بعد 15 يومًا من التحديات القوية والملاحة الصعبة خلال 14 مرحلة ولمسافة 8549 كيلومترًا في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، واصل البطل القطري ناصر صالح العطية كتابة التاريخ في عالم سباقات الراليات الصحراوية الطويلة، وبات أحد أنجح سائقي الراليات بعد حصوله على لقب رالي داكار الدولي للمرة الثانية تواليًا والخامسة في تاريخه.
النسخة الخامسة والأربعون من الرالي الأبرز عالميًا، التي استضافتها السعودية للعام الرابع على التوالي، أظهرت براعة العطية وقدرته العالية في إدارة السباقات، وخبرته الطويلة في القيادة والحفاظ على موقعه في الصدارة متفاديًا المشاكل الفنية والميكانيكية.
العطية (52 عامًا) الذي أصبح ثاني أكثر السائقين نجاحًا على صعيد عدد الانتصارات في فئة السيارات في رالي داكار، قدم أداء رائعا طوال مراحل الرالي الأربع عشرة، فبعد حلوله رابعا في المرحلة التمهيدية، حصد المركز السادس في المرحلة الأولى، وفاز بلقب المرحلة الثانية، ومن ثم تصدر الترتيب العام في المرحلة الثالثة رغم حلوله في المركز الثالث عشر مستفيدًا من تعثر الإسباني كارلوس ساينز.
الحفاظ على الصدارة
وفي المرحلة الرابعة حل العطية رابعًا وحافظ على صدارته للترتيب العام أمام أبرز منافسيه الإسباني ساينز (الثاني) والفرنسي سبستيان لوب (الثالث)، بعدها حصد العطية لقب المرحلة الخامسة وأبقى الوضع على ما هو عليه، لتأتي المرحلة السادسة وتشهد انقلابًا كبيرًا في المنافسة بصورة كبيرة، حيث حقق البطل القطري فوزه بثاني مرحلة تواليًا والثالث في الرالي هذا الموسم، وابتعد بصدارة الترتيب العام للمنافسات بفارق أكثر من ساعة عن أقرب منافسيه مستفيدًا من تعرض الفرنسي ستيفان بيترهانسيل حامل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب (8 مرات)، والإسباني ساينز (3 ألقاب) لحوادث ومشاكل فنية مختلفة.
صدارة العطية للترتيب العام لرالي داكار بفارق كبير من التوقيت جعلته يغير خططه في القيادة، ويتخلى عن القيادة الضاغطة ويلجأ إلى القيادة المحافظة على السيارة، تفاديا لحالات انثقاب الإطارات أو المشاكل الفنية الأخرى التي قد تعيق مسيرته، فواصل مشواره في بقية المراحل بالقيادة الحكيمة والسير في المسارات خلف المتسابقين، وهو الأمر الذي جعله ينهي المرحلة السابعة في المركز الرابع عشر، ولكن مع الحفاظ على صدارته في الترتيب العام.
وعلى غرار المرحلة السابعة سار السائق القطري على نفس النهج طوال المراحل المتبقية في الرالي، فحل ثانيا في المرحلة الثامنة، وثامنا في المرحلة التاسعة، ورابعا في المرحلة العاشرة، وخامسا في المرحلة الحادية عشرة، وثالثا في المرحلة الثانية عشرة، وثانيًا في المرحلة الثالثة عشرة، وثامنًا في المرحلة الرابعة عشرة والأخيرة.
وأنهى العطية الفائز بثلاث مراحل (الثانية، الخامسة، السادسة)، نسخة هذا العام من رالي داكار، الأطول للمراحل الخاصة الخاضعة للتوقيت منذ عام 2014، حيث تبلغ المسافة الإجمالية 8.549 كلم، منها 4.706 كلم عبارة عن مراحل خاصة ضد عقارب الساعة، في زمن قدره 45.03.45 ساعة وبفارق 1.20.49 ساعة عن أقرب منافسيه الفرنسي لوب صاحب المركز الثاني.
