استعرض عدد من الخبراء الأمميين أبرز الجهود التي تقدمها الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسان في النهوض بالعمل المناخي المستند إلى الحقوق، لمواجهة الآثار الناجمة عن مشكلة التغيير المناخي التي تشكل تداعياتها تهديداً كبيراً على العالم أجمع، مشددين على ضرورة صياغة توصيات لتعزيز التعاون لدعم العمل المناخي القائم على الحقوق، في جميع دول العالم عامة، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خاصة.
ونوه الخبراء الأمميون المشاركون بالجلسة الثالثة لأعمال المؤتمر الدولي حول "التغيرات المناخية وحقوق الإنسان" المنعقد حاليا بالدوحة، والتي حملت عنوان: "دور الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسان في النهوض بالعمل المناخي القائم على الحقوق"، بأبرز الأضرار الناجمة عن هذه المشكلة التي تتسبب بتغيير درجات الحرارة والأضرار الهائلة للطبيعة والعديد من المخاطر، معربين عن شكرهم الجزيل لدولة قطر على تبني وتنظيم هذا المؤتمر الذي جاء في الوقت المناسب.
وضع الحلول
وشددوا خلال الجلسة التي ترأسها السيد محمد علي النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، على أهمية مواجهة هذه المشكلة ووضع الحلول والخطط والاستراتيجيات لدحض مخاطرها، لا سيما أن التغير المناخي أدى لارتفاع درجات الحرارة ومستوى البحار، مما يشكل ذلك خطورة على البشرية جمعاء.
وأكد المشاركون على ضرورة النهوض بالعمل المناخي القائم على الحقوق بالتنسيق مع الأمم المتحدة بهدف تعزيز حقوق الإنسان في ظل التغيرات المناخية، لافتين إلى أن هناك ضرورة قصوى بوجود مناخ مستدام من أجل تحقيق الأهداف والحصول على بيئة نظيفة وغير ملوثة من خلال احترام الطبيعة وحقوق البيئة من أجل خدمة البشرية.
وبدوره، أشار السيد بن شاشتر، منسق فرق البيئة، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى دور المفوضية السامية لحقوق الإنسان في النهوض بالعمل المناخي القائم على الحقوق، موضحاً أن هناك العديد من الإجراءات والتوصيات تم إطلاقها بهدف التصدي لمثل هذه المشاكل.
وأضاف أن هناك ضرورة ملحة لوجود خطة عمل جادة وطموحة لخفض الأضرار التي تسبب فيها التغير المناخي في عدد من الدول، بالإشارة إلى إيجاد سبل عيش مستدامة لكي نغير من البيئة، لافتاً إلى أن هناك مساعي حقيقية إلى دمج حقوق الإنسان في عمليات المناخ وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان في ظل التغيرات المناخية.
أهمية التوعية
ومن ناحيته، قال الدكتور داميلولا أولابي، رئيس قسم قانون البيئة والتنمية المستدامة في اليونسكو، وعضو فريق الأمم المتحدة المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، إن هناك آلية عمل مستمرة لتطوير جانب التوعية من أجل تقليص الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية، لافتاً إلى أن اليونسكو لديها الكثير من الورشات والحملات التوعوية في مكافحة الآثار الناجمة عن التغيير المناخي من خلال المشاريع والأنشطة، لطالما التغير المناخي يؤثر على جميع الحقوق، مما يستدعي الوقوف عند هذه المشكلة.
وأضاف:" شاركنا في العديد من ورش العمل ولدينا الكثير من الأنشطة والمشاريع التي تتعلق بالتغيرات المناخية وحقوق الإنسان، فلا بد لنا من حماية حقوق الإنسان من التغيرات التي يشهدها المناخ".
ونوه بأهمية تعزيز دور الإعلام لما له من أهمية كبيرة بتشجيع التنوع الثقافي وتبليغ الجمهور بالرسائل الهامة، مشيراً إلى أن اليونسكو تعمل على توفير آليات لمكافحة الأخبار المغلوطة والمزيفة، مما يستدعي مواجهة الأخبار المغلوطة بناءً على حقائق ودلائل واقعية، وهذا يتطلب توفير دعم حقيقي للصحافة والإعلام.
وفي ذات الإطار، استعرض السيد العربي جاكتا، رئيس اللجنة المدنية بالأمم المتحدة، ممثل الأمين العام، خلال الجلسة، ورقة نقاشية تحت عنوان:" حقوق الإنسان وتغير المناخ من منظور موظفي الخدمة المدنية الدولية"، مهنئاً دولة قطر على الإنجازات النوعية التي قدمتها في مجال المحافظة على البيئة وحقوق الإنسان.
تعزيز حقوق الطفل
وفي السياق ذاته، أشار السيد أنتوني ماكدونالد، رئيس مكتب اليونيسف، في الجلسة الثالثة للمؤتمر، إلى دور اليونيسف في تعزيز حقوق الطفل في سياق التغير المناخي، محذراً من أزمة التغيير المناخي المرتبطة بالأطفال الذين يشكلون مستقبل العالم.
وكشف ماكدونالد عن أرقام مفزعة عن تأثر الأطفال بهذه الأزمة قائلا إن 99% من الأطفال يتعرضون للضغوط النفسية، و8% منهم يعانون بسبب التغيير المناخي، منوهاً بأن ملايين الأطفال معرضون لتلوث الهواء، حيث إن 43% من الآثار المتعلقة بالتغير المناخي تبقى مع الأطفال.
وحول تأثير التغيير المناخي على الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال ماكدونالد: إن 175 مليون طفل يعيشون في هذه المنطقة معرضون للكوارث الطبيعية، محذراً بأن تشهد منطقة الشرق الأوسط ارتفاعاً في معدل درجات الحرارة وتكون فوق المعدل بـ 4 درجات خلال عام 2050، في حال استمرت أزمة التغيير المناخي بدون حلول.
وقال إن اليونيسف لديها التزامات تجاه الأطفال تتعلق بمواجهة أزمة التغيير المناخي، من خلال تقديم المياه الصالحة للشرب والغذاء والصحة، وتمكين الاطفال من التعليم واكتساب المهارات.
ومن ناحيته، دعا السيد سيوانيانا ليفينجستون، المدير التنفيذي لمبادرة حقوق الإنسان خبير الأمم المتحدة المعني بتعزيز نظام دولي ديمقراطي ومنصف، إلى إقامة شراكات دولية لمواجهة تأثير التغيير المناخي على حياة الناس، الذي اعتبره يهدد تقدم البشرية جمعاء.
وأشار إلى أن قضية التغير المناخي تحظى بأهمية قصوى في الأمم المتحدة، وخاصة أن هناك الكثير من القرارات التي يجب أن تتخذ لمواجهة هذا التحدي، لا سيما أن التعامل مع هذه القضية يجب أن يكون على مستوى إقليمي ودولي، وخصوصا بالنسبة للدول الأقل نمواً والأكثر تضرراً من هذه المشكلة.
وتقدم ليفينجستون بالتهاني لدولة قطر على جهودها في تحقيق الأهداف المناخية لاتفاق باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة، والنجاح الكبير الذي حققته في تنظيم أول بطولة كروية، عالمية، صديقة للبيئة ومحايدة الكربون.