أشادت صانعتا أفلام خلال جلسات توجيه المخرجين الشباب في ملتقى قمرة السينمائي 2023، الحاضنة السنوية، من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، بدور الملتقى الرئيسي في تشكيل جيل جديد من المواهب سواء من المنطقة أو عبر العالم، حيث يوفر لهم الصوت والمساحة اللازمة لتسريع مرحلة الانتقال من كتابة السيناريوهات إلى عرض أفلامهم على الشاشات.
وفي هذا الصدد، أكدت تالا حديد، مخرجة فيلم "منزل وسط الحقول" الحائز على إشادة عالمية، والتي شاركت عدة مرات في ملتقى قمرة السينمائي كموجهة، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن الحدث لعب دورا جديرا بالثناء في تقديم الدعم السلس لصانعي الأفلام الشباب والناشئين، حتى أثناء جائحة كورونا "كوفيد ـ 19"، منوهة بأن "قمرة" أضحى مجتمعا إبداعيا للمخرجين وصانعي الأفلام، حيث إن الدعم المقدم لهم متعدد، سواء كان تقنيا أو فنيا أو ماديا، بالإضافة إلى احتضان صناع الأفلام الناشئين، لافتة في الوقت نفسه إلى أن "هذا الدعم كان ضروريا خاصة خلال الجائحة".
ووصفت تالا حديد، ملتقى قمرة السينمائي بـ "المساحة المميزة" للسينما؛ نظرا لما يتمتع به من أجواء هادئة ومنفتحة وداعمة، ويخلق حس المجتمع الواحد، والذي يعتبر مهما في عالمنا اليوم، خاصة في وقت أصبح روح التواجد معا مهددة في كثير من الأحيان، بحسب تعبيرها.
وأضافت أن المخرجين الشباب الذين شاركوا في ملتقى قمرة السينمائي عبر السنوات الأخيرة يسعون لصنع فيلم جيد دون القلق من عدد العقبات التي يتعين عليهم التغلب عليها، وتعتبر أن القاعدة الذهبية لأي مخرج "أن يكون طموحا في مساعيه".
وحول رمزية تنظيم ملتقى قمرة 2023 في متحف الفن الإسلامي، أوضحت تالا حديد، أن المعمار المميز لمتحف الفن الإسلامي، والمباني المحيطة به، يترك انطباعا جيدا لصانعي الأفلام.
من جهتها، قالت آن ماري جاسر، مخرجة "واجب" و"ملح البحر"، الفيلمين اللذين أسرا الجماهير العالمية وحصلا على إشادة دولية: إن ملتقى قمرة السنيمائي قيم على عدة أصعدة، بما في ذلك قدرته على تمكين صانعي الأفلام الشباب، خاصة أولئك الذين يتناولون مواضيع مؤثرة، كما يقدم لهم الدعم الذي يحتاجون إليه.
ونوهت بأن المواضيع المتعلقة بفلسطين ومعاناة شعبها ما زالت محظورة في العالم العربي، وينظر إليها بطريقة انتقادية للغاية؛ ولهذا فإن قمرة يعد منصة للمخرجين الشباب الذين يتطرقون إلى هذه المواضيع لإدراك طموحاتهم السنيمائية، لافتة إلى أن بعض المنصات الرقمية العالمية لترويج الأفلام، كسرت هذا الحظر، وأصبح الفيلم الفلسطيني والعربي مرئيا، وله جماهيرية عبر هذه الوسائط في العالم، وإن كانت غير موجودة في القاعات السينمائية.
وعن تجربتها الشخصية في الملتقى، قالت جاسر إنها ألهمت بقصص صانعي الأفلام الصاعدين، مشيرة إلى أن المشهد السينمائي شهد تغيرا كبيرا منذ أن بدأت مسيرتها المهنية، وإن الطريقة التي ينظرون بها إلى مواضيع مختلفة تتعلق بالعالم اليوم.
كما أكدت على دور ملتقى قمرة السنيمائي في خلق جمهور للسينما العربية في المنطقة، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يخرج فيلم ضخم حاصل على استحسان نقدي وتجاري من المنطقة إلى العالم.
وأضافت جاسر: "يجب أن نحارب من أجل جمهورنا؛ لأن التفكير النموذجي هو أنه لا يوجد جمهور كبير للسينما العربية.. فأنا لست مقتنعة بهذه الحجة"، وأدعو إلى البحث عن الطرق والسبل الممكنة لإيصال أصواتنا للعالم أجمع عن طريق الفيلم والسينما.
وبخصوص استغلال فرصة تلاقي صانعي أفلام عرب بآخرين أجانب في ملتقى قمرة، من أجل تلاقح الأفكار، وإيجاد فرص لترويج الفيلم العربي الذي يدافع عن قيمنا وعاداتنا، وسد الفجوة بين العالم العربي والعالم الغربي، أكدت آن ماري جاسر أن الملتقى قام بشكل كبير بسد هذه الفجوة، حيث إنه يجمع بين الموزعين وصانعي الأفلام الذين يأتون من المنطقة العربية وأوروبا وأمريكا، وأن هناك تواصلا بين الجانبين.
وعن دور ملتقى قمرة في تصحيح الصورة النمطية الخاطئة لدى الغرب عن المنطقة العربية، وهو ما قامت به استضافة قطر لكأس العالم FIFA قطر 2022، أعربت جاسر عن أملها في تحقيق ذلك.
إلى ذلك، نوهت المخرجة الفلسطينية بأن السينما العربية خرقت السقف الزجاجي منذ فترة طويلة، والذي يتضح من عدد المخرجات النساء المشاركات في ملتقى قمرة السينمائي واللواتي ترعاهن مؤسسة الدوحة للأفلام، مضيفة: "كان لدينا دائما مجال للمشاركة بشكل متكافئ".
جدير بالذكر أن جاسر بدأت مسيرتها في وقت لم يكن للسينما هذا الزخم والاهتمام الذي يمنحه ملتقى قمرة السنيمائي لهذا المجال، فأعربت عن تمنيها بوجود منصة مشابهة لقمرة تواكب مسيرتها المهنية. وقالت: "نصيحتي الوحيدة للمخرجين الصاعدين هي أن يثقوا بشعورهم فيما يتعلق بالمشاريع والمواقف التي قد يواجهونها".
تجدر الإشارة إلى أن ملتقى قمرة يقام بنظام هجين مبتكر، ويضم أنشطة واقعية حتى 15 مارس الجاري، وكذلك جلسات (عن بعد) من 19 إلى 21 مارس 2023.
ويستقطب ملتقى قمرة هذه السنة ما يزيد على 200 خبير سينمائي عالمي من 41 دولة، حيث سيقومون بتقديم التوجيه والإرشاد لـ 44 فيلما، ويشمل أفلاما روائية ووثائقية طويلة، بالإضافة إلى أفلام قصيرة ومسلسلات لمواهب صاعدة. وتؤكد المشاريع المختارة من 23 بلدا على رؤية ورسالة الملتقى لتوفير الدعم لصناع الأفلام من المنطقة والعالم في رحلتهم من كتابة النص لعرض مشاريعهم على الشاشة.