عقد مجلس وزراء الداخلية العرب، اليوم، بمقر أمانته العامة في تونس العاصمة، دورته الأربعين، بمشاركة دولة قطر، وبحضور أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في الدول العربية، ووفود أمنية رفيعة، إضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، واتحاد المغرب العربي، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة “اليوروبول”، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والاتحاد الرياضي العربي للشرطة.
نجاح منقطع النظير
وأشاد الدكتور محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، في كلمته الافتتاحية للدورة الأربعين للمجلس، بالنجاح المنقطع النظير الذي حققته دولة قطر في تنظيمها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، متوجها بالتهنئة للقيادة الرشيدة وللحكومة وللشعب القطري على هذا النجاح.
د. محمد كومان: لأول مرة تقام فعاليات كأس العالم في دولة عربية ويحق لنا كعرب أن نفتخر بالتنظيم المحكم والأجواء المتميزة
وقال: "لأول مرة تقام فعاليات كأس العالم في دولة عربية، ويحق لنا كعرب أن نفتخر بالتنظيم المحكم والأجواء المتميزة التي طبعت هذه البطولة، وجعلت منها بشهادة المراقبين أفضل نسخة من دورات المونديال"، مضيفا "لا يفوتني أيضا أن أثمن عاليا استثمار هذا الحدث العالمي الكبير في نشر قيم الحضارة العربية الإسلامية، والتعريف بالتراث العربي، والإسهامات الحاسمة في الحضارة الإنسانية"، ومعربا عن تمنياته لدولة قطر بمزيد من النجاح والتقدم والازدهار.
واعتبر كومان، في كلمته، أن مجلس وزراء الداخلية العرب "قد بلغ أوجه بعد أربعين سنة من العمل الدؤوب في تعزيز التعاون العربي في مجال الأمن الداخلي ومكافحة الجريمة"، مشددا على أن أحد أسباب هذا النجاح هو حرص المجلس على تقييم آليات عمله بما يحقق المواكبة المستمرة للتطورات الأمنية، ويسمح بمعالجة التحديات المستجدة والتهديدات الإجرامية الناشئة، وهو ما يتجلى في عدة بنود من جدول أعمال هذه الدورة.
أبو الغيط: العمل العربي المشترك في المجالات الأمنية يظل ضرورة لا غنى عنها لحشد مواجهة جماعية متضافرة للظواهر الأمنية
من جانبه، أكد السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن العمل العربي المشترك في المجالات الأمنية يظل ضرورة لا غنى عنها لحشد مواجهة جماعية متضافرة للظواهر الأمنية، خاصة تلك العابرة للحدود، وكذلك لتبادل الرأي بخصوص التطورات الناشئة والمستجدة في المجتمعات العربية التي تجمعها الكثير من القواسم المشتركة، مشيرا إلى أن هذه الدورة تعقد في ظروف بالغة الدقة، لا سيما في ظل استمرار معاناة المنطقة العربية من نزاعات أهلية خطيرة تمزق بعضها، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من آثار وتداعيات عابرة للحدود ومتجاوزة للدول، كما هو الحال مع تدفقات اللاجئين أو بعض الظواهر الأمنية الخطيرة كانتشار الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات.
نظرة أمنية تكاملية
كما شدد على الحاجة الملحة لوجود نظرة أمنية تكاملية تأخذ في الاعتبار الأوضاع الاجتماعية التي نشأت عن التطورات العالمية التي يشهدها الجميع، مطالبا بأهمية اقتلاع الفكر المتطرف عبر تفكيك بنيته الأيديولوجية.
وأوضح أن المجتمعات العربية، وبعد ما يقرب من عشر سنوات منذ ظهور “داعش”، صارت أكثر وعيا بخطر هذا الفكر، وأشد نفورا من نهجه المتطرف، معتبرا أن الحل الأمني وحده لا يكفي للتغلب والسيطرة على المشكلات الأمنية في المنطقة العربية، بل يستدعي الأمر التوصل لحلول جذرية وتسويات سياسية للمشكلات التي تفرز هذه الظواهر الأمنية السلبية.
