تحرص دولة قطر باستمرار، وتؤكد دائما، على أن بيئة العمل الآمنة والصحية ضرورة، وأن سلامة العمال أولوية بالنسبة لها، وهي لا تسعى من وراء هذا الجهد المقدر إلى إرضاء جهة بعينها، دولا، أو أفرادا أو منظمات، وإنما تقوم بكل ذلك من منطلق ديني وأخلاقي وإنساني ودستوري، ووفقا لعادات وتقاليد شعبها الأصيلة، وقيمه الحضارية، التي عرف بها، من حيث كرم الوفادة، وحسن الترحاب والمعاملة الحسنة.
تشريعات وقوانين
لكل ذلك، حرصت دولة قطر بتوجيهات قيادتها الحكيمة، وقبل نيلها شرف استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، إلى سن الكثير من التشريعات والقوانين والقيام بعمليات إصلاح واسعة في بيئة العمل، تواكب أعلى المعايير في قطاع العمل الدولي، ولا شك أن هذه الجهود قد زادت وتيرتها، وشهدت إصلاحات بيئية وشهد سوق العمل الكثير من التغييرات الإيجابية، كانت محل إشادة كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها منظمة العمل الدولية التي بادرت وافتتحت لها مكتبا بالدوحة.
وحقيقة، لا يمكن بأي حال حصر جميع إصلاحات بيئة وسوق العمل في قطر على مدى السنوات العشر الماضية، منذ فوز قطر بشرف تنظيم بطولة كأس العالم في أكتوبر عام 2010، وذلك لكثرتها وتعدد مجالاتها واستفادة مئات الألوف من العمالة الوافدة منها.
وعلى الرغم من تطبيق الإصلاحات وآثارها الإيجابية في خدمة العمال، ظل البعض ممن في عيونهم رمد، من فاقدي الضمير، وعديمي البصيرة، وبائعي الذمم، يكررون مزاعمهم، ويتجاهلون، بل ويشككون في تلك الاصلاحات والإنجازات العمالية، لأن من يستهدفك، ويسعى لتشويه سمعتك والانتقاص من جهودك، عن عمد، وسبق إصرار، لأسباب هو أدرى بها، بعيدة عن المسؤولية والحقيقة والشفافية، لن يجدي معه أي نصح وإنجاز، لأنك مهما فعلت لهم لن يغيروا آراءهم أو يعترفوا بسوء تقديراتهم ومواقفهم السالبة.
وبما أن منظمة العمل الدولية تعد بمثابة المرجعية الأولى في هذه المسائل، فقد صدعت بالحقيقة التي لا يريد البعض سماعها، وكشفت في تقرير أصدرته في مطلع شهر نوفمبر الجاري عن النقلة الكبيرة التي شهدها سوق العمل القطري خلال الأعوام القليلة الماضية، بعد دخول التشريعات التي أقرتها الحكومة لإصلاح قطاع العمل حيز التطبيق.
وأكد التقرير الذي أصدره مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، قيام الحكومة القطرية بتنفيذ الإصلاحات، وحرص وزارة العمل على ديمومة الإصلاحات التشريعية العمالية، واستمرار الشراكة مع المنظمة إلى ما بعد بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، من خلال برامج التعاون المتواصلة في مجال تطوير وتحديث الإصلاحات والتشريعات مع مختلف المنظمات الدولية.
دور رائد
وركز التقرير على الشراكة القوية بين وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية، والدور الرائد الذي يقوم به مكتب منظمة العمل في الدوحة، الذي يعد الأول في المنطقة، في هذا المجال. كما سلط الضوء على الشراكات التي تجمع وزارة العمل واللجنة العليا للمشاريع والإرث، بالعديد من المنظمات الدولية المتخصصة.
وقد أكد على ذلك السيد محمد حسن العبيدلي وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، الذي أوضح أن التعاون الفني مع منظمة العمل الدولية في الأعوام السابقة، جاء بناء على طلب دولة قطر، مشيرا إلى أن البرامج والمشاريع المشتركة عززت من فرص الاستفادة من التجارب الدولية وتطبيق المعايير العالمية في قطاع العمل.
