دخلت العلاقات الأمريكية الصينية، منعطفا جديدا بعد حادثة المنطاد الصيني الذي عبر فوق الجزء الشمالي من الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية، رغم حرص البلدين على تجنب تحول المنافسة الاقتصادية والعسكرية وانحرافها إلى مستوى الصراع بينهما.
ووجهت الصين انتقادا إلى واشنطن في أعقاب إسقاطها لمنطاد تصفه بكين بالمدني وغير المأهول، وأنه كان يستخدم في البحوث المتعلقة بالطقس والمناخ وقد خرج عن مساره المحدد.
كما وصفت الصين الموقف الأمريكي بأنه مبالغة واضحة في رد الفعل، وانتهاك خطير للممارسات الدولية على حد قولها، مؤكدة على الاحتفاظ بالحق في القيام بمزيد من ردود الفعل الضرورية.
في المقابل، تقول واشنطن إنه منطاد للاستطلاع انتهك سيادتها وتخشى أن يكون ذا أهداف عسكرية كالمراقبة، وأنه طار من جزر ألوشيان وعبر كندا ثم وصل إلى ولاية مونتانا، حيث توجد قاعدة مالمستروم الجوية التي تضم 150 مستودعًا للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، لكن الصين ترفض أي اتهامات لها بالتجسس وتؤكد أن المنطاد طائرة "مدنية" انحرف بسبب "قوة قاهرة".
ورغم اعتراف الولايات المتحدة بأن المنطاد لا يشكل خطرا على الملاحة الجوية المدنية لكن هذه الحادثة كانت كافية لتأجيل زيارة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي إلى الصين المقررة هذا الأسبوع والتي كان من المتوقع أن يلتقى خلالها الرئيس الصيني شي جين بينغ وذلك للمرة الأولى منذ توليه قيادة الدبلوماسية الأمريكية.
وترى بكين أن بعض السياسيين ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة استخدموا الحادثة ذريعة لمهاجمة الصين وتشويه صورتها.. ورغم الأسف المصاحب للبيان الصيني عن الحادثة فإنها لم تكن ترغب بأن يؤدي ذلك إلى تعليق زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأولى منذ خمس سنوات.
وتتسم الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها بلينكن إلى الصين بأهمية بالغة إذ يعول الجانبان الأمريكي والصيني إلى معالجة الهواجس والخلافات بينهما حول عدة قضايا جوهرية تشمل التجارة العالمية، وجزيرة تايوان، والوضع الأمني في بحر الصين الجنوبي، حيث يقول خبراء إن العلاقات الأمريكية - الصينية الحالية بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وكان بيان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، بشأن حادثة المنطاد، قد أشار إلى ثلاث حوادث مماثلة رصدت خلال إدارة الإدارة الأمريكية السابقة والرئيس السابق دونالد ترامب، قامت فيها الصين لفترة وجيزة بتسيير منطاد مراقبة فوق الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مرة واحدة أخرى في بداية إدارة الرئيس بايدن الحالية، ولكن لم تكن أبدا تمتد لهذه المدة الزمنية.
وقد دفع هذا التصريح مارك إسبر وزير الدفاع السابق في عهد الرئيس ترامب إلى نفي ذلك، مشيرا إلى أنه شخصيا أو مكتبه لم يبلغ بأي معلومة أن الصينيين لديهم منطاد مراقبة فوق الولايات المتحدة، خلال مدة تسلمه المنصب من 24 يونيو 2019 وحتى 9 نوفمبر 2020.
أيا ما تكن تبعات عملية إسقاط المنطاد، فإن الجهود الأخيرة التي بذلت لإصلاح العلاقات بين واشنطن وبكين، وأظهرت تقدما في الفترة الماضية، قد تعرقلها الحادثة، في ظل ادعاءات الجانبين بشأن طبيعة المنطاد وأهدافه.
فثمة خلاف لا تخطئه عين بين القوتين الكبريين في العالم اقتصادا ونفوذا، ينعكس على الميدان بنزاع وسباق وحتى عقوبات متبادلة، يسعى كلا الطرفين لمد نفوذه واستثماراته متى سنحت الفرصة.