كشف السيد فيصل بن راشد السحوتي الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات، عن أن قيمة الدعاوى التي فصلت فيها المحكمة عام 2022 بلغت حوالي مليار ريال، وتنوعت في طبيعتها ما بين نزاعات ذات صلة بالقطاع المصرفي والمالي، ودعاوى الإخلال بالعقود، واسترداد الديون، والدعاوى العمالية، وتلك المتعلقة بالتأمين، بالإضافة إلى دعاوى المخالفات التنظيمية.
وأرجع السيد فيصل بن راشد السحوتي، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، الزيادة الكبيرة والملحوظة في عدد الدعاوى المعروضة على المحكمة، إلى ارتفاع حجم الأصول التي يديرها مركز قطر للمال والتي تقدر بنحو 28.3 مليار دولار، وارتفاع عدد الشركات المسجلة به إلى ما يناهز 1500 شركة.
فيصل السحوتي: تم تسجيل زيادة بنسبة 69% في عدد الدعاوى أمام المحكمة في عام 2022 مقارنة بالعام 2021
وفي هذا الصدد، أوضح أنه تم تسجيل زيادة بنسبة 69% في عدد الدعاوى أمام المحكمة في عام 2022 مقارنة بالعام 2021، وتعكس هذه الزيادة نمو النشاط التجاري ضمن كل من هيئة المناطق الحرة ومركز قطر للمال، مبينا أن دعاوى المطالبات الصغيرة استحوذت في السنة الأولى من إطلاقها على 45% من مجموع الدعاوى المرفوعة، فيما تم التعامل مع 90% من الدعاوى المرفوعة، إما بشكل كامل أو جزئي، عن طريق النظام الإلكتروني لإدارة القضايا.
وقال السحوتي: "فيما يتعلق بامتثال الهيئات والمؤسسات لأحكام المحكمة مقارنة بنظيراتها من المحاكم في المنطقة، تلتزم الشركات بتنفيذ مضمون الأحكام والأوامر الصادرة عن محكمة قطر الدولية، وفي حال عدم التنفيذ الاختياري، يتم التنفيذ جبرا وفقا للإجراءات المعمول بها في المحكمة العاملة ضمن المنظومة القضائية في دولة قطر، تماما كما يتم تنفيذ أي حكم قضائي صادر عن المحاكم الأخرى في الدولة".
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) February 18, 2023
الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية في حوار خاص مع #قنا: عدد القضايا والمطالبات في المحكمة بلغ حوالي مليار ريال تنوعت بين قضايا تجارية ومدنية وعمالية#اقتصاد #قطر pic.twitter.com/0DuIcLuRSj
وأشار إلى أن المحكمة تعمل باستمرار مع المجلس الأعلى للقضاء على دعم تحقيق العدالة الناجزة بالدولة، ويقوم المجلس بانتداب قضاته إلى المحكمة لتولي مهام تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن محكمة قطر الدولية ومحكمة التنظيم.
الاختصاص القضائي للمحكمة
وعن الفروق بين محكمة قطر الدولية ومحكمة التنظيم، والاختصاص القضائي لكل منهما، قال السحوتي: إن المحكمتين أُنشئتا بموجب أحكام القانون رقم 7 لسنة 2005 وتعديلاته ضمن الإطار القانوني المنظّم لمركز قطر للمال، حيث ارتأت الدولة أهمية إنشاء محكمة متخصصة للفصل في المنازعات المتعلقة في مركز قطر للمال بهدف بث مزيد من الثقة والطمأنينة لدى المؤسسات والشركات المالية العالمية الراغبة بالاستثمار في مركز قطر للمال.
وتابع قائلا في سياق متصل :" فيما تختص محكمة قطر الدولية في المنازعات المدنية والتجارية الناشئة عن المعاملات أو العقود التي تنشأ بين الشركات المؤسسة في مركز قطر للمال بعضها البعض أو بين تلك الشركات وبين المقاولين المتعاقدين معها وغيرها، إضافة إلى الفصل في جميع المنازعات والدعاوى المدنية والتجارية فيما بين الشركات المسجلة في المناطق الحرة بعضها البعض، أو بين تلك الشركات وبين الهيئة والأفراد والشركات المسجلة في المناطق الحرة، وغيرها، بالإضافة إلى اختصاصها بالمنازعات المدنية والتجارية المتعلقة بالجهات الأخرى التي تُسند إلى المحكمة بقانون، فإن محكمة التنظيم تختص بالفصل في الطعون التي يقدمها الأفراد والهيئات ضد القرارات الصادرة عن هيئة مركز قطر للمال، وهيئة التنظيم بمركز قطر للمال، وغيرهما من أجهزة المركز، كما تختص بالفصل في الطعون الموجهة ضد قرارات مجلس إدارة هيئة المناطق الحرة المتعلقة بإلغاء أو تعليق تراخيص الشركات المسجلة في المناطق الحرة".
