تحتفل دولة قطر باليوم الدولي لمكافحة الفساد، الذي يصادف التاسع من ديسمبر من كل عام، وهي تشق خطاها على مختلف مسارات التنمية بثقة وسرعة، بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، التي تؤكد على ضرورة محاربة الفساد بشتى الطرق والوسائل، وتقديم المساعدة للدول الأخرى في تقوية ودعم برامجها الطموحة في مكافحة هذه الظاهرة.
ولتعزيز تشريعاتها ومؤسساتها المعنية بالوقاية من الفساد ومكافحته، أصدرت دولة قطر عددا من الأدوات التشريعية، منها ميثاق عام لسلوك ونزاهة الموظفين العموميين، وتعديل قانون العقوبات لتجريم رشوة الموظف العام الأجنبي وموظفي المؤسسات الدولية العمومية، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية لتعزيز آليات التعاون الدولي والمساعدة القانونية المتبادلة، إلى جانب قانون حماية المجني عليهم والشهود، وقانون تنظيم الحق في الحصول على المعلومات، الذي يضع الدولة في مصاف عدد قليل من دول العالم التي لديها تشريع متخصص في هذا المجال، مما يضمن شفافية القطاع العام ويعزز من ثقة المستثمرين الدوليين والمحليين، ويعزز من آليات العمل الرسمية والخاصة.
وفي العام 2016، أطلقت دولة قطر مبادرة دولية فريدة، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بتخصيص جائزة دولية سنوية للتميز في مكافحة الفساد، باسم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ليتم تقديمها سنويا في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، تكريما وتقديرا لمن ساهموا في الحملة العالمية لمكافحة الفساد، لتكون بمثابة أداة تلقي الضوء على الإجراءات المثالية والجديرة بالملاحظة والممارسات الجيدة على الصعيد العالمي.
وفي إطار انخراطها في المسار الدولي المناهض للفساد، صادقت دولة قطر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بالمرسوم رقم (17) لسنة 2007، لتكون هذه الاتفاقية الأممية الوحيدة الملزمة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، خاصة أنها تتمتع بقوة القانون على المستوى الوطني وفقا للمادة (68) من الدستور.
وتتطلب الاتفاقية الأممية من الدول الأطراف فيها تعزيز نظمها القانونية والمؤسسية المتعلقة بالنزاهة والشفافية، وإنشاء أجهزة متخصصة في هذا المجال، لتتخذ دولة قطر عدة خطوات لتعزيز الإطار المؤسسي المعني بالنزاهة والشفافية، من ذلك إصدار القرار الأميري رقم (84) لسنة 2007 بإنشاء اللجنة الوطنية للنزاهة والشفافية بتشكيل يضم الجهات الوطنية ذات الصلة، والقرار الأميري رقم (75) لسنة 2011 بإنشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية كهيئة متخصصة في تعزيز النزاهة والشفافية، بهدف تحقيق الرقابة والشفافية ونزاهة الوظيفة العامة، ومنع وقوع الجرائم التي تمس المال العام أو الوظيفة العامة، والعمل على ضبط ما يقع منها.
كما صدر القرار الأميري رقم (6) لسنة 2015 بإعادة تنظيم هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، بهدف التركيز بشكل أكبر على جانب الوقاية والمساهمة في تحقيق أعلى مؤشرات النزاهة والشفافية في مجال الوظيفة العامة ومكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره، مع منح الهيئة الشخصية المعنوية، وجعل تبعيتها لسمو أمير البلاد المفدى بشكل مباشر، بهدف منحها الاستقلالية الكاملة.
تطوير التشريعات والنظم الداخلية
وينطلق عمل هيئة الرقابة الإدارية والشفافية من البناء على ما تم إنجازه في الدولة على مدى العقود الفائتة، حيث إنها تعنى بشكل خاص بتطوير الإستراتيجيات والتشريعات والنظم الداخلية في الجهات الوطنية المتعلقة بالنزاهة والشفافية، وتقديم التدريب، وبناء القدرات للموظفين العموميين، ورفع الوعي العام حول الوقاية من الفساد ومكافحته، وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والصكوك الدولية ذات الصلة، والتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية.
وتحرص هيئة الرقابة الإدارية والشفافية على الحفاظ على ريادة دولة قطر في مجال تعزيز النزاهة والشفافية، ليس بمحيطها الإقليمي فقط، بل على المستوى الدولي من خلال خطط عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، لتعزيز آليات النزاهة والشفافية في كافة مجالات العمل العام والخاص، بهدف التعزيز من قدرات الوقاية من الفساد، وتحقيق حماية أكبر للوظيفة العامة والمال العام، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة في الدولة.
يشار إلى أن دول العالم تحتفل باليوم الدولي لمكافحة الفساد في (9 ديسمبر) من كل عام، ليحمل هذا العام شعارا جديدا، تحت عنوان: "20 عامًا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: نحو عالم متحد ضد الفساد".
وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمثابة الصك العالمي الوحيد الملزم قانونا لمكافحة الفساد، حيث إنها تغطي خمس مجالات رئيسة ممثلة بالتدابير الوقائية، والتجريم وإنفاذ القانون، والتعاون الدولي، واسترداد الموجودات، والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات، كما تغطي الاتفاقية العديد من أشكال الفساد المختلفة، مثل الرشوة، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف، ومختلف أفعال الفساد في القطاع الخاص، بالإشارة إلى أن الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أطراف في هذه الاتفاقية.