وقال في هذا السياق: "أصبحت دولة قطر نموذجا يحتذى به في المنطقة في مجال العمل، وسنبدأ استعراض مبادراتنا المتميزة للاستفادة منها خارجيا في مؤتمر وزراء العمل الآسيوي بسنغافورة نهاية العام الحالي".
وأشاد العبيدلي بالتزام أصحاب العمل والشركات القطرية بالقوانين والتشريعات العمالية، منوها بالدور الفاعل والمشاركة الإيجابية لغرفة قطر ومشاركتها في تطبيق وتنفيذ العديد من البرامج والمشاريع الرائدة لتطوير بيئة العمل، ضمن التعاون الفني مع منظمة العمل الدولية.
وأوضح أن الوزارة نفذت خططا وبرامج تدريبية، بهدف تعزيز وبناء قدرات موظفيها بالشراكة مع عدد من المنظمات والمراكز والمعاهد الدولية، مشيرا إلى أن تلك البرامج التدريبية ساهمت في رفع قدرات الموظفين.
ولفت إلى أن دولة قطر تؤمن دوما بالحوار البناء والتعاون والتنسيق مع مختلف المنظمات الدولية والحقوقية، بما يحقق مصلحة سوق العمل بالدولة، مضيفا أن القوانين والإصلاحات التي تم تنفيذها تأتي ضمن استراتيجية التنمية وتنفيذا لرؤية قطر الوطنية 2030.
وأكد العبيدلي أن عدد الشكاوى العمالية التي تستقبلها الوزارة قليل جدا، مقارنة مع عدد العمالة بالدولة. ونوه سعادته بأن نحو 89 بالمئة من العمالة بالدولة قد استفادوا من تطبيق القوانين والتشريعات العمالية، وذلك وفقا لاستبيان من معهد البحوث والدراسات بجامعة قطر.
حملات إعلامية مضللة
وفي ما يتصل بالادعاءات المغلوطة التي تحيط بملف العمل إعلاميا، قال العبيدلي إن الدولة تتعرض لحملة إعلامية مضللة وممنهجة شرسة، تهدف إلى النيل منها على خلفية استضافتها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وشدد على أن القوانين التي سنتها والإصلاحات التي نفذتها الدولة، وما أثمرت عنه هذه الجهود من نتائج إيجابية، انعكست على العمال الوافدين، هو خير رد لتفنيد هذه الادعاءات ودحضها.
كما أكد وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل، أن دولة قطر ماضية قدما في جهودها بكل ثبات، وستواصل العمل مع الجهات المعنية لإكمال مسيرة الإصلاحات وتعزيز مكانتها كرائد للتغيير في المنطقة، دون أن تلتفت إلى من يحاولون ثني عزيمتها.
وعليه تؤكد تصريحات العبيدلي لـ /قنا/ تماما أن أكاذيب ومزاعم المشككين في إصلاحات قطاع وبيئة العمل في قطر واستفادة العمالة الوافدة منها، لا صحة لها، وأنها مغرضة، ولها أجنداتها الخاصة، ولا تقوم على دليل، بخلاف ما يؤكد عليه المتابعون والمهتمون والمختصون ممن ينظرون ويقيمون الأمور بواقعية وحيادية، عطفا على الوقائع التي تحققت على الأرض.
ويتجاهل المنتقدون كل الآثار الإيجابية لقطاع العمل في قطر من دون مبررات وحجج، متناسين تقارير منظمة العمل الدولية، باعتبارها المسؤول الأول الأممي عن مثل هذه القضايا وتقارير الجهات الدولية الأخرى ذات الصلة التي وثقتها عن كثب من داخل قطر ولقاءها مع المعنيين أنفسهم من مسؤولين وحكوميين وأصحاب عمل والعمال أنفسهم. ولا يذكر أولئك المشككون وحتى مجرد إشارة أن مئات الألوف من العمالة الوافدة في قطر قد تمكنوا من تغيير جهة عملهم منذ الإعلان عن تسهيل إجراءات انتقال العامل بين جهات العمل المختلفة في شهر سبتمبر 2020، كما فشلوا في الإشارة إلى استفادة أكثر من 400 ألف عامل بشكل مباشر من الحد الأدنى الجديد للأجور، الذي نتج عنه زيادة في الرواتب والحصول على محفزات مالية أخرى في ذلك الوقت.
