توقع بنك قطر الوطني QNB تحسنا لأحجام التجارة العالمية خلال الربع الثاني من العام الجاري 2023، مع ظهور بوادر وعلامات على مزيد من الاستقرار.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي إنه لا يعرف بعد ما إذا كانت الرياح المعاكسة الناتجة عن التشديد النقدي، وعدم اليقين بشأن السياسة النقدية، والبيئة الجيوسياسية، ستؤدي إلى نتائج سلبية في وقت لاحق من العام.
وأضاف التقرير: تعتبر التجارة العالمية إلى حد كبير مقياسًا مهمًا لتقييم الأنشطة الاقتصادية بين الدول، وهناك عدد من المؤشرات يمكن أن تضاهي الرؤى، التي توفرها بيانات التجارة عندما يتعلق الأمر بتقييم الأوضاع الاقتصادية العالمية.
وأشار إلى أن بيانات التجارة، التي تستند إلى معاملات حقيقية عبر الحدود، توفر فهما شاملا للطلب الإجمالي على المنتجات الأساسية وعوامل الإنتاج، وهذا يشمل السلع المادية، والرأسمالية، والمدخلات الأساسية كمواد الخام والبضائع، ونتيجة لذلك، تستجيب بيانات التجارة العالمية بشكل سريع لأوضاع الاقتصاد الكلي، وتتأرجح وفقا لدورات التوسع والانكماش الاقتصادي.
مرحلة التعافي بعد كورونا
وذكر تقرير البنك أنه في الآونة الأخيرة، بعد التعافي الكبير في أعقاب جائحة كورونا، بدأت علامات الضعف تظهر على التجارة العالمية، ووفقا لمكتب التخطيط المركزي الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية، تقلصت أحجام التجارة العالمية بنحو 4 بالمئة منذ ذروتها الأخيرة في أغسطس 2022، وظل يحدث ذلك رغم تراجع الاختناقات والقيود المرتبطة بسلاسل التوريد، وهذا متوافق مع الانخفاض المستمر في التجارة في الدول المصدرة الآسيوية ذات التقارير المبكرة (اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان)، وتقود هذه البلدان عادة اتجاهات التجارة العالمية، فهي تلعب دورا رئيسيا في سلاسل التوريد المرتبطة بالأنشطة الصناعية عبر مختلف القارات.
وأشار إلى أن البيانات المرتبطة بحجم التجارة العالمية توفر صورة للماضي القريب، لا الحاضر أو المستقبل، على سبيل المثال، يتم إصدار بيانات مكتب التخطيط المركزي الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية بتأخر مدته 3 أشهر، مما يعني أن الإصدارات الأخيرة من تلك البيانات تعكس أحجام التجارة في نوفمبر 2022، وحتى المؤشر الأقرب من حيث التوقيت لنمو التجارة المتمثل في التقارير المبكرة للدول المصدرة الآسيوية ليس مثاليا أيضًا، فبياناته لا تزال متأخرة بشهرين، ومن الأفضل النظر في مصادر البيانات البديلة التي توفر رؤى مستقبلية، أي المؤشرات الرائدة التي تتوقع ما يحتمل أن يحدث في الاقتصاد، بدلا من النظر في البيانات السابقة.
وبحسب التقرير، تشير المؤشرات الرئيسية إلى أن التراجع في التجارة العالمية سيكون ضئيلا إلى حد ما، وقصير الأجل.
وهناك 3 نقاط رئيسية تدعم هذا التحليل؛ أولا: يتوقع المستثمرون الذين يستشرفون أوضاع السوق تحسنا في الأوضاع؛ إذ تشير التوقعات بشأن الأرباح المستقبلية لقطاع النقل، وهو مؤشر رئيسي للنمو المستقبلي في التجارة العالمية، إلى استقرار وحتى تعاف ضئيل في الطلب على السلع المادية.
ويشير مؤشر داو جونز للنقل، وهو مؤشر للأسهم يتألف من شركات الطيران، والشاحنات، والنقل البحري، والسكك الحديدية، وشركات التوصيل، ويسبق أداؤه الصادرات العالمية بما لا يقل عن 3 أشهر، إلى أن التجارة العالمية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها في نوفمبر 2022، ومن المرجح أن تعود إلى الوضع التوسعي في أبريل 2023.
حركات الصرف الأجنبي
ثانيًا: من المرجح أيضا أن تؤدي حركات الصرف الأجنبي دورها في دعم التجارة العالمية. وتاريخيا، ترتبط التجارة العالمية ارتباطا عكسيا بالدولار الأمريكي، حيث تتوسع أحجام التجارة عندما تنخفض قيمة الدولار الأمريكي والعكس صحيح، وقد انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 9% عن المستويات المرتفعة التي شوهدت في أواخر سبتمبر 2021.
إن تراجع قيمة الدولار الأمريكي، الذي جاء بسبب صمود الاقتصاد الأوروبي وزيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، وبنك اليابان في الأشهر الأخيرة، يمثل رياحا دافعة رئيسية لنمو التجارة العالمية، ويتم إجراء حوالي 40 بالمئة من تدفقات التجارة العالمية بالدولار الأمريكي، وبالتالي فإن تراجع قيمة الدولار يجعل الواردات غير الأمريكية أرخص، ويؤدي هذا الأمر إلى زيادة الدخل المتاح للإنفاق، وقد يدعم استبدال المنتجات المحلية بالمستوردات، مما يؤثر بشكل إيجابي على حجم التجارة.
ثالثا: بعد عام من ضعف النشاط، تمر الصين بعملية تسارع كبير في الأداء الاقتصادي، وقد قدم الاقتصاد الصيني أداء ضعيفا بعد عام 2021، بسبب السحب المبكر لسياسات التحفيز، وتبني سياسة صفر كوفيد، وتضييق الخناق على الأنشطة العقارية، وتشديد اللوائح التنظيمية للعديد من الصناعات، لكن يتم الآن عكس جميع هذه السياسات، ومن المفترض أن يؤدي ذلك إلى انتعاش اقتصادي كبير مدعوم برفع قيود جائحة "كوفيد-19"، و"الانفتاح" الاقتصادي الشامل، ومن المرجح أن يؤدي هذا الوضع إلى تشجيع الاستثمار والاستهلاك في الصين، مما سيكون داعما لأحجام التجارة في كل من آسيا والعالم.