افتتحت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، اليوم، فعاليات العام الثقافي "قطر ـ إندونيسيا 2023" في حفل استقبال بهيج احتضنه متحف الفن الإسلامي، تم خلاله تقديم عروض موسيقية، ورقصات تقليدية لفنانين إندونيسيين وأفراد من المجتمع المحلي.
وأطلقت سعادة الشيخة المياسة مبادرة الأعوام الثقافية في عام 2012، وهي تبادل ثنائي سنوي يعمق التفاهم بين قطر ودولة شريكة خلال عام من الفعاليات والأنشطة الثقافية.
وقالت سعادتها في كلمة لها أثناء الحفل الذي قدمته الجازي الخيارين، المتحدث الرسمي للأعوام الثقافية: "في هذا العام الثقافي، نوجه اهتمامنا شرقا نحو إندونيسيا، وهي دولة كبيرة ولدت ثقافتها النابضة بالحياة متعددة الطبقات منذ قرون عديدة عبر ملتقى حضارات عدة. هناك الكثير من الأمور التي تقدرها كلا الدولتين، بما في ذلك دور بلدينا في العالم الإسلامي، والكثير مما نتشاركه. نتطلع إلى عام ممتع من التبادلات الثقافية، حيث نواصل تطوير صناعاتنا الإبداعية والثقافية المزدهرة".
وأضافت سعادتها: "ساعدتنا مبادرة الأعوام الثقافية على إبراز أفضل ما لدينا من ثقافة وفنون، وساهمت في تمتين علاقاتنا مع الدول الشقيقة، وعززت التفاهم المتبادل بين شعبنا وشعوب الدول الشقيقة".
وأشادت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني بفريق عمل الأعوام الثقافية، وما يبذله من جهد واجتهاد في التحضير لهذا العام الثقافي، وكما يفعلون كل عام.
من جانبه، استهل سعادة السيد رضوان حسن سفير جمهورية إندونيسيا لدى الدولة كلمته بأبيات شعرية مقتضبة باللغة العربية في مدح قطر جاء في مطلعها: من أين أبدأ والجمال جمالها.. هي دوحة كملت بلا نقصان.
وأضاف سعادته: "إن إندونيسيا وقطر تتمتعان بعلاقات ممتازة تقوم على المبادئ المشتركة والمصالح المشتركة"، منوها بأن العالم "يحتاج اليوم إلى مثل هذا التعاون متعدد الأطراف أكثر من أي وقت مضى، ويبدأ ذلك بتمكين شعبينا من التفاعل والتعلم والاحتفاء ببعضهما البعض، ولهذا فإن فعاليات الأعوام الثقافية تعد ضرورية لتعزيز الروابط بين الدول. وترحب إندونيسيا بفرصة الاحتفال بشراكتنا القوية مع قطر من خلال العام الثقافي قطر - إندونيسيا 2023".
وفي تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، قال سعادة السيد رضوان حسن سفير جمهورية إندونيسيا: "إن احتفالية العام الثقافي قطر ـ إندونيسيا 2023 التي افتتحت فعالياتها سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر اليوم، دائما ما تسعى إلى تقارب الشعوب ثقافيا وفنيا، بما يعزز العلاقات الرسمية بين الجانبين"، مشيرًا إلى أن ما ستقدمه إندونيسيا سيتعدى ما هو ثقافي وفني إلى ما هو تجاري وفي المجال الديني.
تبادل الأفكار في العالم الإسلامي وخارجه
من جهتها، قالت السيدة عائشة غانم العطية، مديرة إدارة الدبلوماسية الثقافية في متاحف قطر: إن الشعار الوطني الإندونيسي Bhinneka Tunggal Ika، أو الوحدة في التنوع، يعبر تماما عن روح العام الثقافي قطر ـ إندونيسيا 2023، حيث من خلال أنشطتنا العديدة التي ستقام في كلا البلدين، سننسج معا علاقات متنوعة تمتاز بالقوة والمرونة.
وبعد الكلمات الافتتاحية، قام الحضور بجولة في صالات عرض جديدة تحوي تحفا فنية من جنوب شرق آسيا، وتضم مجموعة رائعة من القطع الأثرية من إندونيسيا.
وتذكر صالات العرض الزوار بأن المنطقة اليوم هي موطن لأكبر مجتمع مسلم في العالم، مما يسلط الضوء على الروابط بين الثقافات المختلفة من خلال المقتنيات الخاصة بتجارة السلع، وتبادل الأفكار في العالم الإسلامي وخارجه، وتتميز المقتنيات بمجوهرات من الذهب ومنسوجات إندونيسية متميزة.
وفي هذا الصدد، قالت شيخة ناصر النصر، نائب مدير إدارة الشؤون المتحفية بمتحف الفن الإسلامي: "في متحف الفن الإسلامي، نروي قصة انتشار الإسلام في جميع أنحاء العالم، والتأثير الذي أحدثه على الفن والثقافة؛ إذ يستكمل متحف الفن الإسلامي بحلته الجديدة هذه القصة، من خلال إضافة صالات عرض مخصصة لمنطقة المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا".
إلى ذلك، سيشهد العام الثقافي قطر ـ إندونيسيا 2023 مجموعة من عروض الأداء والمعارض الفنية، وفعاليات الرياضة والطهي، ومشاريع التصوير الفوتوغرافي، وبرامج الإقامة الفنية والتطوع، وغيرها الكثير.
