اختتمت اليوم على مسرح الدراما بكتارا، أعمال "مؤتمر الدبلوماسية العامة في دول الخليج العربية: السياسات والممارسات" الذي نظمته المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" ممثلة بمركز كتارا للدبلوماسية العامة بالتعاون مع مركز دراسات الخليج في جامعة قطر على مدى يومين.
وشهدت جلسات المؤتمر تقديم 30 بحثا وورقة عمل موزعة على العديد من المحاور التي تتعلق بالاتجاهات الجديدة في دراسة الدبلوماسية العامة وممارساتها وتوجهاتها إلى جانب تداخلاتها مع المجالات الأخرى كالثقافة والتعليم والصحة والرياضة والمساعدات الإنسانية والإغاثية، مستعرضة التجربة القطرية في الدبلوماسية العامة وأساليبها الحديثة في دول الخليج العربية.
وقال المهندس درويش أحمد الشيباني الرئيس التنفيذي لمركز كتارا للدبلوماسية العامة في تصريح اليوم، إن الأبحاث التي قدمت خلال المؤتمر من قبل باحثين وخبراء دوليين أبرزت الإنجازات التي حققتها دولة قطر ودول الخليج العربية في مجالات الدبلوماسية العامة، مع استعراضها للاستراتيجيات التي تقوم عليها الدبلوماسية العامة ومدى فاعليتها وتأثيرها على الأدوار الرسمية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول، مشيرا إلى أن الدبلوماسية العامة القطرية أخذت مكانا بارزا ومتميزا ومؤثرا في استراتيجية دولة قطر، ليس لاتساقها مع توجهات ومصلحة الدولة وقيامها بدورها المهم في تقوية العلاقات مع الدول الأخرى فحسب، وإنما لتلبيتها مصالح الشعوب وتحقيق طموحاتها وإسهامها في تنمية المجتمعات، حيث تعاملت بنزاهة وحيادية في تطبيقها للدبلوماسية العامة.
وأوضح أن الدبلوماسية العامة لا تندرج في إطار تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للدول المنكوبة والمتضررة فحسب، وإنما بمنح الدبلوماسية العامة محتوى متجددا، تعكسه برامج التبادل الثقافي، وتجسيرها للخلافات وتعزيز التفاهم وبناء جسور التواصل بين الشعوب.
من جهته، قال الدكتور محجوب الزويري مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، إن أوراق العمل والأبحاث التي قدمت في المؤتمر ركزت على دراسة تطور الدبلوماسية العامة في دول الخليج العربية وما تقوم به عمليا من سياسات وممارسات في مجالاتها السياسية والثقافية والاقتصادية والمساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أن المؤتمر نجح في إلقاء الضوء على الأدوار الذي قامت به دول الخليج في ميدان الدبلوماسية العامة وتنفيذها للخطط والبرامج الهادفة، كما وضع اللبنة الأولى في مسار إرساء دعائم الدبلوماسية العامة وتطبيقاتها في دول الخليج العربية مما يعطي الجانب البحثي في هذا المجال زخمًا كبيرًا ومهما في اجراء المزيد من البحوث والدراسات، ونوه بأن الدبلوماسية العامة هدفها الإنسان أو ما يعرف بـ"أنسنة" الدبلوماسية العامة من خلال تركيزها على الإنسان وتلبية احتياجاته في الصحة العامة أو التعليم أو مواجهة الفقر ومكافحة الأمراض أو توفير البرامج الأكاديمية للطلاب والمساعدات للمحتاجين، إلى جانب تمكين الدول في تحقيق السلام والاستقرار، لافتا إلى أن التعاون الدولي في توفير اللقاحات في مواجهة فيروس كورونا خلال الفترة الماضية، جسد الممارسة الحقيقية للدبلوماسية العامة ودورها في معالجة الأزمات الطبية الحقيقية.
استخدام الدبلوماسية العامة
من جهة أخرى، شهد اليوم الثاني والختامي لمؤتمر "الدبلوماسية العامة في دول الخليج العربية: السياسات والممارسات"، جلسة افتتاحية بعنوان "خواطر وتأملات حول تجربة قطر في الدبلوماسية العامة"، حيث استضافت الجلسة الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، والذي قدَّم مداخلة تطرق فيها إلى اهتمام دولة قطر باستخدام الدبلوماسية العامة في سياستها الخارجية، مؤكدا على وجود فرق بين مفهومي الدبلوماسية العامة والقوى الناعمة، لافتًا إلى أنه من المهم التفريق بين المفهومين وضرورة التفكير في الدبلوماسية العامة بطريقة لا تحد من فكرة القدرة الخارجية لأية دولة على التأثير، وهذا ما يرتبط بنظرة الدولة في المجتمع الدولي الأوسع، مبينا أنه علينا التساؤل كيف تستطيع أي دولة أن توصل رسالتها إلى العالم.
