طالب مسؤولون وخبراء بالعمل على دعم الوجهات السياحية في البلدان الأقل نموا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير المزيد من فرص العمل والتدريب للارتقاء بالأوضاع الاقتصادية في تلك البلدان.
ورأى المسؤولون والخبراء، المشاركون في "الجلسة المواضيعية الخامسة لمنتدى القطاع الخاص.. السياحة المستدامة" المقامة على هامش أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا المنعقد حاليا بالدوحة، أن نقص الكوادر البشرية المؤهلة وتدني مستوى البنى التحتية من أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي في الكثير من البلدان الأقل نموا، بالإضافة إلى ضعف مصادر الطاقة كالكهرباء وعدم الاستقرار السياسي في بعض الأحيان.
وشددوا على الأهمية الكبيرة للإمكانيات الإنمائية التي توفرها السياحة المستدامة للبلدان الأقل نموا، ودورها المهم في تحقيق النمو الاقتصادي وتنمية المجتمعات المحلية في هذه الدول، فضلا عن إسهاماتها في الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي وتعزيز الحوار بين مختلف الثقافات.
وأشاروا إلى أن العديد من الدول خرجت من قائمة البلدان الأقل نموا بفضل السياحة وأثرها في تنمية المجتمعات المحلية، إذ تعتمد الغالبية العظمى من البلدان الأقل نموا على السياحة لتحقيق النمو الاقتصادي.
فمن جانبه، أكد السيد نيكو فيسير أمين سر مجلس أمناء مؤسسة "TUI" المعنية بالتطوير السياحي، ضرورة السعي لدعم الوجهات السياحية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة للبلدان الأقل نموا، من خلال تمويل مجالات التعليم والحفاظ على البيئة وريادة الأعمال وتعزيز الحوار بين الثقافات لتمكين الشباب خاصة في هذه الدول.
وأضاف، خلال مداخلته في الجلسة، أن منظمة السياحة العالمية أطلقت صندوق السياحة من أجل التنمية، حيث سيخصص هذا الصندوق 10 ملايين دولار للدول الأقل نموا حتى العام 2030، إلى جانب استهداف الوجهات السياحية في عدد من الدول، مبينا أن السياحة المستدامة هي المحفز الأساسي للبلدان الأقل نموا، كما أثبتت الدول التي خرجت من قائمة هذه البلدان بفضل السياحة.
بدوره، قال السيد مصدق بالي المدير التنفيذي لسلسلة فنادق "ازالاي": إن الصورة النمطية للمخاطر السياحية في إفريقيا لا ترتبط كثيرا بالواقع، حيث هناك العديد من المشاريع التي جرى تنفيذها في مختلف المجالات، موضحا أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي في إفريقيا تتمثل في نقص الكوادر البشرية المؤهلة، وتدني مستوى البنى التحتية، وضعف مصادر الطاقة كالكهرباء، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي في بعض الأحيان.
وأشار بالي، خلال مداخلته في "الجلسة المواضيعية الخامسة لمنتدى القطاع الخاص.. السياحة المستدامة"، إلى أنه على الرغم من وجود الكثير من التحديات، إلا أنه ينبغي التحلي بالقدرة على الصمود والتسلح بالتفاؤل والطموح، لأن الفرص دائما ما تطغى على التحديات، مؤكدا ارتفاع عوائد الاستثمارات السياحية بإفريقيا، وأثر ذلك في زيادة فرص العمل والتدريب، ودفع عجلة التنمية المستدامة.
من جانبها، شددت السيدة زوريستا يوروزوفيتش المدير التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية، على أهمية السياحة للبلدان الأقل نموا، مشيرة إلى أن أكثر من 90 بالمئة من هذه الدول تعتمد على السياحة لتحقيق النمو الاقتصادي.. مؤكدة خروج العديد من الدول من قائمة البلدان الأقل نموا بفضل السياحة، وأثرها في تنمية المجتمعات المحلية بوجه عام.
وقالت يوروزوفيتش، في مداخلة بالجلسة المواضيعية الخامسة لمنتدى القطاع الخاص حول السياحة المستدامة والمقامة على هامش أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، إن العديد من البلدان الأقل نموا التي كان متوقعا خروجها من قائمة تلك البلدان بحلول العام 2030، تعرضت لأزمات كبيرة مثل جائحة كورونا /كوفيد-19/ التي أثرت على مختلف القطاعات السياحية خاصة في هذه الدول، لافتة إلى أن البلدان الأقل نموا تستحوذ على 2.3 بالمئة من إجمالي عدد المسافرين العالميين، كما تسهم السياحة بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، والتي قد تصل إلى أكثر من 80 بالمئة أحيانا في بعض هذه الدول.