وفي تركيز خاص هذا العام على تجربة قطر في تطوير اقتصادها الإبداعي والثقافي، سيتناول العام الثقافي قطر - إندونيسيا 2023 المشاريع التي من شأنها تعزيز الصناعات الإبداعية والثقافية في كلا البلدين، مع تسليط الضوء على الشراكات المستدامة طويلة الأمد؛ لذا فإن هذا القطاع يمثل استثمارا استراتيجيا، لا سيما للدول ذات الاقتصادات الناشئة مثل إندونيسيا، حيث يمثل الاقتصاد الإبداعي والثقافي 7 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ومن المتوقع أن يشهد نموا أكبر، وفقا للوكالة الإندونيسية للاقتصاد الإبداعي.
ومع اقتراب الشهر الفضيل، سيوفر شهر رمضان المبارك فرصة لخوض رحلة لتجربة طهي خاصة في كلا البلدين، حيث سيقوم الطهاة الإندونيسيون بإضافة مكونات تقليدية في قوائم العديد من المطاعم في قطر خلال شهر رمضان، كما ستنظم عروض طهي مميزة في مهرجان قطر الدولي للأغذية، وفي الوقت ذاته، ستنتقل وصفات من المطبخ القطري والاحتفالات التقليدية مثل القرنقعوه إلى إندونيسيا، ويستمر الاحتفاء بحب البلدين المشترك للطعام خلال الصيف، حيث يسافر طاهيان من قطر وإندونيسيا، في رحلة طهي في أنحاء إندونيسيا.
وتنظم مبادرة الأعوام الثقافية بالشراكة مع منظمة أيادي الخير نحو آسيا، رحلة تطوعية لمجموعة من الشباب من قطر للعمل مع أطفال المدارس في إندونيسيا.
كما سيتابع الجمهور عرضا مسرحيا خاصا بعنوان حياتي (شجرة الحياة): البحث عن جوهر الحب، من تنظيم وتقديم وزارة التعليم والثقافة والبحث والتكنولوجيا الإندونيسية، ويقدم هذا العرض خصيصا في قطر احتفاء بالعام الثقافي، وسيكون العمل بمثابة استكشاف بصري رائع للعلاقة بين الهوية الشخصية والتقاليد الثقافية.
مهرجان جاكرتا الدولي للتصوير الفوتوغرافي
كما سيتم تنظيم أطول برنامج تبادل ثقافي ضمن مبادرة الأعوام الثقافية في قطر هذا العام، وهو رحلة التصوير الفوتوغرافي، بدعم من مهرجان جاكرتا الدولي للتصوير الفوتوغرافي، حيث سيقوم مصوران من قطر وإندونيسيا بالتقاط صور لممارسات تقليدية، وتوثيق التراث الثقافي غير المادي والحفاظ عليه في كلا البلدين. بعدها سيتم تنظيم معرض للصور الفوتوغرافية للمشاركين في قطر وإندونيسيا في وقت لاحق من العام.
وفي خريف عام 2023، من المقرر أن ينظم فريق عمل الأعوام الثقافية مهرجانا ثقافيا في قطر للاحتفاء بالتقاليد المشتركة كالأعمال الحرفية وكرم الضيافة، وستحتفي ثلاث فعاليات رئيسية بالتقاليد الثقافية الحية في قطر وإندونيسيا خلال شهر من ورشات العمل أثناء شهر سبتمبر، ومعرض خاص يحتفي بالتقدير المشترك بين البلدين لطقوس الضيافة، وصنع القهوة في متحف قطر الوطني خلال شهر (أكتوبر)، والمشاركة في مهرجان أوبود للقراء والكتاب، وعودة المهرجان الثقافي السنوي في ساحة الأعلام والاحتفال لإندونيسيا الشريك في العام الثقافي أثناء شهر (نوفمبر)، بالإضافة إلى عروض أفلام في البلدين.
كما سيبرز العام الثقافي تعزيز الصناعات الإبداعية والثقافية من خلال برامج إقامة فنية تستمر لثلاثة أشهر، بالتعاون مع المصممين القطريين والإندونيسيين، لتشجيع مشاركة المواهب الناشئة من كلا البلدين بشكل مباشر.
وستوفر برامج الإقامة الفنية التي يتعاون فيها البلدان فرصا لمصممي المنتجات والأزياء القطريين لاكتشاف الحرف اليدوية الإندونيسية التقليدية من أساتذة تصميم مجوهرات، وتشغيل معادن، وفخار، وتطريز محليين، وتم اختيار الأساتذة والمواقع بعناية من المناطق المعروفة بخبرتها في المجالات المذكورة في إندونيسيا: تاسيكمالايا (التطريز)، وسومبا (الزخرفة المعدنية)، ولومبوك (الفخار).
وسوف يطلب كل برنامج إقامة فنية من المشاركين أخذ قضايا إدارة النفايات والاستدامة بعين الاعتبار في اختياراتهم لمواد وتصاميم أعمالهم الفنية؛ إذ من المنتظر أن تقدم الأعمال النهائية في مهرجانات رفيعة المستوى تحتفي بالثقافة والتصاميم الإندونيسية، من ضمنها مهرجان الفن والتصميم الإندونيسي المعاصر في الفترة من أكتوبر إلى نوفمبر 2023، وأسبوع الموضة في جاكرتا في أكتوبر 2023، بالإضافة إلى معرض نهاية العام الضخم في المعرض الوطني في إندونيسيا.
كذلك، ستنقل بعض الأعمال الفنية لألمع الفنانين المعاصرين في قطر إلى إندونيسيا كجزء من مهرجان آرت جوغ 2023، الذي يطلب فيه من الفنانين المشاركين الكشف عن غاياتهم ودوافعهم وراء أعمالهم الفنية، وذلك من خلال أنشطة تفاعلية مختلفة ونقاشات، وما يعرف بـSilahturahmi "الصداقة" (مفهوم مبني على الممارسات الإسلامية فيما يخص الحفاظ على أو إصلاح الروابط بين أفراد الأسرة أو الأقارب التي يتبناها مجتمع المسلمين في إندونيسيا) مع الفنانين.