ناقش منتدى السوق المالية في دولة قطر، الذي عقد اليوم بالدوحة، المشهد المصرفي وقدرة البنوك على تسهيل الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة، والإجراءات الواجب اتخاذها للاستفادة الكاملة من هذا التأثير لتحقيق أهداف الاستدامة الوطنية.
وبحث عدد من المتخصصين، موضوعات تتعلق بتمويل البنوك وأسواق رأس المال المَدين واستراتيجيات قيادة هذه الصناعة نحو نمو شامل ومستدام خلال المنتدى الذي يمثل جهدا مشتركًا بين مركز قطر للمال و"بلومبيرغ إنتيليجنس"، ويعقد تحت شعار: "من التمويل المستدام إلى أسواق رأس المال المدين، الكشف عن الحلول لمستقبل القطاع المصرفي في دولة قطر".
وقال السيد يوسف محمد الجيدة الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، في كلمة افتتاحية، إن القطاع المصرفي يلعب دورا كبيرا في تحويل أهداف الاستدامة إلى واقع. وبالاستفادة من ذلك، يمكن التصدي للعديد من التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، مبينا أن مركز قطر للمال قام بدور جوهري في مسيرة تطوير سوق رأس المال في قطر.
واعتبر الجيدة أن المنتدى فرصة للنقاش المفتوح حول كيفية زيادة الحلول المالية لتعزيز الأهداف الوطنية للاستدامة، قائلا إنه "سيبحث في اثنين من أكثر الموضوعات تأثيرًا على القطاع المصرفي في قطر وهما سوق رأس المال المدين والتمويل المستدام والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وكلاهما يعتبر مهما لتطوير القطاع بشكل عام والانتقال إلى بيئة مالية أكثر مرونة واقتصاد مستدام".
وأشار إلى توجه فعال في قطر لتعزيز سوق رأس المال المدين المحلي بهدف تنويع مصادر التمويل وتوسيع حلول التمويل المستدام، باعتباره جزءا من استراتيجية أوسع لتعزيز البنية التحتية لسوق رأس المال في الدولة وخلق مستقبل أكثر استدامة بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030.
يوسف محمد الجيدة: قطر تجتذب بشكل متزايد المستثمرين الدوليين إلى سوق الأسهم المتنامي وهناك إمكانيات داعمة لإصدارات السندات والصكوك المحلية
وأوضح أن دولة قطر تجتذب بشكل متزايد المستثمرين الدوليين إلى سوق الأسهم المتنامي، وهناك إمكانيات داعمة لإصدارات السندات والصكوك المحلية، مبرزا أن البنوك القطرية بدأت بدخول سوق رأس المال المدين العالمي منذ أول إصدار للصكوك السيادية في عام 2003 بقيمة 700 مليون دولار، ويعد أول إصدار للصكوك السيادية في المنطقة، كما أصدر بنك قطر الوطني في عام 2020 أول سندات خضراء على الإطلاق في الدولة بقيمة 600 مليون دولار، وهو ما يمثل إنجازا مهما للتنمية المالية المستدامة في قطر. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم البنوك الرئيسية وأصحاب المصلحة في القطاع المالي بإطلاق مبادرات تعزز الخدمات المصرفية والتمويل المستدام.
وأضاف الجيدة أنه بحلول عام 2023، من المتوقع أن يوفر التمويل المستدام في قطر فرصا استثمارية بقيمة 75 مليار دولار، وهو ما يشير إلى ضرورة بذل جهود كبيرة في تطوير سوق رأس المال المحلي والالتزام بمبادئ الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لتلبية الحاجة المتزايدة للتمويل المستدام.
أما إدموند كريستو، محلل أبحاث أول في بلومبيرغ إنتيليجنس، فقال إن من شأن تطوير سوق رأس المال المحلي مساعدة البنوك على الاستفادة من السيولة وتعزيز التمويل طويل الأجل لدعم البنية التحتية المتنامية قيد التنفيذ.
وأضاف "على الرغم من أن إصدارات الديون من قبل المصارف القطرية كانت أكثر انخفاضا خلال العام الماضي، إلا أن تنوع مصادر التمويل ما زال يمثل محط تركيز رئيسي باعتبار ديون المقرضين المحليين تمثل 8% من إجمالي الديون، مقارنة مع ما يفوق 11% للمقرضين الدوليين".
