اعتبر المشاركون في الاجتماع الوزاري بشأن التعاون بين بلدان الجنوب، أن التعاون جنوب – جنوب يعد فرصة متاحة لتقديم حلول مبتكرة لأقل البلدان نموًا في مواجهة بعض تحدياتها الإنمائية.
وأشار المشاركون، في الاجتماع الذي عقد اليوم ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًا، إلى استفادة أقل البلدان نموا من التكامل الإقليمي المتسارع، ومن المنصات والشراكات التي أقيمت بين أقل البلدان نموا وشركاء جنوبيين آخرين من حيث بناء القدرات المؤسسية، وتنمية رأس المال البشري، والاستفادة من التكنولوجيا والابتكار.
وأكدت سعادة السيدة رباب فاطمة وكيلة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السامية، ممثل أقل البلدان نموًا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية، أن التعاون بين بلدان الجنوب نما على مدى العقود القليلة الماضية من حيث الحجم والنطاق، وأصبح الجنوب بمفهومه السياسي قوة حيوية في المشهد الاقتصادي العالمي، مضيفة أن الحجم المتزايد للمساعدة الإنمائية والتدفقات المالية، ونقل التكنولوجيا والوصول إلى الأسواق المعفاة من الرسوم الجمركية والحصص التي تقدمها بلدان الجنوب إلى أقل البلدان نموا، ساهم في تقدم الأخيرة نحو أهداف التنمية المستدامة، وأصبحت بلدان الجنوب شركاء إنمائيين مهمين لأقل البلدان نموا، بالإضافة إلى البلدان المانحة التقليدية.
وأكدت المسؤولة الأممية أن أقل البلدان نموا أحرزت تقدما كبيرا في العديد من المجالات الرئيسية مثل الوصول إلى المعلومات والاتصالات، والطاقة المستدامة، والصحة، والتعليم، والمساواة بين الجنسين والحوكمة، حيث زاد الوصول إلى الإنترنت في أقل البلدان نموا من حوالي 5 بالمئة في عام 2011 إلى 19 بالمئة في عام 2019، قائلة "لقد شهدت نسبة الربط بالكهرباء في أقل البلدان نموا تطورًا ملحوظًا من 35 بالمئة في 2011 إلى 52 بالمئة في 2018، كما أن 16 بلدا من أقل البلدان نموًا في مراحل مختلفة من المسار من إعادة التصنيف، ومع ذلك فإن التقدم متفاوت عبر أقل البلدان نموا، ولا تزال هناك فجوات حيث لم تحقق أقل البلدان نموا كمجموعة الأهداف التي حددتها خطة العمل الفورية".
واعتبرت أنه على الرغم من التقدم نحو التخرج، فإن أقل البلدان نموًا تواجه تحديات كبيرة لضمان مسار مستدام ولا رجوع فيه لإعادة التصنيف، مشيرة إلى أن برنامج عمل الدوحة يمثل جيلا جديدا من شراكات عالمية قائمة على التزامات متجددة ومعززة من أقل البلدان نموا وشركائهم في التنمية للخروج من الوباء وبناء المرونة وتسريع تنفيذ خطة عام 2030. وبينت أن برنامج عمل الدوحة يدعو لإرساء وسائل التنفيذ الطموحة والموسعة، وصياغة أوسع تحالف ممكن من شراكات أصحاب المصلحة المتعددين، حيث تتضمن خطة عمل الدوحة ست مجالات عمل رئيسية ومجموعة من الأهداف الطموحة لأقل البلدان نموا لتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي سياق متصل، أكد سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت رئيس جهاز التخطيط والإحصاء، أن التعاون بين دول الجنوب يقدم حلولا مبتكرة لأقل البلدان نموا في ظل التحديات الإنمائية التي تواجهها، موضحا أن قطر مؤمنة ومدركة بالإمكانيات الكامنة والكبيرة لدى الجنوب التي تؤهلها لأن تضطلع بدور فاعل وريادي على الساحة الدولية.
وبيّن أن دولة قطر حريصة على أن تكون منبرًا لتعزيز التعاون جنوب – جنوب، مذكرا بمختلف المحطات التي احتضنتها الدوحة دعما لهذا التوجه، قائلا: "قطر ملتزمة بالتعاون الراسخ بين دول الجنوب وبالمحافظة على مصالحها المشتركة".