التفوق على 820 سائقًا وملاحًا
وتفوق السائق القطري ناصر صالح العطية في نسخة هذا العام من رالي داكار 2023، التي استقطبت أكثر من 820 سائقًا وملاحًا يمثلون أكثر من 68 دولة مختلفة، محققا في الوقت نفسه الفوز بلقب الجولة الأولى من منافسات "رالي رايد" البطولة العالمية الجديدة التي استحدثها الاتحاد الدولي منذ الموسم الماضي، والذي يعد رالي داكار الدولي هو الجولة الأولى منها.
وتميز رالي داكار السعودية 2023 بمسارات صعبة يتخللها العديد من المناطق التي تضم مختلف أنواع التضاريس، حيث خاض المتنافسون تحديات جديدة رفعت من مستوى التشويق والحماس، كما تضمنت نسخة هذا العام مرحلة ماراثونية واحدة في منطقة الربع الخالي، والتي تمكن العطية من التعامل معها بنجاح وبقوة ذهنية وبدنية عالية، وهو الأمر الذي جعله يحافظ على موقعه في الصدارة، في المقابل أخفق أبرز السائقين العالميين في البقاء ضمن دائرة المنافسة على مراكز متقدمة بعد أن خسروا فيها الكثير من الوقت.
ويعد فوز العطية بلقب رالي داكار الدولي للموسم الثاني تواليًا والخامس بعد أعوام 2011 و2015 و2019 و2022، هو بمثابة نجاح وانطلاقة قوية نحو الحفاظ على لقبه في النسخة الثانية من بطولة "رالي رايد" العالمية، فضلا عن تمكنه أيضا من المحافظة على لقب جائزة أفضل سائق للراليات التي حصدها العام الماضي 2022.
رقم قياسي.. 18 مرة
وحقق العطية، المتوج ببطولة الشرق الأوسط للراليات 18 مرة، وهو رقم قياسي، الفوز بثلاث مراحل للنسخة الحالية للرالي، وحل وصيفا في اثنتين، وبات بعد تتويجه اليوم ثاني أفضل متسابق في تاريخ رالي داكار الدولي الذي يعود انطلاقه لعام 1979، بعد الفرنسي سيباستيان بيتر هانسيل حامل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب برصيد 8 مرات.
ولقب العطية هو الثالث في رالي داكار مع فريق "تويوتا" وعلى متن سيارة "تويوتا هايلوكس" بعد لقبي عام 2019 و2022، علما بأنه ظفر بلقبه الأول عام 2011 مع فريق "فولكسفاجن"، على متن سيارة "طوارق"، فيما توج بلقبه الثاني عام 2015 مع فريق "أكس رايد" على متن سيارة "ميني آل فور رايسينج".
ويملك السائق القطري العديد من الإنجازات والألقاب، أبرزها حصوله على لقب بطولة العالم WRC2 عام 2014، ولقب بطولة العالم لفئة الإنتاج التجاري "برودكشن كب" عام 2006، وبلقب بطولة العالم "كروس كانتري" عام 2008، فضلا عن حصوله على لقب بطولة الشرق الأوسط للراليات 18 مرة، وهو رقم قياسي.
واستهل العطية مشاركته في منافسات رالي داكار عام 2004 منهيا الرالي في المركز العاشر على متن "ميتسوبيشي باجيرو"، ثم حقق اللقب عامي 2011 و2015، كما كان قريبًا من حصد اللقب عام 2016، إلا أنه تعرض لمشاكل في المرحلة الأخيرة ليتراجع إلى مركز الوصافة، وهو نفس السيناريو الذي تعرض له عام 2018 عندما حل وصيفًا.
وفي العام 2019 تمكن البطل القطري من تحقيق اللقب عن جدارة واستحقاق، ثم عاد في نسخة العام 2020 وكان على بعد 24 ثانية من الصدارة وحسم اللقب، ولكنه خسر اللقب واكتفى بالوصافة وقتها خلف الإسباني ساينز، ثم عاد السائق القطري وكرر نفس المسيرة في نسخة 2021 وكان قريبا من اللقب قبل أن يتخلى عنه لصالح الفرنسي بيترهانسيل، ولكنه تفادى هذا الأمر في نسخة 2022 وحقق لقبه الرابع في الرالي التاريخي.