لم يكن الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا اختبارا للصبر والجلد على تحمل الفاجعة التي هزت العالم فقط، بل كان أيضا اختبارا للأخوة الصادقة والحقيقية، ليظهر المعدن الأصيل لقطر في نجدة الأشقاء، فمنذ اللحظات الأولى لوقوع كارثة الزلزال في تركيا وسوريا، برزت دولة قطر في مقدمة المتضامنين مع الأشقاء في تركيا ومع الشعب السوري الشقيق، من خلال الاتصالات الفورية مع المسؤولين في جمهورية تركيا الشقيقة وتقديم التعازي، والتأكيد على وقوف دولة قطر إلى جوار الشعبين التركي والسوري في هذه الكارثة الإنسانية.
ويعكس الموقف القطري بدعم المتضررين والمنكوبين جراء الزلزال، والتواصل والتنسيق المستمر بين المسؤولين في البلدين، وقوف وتضامن دولة قطر مع الجمهورية التركية الشقيقة ومساعدة الشعبين التركي والسوري على تجاوز هذه المحنة.
وتنفيذًا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، تحركت كل الأجهزة والمؤسسات المعنية لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للأشقاء لمواجهة كارثة الزلزال وتداعياتها، لتنطلق في نفس اليوم الذي ضرب فيه الزلزال تركيا وسوريا، أولى رحلات الجسر الجوي الذي خصصته دولة قطر لدعم الجمهورية التركية الشقيقة لمواجهة كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا، ورافق أولى رحلات الجسر الجوي فريق من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي (لخويا) مجهز بآليات متخصصة بعمليات البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى مستشفى ميداني ومساعدات إغاثية وخيم ومستلزمات شتوية.
10 آلاف منزل متنقل
وتم شحن 12 سيارة على متن أربع طائرات، علاوة على تقديم 10 آلاف منزل متنقل للمساهمة في تخفيف معاناة ضحايا الزلزال، سيجري نقلها تدريجيًا إلى المناطق المتضررة في أقرب وقت، فضلا عن المساعدات المختلفة من الهلال الأحمر القطري الذي أطلق حملة إغاثية عاجلة لتوفير مساعدات إنسانية بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي، وجمعية قطر الخيرية، والتي باشرت فرقها العمل فورا من خلال مكاتبها القائمة في تركيا والشمال السوري.
وتواصل فرق مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية، مهامها في إنشاء وإدارة خلية تنسيق عمليات فرق البحث والإنقاذ للمنظمات الدولية في محافظة "غازي عنتاب" التركية، وتعتبر المجموعة نقطة الاتصال الرئيسية في المنطقة.
وتتولى مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية هذه المهمة بناء على تكليف من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، وذلك لما تتمتع به من خبرات تراكمية في عمليات الإجلاء والإنقاذ جراء الكوارث والأزمات المشابهة في الكثير من دول ومناطق العالم.
وتدرك مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية، أهمية الدور الذي تضطلع به في مساعدة الأشقاء في هذه الكارثة، وهي تسابق الزمن لأن الوقت يشكل عاملا حاسما في عمليات الإنقاذ وانتشال الناجين والضحايا.
وبالتنسيق بين كافة الأجهزة المعنية في الدولة، ونظيرتها في تركيا، أطلق الهلال الأحمر القطري، إغاثة عاجلة لصالح المتضررين من الزلزال في تركيا والشمال السوري، وبادر في هذا السياق بتفعيل غرفة العمليات في مقره الرئيسي بالدوحة، في استجابة عاجلة لهذه الكارثة.
ويركز الهلال الأحمر القطري على توفير الاحتياجات الضرورية في هذه المرحلة، وبالأخص المواد الغذائية وغير الغذائية، مثل الخيم، والبطانيات، والعوازل البلاستيكية، وحزم النظافة الشخصية، ويمتلك بالفعل مخزونا احتياطيا من المواد الإغاثية الجاهزة للشحن، وأهاب بالمجتمع القطري ومؤسساته وأفراده التحرك على نحو عاجل، وتلبية النداء من أجل إغاثة الأشقاء المتضررين من الزلزال.
