تتجه الأنظار إلى الرياض، حيث تعقد هناك، اليوم، القمة الثالثة والأربعون للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقمة الخليجية الصينية للتعاون والتنمية، والقمة العربية الصينية للتعاون والتنمية.
ويترأس حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفد دولة قطر للقمم الثلاث التي تحظى باهتمام عربي ودولي بالغ.
وفي إطار التحضير للقمة الخليجية شاركت دولة قطر، يوم الأربعاء الماضي، في أعمال اجتماع المجلس الوزاري التحضيري الـ 154 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ 43، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون، بمدينة الرياض، بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
وترأس وفد دولة قطر في الاجتماع، سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. وجرى خلال الاجتماع، اعتماد مشروع جدول الأعمال، ومناقشة الموضوعات المدرجة في جدول الأعمال، واعتماد مشروع القرارات والتوصيات.
ثلاث قمم مرتقبة
وعلى صلة بالقمة الخليجية الصينية التي ستعقد بمشاركة فخامة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود وزير الخارجية السعودي أن بلاده تتطلع للعمل مع جمهورية الصين والأشقاء بدول الخليج والدول العربية من خلال القمم الثلاثة التي تستضيفها الرياض، على تكثيف التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وذلك تحقيقا لتطلعات دولنا وشعوبنا نحو مزيد من الأمن والاستقرار والرفاه والازدهار للجميع.
الخارجية الصينية: علاقتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي تمتعت بنمو شامل وسريع وعميق على مدى السنوات الـ41 الماضية
وفي بكين، وصفت الخارجية الصينية دول مجلس التعاون الخليجي بالشركاء المهمين للصين، وقالت إن العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تمتعت بنمو شامل وسريع وعميق على مدى السنوات الـ41 الماضية، مع تعاون مثمر، يشمل مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة، والخدمات المالية والاستثمار، والتكنولوجيا الفائقة والفضاء الجوي، واللغة والثقافة، ما حدد وتيرة التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إن الرئيس الصيني سيجري خلال القمة تبادلات متعمقة لوجهات النظر مع قادة الدول المشاركة بشأن العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، مضيفة أن القمة ستواصل تعزيز الصداقة التقليدية التي تتمتع بها الصين مع دول مجلس التعاون الخليجي، وإثراء المحتوى الاستراتيجي للعلاقات، والارتقاء بها إلى مستوى جديد.
العلاقات الخليجية الصينية
وكان الجانبان قد عبرا عن ارتياحهما لمدى تطور العلاقات الخليجية الصينية، وأكدا في بيان مشترك، في يناير الماضي، أن تعزيز التعاون الخليجي الصيني يتماشى مع المصالح الأساسية والبعيدة المدى لدى الجانبين، واتفقا على ضرورة إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بينهما في أسرع وقت ممكن، كما اتفقا على التوقيع على خطة العمل المشتركة للحوار الاستراتيجي بين الطرفين بين عامي 2022- 2025، من أجل آفاق جديدة وتوسيع مجالات التعاون بين الجانبين، وشددا على ضرورة إتمام المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين، وإقامة منطقة التجارة الحرة بينهما.
دول مجلس التعاون الخليجي محور جغرافي يربط آسيا وإفريقيا وأوروبا وهي ميزة جغرافية بارزة
وتعد دول مجلس التعاون الخليجي محورا جغرافيا يربط آسيا وإفريقيا وأوروبا لما لها من الميزة الجغرافية البارزة، وكنز الطاقة الذي يغذي الاقتصاد العالمي لما لها من موارد وطاقة غنية يشكل احتياطي النفط والغاز منها 30% و20% من احتياطيات العالم كل على حدة، وأرضا خصبة لتطوير صناعات التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة لما لها من روح الريادة والمبادرة، وتعتبر ، الصين أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي وأكبر مستورد لمنتجاته البتروكيمياوية. وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 230 مليار دولار أمريكي وتجاوزت واردات النفط الخام من دول المجلس عتبة 200 مليون طن في عام 2021.