كما تمكن مئات الآلاف من العمال جراء إصلاحات سوق العمل، من مغادرة دولة قطر والعودة إليها من دون الحصول على إذن مسبق من جهة عملهم، منذ إلغاء تصاريح الخروج في عام 2018، فيما أسهم نظام حماية الأجور في حماية أكثر من 96 بالمئة من العمالة من الانتهاكات المتعلقة بالأجور، علاوة على إسهام مراكز تأشيرات قطر في الدول المرسلة للعمالة في الحد بشكل كبير من الممارسات الاستغلالية التي يتعرض لها العمال قبل وصولهم إلى دولة قطر، فضلا عن قرار تمديد فترة ساعات العمل التي يحظر فيها العمل في أماكن العمل المكشوفة خلال فصل الصيف للحد من تأثيرات الإجهاد الحراري.
تعزيز الوعي بالقوانين المتعلقة بالموظفين
وعززت دولة قطر في هذا السياق كذلك إجراءات تطبيق القوانين لحماية العمالة الوافدة ومحاسبة أصحاب العمل المخالفين، في حين يشهد عدد المفتشين العاملين لدى وزارة العمل تزايدا مستمرا عاما بعد عام، مع تعزيز قدراتهم على إجراء تحقيقات شاملة لظروف العمل وإحالة المخالفين إلى محاكم العمل، والعمل على تعزيز الوعي بالقوانين المتعلقة بالموظفين وأصحاب العمل.
كما تتم محاسبة المزيد من الشركات كل عام على إخلالها بقوانين العمل، مع ازدياد حملات التفتيش لمراقبة مدى التزام المنشآت بالقوانين والقرارات الوزارية المعنية بتنظيم سوق العمل، واستقبال الشكاوى العمالية والفصل فيها، وقيام لجان فض المنازعات العمالية بإصدار القرارات المناسبة في القضايا المحالة إليها، منها على سبيل المثال إصدار نحو 513 قرارا بشأن 635 قضية محالة إليها، خلال شهر أكتوبر الماضي وحده، فضلا عن دور اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، برئاسة سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل رئيس اللجنة، في تعزيز الحماية والدعم لضحايا الاتجار بالبشر، والتعاون المشترك بين الجهات ذات الصلة. وحسب تقرير منظمة العمل الدولية، فإن 86 في المئة من العمال، أكدوا أن الإصلاحات كان لها تأثير إيجابي على حياتهم، وفق مسح جرى في شهري مايو ويونيو 2022، شمل 1036 عاملا من ذوي الأجور المنخفضة، يقيمون في مواقع الإقامة المشتركة، وكانوا من جنسيات متعددة، ويعملون في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما أفاد مسح آخر قامت به منظمة العمل الدولية بأن 98 بالمئة، ممن جرى استطلاع آرائهم قد تلقوا أجورهم في الوقت المحدد.
ونوه التقرير إلى أن أكثر من 280 ألف عامل أو ما يقرب من 13 في المئة من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص، قد زادت أجورهم الأساسية إلى الحد الأدنى، عندما دخل قانون الحد الأدنى للأجور حيز التنفيذ في مارس 2021.
وأشار تقرير منظمة العمل الدولية، إلى إنشاء منصة وطنية للإبلاغ عن الحوادث، بناء على أسس رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجية الوطنية للصحة، حيث لا يزال جمع البيانات وتحليلها ونشرها يمثل أولوية قصوى، وتوقع أن تعمل المنصة بكامل طاقتها بحلول منتصف عام 2023.
وقال التقرير، إن وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية واصلتا تنفيذ حملات طوال عام 2022 لزيادة الوعي حول الوقاية من الإصابات المهنية بين العمال وأصحاب العمل، موضحا في هذا الصدد أنه تم تفتيش "19978" موقع عمل / منشأة، و3406 وحدات سكنية، عن طريق إدارة تفتيش العمل بوزارة العمل.
