تدخل منتخبات "السعودية والعراق وعمان واليمن" صراع المنافسة في المجموعة الأولى من بطولة كأس الخليج لكرة القدم في نسختها الخامسة والعشرين، التي تنطلق بعد غد الجمعة، وتستمر حتى 19 يناير الجاري في مدينة البصرة العراقية، وفي خاطرها آمال وطموحات مشروعة بالتأهل إلى الدور نصف النهائي، وتحقيق اللقب رغم اختلاف الأسباب والحظوظ.
وينتظر أن تكون المنافسة على أشدها في المجموعة؛ من أجل التأهل إلى الدور نصف النهائي أولا ومن ثم اللقب، في ظل سعي العراق الدولة المضيفة لحصد اللقب الغائب منذ 34 عاما، فيما تأمل السعودية في لقب رابع، بينما تمني عمان النفس بلقب ثالث، وأخيرا تبحث اليمن عن لقبها الأول في البطولة.
ويعتبر منتخب العراق أحد أكثر المرشحين لحصد لقب خليجي 25، معتمدا على إقامة البطولة على أرضه ووسط جماهيره، فضلا عن سمعته الكبيرة التي نجح في تكوينها خلال الفترة الأخيرة من حصد العديد من الألقاب؛ أبرزها الفوز بلقب بطولة الأمم الآسيوية عام 2007، وكذلك إحراز اللقب الخليجي ثلاث مرات، وبطولة غرب آسيا، والميدالية الذهبية لدورة الألعاب الآسيوية.
ويعد العراق من البلدان الشغوفة بلعبة كرة القدم، ويضم بين صفوفه دائما مجموعة مميزة من اللاعبين، الأمر الذي يجعله في مقدمة الترشيحات للفوز بخليجي 25، وإحراز اللقب للمرة الرابعة في تاريخه، بعدما سبق أن أحرزه أعوام 1979 و1984 و1988.
ووضعت القرعة "أسود الرافدين" في المجموعة الأولى بجوار منتخبات السعودية وعمان واليمن، وبلغة التوقعات ستبدو حظوظ العراق متساوية مع كل من السعودية وعمان في بلوغ الدور نصف النهائي، ولكن على أرض الواقع كل شيء يمكن أن يتغير في ثوان من جانب اليمن الساعية للتواجد وسط الكبار.
ويستهل المنتخب العراقي مشواره في البطولة بمواجهتين قويتين؛ الأولى مع عمان في الافتتاح، والثانية مع السعودية، الأمر الذي يشكل ميزة كبيرة له، حيث إن فوزه في إحدى المباراتين قد يقوده للتأهل إلى الدور الثاني، خاصة أن مباراته في الجولة الأخيرة أمام اليمن ستكون الحلقة الأضعف في المواجهات، وفوزه بها شبه مضمون بصورة كبيرة.
وسيخوض المنتخب العراقي خليجي 25 وهو يعاني من غيابات مجموعة من أبرز اللاعبين، وفي مقدمتهم زيدان إقبال لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، وميرخاس دورسكي لاعب سلوفاكو التشيكي، ومهند جعاز لاعب دي سي يونايتد الأمريكي، وهيران أحمد لاعب ثون السويسري.
ويملك العراق أسبابه القوية ودوافعه الإيجابية للمنافسة على اللقب، حيث يتطلع تحت قيادة مدربه الإسباني خيسوس كاساس إلى إسعاد الجماهير، وتحقيق اللقب الغائب منذ أواخر الثمانينيات، وذلك بتشكيلة تضم مجموعة مميزة من اللاعبين أبرزهم: أحمد باسل، فهد طالب، جلال حسن، مصطفى ناظم، وأمير العماري، ضرغام إسماعيل، حسين عمار، أحمد ياسين، حسين جبار، مؤمل عبد الرضا، شيركو كريم، علاء عباس.
في المقابل، يعد المنتخب السعودي أحد الثوابت في كرة القدم الآسيوية بإنجازاته الكبيرة ومساهماته في تطوير كرة القدم بالمنطقة، فضلا عن ظهوره المميز في نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022، التي اختتمت قبل نحو أسبوعين في الدوحة، كما أنه يعد فرس رهان رئيسيا لإحراز لقب خليجي 25 رغم مشاركته بالمنتخب الأولمبي.
ويملك الأخضر، الذي حصل على اللقب ثلاث مرات سابقة أعوام 1994 و2002 و2003، حظوظا كبيرة لإحراز اللقب الرابع في تاريخه، وهو ما يسعى إليه بقوة لتعويض أحزانه وإخفاقاته بعد خروجه من الدور الثاني في الأمم الآسيوية الأخيرة في الإمارات، فضلا عن إخفاقه في حصد اللقب الخليجي خلال النسخ الثماني الماضية.