وقد تضمن منتدى السوق المالية، ثلاثة عروض تقديمية، كان أولها "تحليلات آفاق الطاقة في عام 2023 "، فيما تناول الثاني موضوع "التحقق من صحة القطاع المصرفي في منطقة الخليج العربي"، واستعرض الثالث موضوع "السوق المحلي لرأس المال المدين في قطر: الإمكانات والركائز".
وتلت العروض التقديمية جلستا نقاش حول "تطوير السوق المحلي لرأس المال المدين وأثره على القطاع المصرفي" و"التمويل المستدام والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات" ناقشتا أهم العوامل المؤثرة في السوق المالي القطري وبيئة الأعمال.
وقد ركز النقاش في الجلسة الأولى على وضع السيولة في البنوك القطرية وأدائها بحسب مؤشرات التمويل بالعملة المحلية والأجنبية، والتحديات التي تؤثر على بيئة التمويل، والدور المحتمل لرأس المال المحلي المدين في تحسين سوق رأس المال القطري بالإضافة إلى بعض النواحي الأخرى التي تؤثر على القطاع المصرفي في قطر.
جلسة النقاش الثانية
فيما تناولت جلسة النقاش الثانية، الاتجاهات الإقليمية والعالمية في مجال الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، والتزامات المؤسسات المالية القطرية بمبادئ الحوكمة والتمويل المستدام، بالإضافة إلى فوائد خطط التمويل الأخضر والمستدام بالنسبة للقطاع الخاص، والجوانب المرتبطة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي يأخذها المستثمرون الأجانب بعين الاعتبار عند تقييم بيئة الاستثمار في دولة قطر والمنطقة.
وأشارت البيانات التي عرضتها بلومبيرغ خلال المنتدى، إلى أن قيمة إصدارات الدين من البنوك الخليجية منذ عام 2019 بلغت 105 مليارات دولار، تمثل السندات الخضراء منها 5% فقط، مما يشير إلى إمكانات نمو كبيرة للتمويل الأخضر أو المستدام، لا سيما مع ازدياد عدد المنظمات التي تمتثل لمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
وتمضي دولة قطر في تطوير سوق أكثر تنوعا لرأس المال. ومن خلال التشريعات الخاصة بحوكمة الاستثمارات المالية القائمة والجديدة، والجهود المستمرة لاعتماد مناهج شاملة لتطوير سوق رأس المال، تستعد الدولة لإنشاء سوق تمويل مستدام متخصص، يتوقع أن تصل قيمته العالمية إلى أكثر من 22 ترليون دولار أمريكي بحلول العام 2031.
وفي هذا السياق، قال أيمن دكالي رئيس التمويل الإسلامي والمهيكل في مركز قطر للمال، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن مركز قطر للمال ينظر إلى التمويل الإسلامي كلاعب مهم بالنسبة للقطاع المالي الإسلامي بصفة عامة، وإن المركز يعمل على تطوير هذا القطاع في قطر.
وأكد أن البنوك الإسلامية في قطر تعتبر من أكبر وأقوى البنوك الإسلامية في المنطقة، ولديها حلول متكاملة تقريبا، سواء من ناحية الخدمات المصرفية للأفراد أو الاستثمار والخزينة، و"تبقى بعض المسائل المعينة التي سيعمل المركز عليها لتطوير القطاع بشكل أفضل، كخلق ممرات مالية إسلامية مع اقتصادات تتوافق في رؤية التمويل الإسلامي مثل ماليزيا وتركيا، واستقطاب أفضل شركات التكنولوجيا المالية الإسلامية إلى قطر وفي نفس الوقت خلق شركات قطرية ومساعدتها للاستثمار أو للعمل خارج قطر، إضافة إلى تطوير سوق الصكوك، والتمويل المستدام المحلي".
يذكر أن مركز قطر للمال هو أحد المراكز المالية والتجارية الرائدة في الشرق الأوسط، حيث يوفر منصة أعمال متميزة للشركات الراغبة في التأسيس ومزاولة أنشطتها في قطر أو المنطقة بوجه عام، فيما تعتبر بلومبيرغ إنتليجنس، الذراع البحثية لشركة بلومبيرغ العالمية.