مع تسجيل الجنيه المصري انخفاضا قياسيا نهاية الأسبوع الماضي أمام الدولار الأمريكي، إذ وصلت قيمة الأخير ما يعادل 32 جنيها، قبل أن يستقر نسبيا في وقت لاحق بين 29.5 و29.75، أفاد محللون أن مصر قد تكون لجأت من جديد إلى الاعتماد على ما يعرف بـ"الأموال الساخنة".
فقد نشرت وسائل إعلام مصرية وأجنبية تقارير تفيد بعودة صناديق الاستثمار الأجنبية للعمل في أذونات الخزانة، وأن بعضها ضخ بالفعل نحو 250 مليون دولارا عبر أحد البنوك المصرية، لشراء هذه الأذونات التي تجاوز سعر الفائدة عليها سقف 21%.
علاج مؤقت للأزمة
هنا استشعر البعض خطر لجوء الحكومة مرة أخرى لتوظيف الأموال الساخنة في معالجة أزمة التمويل بشكل عام، وتحقيق استقرار في سعر الصرف بشكل خاص.
والأموال الساخنة هي أموال مستثمرين ومؤسسات أجنبية يبحثون عن عوائد مالية مرتفعة جدا عبر استثمارات قصيرة الأجل في السندات بكل أنواعها والودائع المصرفية وغيرها.
ويبدو أن أزمة التمويل التي تعيشها مصر منذ فترة تجعل صانع السياسة الاقتصادية يعمل خلال الفترة القادمة على إيجاد حلول جذرية، تسعى إلى ردم الفجوة الدولارية لتعاملات مصر الاقتصادية مع العالم الخارجي.
مخاطر الأموال الساخنة
لكن عودة الحكومة المصرية مرة أخرى للأموال الساخنة، تنطوي على مخاطر عدة، منها استمرار وضع الاقتصاد المصري، وخاصة سعر الصرف واحتياطي النقد الأجنبي، تحت ضغط حركة هذه الأموال التي تبحث عن أي زيادة في سعر الفائدة في العالم وتتجه إليه، وقد حدث ذلك عندما ارتفعت أسعار الفائدة في تركيا ونيجيريا والأرجنتين، حيث خرجت تلك الأموال من مصر آنذاك واتجهت لهذه الدول.
من المخاطر أيضا أن استمرار استخدام الحكومة هذه الأموال في المحافظة على استقرار سعر الصرف أو تأمين احتياطي النقد الأجنبي، يجعل تلك المؤشرات غير معبرة عن حقيقة أداء الاقتصاد المصري، لأن الأصل أن يكون استقرار سعر الصرف أو تأمين احتياطي النقد الأجنبي من موارد ذاتية، وليس من ديون، وخاصة من ديون الأموال الساخنة.
هذه الأموال تزيد من أعباء المديونية العامة لمصر لفترات طويلة، وتربك وضع الموازنة العامة للدولة، حيث إن فاتورة فوائد الديون تشكل مكونات الإنفاق العام، وقد بلغت قيمتها في موازنة العام المالي 2022-2023 نحو 690 مليار جنيه (23.24 مليار دولار)، وبلا شك فإن هذه القيمة ستزيد في ظل توسّع الحكومة المصرية في المديونية خلال العام.