وتصطدم حظوظ المنتخب السعودي في المنافسة على اللقب بتواجد أكثر من منافس على مستوى عالٍ، يأتي في مقدمتهم المنتخب العراقي صاحب الأرض والجمهور، بجانب عمان حامل اللقب مرتين، بالإضافة إلى اليمن، وهم منتخبات المجموعة التي تضم الأخضر، فضلا عن منتخبات قطر المتوجة ثلاث مرات، والبحرين حاملة اللقب الأخير في الدوحة، والإمارات الساعية للقبها الثالث، وهي منتخبات تطورت كثيرا في الفترة الأخيرة.
ويبدو مسار الدور الأول صعبا للمنتخب السعودي؛ كونه سيواجه اليمن الأسهل في البداية، الأمر الذي قد يشكل عاملا إيجابيا في حال الفوز، وسلبيا في حالة التعادل والهزيمة، خاصة أن مباراته الثانية ستكون مع العراق الدولة المضيفة، أما المباراة الثالثة والأخيرة فستكون أمام عمان، والتي قد تكون حاسمة للمنتخبين أو أحدهما على الأقل.
وتضم تشكيلة المنتخب السعودي تحت قيادة المدير الفني الوطني سعد الشهري، التي ستشارك في خليجي 25، مجموعة من عناصر المنتخب الأولمبي، إلى جانب بعض اللاعبين الذين لم يشاركوا بصفة أساسية في كأس العالم FIFA قطر 2022، وهم: نواف العقيدي، عبدالباسط هوساوي، محمد العبسي، مدالله العليان، محمد أبو الشامات، أحمد بامسعود، حسين الصبياني، زياد الصحفي، مشعل الصبياني، ريان حامد، قاسم لاجامي، رياض شراحيلي، فيصل الغامدي، عوض الناشري، نايف مسعود، مصعب الجوير، سعد الناصر، حسين العيسى، سميحان النابت، تركي العمار، أحمد الغامدي، رائد الغامدي، محمد مران.
في المقابل، لا تقل دوافع منتخب عمان للفوز بلقب خليجي 25 عن العراق والسعودية؛ إذ يبحث عن لقبه الثالث في المسابقة بعد عامي 2009 في عمان، و2017 في الكويت، خاصة أن البطولة فرصة لإظهار الكرة العمانية على الساحة، وتعويض إخفاقها الأخير في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022.
ويدخل منتخب عمان منافسات البطولة تحت قيادة مدربه الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، وفي خاطره حلم التتويج باللقب، خاصة بعدما استوعب جيدا درس الخروج من الدور الأول في خليجي 24 بالدوحة، بعد مشاركات ناجحة خلال النسخ السبع الأخيرة، والتي صعد خلالها إلى المباراة النهائية أربع مرات، وحقق اللقب في مناسبتين.
ويمني العمانيون النفس بعودة منتخبهم لسابق عهده، والظهور بمستواه المعروف في خليجي 25، والوصول إلى مراحل متقدمة قد تؤهله إلى إحراز لقبه الثالث في البطولة، إلا أن هذا الأمر قد يكون من الصعب تحقيقه هذه المرة، خاصة في ظل قوة المنافسة التي ينتظر أن تكون عليها البطولة هذه المرة.
قد يستغرب البعض من قدرة المنتخب العماني على بلوغ الدور نصف النهائي في البطولة، خاصة أنه يتواجد في مجموعة قوية بجوار العراق الدولة المضيفة والسعودية واليمن، ولكن المدير الفني للفريق الكرواتي إيفانكوفيتش لديه وجهة نظر مختلفة، فهو يرى الفريق قادرا على المنافسة على اللقب بسبب الروح المعنوية المرتفعة للاعبين.
وتعد رغبة اللاعبين المميزين الموجودين ضمن صفوف المنتخب العماني أمثال مصعب المعمري، خالد البريكي، زاهري الغبري، المنذر العلوي، وأحمد الرواحي، محمد المسلمي، جمعة الحبسي، في تقديم أفضل ما لديهم هي الحافز الأول للمنافسة على اللقب، خاصة أن هذه البطولة قد تصنع المزيد من نجوميتهم .
وستكون المشكلة الأكبر في طريق المنتخب العماني في خليجي 25 هي نقص الخبرة والمشاركات الدولية لعدد من لاعبيه، وهو ما قد يجعل فرص المنتخب أقل، ولكن إذا تفحصنا فرق المجموعة بواقعية وشفافية، سنجد أن المنتخبات الأربعة لديها نفس الفرص والحظوظ في التأهل للدور نصف النهائي، حيث لا يوجد منتخب بعينه مرشحا للخروج مبكرا وبدون أي منافسة حقيقية، أو فريق مرشح للتأهل وإكمال المشوار، ومن ثم محاولة الفوز باللقب.
لكن الظروف وحدها قد تخدم العمانيين في مشوارهم بالدور الأول، خاصة أنهم سيستهلون مشوارهم في البطولة بمواجهة العراق في مباراة الافتتاح، وهو اللقاء الذي سيحدد المنتخب القادر على إكمال المشوار، خاصة أن اللقاءين المتبقيين أمام اليمن والسعودية ستكون لهما ظروف مختلفة حسب النتائج، إلا أن كرة القدم لا تعترف بوجود المستحيل.
وبالنظر لمباريات المنتخب العماني السابقة نستشف تشكيل الفريق في خليجي 25، حيث سيعتمد على الدفاع الصلب وخط الوسط المحكم، مع استغلال الجناحين في الهجمات المرتدة السريعة، مع تثبيت مهاجمين بشكل أساسي لاستغلال الكرات الطولية من الخلف للأمام.. واختتم المنتخب العماني استعداده لـ "خليجي 25" بمعسكر داخلي بنادي النجمة بالجفير، حيث خاض خلال الفترة الماضية مباراتين وديتين قويتين؛ الأولى أمام بنين وفاز فيها بهدفين دون مقابل، والثانية أمام توجو وخسرها بهدف نظيف.
أما آخر منتخبات المجموعة، منتخب اليمن فعلى الرغم من أن طريقه في خليجي 25 ليس مفروشا بالورود، فإن تحقيق اللقب للمرة الأولى في تاريخه هو الهدف والمسعى الذي يخوض البطولة من أجله، حتى وإن كان هذا اللقب حلما بعيد المنال.
وسيعتمد المنتخب اليمني تحت قيادة مدربه التشيكي ميروسلاف سكوب، في مشاركته العاشرة في بطولات الخليج، على مجموعة من اللاعبين الشباب مع التدعيم بلاعبين من أصحاب الخبرة، تم اختيارهم بعد معسكر خارجي في العاصمة المصرية القاهرة، خاض خلاله العديد من المباريات الودية.
ومشاركة اليمن في خليجي 25 محاطة بالكثير من الأمور الغامضة والمعقدة، وفي مقدمتها التشكيك في قدرة اللاعبين الحاليين على تقديم مستويات عالية، ونتائج جيدة تؤهلهم على الأقل لتحقيق أول فوز في تاريخ المنتخب ببطولات الخليج، خاصة أن القرعة لم ترحم المنتخب ووضعته في مجموعة واحدة مع منتخبات السعودية والعراق وعمان.
وسبق للمنتخب اليمني أن شارك في بطولات الخليج تسع مرات، بدأت في خليجي 16 عام 2003 بالكويت، واحتل وقتها المركز الأخير برصيد نقطة واحدة، وآخرها في خليجي 24 في الدوحة، ووقتها احتل المركز الأخير أيضا بنقطة واحدة من التعادل مع العراق.
واختتم المنتخب اليمني استعداداته لخليجي 25 بمعسكر خارجي في القاهرة، لعب خلاله ست مباريات ودية مع أندية متفاوتة المستوى من الدرجتين الثالثة والثانية والدوري الممتاز في مصر.
وتعد فرص اليمن في تحقيق نتائج إيجابية في خليجي 25 متوقفة بصورة أساسية على قتال اللاعبين داخل الملعب، والإيمان بقدراتهم على تحقيق المستحيل، خاصة بعدما أوقعته القرعة في مجموعة حديدية، ضمت إلى جانبه منتخبات العراق الدولة المضيفة، والسعودية التي تعيش أزهي عصورها الكروية، وعمان التي صعدت للمباراة النهائية 4 مرات في آخر سبع نسخ، وما يزيد من صعوبة المجموعة على المنتخب اليمني، هو سعي المنتخبات الثلاثة لحصد اللقب، خاصة العراقي والسعودي اللذين لم يفوزا باللقب منذ عقود، وهو الأمر الذي سيزيد الحافز لديهما في اقتناص اللقب الخليجي المرتقب.
ويبدأ اليمن مشواره في البطولة بمواجهة قوية مع السعودية، قد تحدد نتيجتها شكل وأداء المنتخب في البطولة، خاصة أنه ستنتظره في الجولتين الثانية والثالثة مواجهتان أمام عمان والعراق لن تقلا صعوبة عن لقاء السعودية.