وزير الداخلية السعودي: الارتقاء بتطبيق نموذج التعاون العربي المأمول يتطلب دعم جهود التكامل والتنسيق وتبادل التجارب والخبرات
من جهته، أكد الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف آل سعود وزير الداخلية السعودي، الرئيس الفخري للمجلس، أن الارتقاء بتطبيق نموذج التعاون العربي المأمول يتطلب دعم جهود التكامل والتنسيق، وتبادل التجارب والخبرات لتطوير وسائل وآليات تعتمد على دراسة تحليلية شاملة للبيانات والمعلومات المتعلقة بكافة أنواع الجرائم؛ للوقاية منها ومكافحتها وفق منظومة شاملة من الاستراتيجيات والخطط والقرارات المتعلقة بمجالات الأمن بمفهومه الشامل.
تهديدات أمنية متعددة
وأبرز أن العالم العربي يشهد مستجدات متسارعة نتجت عنها تهديدات أمنية واجتماعية متعددة، من أبرزها خطر انتشار آفة المخدرات التي تهلك المجتمعات وتستهدف الشباب وتهدم كل أسس التنمية والازدهار، معربا عن ثقته في القدرة على تجاوز كل التحديات التي تواجه أمن واستقرار الأوطان العربية، وذلك انطلاقا من قيم مجلس وزراء الداخلية العرب، التي ساهمت منذ تأسيس هذا الكيان في تحقيق منجزات متتالية تدفع للتطلع نحو مستقبل يرتكز على أعلى درجات الحماية من الجرائم للعيش في وطن عربي ينعم بالأمن والاستقرار.
وأشار الوزير إلى أن المجلس حقق، من خلال دورته الماضية، مجموعة من المنجزات في عدد من المسارات المتكاملة التي ترجمت المقترحات والأفكار المشتركة إلى واقع عملي، ومنها إنشاء فريق عمل عربي معني بالتبادل الفوري للمعلومات بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، وهو ما سيمثل أداة جديدة لتعزيز التعاون العربي في مواجهة هذه الآفة الخطيرة، لافتا إلى تسجيل تطورا في التعاون العربي - الدولي لمكافحة الإرهاب من خلال مواءمة الاستراتيجية العربية مع استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الظاهرة، وفق خطة تنفيذية طموحة، بالإضافة إلى عقد وتنظيم المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات المشتركة مع المنظمات الإقليمية والدولية.
وزير الداخلية التونسي: التحديات الأمنية تحتم على الجميع مضاعفة الجهود وتوحيد الرؤى نحو تعزيز التعاون بين مختلف الأجهزة
إلى ذلك، أبرز السيد توفيق شرف الدين وزير الداخلية التونسي، في كلمته، التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة العربية، مما يحتم على الجميع مضاعفة الجهود، وتوحيد الرؤى، ومزيد تعزيز التعاون بين مختلف الأجهزة والهيئات والمنظمات، سواء العربية منها أو الإقليمية والدولية، وذلك في إطار مقاربة شاملة متعددة الأبعاد، وفي ظل وضع إقليمي ودولي متحرك ومتغير.
ولفت إلى أن انعقاد الدورة الأربعين للمجلس يعد مناسبة متجددة لتبادل الرؤى، ومناقشة وبلورة المواقف تجاه القضايا المطروحة، بما يخدم مصلحة شعوبنا العربية، ويضمن أمنها واستقرارها، ولا سيما التهديدات والتحديات الأمنية التي يشكلها على سبيل الذكر لا الحصر تزايد تدفق أعداد المهاجرين غير الشرعيين للعبور نحو الفضاء الأوروبي عبر عدد من دولنا العربية.
مواضيع مدرجة للنقاش
وناقشت الدورة عددا من المواضيع المهمة المدرجة على جدول أعمالها، لا سيما تقرير الأمين العام للمجلس عن أعمال الأمانة العامة بين دورتي المجلس التاسعة والثلاثين والأربعين، وتقرير رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عن أعمال الجامعة بين دورتي المجلس الماضية والحالية، ، والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات والاجتماعات التي انعقدت في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2022م، ونتائج الاجتماعات المشتركة مع الهيئات العربية والدولية خلال العام نفسه.
كما تم النظر في تصور لتفعيل عمل المجلس في مجال الأمن السيبراني، ومكافحة الجرائم الإلكترونية، وفي مجال احترام حقوق الإنسان في العمل الأمني، وتعديل أنظمة المجلس بما يتلاءم مع المستجدات في مجال عمله، كما سينظر المجلس في إقرار الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي تم تطويرها لتتلاءم مع استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى عدد من المواضيع الأخرى المهمة.