وبينت المدير التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية، أن السياحة تعد صناعة ترتكز على الأفراد، ما يؤكد ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية وبناء قدراتهم، واستحداث المزيد من فرص العمل، وتعزيز التعليم، مشيرة إلى أن 80 بالمئة من شركات السياحة هي شركات صغيرة ومتوسطة الحجم.
ودعت إلى تعزيز قدرات القائمين على التعليم المهني في البلدان الأقل نموا، وتغيير الهيكلية الاقتصادية المتبعة، والاستفادة من التحول الرقمي في الوصول إلى الأسواق من مختلف مناطق العالم، واعتماد الاقتصاد الدائري في توفير فرص العمل والحفاظ على البيئة.
بدوره، أكد البروفيسور جيفري ليبمان المشارك في تأسيس برنامج (THE SUNX) المعني بدعم السياحة والسفر في مواجهة التغير المناخي رئيس البرنامج في جمهورية مالطا، أهمية مشاركة الشباب في مثل هذه الفعاليات التي تستهدف دعم البلدان الأقل نموا، للتعرف على تحدياتها وبحث سبل تجاوزها، خاصة أن الأجيال السابقة لم تحقق الكثير بهذا الإطار. وبين أن الشباب اليوم هم من سيكون على عاتقهم مواجهة هذه الأزمات، واستحداث الحلول المناسبة لمواجهتها، خاصة أزمة التغير المناخي باعتبارها قضية وجودية تؤثر على السياحة المستدامة.
في سياق ذي صلة، تحدثت السيدة تيفاني مسراهي كبير المستشارين بوزارة السياحة السعودية، عن ضرورة تحسين الجهود المبذولة في مجالات السياحة المستدامة وتطويرها، والإسراع في تنفيذ المشاريع التي من شأنها تحقيق أهداف هذا المؤتمر، مشيرة إلى وجود فرصة لتأسيس منظمة تقود جهود المحافظة على الطبيعة ومواجهة آثار التغير المناخي، ودعم المجتمعات المحلية في البلدان الأقل نموا بمختلف المجالات السياحية.
ولفتت إلى أن زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة وتعاظم أثرها السلبي على التغير المناخي، وتآكل رقعة المساحات الخضراء خاصة في البلدان الأقل نموا، وغيرها من التحديات، يؤثر بمجمله على السياحة بمختلف مجالاتها ويحد من تطورها مستقبلا.
من ناحية أخرى، قالت السيدة روميري اندرياناريسوا رئيس لجنة التنمية المستدامة وأخلاقيات الأعمال في مجموعة مدغشقر للأعمال "GEM" إن السياحة تمثل نحو 12 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في جمهورية مدغشقر، مشيرة إلى العمل على تعزيز الصناعة السياحية في بلادها، لكونها القطاع الأبرز الذي يمكن التعويل عليه في استحداث المزيد من فرص العمل وتنمية المجتمع المحلي.
ودعت اندرياناريسوا، خلال مداخلتها بالجلسة، البلدان الأقل نموا إلى العمل على تحديد احتياجاتها ووضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة لتنفيذها، بالشراكة والتعاون مع مختلف دول العالم، إلى جانب السعي لتعزيز السياحة المستدامة، مع المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي.
بدورها، أكدت السيدة كاثرين مارش نائب مدير إدارة عمليات القطاع الخاص في بنك التنمية الآسيوي، أن التغير المناخي يهدد القطاع السياحي باعتباره التحدي الأبرز لمستقبل السياحة ككل، ما يؤكد الحاجة لتوفير دعم أكبر لتمويل الموارد الطبيعية خاصة في البلدان الأقل نموا، مشيرة إلى أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في تحديد الاحتياجات والمتطلبات، ووضع الخطط الملائمة للتنفيذ.
ونوهت مارش، في مداخلتها بالجلسة المواضيعية الخامسة لمنتدى القطاع الخاص حول السياحة المستدامة، بأهمية تطوير السياحة والبحث عن طرق مبتكرة تسهم في الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، مشددة على ضرورة التنسيق الفاعل بين الداعمين والبلدان المستهدفة، وتوحيد مختلف الجهود لتعزيز الأثر التنموي العائد من هذه المشاريع، خاصة في ظل الأزمات التي تواجه العالم