مع اتساع بقعة العقوبات الاقتصادية على روسيا، وجدت موسكو سبيلا في تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي بشكل كبير في التبادل التجاري مع الدول البعيدة عن الهيمنة الكاملة لنفوذ الناتو، بالتحول إلى استخدام العملات الوطنية.
وفي تصريح سابق لرئيس أمانة منتدى الشراكة الروسية الأفريقية أوليغ أزوروف، أوضح أن موسكو تتفاوض مع عديد من البلدان الأفريقية بشأن التجارة بالعملات الوطنية، وقال إنها عملية تتطلب اتخاذ قرارات من الأطراف المعنية.
وقبله صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن أطراف الشراكة تعد الأوراق الخاصة بذلك الشأن، من أجل إعادة ترتيب آلية التعاون في ظل العقوبات الغربية.
وما قد يجعل ذلك أمرا يسيرا هو التعاون الاقتصادي والشراكات الكبرى التي عقدتها موسكو طوال السنوات الماضية، وقبل الحرب على أوكرانيا بفترة طويلة، مع دول إفريقية عدة.
شراكات مع دول إفريقيا
في شمال أفريقيا، دخلت روسيا شراكات قوية مع كل من مصر والجزائر والمغرب، إذ خططت لمشروعات كبيرة في مصر، أهمها مشروع المحطة النووية في الضبعة 300 كلم شمال غرب القاهرة بتكلفة قدرها 25 مليار دولار، إضافة إلى مشروع منطقة اقتصادية صناعية في قناة السويس بتكلفة قدرها 7 مليارات دولار، ويمثل التبادل التجاري بين البلدين ثلث التبادل التجاري بين روسيا وأفريقيا.
أما الجزائر فتعتمد على روسيا في تسليح جيشها، وبين الدولتين شراكة إستراتيجية وتعاون في مجال الطاقة، وفي المغرب تنطلق علاقات الطرفين استنادا إلى اتفاقية القرن التي تستورد روسيا الفوسفات بموجبها من المغرب، وتم توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية عام 2016.
وفي إفريقيا جنوب الصحراء تركز روسيا على مجالات الاستثمار في الطاقة والمعادن الثمينة هناك، ويبلغ التبادل التجاري لروسيا مع هذه المجموعة 3 مليارات دولار، ولكنها تعول على تطويرها مستقبلا، إذ يتوقع أن يبلغ الناتج المحلي لهذه الدول تريليون دولار بحلول 2050.
نشاطات الشركات الروسية
كما تعتبر جنوب أفريقيا من شركاء روسيا الإستراتيجيين وتعمل روسيا في مجال استخراج اليورانيوم وتوليد الطاقة هناك، وفي موزمبيق أيضا تعمل شركتا "إكسون موبيل" وشركة "آر إن إكسبلوريشن" -اللتان تتبعان "روس نفط"- في إنتاج الغاز في شمال موزمبيق وتقدر حجم الاحتياطات بنحو 2.2 تريليون متر مكعب.
أيضا تعمل مؤسسة "روس أتوم" الروسية في زامبيا على إنشاء مركز للطاقة الذرية والعلوم والتكنولوجيا، أما الجابون فقد وقعت شركة "روس نفط" مذكرة مع وزارة النفط لاستثمار مشترك في حقول النفط وبناء البنية التحتية للنفط والغاز.
وفي غينيا تستثمر شركة "روسال" الروسية في إنتاج الألمنيوم بمبلغ يصل إلى 300 مليون دولار، بينما تمتلك شركة "رينوفا" الروسية استثمارات في مجال المعادن في كل من جنوب إفريقيا والغابون وموزمبيق بأكثر من مليار دولار، كما تستثمر شركة "غاز بروم" في مشروعات للغاز وبناء الأنابيب والبنية التحتية بمبلغ 500 مليون دولار في مختلف الدول الأفريقية.