لم تقل قطر أنها وصلت الى نهاية المطاف فيما يعنى بإصلاحات قطاع العمل ، فقد ظلت وزارة العمل تؤكد دوما أن عملية الإصلاح الشامل هي عملية طويلة الأمد، وأن تغيير سلوك كافة الشركات يتطلب المزيد من الوقت ، وكل ذلك يمثل رسالة صارمة لجميع المعنيين بعدم تسامح الدولة أبدا مع أي مخالفة .
تحقيق المزيد من التقدم
ومن هنا فإن دولة قطر تؤكد التزامها بالتعاون بشكل بناء مع شركائها الدوليين ومنتقديها في نفس الوقت، من أجل تحقيق المزيد من التقدم في معايير العمل لجميع العمال الوافدين العاملين على أراضيها، وأنها ستواصل التشاور مع الخبراء الدوليين، بما في ذلك منظمة العمل الدولية والنقابات العمالية، إضافة إلى التشاور الدوري مع المنظمات غير الحكومية للاستماع إلى توصياتهم بهذا الخصوص، لذلك فإن قطر بادرت الى فتح باب الحوار والتواصل مع جميع المعنيين بهذا الموضوع وعلى أوسع نطاق، وأصبحت الدوحة ملتقى لهم يزورونها ويلتقون مع من شاؤوا من أطراف العمل الثلاثة (الحكومات، وأصحاب العمل، والعمال) دون قيود وعقبات، لنقل الحقيقة أمام الرأي العام العالمي.
وقد أكد على ذلك سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل لدى لقائه في الدوحة، الأسبوع الماضي، مع أصحاب السعادة سفراء الدول الغربية والدول المرسلة للعمالة، حيث نوه بأن دولة قطر من الدول القليلة التي فتحت أبوابها لكافة المنظمات الدولية للاطلاع على التجارب الرائدة في تحسين التشريعات العمالية وآليات تنفيذها، مؤكدا استمرار سياسة الانفتاح أمام كافة المنظمات الدولية المهتمة بشأن قطاع العمالة.
كما أكد سعادته في سياق ذي صلة، في كلمة له خلال الندوة الحوارية التي نظمتها وزارة العمل، تحت عنوان "إصلاحات العمل في قطر: التعاون الثلاثي يساهم في صياغة رؤية مشتركة"، على هامش الدورة 110 لمؤتمر العمل الدولي 2022 الذي عقد في جنيف في شهر يونيو الماضي، تبني دولة قطر نهجا مستداما لتطوير وتحديث التشريعات والقوانين وتحسين بيئة العمل، مشددا على أن تحسينات بيئة العمل جاءت ضمن رؤية قطر 2030، فيما ساهم تنظيم بطولة كأس العالم قطر 2022 في تسريع وتيرة التشريعات العمالية.
وما يجدر ذكره، ويعد فخرا لقطر، أن هذا المؤتمر ، قد اعتمد في العاشر من شهر يونيو الماضي، خلال جلسته العامة العاشرة، برئاسة سعادة الدكتور علي بن صميخ المري، قرارا تاريخيا دفعت به دولة قطر، حول إدراج بيئة عمل آمنة وصحية في إطار منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.
حدث تاريخي
وقد أعرب السيد محمد حسن العبيدلي الوكيل المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل، في كلمة ألقاها في الجلسة، عن ترحيب دولة قطر باعتماد هذا القرار، باعتباره من أهم مخرجات المؤتمر، وحدثا تاريخيا في مسيرة منظمة العمل الدولية.
وأكد العبيدلي إيمان دولة قطر بأن توفير ظروف عمل آمنة وصحية، يعد أمرا أساسيا لتحقيق العمل اللائق، الأمر الذي سيعود بالفائدة على الإنسان والاقتصاد، وسيسهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل. وشكر ممثلي الأطراف الثلاثة (الحكومات وأصحاب العمل والعمال) على المشاورات البناءة التي أتاحت التوصل إلى هذا القرار التاريخي الذي لقي ترحيبا كبيرا.
