دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.58ريال
يورو 3.8ريال

مخاوف من تكرار سيناريو أزمة 2008 بعد إفلاس بنك "سيليكون فالي"

12/03/2023 الساعة 13:35 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

أعاد إعلان إفلاس بنك "سيليكون فالي" مخاوف تكرار سيناريو الأزمة المالية التي تعرض لها العالم في 2008، حينما أعلن مصرف "ليمان براذرز" عن إفلاسه، وانطلقت المخاوف من كون "سيليكون فالي" من المصارف المتينة التي يمكنها مواجهة المخاطر المالية مهما كانت الظروف العالمية المحيطة، إلا أنه انهار خلال يومين فقط.

وتسببت الأزمة في موجة ذعر في القطاع المصرفي، مع تساؤل الأسواق عن عواقب أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008، فالبنك لم يعد قادرا على تلبية عمليات السحب الهائلة التي قام بها عملاؤه لأموالهم، وهم ينشطون خصوصا في مجال التكنولوجيا، كما لم تنجح محاولاته لزيادة رأس المال بسرعة.

ولقياس إمكانية تكرار سيناريو أزمة 2008، أو انعكاس أزمة "سيليكون فالي" على اقتصاد العالم، نتعرف أولا على أسباب الانهيار، والتي يأتي في مقدمتها أن بنك "سيليكون" فالي الذي أغلقته السلطات الأمريكية يوم الجمعة الماضي، تضاعفت ودائعه أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات (من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 مليارا نهاية 2021)، فيما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليارا، ومع تغير العالم وارتفاع أسعار الفائدة مع ترسخ التضخم وانخفاض أسعار السندات، أصبح البنك مكشوفا بشكل فريد، وخفض العملاء ودائعهم من 189 مليار دولار نهاية عام 2021 إلى 173 مليارا في نهاية عام 2022.

وعانى البنك من تركيزه على نوع محدد من العملاء، فقد كان يمول بصورة رئيسية شركات في مجالي التكنولوجيا والتكنولوجيا الأحيائية من أجل الصحة، وكان جزءا من بيئة رأس المال المُخاطر، لكن بين رفع معدلات الفائدة الذي تسبب بارتفاع كلفة القروض، وصعوبات قطاع التكنولوجيا نفسه، قام عملاء المصرف بسحب الكثير من الأموال في الأشهر الأخيرة.

وتحتم بالتالي على البنك جمع سيولة بصورة عاجلة، فأعلن مساء الأربعاء الماضي عزمه على جمع رساميل من غير أن يتمكن من ذلك، وعمد إلى بيع سندات مالية بقيمة 21 مليار دولار، لكنه خسر في هذه العملية 1.8 مليار دولار، وبما أن معظم عملاء البنك لديهم أكثر من 250 ألف دولار في حساباتهم، وهو الحد الأقصى الذي تعيد السلطات الأمريكية تسديده عادة في حال الإفلاس، حاول العديد منهم سحب أموالهم، ما سرع انهيار المصرف.

المصارف الأمريكية الكبرى توفق أوضاعها

وبعدما خيمت موجة ذعر يوم الخميس الماضي على وول ستريت، عادت المصارف الأمريكية الكبرى ووفقت أوضاعها في اليوم التالي، فيما استمرت الصعوبات بالنسبة للمصارف الأكثر تخصصا.

وفي هذا السياق، تراجعت أسهم بنك "فيرست ريبابليك" الذي يتوجه بصورة عامة إلى عملاء أثرياء، بنسبة 15 بالمائة، فيما خسر "سيغناتشر بنك" المنكشف بقوة على قطاع العملات المشفرة 23 بالمائة من قيمة أسهمه.

وسلطت الخسائر الناتجة عن بيع بنك "سيليكون فالي" سنداته المالية الضوء مجددا على المخاطر التي تواجهها المصارف جراء زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة منذ سنة؛ سعيا لمكافحة التضخم، حيث تستفيد المصارف من هذه السياسة النقدية من جهة، لأنها تزيد صافي دخل الفوائد، أي الفارق بين الفوائد التي يجنيها المصرف لقاء القروض الممنوحة للعملاء والفوائد التي يسددها للمدخرين، لكن هذا يزيد كذلك الفوائد على المبالغ التي تقترضها هي نفسها ويؤثر على الطلب على القروض، كما أن زيادة معدلات الفائدة تخفض تلقائيا قيمة السندات التي تملكها المصارف.

وتبقى مخاطر العدوى المعممة أو تكرار سيناريو 2008 محدودة، فالمشكلات التي واجهها البنك محددة للغاية وليس من شأنها التأثير على مجمل القطاع المصرفي، وخصوصا المصارف الكبرى، خاصة وأن الشروط المشددة التي فرضتها الهيئات الضابطة بعد أزمة 2008 أدت دورها بالفعل مع أزمة "سيليكون فالي".

فبعد إفلاس مصرف "ليمان براذرز" في 2008، فرضت الهيئات الضابطة على المصارف شروطا مشددة ولا سيما على صعيد الرساميل الواجب رصدها للتعويض عن خسائر محتملة، كما تنظم السلطات الأوروبية والأمريكية بانتظام اختبارات إجهاد للمصارف الكبرى.

الدرس الأكبر المستفاد من أزمة "سيليكون فالي"

الدرس الأكبر المستفاد من أزمة "سيليكون فالي"، تسليط الضوء على الانعكاسات السلبية للسياسة المتبعة حاليا والتي يقودها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي)، والمتمثلة في رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، خاصة وأن سلسلة من البيانات الصادرة عن أكبر اقتصاد في العالم في الأسابيع الأخيرة أشارت إلى أن سوق العمل ما زالت تعاني من قلة التوظيف، وثبات التضخم، ونمو مبيعات التجزئة بشكل قوي، مقابل ارتفاع أسعار المنتجين الشهرية، مما أدى إلى زيادة توقعات السوق بأن البنك المركزي الأمريكي لديه المزيد مما يقوم به للسيطرة على التضخم، وزيادة التكهنات بأن أسعار الفائدة يجب أن ترتفع.

لقد أوضحت أزمة "سيليكون فالي"، مدى الصعوبات التي تواجهها المصارف من تأثير انعكاس منحنى معدلات الفائدة المرتفعة، وبمعنى آخر عندما تكون المعدلات قصيرة الأجل أعلى من المعدلات طويلة الأجل، حيث تقوم المصارف عادة بالاقتراض بمعدلات قصيرة الأجل لتقدم قروضا بمعدلات متوسطة أو طويلة الأمد، وهو الأمر الذي قد يدفع المسؤولين عن السياسات النقدية في العالم وفي مقدمتهم الاحتياطي الفيدرالي في إعادة النظر في مسألة رفع أسعار الفائدة.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo