ينطلق قطار نتائج شركات البورصة القطرية عن العام 2022 بإعلان بنك QNB عن نتائج أعماله غدا الأربعاء، وكما هو معلوم فإن نتائج الشركات (أرباحها) تعبر عن حالة الاقتصاد وقوته، حيث شهد العام 2022 تحسن معظم مؤشرات الاقتصاد الكلي وأهمها القفزة في فوائض الموازنة العامة للدولة والتي سجلت نهاية التسعة أشهر الأولى من عام 2022، فائضا بحوالي 77 مليار ريال.
يضاف إلى ذلك ارتفاع فائض الميزان التجاري مع صعود أسعار الطاقة، وكذلك توقع بيوت الخبرة الاقتصادية ووكالات التصنيف العالمية تحقيق الاقتصاد القطري لنسب نمو عن العام 2022 تتراوح بين 4.20 - 4.40 بالمائة مدفوعا بانتعاش أسعار الطاقة واستضافة البلاد لكأس العالم FIFA قطر 2022.
أرباح القطاع المالي تشكل قرابة 50 بالمائة من إجمالي أرباح شركات البورصة السنوية
وقد توقع خبراء ومحللون اقتصاديون أن تنمو الأرباح الإجمالية السنوية لشركات البورصة بنسبة تتراوح بين 12 - 20 بالمائة، وتشكل أرباح القطاع المالي قرابة 50 بالمائة من إجمالي أرباح شركات البورصة السنوية، حيث من المتوقع نمو أرباح القطاع بنسبة 5 بالمئة على أساس سنوي لتبلغ 24.5 مليار ريال.
وأشار الخبراء إلى أن شركات قطاع الصناعة استفادت من ارتفاع أسعار منتجاتها عالميا، الأمر الذي سيؤثر إيجابا على ربحيتها وبالتالي على توزيعاتها عن العام 2022، وسيسجل قطاع الاتصالات أعلى نسبة نمو في ربحيته بدعم من نتائج أريدُ بعد هيكلة عملياتها في إندونيسيا.
قطاع النقل
وذكر الخبراء أنه بالنسبة لشركات قطاع النقل فقد استفادت من ارتفاع أسعار الشحن البحري خلال النصف الأول من عام 2022، وأخيرا سيزيد ارتفاع أسعار الفوائد من تكلفة التمويل للشركات التي تعتمد على المديونية في هيكلها التمويلي، وبالتالي سيترك أثرا على ربحيتها في الربع الأخير من 2022.
وقد أظهرت نتائج الشركات القطرية المدرجة في البورصة عن التسعة أشهر الأولى من 2022 تحقيقها لنسب نمو ملحوظة بلغت نحو 19.3 بالمائة، لتسجل الأرباح المجمعة لتلك الشركات أرباحا بحوالي 39.42 مليار ريال مقابل 33.04 مليار ريال عن الفترة نفسها من العام 2021.
وقال المحلل المالي رمزي قاسمية في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا": "في استقراء لنتائج الشركات عن كامل عام 2022، نجد أن عدة قطاعات قد تفاعلت إيجابيا من أحداث العام والمتمثلة بارتفاع أسعار الطاقة وبالتالي صعود أسعار السلع عالميا نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.
رمزي قاسمية: أرباح قطاع الصناعة نمت نهاية التسعة أشهر من 2022 بنسبة 24.4 بالمائة
وتابع: "استفادت بعض شركات قطاع الصناعة من ارتفاع أسعار الأسمدة والبتروكيماويات والحديد والألمنيوم عالميا، الأمر الذي انعكس إيجابيا على أرباح تلك الشركات، حيث نمت أرباح قطاع الصناعة نهاية التسعة أشهر من 2022 بنسبة 24.4 بالمائة، على الرغم من انحسار وتيرة تلك الارتفاعات في أسعار السلع في الربعين الثالث والرابع من العام نتيجة ارتفاع قيمة الدولار من جهة وتأثيره السلبي على أسعار السلع عالميا، ومخاوف الركود الاقتصادي المتوقع لبعض الاقتصاديات خاصة في أوروبا وأمريكا، بالإضافة لسياسة الإغلاقات التي اتبعتها الصين نتيجة إصابات كورونا وتأثيرها على الطلب العالمي.
وتوقع قاسمية أن تسجل شركات قطاع الصناعة أرباحا بحوالي 14.7 مليار ريال وبنسبة نمو 12 بالمائة مقارنة مع أرباح عام 2021.
قطاع البنوك (المالي) هو القطاع الأكثر مساهمة في أرباح الشركات المدرجة
وأضاف المحلل المالي أن قطاع البنوك (المالي) هو القطاع الأكثر مساهمة في أرباح الشركات المدرجة حيث تمثل أرباحه أكثر من 50 بالمائة من الأرباح الإجمالية لتلك الشركات، وقال في هذا الصدد: "هنا لا بد من الإشارة إلى عدة عوامل تؤثر في ربحية البنوك ومنها، استفادة بعضها من حدث كأس العالم وتعزيز إيراداتها من العمولات، إلا أن هنالك عدة أمور يجب الإشارة إليها، حيث إن ارتفاع أسعار الطاقة يعزز من الإيرادات الحكومية ويولد فوائض تدفع الحكومة القطرية بالعادة إلى سداد جزء من قروضها تجاه تلك البنوك، وقد لاحظنا ذلك في الربعين الثاني والثالث، حيث قامت الحكومة بتخفيض التزاماتها تجاه تلك البنوك".
أسعار الفوائد
وهناك عامل آخر يضاف إلى ربحية البنوك أشار إليه قاسمية يتمثل بالارتفاع المستمر منذ الربع الثاني من العام لأسعار الفوائد، وغالبا ما تستفيد البنوك من زيادة هامش الفوائد (الفرق بين الفائدة على القروض والودائع)، إلا أن ارتفاع الفوائد يؤثر على البنوك التي لجأت إلى الاقتراض الخارجي لتدعيم قاعدة رأس المال (نسبة كفاية رأس المال)، متوقعا أن تسجل شركات القطاع المالي نموا في أرباحها السنوية بنسبة 5 في المائة مقارنة مع العام السابق 2021، وتعتبر نسبة النمو هذه جيدة في ظل لجوء بعض البنوك لتعزيز وتقوية مراكزها المالية باستدراك المزيد من المخصصات، وعليه يتوقع أن تبلغ أرباح القطاع نحو 24.4 مليار ريال مقارنة مع 23.3 مليار ريال.
وبالانتقال إلى قطاع الخدمات يتوقع المحلل المالي، أن يسجل نموا في أرباحه السنوية بنسبة 10 بالمائة لتقترب الأرباح الإجمالية من ملياري ريال، حيث استفادت بعض شركات القطاع من المونديال وخاصة مبيعات التجزئة والمواد الاستهلاكية، بالإضافة إلى القفزة المحققة في نتائج مجمع المناعي بعد بيعه لوحدة أعماله في فرنسا.
قطاع الاتصالات
أما قطاع الاتصالات فسيكون الأكثر نموا على مستوى الربحية، حيث يتوقع قاسمية أن تبلغ أرباح القطاع قرابة 2.9 مليار ريال مقارنة مع 374 مليون ريال، وذلك نتيجة تحسن أرباح أريدُ بعد هيكلة أعمالها في إندونيسيا وبيعها لأبراج الاتصالات هناك.
وفيما يتعلق بقطاع النقل أوضح قاسمية، أن شركتي الملاحة وناقلات تأثرتا إيجابيا من ارتفاع أسعار النقل البحري بشكل كبير في بداية العام بفعل الحرب الروسية – الأوكرانية، وسجلتا نموا ملحوظا في أرباحهما على الرغم من تراجع أسعار النقل البحري مؤخرا، إلا أنه يتوقع أن تسجل شركات القطاع نموا بحوالي 12 بالمائة على أساس سنوي.
وتوقع المحلل المالي، أن تحقق شركات العقار نموا بنسبة لا تقل عن 18 بالمائة حيث استفادت بعض الشركات من حدث المونديال ووقعت عقودا مع لجنة المشاريع والإرث ستنعكس على أرباحها في الربع الرابع.
تامر حسن: البورصة القطرية شهدت أكثر من منحنى كان فيه منحى إيجابي حتى أبريل 2022
وفي نفس السياق توقع الخبير الاقتصادي تامر حسن، ارتفاعا في الأرباح المجمعة للشركات خلال عام 2022 بما لا يقل عن 15 بالمائة، وقال في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا": "شهدت البورصة القطرية أكثر من منحنى كان فيه منحى إيجابي حتى أبريل 2022 ، ثم تم كسر الموجة الصاعدة واستمر الهبوط في البورصة القطرية حتى نهاية عام 2022".
وتوقع الخبير الاقتصادي ارتفاعا في كافة القطاعات المدرجة في البورصة القطرية، وتحول الشركات الخاسرة في نهاية عام 2021 إلى شركات رابحة، لأن أغلب هذه الشركات استفادت من المونديال حيث بلغت عوائد مونديال قطر الأعلى في تاريخ بطولات كأس العالم بقيمة 17 مليار دولار، وبحسب الأرقام الرسمية المعلنة تقدر العائدات المالية المباشرة من تنظيم البطولة بنحو 8 مليارات ريال، بينما تقدر العائدات الاقتصادية طويلة الأجل خلال الفترة من 2022 إلى 2023 بنحو 9.9 مليار ريال، وسط ارتفاع عائدات السياحة خلال فعاليات كأس العالم وما بعدها، ويعد قطاعا الطيران والضيافة والخدمات من أكبر المستفيدين من تنظيم الحدث الرياضي الأبرز.
التوقعات تشير إلى أن اقتصاد قطر سينمو بنسبة 3.4 بالمائة في 2022 و2023 بفضل زخم استضافة كأس العالم
وبين أن التوقعات تشير إلى أن اقتصاد قطر سينمو بنسبة 3.4 بالمائة في 2022 و2023، بفضل زخم استضافة كأس العالم، إضافة إلى أن الأرباح والعوائد المحققة والفوائد الربحية المحققة سوف تضاف إلى نتائج أعمال الشركات في نهاية هذا العام.
أسعار الطاقة
وقد شهد العام الحالي أيضا ارتفاعا في أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية التي عطلت الإمدادات، كان 2022 عاما استثنائيا بامتياز لسوق النفط حيث تميز بزيادة التقلبات وتسجيل مستويات قياسية لم تشهدها السوق منذ 2013 ، حيث بلغ متوسط سعر خام برنت 100 دولار للبرميل في حين بلغ الحد الأقصى 138 دولارا للبرميل.. من المتوقع أن يواجه 2023 عديدا من الرياح المعاكسة المشابهة على جانبي الطلب والعرض قد يستغرق الأمر من ثلاثة إلى خمسة أعوام لتعويض هذه الفجوة في الاستثمار.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن ارتفاع أسعار النفط كان دافعا رئيسيا لارتفاع أسعار المستهلكين الذي ضرب البلدان في جميع أنحاء العالم في وقت سابق من هذا العام، مما دفع معدلات التضخم إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود وزيادة أزمات جيوسياسية وأزمات في سلاسل الإمداد، مما أدى إلى رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 4.25 – 4.5 في المائة وهذا ليس الحد الأقصى، فحسب التوقعات قد تصل قيمة الذروة إلى نحو 5 في المائة في الربع الثاني من 2023، وقد يبدأ المعدل في الانخفاض تدريجيا في الربع الرابع.