ولا شك أن ما حققته قطر في مجال إصلاح سوق العمل وآثاره الإيجابية على بيئة العمل لديها، سيكون بمثابة دافع لغيرها من الدول لتحذو حذوها.. فقطر تؤمن باستمرار أن الحوار والتواصل هما أفضل السبل للتوصل إلى الحلول الناجعة لمثل تلك التحديات.
ونتيجة لكل تلك الإصلاحات العمالية المشهودة واللافتة، تم انتخاب دولة قطر، ممثلة في سعادة وزير العمل نائبا لرئيس مؤتمر العمل الدولي في دورته الـ 110 بجنيف في يونيو الماضي عن ممثلي الحكومات، ما يؤكد على الدور المحوري الذي قامت به خلال السنوات الماضية في قطاع العمل، والتحديثات التشريعية، والإنجازات والتدابير والمبادرات المختلفة للوصول إلى بيئة عمل آمنة وصحية.
كما يمثل هذا الانتخاب تقديرا لجهود دولة قطر في قطاع العمل، ويعكس في الوقت نفسه ثقة آسيا والمحيط الهادي لتمثيلهم في هذا المنصب الهام، علما أن قطر تشغل أيضا منصب منسقة الدول العربية في منظمة العمل الدولية.
ولدى دولة قطر ممثلة في وزارة العمل، في إطار شراكاتها الدولية، تعاون فني وثيق مع منظمة العمل الدولية في مجالات قطاع العمل، وهو ما تطرق له مؤخرا بجنيف سعادة الدكتور علي بن صميخ المري، وزير العمل لدى اجتماعه مع سعادة السيد جيلبرت هونجبو، المدير العام للمنظمة، حيث جرى استعراض التقدم المحرز خلال السنوات الأربع من برنامج التعاون الفني المستمر بين الجانبين، وشمل التقدم الذي تم إحرازه خلال البرنامج حتى الآن، من حيث اعتماد تشريعات جديدة وأنظمة تتعلق بقطاع العمل، وهو ما بينه تقرير منظمة العمل الدولية الأخير الذي صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع، فضلا عن مجالات العمل المشترك والمتواصل لتعزيز التعاون الدولي، وتبادل الخبرات، ووضع سياسات فعالة وشاملة لسوق العمل تساهم في زيادة تنافسية الاقتصاد القائم على المعرفة.
وقال سعادة الوزير، بهذه المناسبة، إن دولة قطر تسير بخطى ثابتة بإصلاحات قطاع العمل لتحقيق رؤية قطر 2030، والتزاما ببناء سوق عمل يتسم بالحداثة والديناميكية، وأنها تعاملت بكل جدية مع كافة المقترحات البناءة فيما يتعلق بتحسين بيئة العمل والارتقاء بها، بما ينسجم مع المبادئ الرئيسية لرؤيتها الوطنية، والتزاما ببناء سوق عمل يتسم بالحداثة والديناميكية.
نهج مستدام لتحسين بيئة العمل
وتؤكد مثل هذه اللقاءات أن قطر ليس لديها ما تخشاه أو تخفيه فيما يتعلق بمثل هذه القضايا والتحديات والتحديثات التشريعية المهمة بشأنها وآلياتها التنفيذية التي تم إنجازها خلال السنوات الماضية، لتحسين بيئة العمل، ما يؤكد بدوره أن قطر دولة تتسم بالمصداقية والشفافية، خاصة بشأن العمالة الوافدة، حيث إن الإصلاحات العمالية التي تم تنفيذها خلال السنوات العشر الماضية، جعلتها من الدول السباقة على مستوى العمل في اعتماد نهج مستدام لتحسين بيئة العمل، والارتقاء بها حتى إلى ما بعد تنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وفي ظل انفتاح وتواصل قطر مع المنظمات العمالية الدولية، زارت وفود منها الدولة مؤخرا، واطلعت عن كثب على واقع بيئة العمل في قطر، لنقل الحقيقة أمام الرأي العام العالمي.
