالبحر والبر، ويقدم نموذجا لتأسيس التنمية وبناء الحياة بربطها مع الثقافات الأخرى من خلال التجارة.
وتعد مدينة الزبارة أكبر موقع أثري بدولة قطر والخليج العربي في الفترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث يمتاز الموقع بسوره والمباني السكنية والأسواق، ويتألف موقعها من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي، موقع مدينة الزبارة الأثري الذي يعود تاريخه إلى 1760، وقلعة مرير التي ترجعها المكتشفات والدراسات الأثرية إلى الفترة العباسية بسبب طريقة بناء التحصينات لهذه القلعة، وقلعة الزبارة التي شيدت عام 1938.
موقع أثري
يمثل موقع الزبارة الأثري والثقافي نموذجا فريدا للتحول الاجتماعي والاقتصادي لأنه يعتبر ميناء مزدهرا لتجارة اللؤلؤ، كما كان مركزا ثقافيا، وهو ما نجده من خلال الشخصيات الأدبية التي برزت في مدينة الزبارة.
وسيكون بإمكان زوار بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، زيارة صالة العرض في موقع الزبارة الأثري لاكتشاف المزيد عن تاريخ القلعة، والبيئة المحيطة بها، والمشاريع المستمرة لصيانتها وترميمها.
وقد بنى الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني قلعة الزبارة في عام 1938 بهدف حراسة وحماية ساحل قطر الشمالي الغربي، وكانت إحدى القلاع الساحلية التي ضمتها المنظومة الدفاعية للبلاد، علاوة على استخدامها كمركز لسلاح الحدود حتى شهر يونيو من العام 1986.
وتدير هيئة متاحف قطر حاليا قلعة الزبارة، حيث تم تجديدها وتحويلها إلى متحف لعرض الأعمال الفنية المتنوعة وخاصة بالنسبة للنتائج الأثرية الموضعية المعاصرة.
وتقع قلعة الزبارة في مدينة الزبارة العتيقة عند الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة قطر في بلدية الشمال وتبعد حوالي 105 كيلومترات عن الدوحة عاصمة دولة قطر، وهي مدينة تاريخية غير مسكونة حاليا، وتبلغ مساحة الزبارة حوالي 400 هكتار، وذلك إلى جانب ما يحيطها من الأعمال الأثرية على مساحة 60 هكتارا، وبالتالي تعد الزبارة أكبر موقع أثري في شبه الجزيرة العربية بأكملها.