وتستمر جهود الهلال الأحمر القطري في تقديم الدعم اللازم للأشقاء في سوريا وتركيا، بهدف التخفيف عنهم، ومساعدتهم على تجاوز المحنة، حيث بدأت كوادره الميدانية في الشمال السوري بعملية توزيع الدفعة الأولى من المساعدات الإغاثية العاجلة، بإجمالي 4800 سلة غذائية لفائدة الأسر السورية النازحة الأكثر تضررًا من الزلزال.
جهود قطر الخيرية
كما تباشر الفرق الميدانية التابعة لقطر الخيرية حاليًا، توزيع المساعدات الإغاثية العاجلة على المتضررين من الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي والداخل السوري، وذلك بالتزامن مع إطلاقها لحملة إغاثية عاجلة بعنوان "أغيثوا متضرري الزلزال - تركيا وسوريا".
وذكرت قطر الخيرية، في بيان لها، أنه استجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة، تم البدء مباشرة في توزيع 27 ألف وجبة غذائية ساخنة على المتضررين من الزلزال مناصفة ما بين الداخل السوري وتركيا بقيمة 400 ألف ريال.
وتحركت قافلة من الدوحة نحو المناطق المتضررة تحتوي على 4 شاحنات، تتضمن مستلزمات طبية وإسعافات أولية وملابس وتمورا ومواد غذائية بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من نصف مليون ريال، موضحة أنه يجري الإعداد حاليا لتنفيذ 30 قافلة إغاثية تتضمن مواد غذائية وغير غذائية بقيمة 5.1 مليون ريال ليكون إجمالي المساعدات في المرحلة الأولى أكثر من 6 ملايين ريال. كما يتم العمل حاليا على إعداد خطة بقيمة 21.9 مليون ريال تشمل استجابة عاجلة بقيمة 7.3 مليون ريال، ومشاريع الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار بقيمة 14.6 مليون ريال. كما شحنت "قطر الخيرية" عبر الجسر الجوي الذي سيرته دولة قطر، 13 طنا من المواد الغذائية، وقرابة 4 آلاف بطانية.
من جانبها، دشنت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية حملة "عون وسند" الإغاثية العاجلة لمتضرري الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، بالشراكة مع قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، وبالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام (ممثلة في تلفزيون قطر)، بهدف إغاثة المتضررين في البلدين.
وتأتي هذه الحملة تجاوبا مع موقف دولة قطر المساند للشعبين السوري والتركي، وتهدف إلى تلقي التبرعات من جود ما يقدمه المجتمع القطري لأشقائه في محنتهم، ومن ثم شراء ما يلزم من احتياجات تغطي مجالات الإغاثة العاجلة، من الصحة والإيواء والأمن الغذائي والمواد غير الغذائية الأخرى.
ودعت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، جميع شرائح المجتمع لدعم الأشقاء في سوريا وتركيا من خلال التبرع للحملة، وتم جمع 168 مليون ريال في حملة "عون وسند" من خلال جمع التبرعات للمتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا على الهواء مباشرة على تلفزيون قطر.
وقد بدأت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، بالشراكة مع قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، في ترتيبات متسارعة بهدف التجهيز لمد يد العون للأشقاء في سوريا وتركيا للتخفيف عن المتضررين تبعات ما تعرضوا له، حيث بدأت قوافل الدعم تصل تباعا إلى تركيا والداخل السوري.
وأظهرت حملة "عون وسند" المعدن الأصيل لأهل قطر الذين شاركوا بقوة في الحملة للتبرع لضحايا الزلزال المدمر، وكان أهل قطر في الموعد، حيث تبرعوا بما جادت به أنفسهم لإخوانهم في تركيا وسوريا الذين يواجهون ظروفا مأساوية.
إقبال أهل قطر على التبرع لحملة "عون وسند" هو في الأساس يكرس الريادة القطرية في المجال الإنساني، فيما تظهر الهبة الشعبية القطرية أن المجتمع القطري مجتمع حي ونابض بالإنسانية، في ظل حرص الصغار قبل الكبار على التضامن مع متضرري الزلزال وقدموا كل ما باستطاعتهم تقديمه، حتى وصل مجموع التبرعات إلى عشرات الملايين من الريالات.