ومن ممثلي الاتحادات العمالية الدولية الذين زاروا قطر خلال شهر أكتوبر الماضي، سعادة السيدة شارن بورو الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال، وسعادة السيدة كورين فارغا مدير إدارة معايير العمل الدولية بمنظمة العمل الدولية، وسعادة السيد بلال الملكاوي السكرتير الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل، وسعادة السيد إدي ستام من "منظمة Global UNI"، وهو ما يؤكد على الشراكة المتميزة بين دولة قطر ومنظمة العمل الدولية والعديد من المنظمات الدولية والاتحادات العمالية، والتي ساهمت في الارتقاء ببيئة العمل بالدولة، ونقل الحقيقة أمام الرأي العام العالمي.
وأكد ممثلو الاتحادات العمالية الدولية، من ناحيتهم، أن الإصلاحات العمالية في قطر خلال السنوات العشر الماضية تنسجم مع استراتيجية إصلاحات قطاع العمل عالميا.
وأشاروا في هذا السياق إلى أن الإصلاحات الجوهرية العديدة التي تمت في دولة قطر خلال السنوات الماضية ساهمت بشكل أساسي في تحسين بيئة العمل.
وكان لهذه الإصلاحات صدى ممتاز ورود أفعال إيجابية كذلك لدى العديد من مديري ومسؤولي المنظمات الدولية المتخصصة والمعنية، قامت برصدها وزارة العمل، حيث أشادوا فيها بما أحرزته قطر من تقدم حقيقي في إصلاحات العمل، وفي وقت قصير.
فقد قال سعادة السيد جيلبرت هونجبو مدير عام منظمة العمل الدولية إن دولة قطر أحرزت تقدما كبيرا في قطاع العمل، شمل إلغاء نظام الكفالة، وإدخال الحد الأدنى للأجور، وتدابير الحماية من الإجهاد الحراري وغيرها في وقت قصير نسبيا، علما أن المنظمة أصدرت مطلع شهر نوفمبر الجاري تقريرا كشفت فيه النقلة الكبيرة التي شهدها سوق العمل القطري خلال الأعوام القليلة الماضية، ما يفند كافة الادعاءات والافتراءات الباطلة، حيث يحاول البعض استخدام قطاع العمل في الحملات السلبية ضد دولة قطر منذ الإعلان عن استضافتها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022. وبدون شك فإن تقرير المنظمة بصفتها جهة محايدة ، يشكل الرد الأقوى على الادعاءات ضد قطاع العمالة في قطر.
نتائج إيجابية
وجدد المدير العام لمنظمة العمل الدولية خلال الدورة 346 لمجلس إدارة المنظمة بالعاصمة السويسرية جنيف الأسبوع الفائت إشادته بالإصلاحات العمالية في دولة قطر، وثمن النتائج الإيجابية التي حققتها، وقال في هذا السياق "حققت الإصلاحات العمالية الأخيرة من قبل دولة قطر نتائج إيجابية"، معربا عن شكره لسعادة وزير العمل "على التزامه بمتابعة هذه الإصلاحات وتنفيذها، بما يتماشى مع رؤية قطر 2030".
وأكد أن منظمة العمل الدولية على استعداد لمواصلة دعم دولة قطر، لتحقيق المزيد من التحسينات التي تعود بالفائدة على جميع العمال.
الى ذلك، ثمن جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/ ، في تغريدة على حسابه بتويتر، إصلاحات قطاع العمل في قطر، وعبر عن ثقته في أن منظمة العمل الدولية، وقطر، والاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/ يمكنهم إحراز المزيد من التقدم، فيما أشارت مارريتس شيناز نائب رئيس المفوضية الأوروبية، الى الإصلاحات الملموسة في بيئة العمل بدولة قطر، وقالت في تغريدة على حسابها في "تويتر": "قطر أحرزت تقدما ملموسا في عدد من القضايا بما في ذلك إصلاح العمل. نتطلع إلى التقدم المستمر قبل كأس العالم لكرة القدم والتعاون في مجالات أخرى، مثل تنمية المهارات في سياق العام الأوروبي للمهارات 2023".