وذكر أن قانون التحكيم رقم 2 لسنة 2017 أعطى محكمة قطر الدولية الاختصاص لنظر المسائل المتعلقة بالتحكيم، إلى جانب دائرة منازعات التحكيم المدني والتجاري بمحكمة الاستئناف، حيث تختص المحكمة بتقديم المعونة والمساعدة القضائية للتحكيم إلى جانب اختصاصها الرقابي بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، مؤكدا أن إنشاء محكمة قطر الدولية ساهم في دعم مناخ الاستثمار في مركز قطر للمال.
دعم البيئة الاستثمارية
ولفت السيد فيصل بن راشد السحوتي الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات، إلى الفروق في اختصاصات محكمة الاستثمار والتجارة المنشأة حديثا بالدولة ومحكمة قطر الدولية، مبينا أنه تم إنشاء المحكمتين في إطار السعي الدائم للدولة لدعم البيئة الاستثمارية، وإيمانا منها بأهمية القضاء المتخصص كأحد أهم عوامل تحفيز الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال إلى الدولة، لاسيما بعد نجاح تجربة محكمة قطر الدولية في تعزيز مناخ الاستثمار في مركز قطر للمال والدولة.
وأكد أن المحكمتين تعملان بشكل مستمر على تبادل التجارب والخبرات فيما بينهما من خلال برامج التدريب القضائي المشترك و تبادل الخبرات فيما يتعلق بنظام إدارة الدعوى إلكترونيا، لاسيما وأن محكمة قطر الدولية تعد أول محكمة قطرية بالدولة تطبق نظام إدارة الدعوى إلكترونيا، حيث دشن هذا النظام عام 2018.
طبيعة الدعاوى المعروضة على محكمة التنظيم تتعلق بالطعون التي يقدمها الأفراد والشركات
وفي شأن طبيعة القضايا المعروضة على محكمة التنظيم، أشار إلى أن طبيعة الدعاوى المعروضة على محكمة التنظيم تتعلق بالطعون التي يقدمها الأفراد والشركات ضد القرارات الصادرة عن هيئة مركز قطر للمال، أو هيئة التنظيم بمركز قطر للمال، أو غيرهما من أجهزة المركز، أو في الطعون الموجهة ضد قرارات مجلس إدارة هيئة المناطق الحرة المتعلقة بإلغاء أو تعليق تراخيص الشركات المسجلة في المناطق الحرة.
وعن معنى توجيهات الممارسة التي تصدرها المحكمة وعدد ما أصدرته منها عام 2022، ذكر السيد فيصل بن راشد السحوتي الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات، أن توجيهات الممارسة، عبارة عن توجيهات إرشادية تصدرها المحكمة لتوضيح إجراءات معينة يتم اتباعها أمامها، وقد أصدرت المحكمة العديد من هذه التوجيهات تتعلق بالقيد الإلكتروني للدعاوى وكيفية الإعلان الإلكتروني باستخدام الوسائل الإلكترونية إلخ... فيما أصدرت العام الماضي توجيها واحداً يتعلق بالمطالبات الصغيرة.
نظام إلكتروني للتقاضي
وحول اعتماد النظام الإلكتروني في إجراءات التقاضي وأحدث أعمال محكمة قطر الدولية للاستثمار في البنية التحتية التقنية ودمجها في آلية عمل المؤسسات العدلية والقضائية، أشار إلى أن المحكمة حرصت على تدشين نظامها الالكتروني الخاص بها الذي يسمى باللغة الإنجليزية eCourt عام 2018، لدعم تحقيق العدالة الناجزة والتسهيل على المتقاضين، ويعد هذا النظام أول نظام إلكتروني لإدارة الدعاوى في الدولة، ويسمح بإمكانية رفع الدعوى وقيدها، وإعلانها، وتبادل المذكرات، وحضور الجلسات عن بُعد، والاستعلام عن كافة الإجراءات التي تمت في الدعوى إلكترونيا دون الحاجة للحضور شخصيا.
كما حرص المجلس الأعلى للقضاء على تطوير نظام العدالة الإلكتروني حيث يوفّر المجلس حاليا مجموعة من الخدمات القضائية الإلكترونية للمتقاضين والمراجعين والمحامين عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس على شبكة الإنترنت، وتطبيقه الخاص على الأجهزة الذكية، بالإضافة إلى خدمات الإشعارات والإخطارات القضائية بشكل إلكتروني من خلال الرسائل النصية.
كما حرص المشرع القطري في القانون رقم 21 لسنة 2021 بإصدار قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، على إنشاء نظام إلكتروني خاص بالمحكمة يُمكّنها من إرسال الإخطارات المختلفة المتعلقة بالدعوى إلى الأطراف إلكترونيا، كما أنه بإمكان أطراف الدعوى إيداع وتبادل المذكرات والمستندات وتقارير الخبرة فيما بينهم إلكترونيا دون الحاجة إلى الإيداع الورقي لتلك المذكرات والمستندات والتقارير في قلم المحكمة.
قطر حرصت على أن يكون قانون التحكيم لديها مستمدا في مجمله من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لليونسترال
أما عن ممارسات التحكيم في دولة قطر وأهم مستجداتها والتحديات التي تواجه التحكيم في قطر والمنطقة بشكل عام، فقال السيد السحوتي إن دولة قطر حرصت على أن يكون قانون التحكيم لديها مستمدا في مجمله من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لليونسترال.
وتبنى المشرع القطري أهم الضمانات والمعايير الدولية في التحكيم التجاري الدولي، والتي من أهمها مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، ومبدأ الاختصاص بالاختصاص، وبالتالي تفعيل دور التحكيم وإعطائه مزيدا من الثقة كوسيلة فعالة ومرنه لتسوية المنازعات، وتم ملاحظة إقبال المتقاضين على التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات خصوصا بعد صدور قانون التحكيم رقم 2 لسنة 2017.
ورأى السحوتي أن أهم التحديات التي واجهت التحكيم في قطر والعالم كانت خلال فترة تفشي وباء كورونا "كوفيد-19"، نتيجة عدم وجود القواعد المنظمة للتحكيم عن بعد، مما استدعى من بعض الدول تعديل قوانينها لجواز عقد جلسات المرافعة أو الاستماع عن بُعد، كما قامت العديد من مراكز التحكيم بإصدار مجموعة من المبادئ والتوجيهات (المسماة بالبروتوكولات) الخاصة بطريقة الإعداد والتحضير لعقد جلسات الاستماع والمرافعة عن بُعد ومحاكاة جلسات التحكيم التقليدية التي يتقابل فيها الأطراف وممثلوهم القانونيون وأعضاء هيئة التحكيم وجهاً لوجه.
تحديات أمام التحكيم
وذكر أن من أهم التحديات التي تواجه التحكيم أيضا التعديل المستمر على تشريعات التحكيم باعتبار أن التحكيم يتسم بالتطور المستمر، وبالتالي فإنه من الضرورة بمكان مواكبة أحدث المستجدات والمعايير الدولية المتعلقة بالتحكيم.
وحول مدى الإقبال على تسوية المنازعات التجارية من خلال الوساطة في قطر، أكد السحوتي أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في استخدام الوساطة كأداة فعّالة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية في العديد من الدول، وذلك نظرا لما حققته من نتائج إيجابية في حل وتسوية تلك المنازعات، لاسيما المتعلقة منها بالقطاعات التجارية، والمالية، والاستثمارية، والإنشائية.
قطر استشعرت أهمية نشر فكر الوساطة كأداة فعالة لتسوية المنازعات كما أنها من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية
وأوضح أن دولة قطر استشعرت أهمية نشر فكر الوساطة كأداة فعالة لتسوية المنازعات، حيث أصدرت القانون رقم (20) لسنة 2021 الخاص بالوساطة في تسوية المنازعات المدنية والتجارية للإسهام في خلق بيئة جاذبة للاستثمار، كما كانت قطر من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة والمعرفة بمسمى "اتفاقية سنغافورة للوساطة" والتي صادقت عليها دولة قطر في 07 / 10 / 2020.
وقد أصدرت محكمة قطر الدولية عام 2020 القواعد المنظمة لإجراءات الوساطة في المنازعات المدنية والتجارية والتي تسري على الوساطة القضائية، وعلى الوساطة الاتفاقية، وتتسم قواعد الوساطة الخاصة بالمحكمة بمرونتها وسهولة تطبيقها.
وشهدت الفترة الأخيرة إقبالا متزايدا على حل المنازعات فيما بين الشركات بدولة قطر من خلال الوساطة، إلا أنه في ضوء غياب الإحصائيات الدقيقة عن عدد الدعاوى التي يتم حلها من خلال الوساطة، نظرا لأن الوساطة تتسم بالسرية والخصوصية، فإنه من الصعوبة بمكان تقدير عدد الدعاوى التي تمت تسويتها من خلال الوساطة.