أبرزت وكالة أنباء الأناضول التركية، نجاح قطر في الدخول كمنافس قوي إلى سوق الطاقة المتجددة، وأفردت في تقرير لها ملامح من النهضة الملفتة التي حققتها قطر في هذا المجال، حيث افتتحت ثالث أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم قبل شهر من انطلاق كأس العالم FIFA قطر 2022.
ونوهت باستعداد قطر لمضاعفة إنتاجها من الطاقة الشمسية في 2024 بعد إنجاز محطتين جديدتين، فضلا عن إنجاز أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء في العالم، باستثمارات تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار.
الأناضول: قطر دخلت سوق المنافسة لإنتاج الطاقات المتجددة عام 2022 رغم أنها ثاني أكبر مصدر للغاز بالعالم
وقال التقرير الذي نشرته “الأناضول”: رغم أن قطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، فإنها دخلت سوق المنافسة لإنتاج الطاقات المتجددة عام 2022، بالتزامن مع احتضانها النهائيات التي توصف بأنها أحدث نسخة صديقة للبيئة في تاريخ المونديال، مشيرا إلى أن قطر دشنت انطلاقاتها العام الماضي بافتتاح إحدى أكبر محطات إنتاج الطاقة الشمسية في منطقة الخليج، وأطلقت أكبر مشروع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء، بالإضافة إلى اعتزامها استثمار مئات ملايين الدولارات في مصر وبريطانيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
محطة الخرسعة
وأضاف التقرير أن قطر نجحت في افتتاح أول محطة للطاقة الشمسية بالبلاد في 18 أكتوبر الماضي، قبل نحو شهر من افتتاح مونديال 2022، حيث صنفت محطة "الخرسعة" للطاقة الشمسية ثالث أكبر مشروع كهروضوئي أحادي في العالم؛ إذ تبلغ قدرة إنتاجها 800 ميغاواط، أو ما يعادل 10% من ذروة استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية، ما يعادل استهلاك 55 ألف منزل، وفق بيانات رسمية، وبإمكان هذه المحطة تخفيض نحو 26 مليون طن من الانبعاثات الكربونية الضارة طوال فترة المشروع، بمعدل مليون طن سنويا.
محطة الخرسعة تضم 1.8 مليون من الألواح الشمسية موزعة على مساحة 10 كلم مربع
واستعرض التقرير محطة "الخرسعة" التي تقع على بعد 80 كلم غرب العاصمة الدوحة، وتضم 1.8 مليون من الألواح الشمسية موزعة على مساحة 10 كلم مربع، أو ما يعادل مساحة 1400 ملعب لكرة القدم، وتوظف المحطة تقنيات متطورة في توليد الطاقة الشمسية؛ إذ تعتمد تقنية متابعة حركة الشمس من الشرق إلى الغرب، وتستخدم روبوتات في تنظيف الألواح ليلا باستعمال المياه المعالجة لتعزيز كفاءتها، وبلغت تكلفة المشروع نحو 476 مليون دولار، بشراكة بين شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة (60%)، وشركة ماروبيني اليابانية (20.4%)، ومجمع توتال إنرجيز الفرنسية (19.6%).
طموح قطري
وتوقع التقرير أن لا تقف قطر عند هذا الحد؛ إذ أعلنت أواخر أغسطس 2022 عن طموحها لإنتاج أكثر من 5 آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2035، من خلال توسيع محطة "الخرسعة"، وإنشاء محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية، ففي 16 أكتوبر الماضي وقبيل افتتاح محطة "الخرسعة"، وقعت شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة مع شركة "سامسونغ سي آند تي" الكورية الجنوبية اتفاقا لتنفيذ مشروع محطتين للطاقة الشمسية بتكلفة استثمارية تفوق 630 مليون دولار، ويبلغ إجمالي إنتاج المحطتين 875 ميغاواط، حيث تنتج الأولى بمدينة مسيعيد الصناعية 417 ميغاواط، والثانية بمدينة رأس لفان الصناعية بقدرة 458 ميغاواط، ومن المرتقب أن تدخل المحطتان الخدمة بحلول 2024، ما سيضاعف إنتاج البلاد من الطاقة الشمسية من 800 ميغاواط حاليا إلى 1675 ميغاواط.
وفي سياق متصل، تستعد قطر لدخول مرحلة إنتاج بعض مكونات الألواح الشمسية، حيث ستقوم شركة "قطر لتقنيات الطاقة الشمسية" بإنتاج "البولي سيليكون" التي تدخل في إنتاج الرقاقات التي منها تنتج الخلايا الشمسية، فمع ارتفاع الطلب العالمي على إنتاج الألواح الشمسية، ترغب قطر في أن تكون واحدة من الدول المصدرة للبولي سيليكون.
الأمونيا الزرقاء
ورجح التقرير أن تتصدر قطر إنتاج الأمونيا الزرقاء في العالم، بفضل إنتاجها الضخم من الغاز، حيث تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج الغاز المسال.. وتنتج الأمونيا الزرقاء من تفاعل كيميائي للنيتروجين (المتوفر بكثافة في الهواء) مع الهيدروجين (المتوفر في الماء) عبر تحليل كهربائي باستخدام الغاز، وينتج عن ذلك الأمونيا الزرقاء.
وتستخدم الأمونيا الزرقاء وقودا نظيفا يمكن استغلاله في تشغيل محطات توليد الكهرباء، ناهيك عن دوره المعروف كسماد، حيث تُقدم الأمونيا الزرقاء كبديل للهيدروجين؛ نظرا لأنها أسهل في التخزين والنقل، وينظر لها كمرحلة انتقالية نحو استخدام الأمونيا الخضراء الأكثر نظافة التي تستعمل الطاقات المتجددة بدل الغاز.
قطر تعتزم بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء باستثمار قدره 1.2 مليار دولار
وفي هذا الصدد، أعلنت قطر في 31 أغسطس الماضي اعتزامها بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء باستثمار قدره 1.2 مليار دولار، على أن يبدأ تشغيل المصنع في الربع الأول من عام 2026؛ إذ سيعمل مصنع الأمونيا الزرقاء (أمونيا - 7) على التقاط نحو 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، وعزله من عملية صنع الأمونيا.
إنتاج الهيدروجين
وذكر تقرير “الأناضول” أن قطر لا تبدي اهتماما كبيرا بإنتاج الهيدروجين بنوعيه الأزرق والأخضر على أراضيها، خاصة أن الأمونيا الزرقاء لديها خصائص أفضل منه، خاصة في عملية التخزين والتصدير، ومع ذلك وقعت شركتا "قطر للطاقة" و"رويال داتش شل" في 19 أكتوبر 2021 اتفاقية للاستثمار المشترك في مشاريع الهيدروجين الأزرق والأخضر في بريطانيا، كما تحدثت وسائل إعلام عربية في نوفمبر الماضي عن دراسة قطر لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وخلص تقرير “الأناضول” إلى أن عام 2022 كان بمثابة انطلاقة حقيقية لمشاريع الطاقة النظيفة في قطر (الطاقة الشمسية والأمونيا الزرقاء)، خاصة أن البلاد حرصت أن تكون نسخة كأس العالم FIFA قطر 2022، التي أشرفت على تنظيمها، صديقة للبيئة.