ووصف مارك تاربيلا، رئيس مجموعة الرياضة بالبرلمان الأوروبي، مقاطعة كأس العالم في قطر بالنفاق. وقال "أحرزت قطر تقدما هائلا على صعيد العمل وحقوق الإنسان، مدفوعا إلى حد كبير بكأس العالم. من الواضح أنه يمكن تحسين النظام، حيث لا تزال هناك تحديات، نحن بحاجة لمساعدتهم على إتقان ما تم البدء به"، واصفا ما ذكرته صحيفة الغارديان، بخصوص وفيات العمال بأنه "أمر مبالغ فيه".
وقالت رئيسة اللجنة الفرعية للبرلمان الأوروبي لحقوق الإنسان مارينا أرينا، في تصريحات صحفية "منذ عام 2018، تم اعتماد العديد من الإصلاحات بسبب الجهود التي بذلتها كل من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ووزير العمل الدكتور علي المري. وتشمل تلك الإصلاحات إلغاء نظام الكفالة، وضمان حرية وسهولة تنقل العمال، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وضمان السلامة وتطوير آليات الصحة في مكان العمل، وإطلاق الصندوق الاجتماعي، وتوفير ترتيبات للمفاوضات الجماعية، وغيرها الكثير"، مضيفة أن "هذه الإصلاحات مهمة، ولكن يجب أن تنفذ بشكل صحيح، وأن يتم تقييمها ومتابعتها، ولذلك نرحب بمشاركة منظمة العمل الدولية كشريك لنا في تنفيذ هذه الإصلاحات".
إصلاحات العمل
كما أصدر مكتب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي تقريرا عن إصلاحات العمل في دولة قطر، ذكر فيه أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر تفاعلت بشكل منتظم مع الاتحاد الأوروبي، واعتبر إلغاء نظام الكفالة خطوة إيجابية في إصلاحات قوانين العمل، لافتا إلى قيام دولة قطر بتطبيق نظام الحد الأدنى للأجور عام 2021 على جميع العمال، وأن دولة قطر هي الوحيدة في منطقة الخليج التي تسمح للعمال بتغيير وظائفهم، قبل نهاية عقودهم دون الحصول على موافقة صاحب العمل.
وقد أشاد بهذه الإصلاحات وأكد على حيوتها وأهميتها أيضا، كل من الاتحاد الدولي لنقابات العمال، والاتحاد الدولي للبناء والأخشاب، واتحاد النقابات الأوروبية، والأمين العام لمنظمة أصحاب العمل، ونقابات آسيا- باسفيك، واتحاد الصحفيين الأفارقة وغيرهم، حيث عبروا عن الفخر والترحيب بها، واستفادة العمالة الوافدة إلى قطر منها، فضلا عن إشادة منظمة العمل الدولية في تقريرها الأخير بتجربة الحوار والتعاون أثناء التحضير لبطولة كأس العالم بينها وبين الاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/ واتحادات كرة القدم.
وقبيل انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر في العشرين من شهر نوفمبر الجاري، يتوقع ان تزداد مثل تلك الافتراءات والأباطيل، لكنها وبكل تأكيد لن تؤثر على نهج الإصلاح، ولن تثني قطر عن الاستمرار في تطوير وتحديث قوانين وتشريعات سوق العمل وحماية العمال خلال السنوات المقبلة، وتنظيم مونديال تاريخي واستثنائي سيبقى طويلا في ذاكرة الأجيال .
فكل ما تحقق، مرده أن تطوير بيئة العمل يعد سياسة مستمرة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030، وهو ما شهدته السنوات الماضية من تحديثات لا تحصى في بيئة العمل، وتطوير في التشريعات الناظمة، بهدف تحسين أوضاع العمالة الوافدة ومواكبة التطور الذي يشهده العالم في سوق العمل، ما ينعكس بدوره على بيئة العمل ويحقق التوزان المطلوب بين أصحاب العمل والعمال على حد سواء.