وبيّن الدكتور الأنصاري أن الدبلوماسية العامة لا تستهدف تغيير وجهة نظر عن الدولة لأنها ليست علاقات عامة وإنما لها سبلها وأهدافها الخاصة بها، مستعرضا جهود دولة قطر وسياستها حيث قامت بالعديد من المبادرات الهامة من خلال وزارة الخارجية للوصول إلى حكومات الدول الأخرى من خلال إدارة الاعلام ومهمة المبعوث الرسمي لحل النزاعات والذي يقوم بدور كبير ضمن الدبلوماسية العامة القطرية.
أما في مجال المبادرات غير الرسمية، فأشار إلى أن قطر نجحت في الترويج للمفاهيم القطرية، ومنها العام الثقافي الذي من خلاله تمَّ تقديم ثقافة دولة قطر للشعوب الأخرى. وفي الوقت ذاته التعرف على ثقافات الشعوب بتنوعها، إلى جانب استضافة الفعاليات الكبرى، حيث بدأت هذه السياسة منذ منتصف التسعينيات في القرن الماضي. ومنها منتدى الدوحة الذي يجمع الباحثين والسياسيين والأكاديميين حيث نجح في توفير فرص جادة للحوار والنقاش وتبادل الآراء والخبرات والتجارب.
كما تطرق الدكتور الأنصاري إلى أهمية الرياضة كأداة من أدوات الدبلوماسية العامة، مسلطا الضوء على كبرى الفعاليات الرياضية التي احتضنتها قطر ومنها كأس العالمFIFA قطر 2022، والألعاب الآسيوية والاستثمار في الأندية الرياضية الكبيرة حيث جعل ذلك دولة قطر تحظى بالتقدير الدولي بفضل تميزها في التنظيم والاستضافة والرعاية والاهتمام.
وأشار إلى أنّ كلّ هذا يُنظر إليه تحت مظلة الدبلوماسية العامة التي تهدف إلى إظهار صورة الدولة أمام المجتمع الدولي.. مؤكدا أن قطر نجحت في تقديم الصورة التي تود إيصالها للعالم، مؤكدا "أنَّنا لن نتنازل عن قيمنا لنتوافق مع قيم الغرب. وقلنا بوضوح: هذا نحن وهذه الصورة التي نودُّ أن نوصلها للعالم".
إلى ذلك، تضمن جدول اليوم الثاني جلسة عن الدبلوماسية العامة في السياسة الخارجية القطرية عرضا عن "دراسة مساعدات قطر التنموية كاستراتيجية للدبلوماسية العامة"، ومداخلة عن "الدبلوماسية العامة القطرية في دراسة المساعدات الإنسانية والتعليم".
كما تابع الحضور مداخلة بعنوان "الدبلوماسية العامة القطرية: تحديات التحوّل من لاعب فاعل إلى شريك موثوق"، و"العلامة المميزة للأمة من خلال الدبلوماسية الرياضية: حالة الخطوط الجوية القطرية ورعايتها لفريق برشلونة".
أما الجلسة الثانية والتي حملت عنوان "الدبلوماسية العامة والشؤون الإقليمية" فتم خلالها تقديم مداخلة: "سلبيات وإيجابيات الدبلوماسية العامة ـ أساليب جديدة لدراسة الدبلوماسية العامة في دول الخليج العربية".
في حين أن الجلسة الثالثة، فناقش فيها المتدخلون: "الدبلوماسية العامة على محور التداخل مع الدين والثقافة"، واشتملت على عدد من الأوراق من بينها: "من الدبلوماسية الثقافية إلى الدبلوماسية العامة" و"الثقافة في الدبلوماسية الفرنسية في دولة الامارات العربية المتحدة"، و"الدبلوماسية الثقافية: أداة فعالة للقوة الناعمة لدولة قطر"، و"الطبيعة المتقلبة للقوة الناعمة كأداة للدبلوماسية العامة"، و"الدبلوماسية العامة من خلال الثقافة والرياضة: استعدادات قطر لكأس العالم FIFA قطر 2022"، فيما ناقشت الجلسة الرابعة "الدبلوماسية العامة والشؤون الإقليمية"، وتطرق خلالها الباحثون إلى عدد من المواضيع من بينها: "وجهة نظر سعودية حول الدبلوماسية العامة إقليميا ودوليا"، "انعكاس النسب الانتخابية وفقا مع استراتيجيات للدبلوماسية العامة: الخليج العربي من منظور إقليمي"، ثم "المساعدات الإنسانية من دول الخليج العربية للبلدان الإقليمية".