وأشار سعادته إلى أن النجاح الجماعي يكمن في تنفيذ برنامج عمل الدوحة من قبل كل الشركاء لدعم البلدان الأقل نموا لمساعدتها على التصدي للتحديات التي تواجهها.
وعلى صعيد متصل، أكد رودريغو مالميركا دياز وزير التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي بجمهورية كوبا، ورئيس مجموعة الـ77 والصين، أن الأخيرة كانت دائما تقف خلف الدول الأقل نموا وتدعمها، داعيا إلى ضرورة تعزيز التعاون جنوب - جنوب من أجل مواجهة التحديات الناتجة عن جائحة كورنا، وعدم التوازن الاقتصادي الدولي، وعدم الاستقرار.
ولفت إلى أن وضع الدول الأكثر هشاشة أصعب بسبب الفجوة الهيكلية، مشيرا إلى تجسيد برنامج عمل الدوحة يضع دول الجنوب في صلب التعاون جنوب -جنوب وبناء شراكات على أسس الثقة المتبادلة.
من جهته، حث إي كي عبدالمؤمن وزير الخارجية البنغلاديشي، المجتمع الدولي على دعم البلدان الأقل نموا لمواجهة تحدياتها الإنمائية، مسلطا الضوء على استعداد بلاده لتبادل خبراتها الإنمائية المحلية مع البلدان الأقل نموا الأخرى، من خلال التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.
وشدد على حاجة أقل البلدان نموا إلى تنويع اقتصاداتها وصادراتها، بدعم مخصص من برامج الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، داعيا إلى استمرار الوصول التفضيلي إلى الأسواق لأقل البلدان نموا لفترة زمنية معينة بعد خروجها من هذه الفئة.
وأبرز الوزير الحاجة إلى استثمارات مجدية في تطوير البنية التحتية والتحول الرقمي في البلدان الأقل نموا، مؤكدا على الدعم الدولي الفعال للاستثمار في التعليم والمهارات والتكنولوجيا لتعزيز رأس المال البشري في الدول الأفل نموًا.
بدوره، قال ماكسيمو توريرو كبير الاقتصاديين في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، إن أقل البلدان نموا تستفيد من الشراكات القوية مع نظيراتها في الجنوب عندما يتعلق الأمر بجعل نظم الأغذية الزراعية لديها أكثر كفاءة وشمولية واستدامة وقدرة على الصمود، لافتا إلى أن الشراكات العالمية القوية، بما في ذلك التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، توفر دعمًا رئيسيًا لتحويل أنظمة الأغذية الزراعية، وتبادلا مفتوحا للمعرفة والخبرة حول هذا الموضوع المهم.
وأضاف أن أقل البلدان نموا تمتلك إمكانات هائلة للنمو الاقتصادي المستدام وتحسين الأمن الغذائي والتغذية والرفاهية الشاملة، إلا أنه لاحظ أن اقتصاد هذه الدول تراجع بشكل كبير بسبب جائحة "كوفيد-19"، والصدمات الاقتصادية الأخرى التي حدثت في السنوات القليلة الماضية.
وأكد أن الجائحة لم تتسبب في ارتفاع أرقام الفقر المدقع فحسب، بل عطلت مسار التقدم المحرز خلال تنفيذ برنامج عمل إسطنبول السابق لأقل البلدان نموا، قائلا في هذا الصدد "يذكرنا برنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نموًا بأن جدول الأعمال الاقتصادي والبيئي والاجتماعي للانتقال إلى أنظمة أغذية زراعية أكثر كفاءة وشمولا ومرونة واستدامة لا يزال ضروريا للتنمية".
واعتبر المشاركون أن التعاون بين بلدان الجنوب، يعد طريقة مهمة لمساعدة أقل البلدان نموا على تحقيق الأمن الغذاء، من خلال تبادل المعرفة، ونقل التقنيات الزراعية، وتعاون إقليمي، مشيرين إلى أن أقل البلدان نموا تتحمل العبء الأكبر من التغير المناخي.
وأكدوا أن مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نمواً يمثل فرصة لهذه البلدان وشركائها في التنمية ولجميع الجهات الفاعلة الأخرى، لتنشيط الشراكات، وتعبئة تدابير الدعم للإجراءات الملموسة والحلول المبتكرة لتسريع تنفيذ برنامج عمل الدوحة.