اعتبر بنك قطر الوطني أن الاتجاهات طويلة الأجل تدعم عودة الذهب كعنصر تنويع واستقرار في محافظ المستثمرين العالميين.
وأوضح بنك قطر الوطني، في تقريره الأسبوعي، أنه بالرغم من نقص الدخل الذي يولده الذهب والتكاليف المرتبطة باستخراجه وتخزينه، فإن المستثمرين والأسر والجهات السيادية والشركات ظلوا يكتنزون الذهب لأجيال، حيث كان بمثابة مستودع ثابت للقيمة يحمي المحافظ من الاضطرابات الاقتصادية والمخاطر الكلية النظامية مثل الأزمة المالية العالمية في 2008 و2009 أو أزمة جائحة كورونا "كوفيد-19"، مشيرًا إلى أن الذهب كان دائما مصدرا للجدل والخلاف بين الاقتصاديين والمستثمرين.
وأضاف التقرير أنه بعد التراجع الكبير في أسعار الذهب التي ارتفعت أثناء جائحة "كوفيد-19"، استفاد الذهب مؤخرا من تجدد الطلب، مشيرا إلى أنه نتيجة لذلك، فإن سعر هذه السلعة الثمينة يبعد بنسبة 6 بالمئة فقط من أعلى مستوياته المسجلة على الإطلاق والتي تتجاوز 2,062 دولار أمريكي للأونصة.
وتابع التقرير: "اللافت أن هذا الارتفاع القوي في أسعار الذهب يأتي في وقت يوفر فيه النقد أو الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل عوائد اسمية أعلى، مما يزيد من تكاليف الفرص البديلة لحيازة الذهب".
ارتفاع أسعار الذهب
وعزا الارتفاع المستمر لأسعار الذهب إلى ثلاثة عوامل رئيسية، الأول هو أن العوائد الحقيقية لا تزال سلبية، ما يعني أن النقد والأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل أقل جاذبية كخيارات استثمارية من حيث العوائد الاسمية، وهو ما يرجح كفة الاستثمارات البديلة مثل الذهب الذي يعتبر محصنا من التضخم، وهذا الأمر مهم بشكل خاص لليابان وأوروبا، لأن أسعار الفائدة الحقيقية لديها تعتبر في مستويات سلبية أكثر مما هي عليه في الولايات المتحدة، إذ وصلت أسعار الذهب باليورو أو الين الياباني إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف أن العامل الثاني لارتفاع الأسعار يتمثل في مواجهة الاقتصاد العالمي عددًا كبيرًا من أوجه عدم اليقين الجيوسياسي، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة في مضيق تايوان، وهو ما أدى إلى ارتفاع علاوات المخاطر في الأصول التقليدية وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة البديلة، بالإضافة إلى الاتجاهات العامة، مثل احتدام المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين وتراجع التعاون الدولي ونشوب الصراعات التجارية وتزايد الاستقطاب السياسي وفرض العقوبات، ما عزز الطلب على أصول الملاذ الآمن غير المرتبطة بولايات قضائية محددة مثل الذهب.
ولفت التقرير إلى أن العامل الثالث لارتفاع أسعار الذهب يكمن في مواجهة الاقتصاد الكلي العالمي وضعا صعبا يتمثل في مزيج من انخفاض النمو وتزايد الديون وارتفاع التضخم، لا سيما في بعض الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، مشيرا إلى أن هذه الظروف أدت في الماضي إلى تقييد مالي، حيث تنفذ الحكومات سياسات لكبح الدين العام وتمويل عجزها، ويمكن أن يشمل ذلك إبقاء أسعار الفائدة دون مستوى التضخم، وزيادة المعروض النقدي، وفرض ضوابط على رأس المال، لتكون النتيجة انتقال الثروة من المدخرين إلى الحكومة من خلال التضخم، وانخفاض عوائد المدخرات، وتراجع القوة الشرائية، وعادة ما يكون أداء الذهب جيدا في مثل هذه السيناريوهات المتعلقة بالتقييد أو الكبح المالي، وقد بدأ المستثمرون الحذرون على المدى الطويل في تعديل أوضاعهم جزئيا تحسبا لهذه الظروف.