وتشكل القمة العربية الصينية للتعاون والتنمية محطة بارزة في مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وخطوة إضافية لدعم التعاون بينهما في المجالات كافة، بما يحقق المصالح المشتركة بين الجانبين، كما تعكس القمة حرص القيادات العربية والصينية على تطوير أوجه التعاون المشترك مع الصين كثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، وترمز إلى دخول الصداقة العربية الصينية مرحلة جديدة وتعد الدول العربية شركاء مهمين للصين في السير الثابت على طريق التنمية، وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية، والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
مجالات التعاون مع الصين
وشهد التعاون بين الدول العربية والصين في المجالات كافة تطورا سريعا وشاملا، حيث أصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، فيما ينفذ الجانبان العربي والصيني معا خطة عمل "الحزام والطريق" في مجالات مختلفة، ومنها مجال التكنولوجيا، وذلك في إطار الشراكة التكنولوجية العربية الصينية، للاستفادة الكاملة من المزايا التكنولوجية الصينية، وتوظيف الدور التحفيزي للتكنولوجيا المتقدمة والحديثة.
حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين بين عامي 1970 و2010 ازداد بأكثر من 620 ضعفًا
وتتمتع الدول العربية والصين بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، حيث ازداد حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين منذ عام 1970م إلى عام 2010م، بأكثر من 620 ضعفا، وازدادت الواردات النفطية الصينية من الدول العربية بحوالي 30 ضعفا منذ بداية التسعينيات إلى عام 2010م.
وفي عام 2021م بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين العربي والصيني 27 مليار دولار، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار، وفي الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2022م وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 319 ملياراً و295 مليون دولار بزيادة 35.28% عما كان عليه في الفترة نفسها العام الماضي، ويقارب الحجم الإجمالي في عام 2021م.
آليات مختلفة للتواصل
وأنشأ الجانبان العربي والصيني آليات مختلفة للتواصل الإنساني والثقافي، في إطار منتدى التعاون العربي الصيني، وظلت الصين تبذل جهودا حثيثة من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، كما تشارك الصين بشكل بنّاء في القضية الفلسطينية، وفي القضايا الساخنة للعراق وليبيا والسودان واليمن وغيرها من الدول، لدفع المساعي الرامية لإيجاد حلول مقبولة لدى جميع الأطراف، عبر الحوار السياسي الشامل.
وتضامنت وتآزرت الدول العربية والصين بروح الفريق الواحد منذ حدوث جائحة فيروس كورونا المستجد، وأثمرت عن تعاون فعّال في مجالات تطوير اللقاحات، واستخدامها، والوقاية، والسيطرة المشتركة، وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية.
الصين والعالم العربي يربطهما تاريخ طويل من التبادلات الودية على طول طريق الحرير القديم
ورغم تباعدهما جغرافيا، فإن الصين والعالم العربي يربطهما تاريخ طويل من التبادلات الودية على طول طريق الحرير القديم، ما يجعلهما شريكين طبيعيين للتعاون في إطار الحزام والطريق. وقبل نحو ألفي عام، بدأ أسلاف الجانبين التجارة عبر طريق الحرير القديم، وأقاموا صداقة اجتازت اختبار الزمان، وظلت مفعمة بالحيوية حتى اليوم.
ومع مواجهة العالم مجموعة من التحديات غير المسبوقة، بما في ذلك الوباء المستمر، والتباطؤ الاقتصادي الأكثر حدة من المتوقع، وأزمتا الطاقة والغذاء، ووفق تقارير إعلامية في بكين، من المتوقع أن تفسح الصين والعالم العربي -مع تأثيرهما المتزايد في الساحة العالمية- مجالا لمزايا كل منهما، وأن يلعبا دورا أكبر في الشؤون الدولية، وقالت إن الجانب الصيني يأمل أن يبذل الطرفان العربي والصيني جهودا مشتركة لتحقيق الاستقرار في سلاسل التصنيع، والحفاظ على الأمن العالمي للطاقة، ومعالجة سلسلة من القضايا الملحة تشمل الفقر، والإرهاب، وتغير المناخ، فضلا عن الحفاظ على الاستقرار العالمي.